الاثنين، كانون الأول ١٠، ٢٠٠٧

ابن العلقمي في الأمم المتحدة

عزالدين أحمد



الحدث ذاته لم يتغير.. لكن الشخص والمكان قد تغيروا .. ابن العلقمي "الفلسطيني" لا يستقوي هذه المرة بالمغول، بل يسعى إلى الاستقواء بالامم كلها ضد شعبه وامته، ويحرض القاصي والداني ضد مقاومته من هم اشد من المغول والتتار اجراما.
رياض منصور مندوب فلسطين في الأمم المتحدة، قطع كل حبل يربطه بشعبه، وتخلى من حيث يدري أو لا يدري عن فلسطينيته، ولا نبالغ اذا قلنا أنه أقدم على خطوة ما كانت "إسرائيل" تحلم بها من قبل مسؤول فلسطيني، بل إن المندوب المصري في الأمم المتحده قالها بأن المشروع الذي قدمه منصور هو بالضبط ما تريده "إسرائيل".
لو قدر لنا أن نطّلع على صيغة المشروع قبل أن تقوم "الجزيرة" بنسبته إلى المندوب الفلسطيني، لما استبعدنا نهائيا أن تكون "إسرائيل" والولايات المتحدة، هما اللتان قاما بصياغة هذا المشروع، ولكن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة كما يقولون.
عندما كانت حركة حماس تتحدث عن مخططات تآمرية تستهدفها وتستهدف المقاومة الفلسطينية بأطيافها كافة، قال البعض ان ذلك يندرج تحت بند المنكافات السياسية بين حركتي حماس وفتح، في حين رآها "ناصحون" لحماس أنها مبالغات، إذا "لا يمكن لفلسطيني أن يتآمر على فلسطيني مهما بلغت درجة الخلاف"، ولا ندري ما هي ردة فعل هؤلاء وهو يطلعون اليوم على نصوص المشروع الذي تقدم به رياض منصور للأمم المتحدة.
الفلسطينيون كانوا في فترة مضت يتأسفون على المواقف العربية التي لم تنصفهم في المحافل الدولية، غير ان الصور انعكست اليوم لنجد مندوبي الدول العربية يمارسون ضغطا على مندوب فلسطين ليغير صيغة المشروع!.
رياض منصور يبرر وصفه لحماس بأنها خارجة على القانون بالقول بأن وفده "يجب ان يكون واقعيا وأن يعكس جميع الحقائق التي جرت على الأرض"، مثبتا في ذات الوقت على رئيسه عباس بأنه نحدث في ذات السياق عندما كان في نيويورك، وهذا دليل على أن المسألة تسير وفق مخطط مدروس من قبل حركة فتح وبعض الفصائل الفلسطينية المجهرية التي ينتمي منصور لإحداها.
ونسأل منصور عن منطق الواقعية الذي يتحدث عنه، أين الواقعية مما يجري على الأرض في مدن الضفة الغربية من قمع للحريات وإعادة لحكم الحزب الواحد؟، وأين الواقعية مما تفعله قوات عباس من تعذيب وفتك في السجون لمعتقلي حماس، وهل أملت عليه الواقعة التقدم بمشورع قرار يدين استمرار "اسرائيل" في اعتقال نواب ووزراء الشعب الفلسطيني، ام أن هذا ما تريده حكومة رام الله أصلا؟ّ
وللانصاف نقول بأن المشروع الذي تقدم به رياض منصور لم يقتصر على التحريض على حماس والمقاومة فحسب، بل نضمن "عتابا" للإسرائيليين، حيث جاء في نص المشروع "تعبر عن قلقها العميق من التدهور المتواصل للوضع الأمني والإنساني في قطاع غزة بما في ذلك ما ينجم عن عمليات القصف العسكري الإسرائيلي ضد المناطق المدنية، والغارات الجوية، واختراق حاجز الصوت، والإغلاق المطول للمعابر من وإلى قطاع غزة، بالإضافة إلى ما ينجم عن إطلاق الصواريخ إلى داخل إسرائيل والتأثير السلبي لأحداث يونيو/حزيران 2007 التي قامت فيها مليشيات فلسطينية خارجة عن القانون بالاستيلاء على مؤسسات السلطة الفلسطينية في قطاع غزة".
وهنا ساوى المشروع بين الجلاد والضحية وكأن رياض منصور يحمل الجنسية السويدية وليست الفلسطينية، لا ندري أندس وجوهنا في التراب خجلا من العالم، ام أن من صاغوا هذا القرار هو الأولى بالخجل إن بقي لديهم شيء منه؟

الأردن: انتخابات الأحكام العرفية

د. إبراهيم علوش

اجتاحت الأردن في أواخر شهر ت1/ اوكتوبر 2007 حمى الترشح للانتخابات النيابية للمجلس النيابي الخامس العشر، وطفت الإعلانات الانتخابية على جدران الأبنية وأعمدة الشوارع وحيثما حولت ناظريك، وتدافع المرشحون لإقامة المآدب لاستقطاب الأصوات، وتصاعدت الحملات الانتخابية وطغى عليها الطابع العشائري بدرجة أساسية، والإقليمي والطائفي بدرجة أقل، وتداول الناس والصحف إشاعاتٍ كثيرةً عن عمليات نقل أصوات من منطقة إلى أخرى، وعن نشاط محموم للمال السياسي في شراء الأصوات.

ومع أن مجلس النواب الرابع عشر كانت قد انتهت ولايته في شهر حزيران / يونيو 2007، وأن وسائل الإعلام تداولت منذ ربيع عام 2007 توقعات كثيرة عن تأجيل الانتخابات النيابية، فإن مرسوماً ملكياً بحل مجلس النواب تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة صدر في شهر آب/ أغسطس 2007، وأعلنت إثرها حكومة معروف البخيت 20 نوفمبر/ ت2 2007 موعداً لملء 110 مقاعد في مجلس النواب، فيما يتم تعيين أعضاء مجلس الأعيان البالغ عددهم 55 عيناً بشكل مباشر من السلطة التنفيذية.

وبعد التكهن بإمكانية مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات، خاصة بعد الشوائب المحيطة بالانتخابات البلدية في أخر تموز / يوليو 2007، فإن الحركة الإسلامية حسمت أمرها بالمشاركة، وكذلك حسم أمره بالمشاركة بعض مرشحي القوى القومية واليسارية، فيما انسحب آخرون، وهو ما يمثل عملياً تمسكاً واضحاً بالانخراط في العملية السياسية، وبالتطبيع مع الأحكام العرفية وبالمشاركة الشكلية في تطبيقها دون وجود فرصة أو حتى مشروع للتأثير فيها فعلياً.

وقد يخال للغريب الذي يراقب سعير الانتخابات من بعيد، ولهيب التنافس، والمال المسفوك على الحملات، بأن ما يجري يتعلق فعلاً بانتخاب ممثلين للشعب الأردني يستطيعون التأثير في القرار الوطني!

لكن بالدخول في مجلس نواب لا يملك من أمره شيئاً، في ظل تغول الجهاز التنفيذي على القرارات الأساسية في الدولة، وفي ظل التوجه الرسمي للتحالف مع الطرف الأمريكي-الصهيوني على مستوى الإقليم، وفي ظل تحول مجلس النواب إلى مجرد واجهة لبروزة ممثلي العشائر والطوائف والمناطق والمخيمات، أو لبروزة ممثلي الكوتا النسائية إرضاءً للمنظمات الدولية والدول المانحة، فإن الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية واليسارية والإسلامية المشاركة في هذه الانتخابات تقدم المشروعية للحكم العرفي على طبقٍ من ذهب ومجاناً، وتسهم في تغييب الحوار الوطني المفترض أن يناقش ويعيد النظر في التوجهات الإستراتيجية للدولة!.

والحقيقة أن هذه الانتخابات نتائجها معروفة مسبقاً. فالدوائر الانتخابية تم تقسيمها بصورة محددة عام 2003 لتنتج نتائج محددة، بغض النظر عن اسم المرشح الناجح. كما أن قانون الصوت الواحد الذي سن لإنتاج نواب خدمات ومناطق بدلاً من نواب وطن، نواب هم أقرب لمخاتير في الواقع، كان الشرط الضروري عام 1993 لإقرار معاهدة وادي عربة في مجلس النواب الأردني.

فالقانون الانتخابي نفسه ينتج تمحوراً حول العشيرة والطائفة والهوية الجهوية، وينتج المرشح الأقدر على تقديم الخدمات المباشرة للناخبين في دائرته، أي المرشح الأقرب للجهاز التنفيذي عملياً، أي الأقدر على إيجاد وظائف ومنح وإعفاءات، أو المرشح الأقدر على هدر المال لتحقيق رغبة شخصية في "الوجاهة" في مجلس النواب بعد مراكمة الثروة الكبيرة.

ومثل هذا الجو يسهم في تذرير أو تفكيك المجتمع إلى شذرات، ويعزز ذلك غياب أي حوار حول البرنامج السياسي (غير الخدماتي) للمرشح وعدم طرحه لأية قضية وطنية إلا للإشارة لهويته الإقليمية بشكل غير مباشر، أو لاستقطاب ناخبين من هوية إقليمية محددة (ويمكن أن نأخذ هنا شعار الأمن الوطني أو الدولة الفلسطينية كمثال!).

ولم تنشأ حالة الخواء السياسي هذه من عدم أيضاً، بل من مجموعة القوانين العرفية التي وضعت المجتمع الأردني في قبضة الجهاز التنفيذي تماماً، ومنها مثلاً:

1) قانون الاجتماعات العامة الذي يعطي الحاكم الإداري حق منع أي لقاء عام دون إبداء الأسباب. ويتم استخدام أقصى درجات العنف ضد أي اجتماع لا يحصل على موافقة مسبقة من الحاكم الإداري.

2) قانون الأحزاب الذي يمنع الأحزاب من مزاولة العمل السياسي في القطاع العام (أكبر فئة من القوة العاملة)، أو بين الطلبة (أكبر فئة بين الشباب)، أو في المساجد والكنائس (في مجتمع متدين مثل مجتمعنا!). وفي لفتة سوريالية، تقوم الحكومات المتعاقبة بعد ذلك بالتباكي على حال الأحزاب الأردنية وتدعو لوضع برامج لإنقاذها من التآكل والإضمحلال!!

3) والأهم طبعاً قانون الصوت الواحد الذي يفصل المجتمع على مقاسات مناطقية وعشائرية وطائفية، وبتعبير أخر، يعطي الناخب صوتاً واحداً لمرشح واحد، وليس لقائمة مثلاً، ويربطه بدائرة انتخابية محددة، وليس بانتخابات بالقائمة النسبية على مستوى كل الأردن مثلاً، وتكون النتيجة ربط المصالح العامة للمواطن بشخص واحد وبدائرة جغرافية ضيقة، مما ينتج الولاء ما دون الوطني بشكل طبيعي!

وهذا بالإضافة إلى حزمة كبيرة من الأحكام العرفية الأخرى التي تمت قوننتها بالجملة وبالعشرات من خلال مجالس نواب الصوت الواحد، فأصبحت الأحكام العرفية قوانين مرعية.

ولو بدأنا لن ننتهي، فمن تعيين نصف مجالس اتحادات الطلبة في الجامعات زائد الرئيس، إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي يتجاوز على كل الحقوق المنصوص عليها في الدستور الأردني، إلى قانون المطبوعات والنشر إلى قانون إطالة اللسان إلى محكمة أمن الدولة إلى تعيين أعضاء مجلس الأعيان تعييناً إلى عشرات القوانين الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان، فإننا نتحدث فعلياً عن أحكام عرفية تشكل تقهقراً ليس فقط عن الدستور الأردني، بل حتى عن القانون الأساسي في أمارة شرق الأردن كما وثق الصديق يوسف عكروش في مقالة له عن انتخابات 2007.

ولكن المهم أن القانون العرفي أصبح يسمى "ديموقراطية" وصارت له انتخابات، فنال بذلك كلا الحسنيين وصار للأحكام العرفية واجهة ديموقراطية...

الحقيقة أن هذه مهزلة انتخابات بكل ما للكلمة من معنى، ولذلك، فإن المواطن المعني بالوطن ككل، وبالقرار الوطني، سوف لن يرضى على نفسه أن يكون شاهد زور، وسوف يرى وجاهة مقاطعتها، كما يفعل الكثير من الأردنيين الذين لا يرون أمامهم في هذه الحملات سوى استعراضات فارغة، ولو كانت هناك قوى وأحزاب وشخصيات تطرح القضايا الوطنية الكبرى بجدية وقوة لربما اختلف الأمر، ولكن ليس هذا هو الحال الآن بالتأكيد.

أمن "اسرائيل" - النصب والاحتيال في أنابوليس

السيد زهرة - صحافي من البحرين

ما معنى هذا الكلام الذي قالته "رايس" وقبلها "ليفني"؟ ما معنى قول "ليفني" وزيرة خارجية الكيان "الاسرائيلي" أن ما يسمى "ضمان أمن اسرائيل" هو الشرط الأول والأولوية القصوى قبل أي حديث عن الدولة الفلسطينية؟ وما معنى التزام أمريكا بذلك على النحو الذي عبرت عنه "رايس" بقولها أن "أمن اسرائيل" على رأس أولويات أمريكا؟ معناه ببساطة أن الدولة الفلسطينية التي يتحدثون عنها، لو ترك الأمر لإرادتهم، فإنها لن تقوم أبداً، لا قبل نهاية ولاية بوش ولا بعدها.

لماذا؟ لأن "أمن اسرائيل" ومتى يمكن أن يقولوا أنه تحقق هي مسألة بلا أي معنى محدد مفهوم، وبلا أي نهاية على الإطلاق بالنسبة "لاسرائيل" وبالتالي بالنسبة لأمريكا.

وللتوضيح أكثر، فإن المسألة يمكن أن تمضي على النحو التالي: في هذه المرحلة، تقول وزيرة خارجية الكيان "الاسرائيلي" ان المقصود بأن "أمن اسرائيل" يأتي أولاً هو انه قبل أي حديث في موضوع الدولة، فإن السلطة الفلسطينية يجب ان توفي بتعهداتها في محاربة ما يسمونه "الإرهاب" أي المقاومة الفلسطينية، وتمنع أي هجمات أو حتى نية هجمات على "اسرائيل"، طبعا الأمر هنا متروك لتقدير "اسرائيل"، هي التي تقرر متى وكيف يمكن أن يقال أن السلطة "أوفت بتعهداتها"، لنفترض أن هذا تحقق بحذافيره، ونفترض حتى أن قوات الأمن الفلسطينية قضت نهائيا على حماس واية قوة مقاومة، بل أصبحت تابعة لسلطات "الأمن الاسرائيلية"، سيقولون بعد ذلك أن "أمن اسرائيل" لم يتحقق بعد، فهناك فلسطينيون يتعلمون في المدارس وفي البيوت كراهية "اسرائيل" وحب فلسطين وبالتالي هم خطر داهم يهدد "أمن اسرائيل"، بعد ذلك، سيقولون أن هناك نظما عربية ترفع راية العداء والمقاومة "لاسرائيل" مثل سوريا مثلا، وطالما بقيت هذه النظم موجودة فإن "اسرائيل" في خطر جسيم، ومن ثم يجب القضاء على هذه النظم كي يتحقق "أمن اسرائيل"، ولنفترض جدلاً أن هذا تحقق، سيقولون أن أغلب الدول العربية لا تقيم علاقات مع "اسرائيل" وأنه لابد كي يتحقق "الأمن لاسرائيل" أن يكون هناك تطبيع عربي شامل وان تقيم جميع الدول العربية علاقات معها.. ولنفترض أن هذا تحقق. سيقولون أن المشكلة أساساً هي أن سكان الدول العربية عددهم كبير جدا ويتكاثرون بسرعة، وطالما بقي هذا الحال، فإن "أمن اسرائيل" سيبقى مهددا، وهكذا.. وهكذا.. وهكذا.

حقيقة الأمر أن "أمن اسرائيل" لا يتحقق بالنسبة لهم إلا بالسيطرة "الاسرائيلية" الكاملة على المقدرات العربية، ولا مكان لا في "أنابوليس" ولا بعده لقيام الدولة الفلسطينية، وعقد المؤتمر ليس له علاقة في واقع الأمر بالقضية الفلسطينية.

المؤتمر كما قالت "رايس" صراحة في شهادتها أمام الكونغرس يراد به تجميع حلفاء أمريكا من العرب مع "اسرائيل" خدمة لمخططات أمريكا و"اسرائيل" في المنطقة.

وهكذا، فإن المؤتمر سوف ينعقد وينفض من دون أن يقدم أي شيء على الإطلاق للقضية الفلسطينية، اللهم إلا الكلام الإنشائي الذي ليس له أي معنى على الإطلاق، إن كان هذا هو الحال، ما هذا الكلام إذن الذي يرددونه عن إمكانية حل القضية الفلسطينية قبل انتهاء ولاية بوش؟

هذه عملية نصب واحتيال على الدول العربية لا أكثر ولا أقل، وسوف يكون المؤتمر لو عقد هو ذروة عملية النصب والاحتيال

حول الأشكال الرثة لمعارضة مؤتمر أنابوليس

د. إبراهيم علوش

أولاً، المؤتمر الإسلامي في طهران: ذكر موقع الجزيرة نت في ليلة 25/11/2007 أن مؤتمراً إسلامياً قد عقد في طهران بمشاركة عدد من الحركات الإسلامية مثل حماس وحزب الله والمجلس الإسلامي الأعلى في العراق (قوات بدر) وغيرها. وكان يفترض بهذا المؤتمر أن يعقد العام الماضي ولكنه تأجل بسبب حرب لبنان. ويضيف التقرير نقلاً عن رئاسة المؤتمر بأن انعقاده الآن أتى "كخطوة عامة وجماعية لدعم المقاومة الفلسطينية ولتشكيل حركة إسلامية عالمية". وقد اعتذر حزب العدالة والتنمية التركي عن المشاركة باللقاء...! ولا يحتاج تفسير هذا اللقاء وتوقيته إلى علماء ذرة ليقولوا لنا بأنه جاء كشكل من أشكال الرد على مؤتمر أنابوليس. ولكن أي شكل من أشكال معارضة مؤتمر أنابوليس ذاك الذي يشارك فيه المجلس الإسلامي الأعلى في العراق الذي وضع يده بيد الاحتلال الأمريكي في العراق ودعا لتفكيكه واشترك في المجازر الطائفية؟! نعم، ضاق حيز المناورة أمام قوى المقاومة الفلسطينية، ولكن الفرق كبيرٌ ما بين معارضة مؤتمر أنابوليس لأنه يمثل مشروع هيمنة على الأمة، وما بين معارضة مؤتمر أنابوليس لأنه شكل محدد من مشاريع الهيمنة يمكن أن نقبل بغيره لو اضطررنا! وما كان يفترض بحماس أن تقبل المشاركة بمؤتمر تشارك فيه قوة طائفية دموية مجرمة مثل المجلس الإسلامي الأعلى في العراق.. وهو لمجلس شيطاني أقرب منه لمجلس إسلامي.

ثانياً، بالنسبة لمشاركة سوريا "التكتيكية" في مؤتمر أنابوليس: الذرائع كثيرة. والذرائع دوماً كثيرة. ولكن المشاركة في مؤتمر أنابوليس، ولو بمستوى نائب وزير خارجية، ولو بعد طرح الجولان على جدول الأعمال، ولو كان مؤتمر أنابوليس أقرب للقاء إعلامي منه لمؤتمر سياسي، هو ببساطة موقف غير مبدئي. ولا يعني ذلك أن سوريا استسلمت أو انبطحت أو أحرقت جسورها بالكامل مع طهران أو أنها تخلت عن قوى المقاومة الفلسطينية، ولكنه يعني أن شطب المؤتمر الوطني الفلسطيني في دمشق في 7/11/2007 لم يكن "تأجيلاً" بل تنازلاً. وهو يعني أن القيادة السورية اقتربت خطوة من المحور الرسمي العربي لأن لبنان على المحك، ولأنها تتعرض لحصار سياسي ولضغوط شديدة وتهديدات. ولكن مشاركتها في مؤتمر أنابوليس تبقى غير مقبولة من منظور شعبي عربي لأنها تقدم غطاءً سياسياً لمشاركة النظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية في ذلك المؤتمر التطبيعي. والجميع، حتى المطبعون، يقول بأنه سيشارك دون أن يقدم تنازلات. فهنا تزين المشاركة باعتبارها شكلاً من أشكال معارضة المؤتمر "من الداخل"، وكم سئمنا من هذه المعزوفة!

ثالثاً، القوى والشخصيات الفلسطينية التي ترفض "التطبيع المجاني" وتوافق على التطبيع بثمن: ومنها بعض قوى اليسار الفلسطيني التي آلت على نفسها أن تعقد في غزة مؤتمراً موازياً لمؤتمر حماس والجهاد واللجان الشعبية الموازي لمؤتمر أنابوليس، والغريب أنها لم تعقد مؤتمرها في الضفة الغربية في حضن ديموقراطية السلطة الفلسطينية بدلاً من "ديكتاتورية حماس"!!! ومنها الشخصيات الأردنية والفلسطينية التي أصدرت بياناً، نشرته العرب اليوم الأردنية في 19/11/2007، يطالب محمود عباس بعدم المشاركة في مؤتمر أنابوليس إلا إذا "قبلت إسرائيل بحث قضايا الحل النهائي"، والتزمت بقرارات الشرعية الدولية، أي بالاعتراف والسلام العادل وحدود ال67 وإلى ما هنالك من سخافات!! والطريف أن بعض الموقعين على ذلك البيان ذيلوا توقيعهم باسم "التيار القومي العربي في فلسطين". ومن المعروف أن "القوميين الرسميين" يمثلون المعادل القومي العربي لفقهاء السلاطين في الحركة الإسلامية. والمهم أنهم يدعون للوحدة العربية (سلماً)، ولكن أيضاً "للسلام العادل مع إسرائيل"، أو لدولة ثنائية القومية في فلسطين، ومنهم من يطالب بتشكيل مجلس الأمن الدولي حكومة "وحدة وطنية في العراق"، على أن تستبدل القوات الأمريكية هناك بقوات عربية وإسلامية! والمهم أن يكونوا جزءاً من تلك الحكومة، أو أية حكومة في الواقع، كي يضمنوا "عدم خروجها عن الثوابت القومية" طبعاً...

رابعاً، إن المؤتمرات الوحيدة المناهضة حقاً لمؤتمر أنابوليس هي تلك المعبرة عن نهج المقاومة وعن الموقف الشعبي العربي الأصيل من التحالف الرسمي العربي مع العدو الأمريكي-الصهيوني، وهي تلك الرافضة من حيث المبدأ للتطبيع مع العدو الصهيوني بغض النظر عن الثمن، وهي تلك المناهضة للسمسرة على فلسطين من قبل الشريحة المرتبطة مصالحها بأعداء الأمة... تلك هي المؤتمرات واللقاءات والمواقف المعارضة حقاً التي لا تخفض سقف معارضتها حتى يكاد يصبح موالاة، والتي لا تضع نفسها تحت جناح قوى هيمنة إقليمية بدلاً من أخرى. ومنها موقف الناس الذين خرجوا بعشرات الآلاف من مساجد غزة وخان يونس، وموقف المقاومين الميدانيين الذين لم يتوقف استهداف العدو الصهيوني لهم لحظة خلال كل خرابيط عملية السلام. والحقيقة أن مؤتمر أنابوليس برمته هو في الجانب الفلسطيني منه، محاولة لإطباق الحصار على حماس ولتكريس السلطة الفلسطينية ممثلاً للفلسطينيين. ومن هنا، وضمن شروط هذه اللحظة بالذات، فإن مناهضة مؤتمر أنابوليس حقاً تقتضي تأكيد الدعم لحماس في غزة، وليس الدعوة الهلامية "لنبذ الاقتتال والتأكيد على الوحدة الوطنية".

الرجاء التعميم: لقاء للشخصيات الوطنية في عمان ضد مؤتمر أنابوليس


عقدت مجموعة كبيرة من الشخصيات الوطنية لقاءً في عمان ليلة الثلاثاء الموافق في 27/11/2007 للاحتجاج على مؤتمر أنابوليس والمشاركة فيه، ولرفض كل ما يتمخض عنه. وقد جرى اللقاء الحاشد في مقر جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية في اللويبدة في عمان، وقد تداول المجتمعون الكلام ابتداءً من رئيس جمعية المناهضة المهندس ليث شبيلات إلى شيخ المناضلين الأستاذ بهجت أبو غربية إلى عشرات الناشطين والمثقفين والشبيبة وممثلي اللاجئين وأعضاء لائحة القومي العربي الذين غصت القاعة بهم. وقد أصدر الحضور بياناً ختامياً تجدونه أدناه، واتفقوا على أن الذاهبين إلى أنابوليس من الرسميين العرب لا يمثلون فلسطين أو الأمة العربية، ولا يمثلون إلا أنفسهم. وقد عبر المتحدثون بمجملهم عن التأكيد على خيار المقاومة، وعلى أهمية نشر ثقافة المقاومة وأن فلسطين ملك للأمة العربية، وأن مشروع التحرير مسؤولية الأمة العربية بأسرها. وأكد البعض بأن هدف أي شعب تحت الاحتلال هو التحرير وليس "تأسيس دولة". وأن فلسطين حق للأمة لا يسقط بالتقادم، وهو حق لكل الأمة، أجيالها السابقة واللاحقة، حتى لو افترضنا جدلاً بأن الجيل الحالي قرر التخلي عنها، والحال ليس كذلك كما أكد عدد من المتحدثين من اللاجئين المولودين خارج فلسطين.

أخوكم إبراهيم علوش

عمان، 27/11/2007



بيان رفض لمؤتمر أنابوليس وكل مخرجاته

نعلن نحن الشخصيات الوطنية المجتمعة في جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية عشية يوم 27/11/2007 أننا نرفض مؤتمر أنابوليس وكل ما يتمخض عنه جملة وتفصيلاً.

وندين بالأخص انجرار ستة عشر دولة عربية للتطبيع مع العدو الصهيوني من حيث المبدأ - لأن التطبيع غيرُ مقبول عندما يكون بثمن، فما بالك عندما يكون مجانياً!!!. إن مجرد الجلوس مع العدو الصهيوني في الوقت الذي يرفض فيه تقديم أبسط التنازلات التي لا تقدم ولا تؤخر كثيراً، مثل تجميد بناء المستوطنات وإطلاق سراح بعض الأسرى، يظهر مقدار الخزي الذي يحيق بهؤلاء المطبعين الناطقين بلغة الضاد.

ونندد بالأخص باللقاء مع العدو الأمريكي-الصهيوني فيما يستمر احتلال فلسطين والعراق، ويستمر استهداف المقاومين، ويستمر التحضير للمخططات العدوانية ضد أكثر من دولة عربية ومسلمة. وإننا لهذا نشجب بأقوى لهجة ممكنة التحاق الرسميين العرب والفلسطينيين بشكل علني بالمحور الأمريكي-الصهيوني من أجل تغطية الحروب المقبلة في المنطقة.

إن هذا المؤتمر قد تم افتعاله افتعالاً لتحسين أسهم أولمرت وبوش في المشهد الداخلي الصهيوني والأمريكي، خاصة بعد الفشل الذي لحق بهما في العراق وفلسطين ولبنان، ومن أجل توظيف الغطاء الرسمي العربي في إظهارهما كرجال سلام أمام العالم، ولتحويل فشلهما إلى نجاح أمام الناخبين الصهاينة والأمريكيين، ولم يأت الحديث عن "إعادة إطلاق العملية التفاوضية" بعدها إلا لذر الرماد في الأعين مع إصرار الطرف الأمريكي-الصهيوني على التأكيد كل يوم بأن المؤتمر لا يعد الفلسطينيين بشيء.

وقد جاء هذا المؤتمر لإطباق الحصار على غزة، سياسياً ومعيشياً، ولتصفية البقية الباقية من القضية الفلسطينية، وتلميع صورة السلطة الفلسطينية كممثل وحيد وهي تقدم التنازل تلو التنازل لتصل إلى حضيض أدنى من السقف الأدنى الذي كانت تعمل تحته حتى الآن. ولا يشذ عن ذلك النظام الرسمي العربي الذي قبل التخلي حتى عن مبادرة السلام العربية سيئة الذكر، بما فيها من عيوب، قبل دخوله للمؤتمر.

وبعد ذلك كله، يستمر بيع الأوهام المستمرة منذ عقود عن "عملية سلمية" تعيد الحقوق السليبة، بينما تستمر مصادرة الأراضي وتوسيع المستعمرات وتتصاعد جرائم الاحتلال.

لا للتطبيع مع العدو الصهيوني!

لا للتحالف الرسمي العربي مع العدو الأمريكي-الصهيوني!

لا للحلول السلمية بجميع أشكالها مع الاحتلال!

عاش نهج المقاومة المسلحة والاستشهادية! وعاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر!


اعتذار من لجنة الاشراف على المدوّنة


تعتذر لجنة الاشراف على المدوّنة عن التأخيرات الحاصلة في تحديث المدوّنة، و نعد الجمهور الكريم و قرّاءنا و متابعينا بنشر ما تأخّر منذ شهر أو يزيد، و مواصلة العمل شبه-اليومي من جديد. كما سيتم اصدارالاعداد المتأخّرة من النشرة الاسبوعيّة البريديّة، و التي تنشر في بعض المجموعات و المنتديات و المواقع في الانترنت.

مع التحيّات،

لجنة الاشراف على المدوّنة