الاثنين، كانون الأول ١٠، ٢٠٠٧

ابن العلقمي في الأمم المتحدة

عزالدين أحمد



الحدث ذاته لم يتغير.. لكن الشخص والمكان قد تغيروا .. ابن العلقمي "الفلسطيني" لا يستقوي هذه المرة بالمغول، بل يسعى إلى الاستقواء بالامم كلها ضد شعبه وامته، ويحرض القاصي والداني ضد مقاومته من هم اشد من المغول والتتار اجراما.
رياض منصور مندوب فلسطين في الأمم المتحدة، قطع كل حبل يربطه بشعبه، وتخلى من حيث يدري أو لا يدري عن فلسطينيته، ولا نبالغ اذا قلنا أنه أقدم على خطوة ما كانت "إسرائيل" تحلم بها من قبل مسؤول فلسطيني، بل إن المندوب المصري في الأمم المتحده قالها بأن المشروع الذي قدمه منصور هو بالضبط ما تريده "إسرائيل".
لو قدر لنا أن نطّلع على صيغة المشروع قبل أن تقوم "الجزيرة" بنسبته إلى المندوب الفلسطيني، لما استبعدنا نهائيا أن تكون "إسرائيل" والولايات المتحدة، هما اللتان قاما بصياغة هذا المشروع، ولكن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة كما يقولون.
عندما كانت حركة حماس تتحدث عن مخططات تآمرية تستهدفها وتستهدف المقاومة الفلسطينية بأطيافها كافة، قال البعض ان ذلك يندرج تحت بند المنكافات السياسية بين حركتي حماس وفتح، في حين رآها "ناصحون" لحماس أنها مبالغات، إذا "لا يمكن لفلسطيني أن يتآمر على فلسطيني مهما بلغت درجة الخلاف"، ولا ندري ما هي ردة فعل هؤلاء وهو يطلعون اليوم على نصوص المشروع الذي تقدم به رياض منصور للأمم المتحدة.
الفلسطينيون كانوا في فترة مضت يتأسفون على المواقف العربية التي لم تنصفهم في المحافل الدولية، غير ان الصور انعكست اليوم لنجد مندوبي الدول العربية يمارسون ضغطا على مندوب فلسطين ليغير صيغة المشروع!.
رياض منصور يبرر وصفه لحماس بأنها خارجة على القانون بالقول بأن وفده "يجب ان يكون واقعيا وأن يعكس جميع الحقائق التي جرت على الأرض"، مثبتا في ذات الوقت على رئيسه عباس بأنه نحدث في ذات السياق عندما كان في نيويورك، وهذا دليل على أن المسألة تسير وفق مخطط مدروس من قبل حركة فتح وبعض الفصائل الفلسطينية المجهرية التي ينتمي منصور لإحداها.
ونسأل منصور عن منطق الواقعية الذي يتحدث عنه، أين الواقعية مما يجري على الأرض في مدن الضفة الغربية من قمع للحريات وإعادة لحكم الحزب الواحد؟، وأين الواقعية مما تفعله قوات عباس من تعذيب وفتك في السجون لمعتقلي حماس، وهل أملت عليه الواقعة التقدم بمشورع قرار يدين استمرار "اسرائيل" في اعتقال نواب ووزراء الشعب الفلسطيني، ام أن هذا ما تريده حكومة رام الله أصلا؟ّ
وللانصاف نقول بأن المشروع الذي تقدم به رياض منصور لم يقتصر على التحريض على حماس والمقاومة فحسب، بل نضمن "عتابا" للإسرائيليين، حيث جاء في نص المشروع "تعبر عن قلقها العميق من التدهور المتواصل للوضع الأمني والإنساني في قطاع غزة بما في ذلك ما ينجم عن عمليات القصف العسكري الإسرائيلي ضد المناطق المدنية، والغارات الجوية، واختراق حاجز الصوت، والإغلاق المطول للمعابر من وإلى قطاع غزة، بالإضافة إلى ما ينجم عن إطلاق الصواريخ إلى داخل إسرائيل والتأثير السلبي لأحداث يونيو/حزيران 2007 التي قامت فيها مليشيات فلسطينية خارجة عن القانون بالاستيلاء على مؤسسات السلطة الفلسطينية في قطاع غزة".
وهنا ساوى المشروع بين الجلاد والضحية وكأن رياض منصور يحمل الجنسية السويدية وليست الفلسطينية، لا ندري أندس وجوهنا في التراب خجلا من العالم، ام أن من صاغوا هذا القرار هو الأولى بالخجل إن بقي لديهم شيء منه؟

الأردن: انتخابات الأحكام العرفية

د. إبراهيم علوش

اجتاحت الأردن في أواخر شهر ت1/ اوكتوبر 2007 حمى الترشح للانتخابات النيابية للمجلس النيابي الخامس العشر، وطفت الإعلانات الانتخابية على جدران الأبنية وأعمدة الشوارع وحيثما حولت ناظريك، وتدافع المرشحون لإقامة المآدب لاستقطاب الأصوات، وتصاعدت الحملات الانتخابية وطغى عليها الطابع العشائري بدرجة أساسية، والإقليمي والطائفي بدرجة أقل، وتداول الناس والصحف إشاعاتٍ كثيرةً عن عمليات نقل أصوات من منطقة إلى أخرى، وعن نشاط محموم للمال السياسي في شراء الأصوات.

ومع أن مجلس النواب الرابع عشر كانت قد انتهت ولايته في شهر حزيران / يونيو 2007، وأن وسائل الإعلام تداولت منذ ربيع عام 2007 توقعات كثيرة عن تأجيل الانتخابات النيابية، فإن مرسوماً ملكياً بحل مجلس النواب تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة صدر في شهر آب/ أغسطس 2007، وأعلنت إثرها حكومة معروف البخيت 20 نوفمبر/ ت2 2007 موعداً لملء 110 مقاعد في مجلس النواب، فيما يتم تعيين أعضاء مجلس الأعيان البالغ عددهم 55 عيناً بشكل مباشر من السلطة التنفيذية.

وبعد التكهن بإمكانية مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات، خاصة بعد الشوائب المحيطة بالانتخابات البلدية في أخر تموز / يوليو 2007، فإن الحركة الإسلامية حسمت أمرها بالمشاركة، وكذلك حسم أمره بالمشاركة بعض مرشحي القوى القومية واليسارية، فيما انسحب آخرون، وهو ما يمثل عملياً تمسكاً واضحاً بالانخراط في العملية السياسية، وبالتطبيع مع الأحكام العرفية وبالمشاركة الشكلية في تطبيقها دون وجود فرصة أو حتى مشروع للتأثير فيها فعلياً.

وقد يخال للغريب الذي يراقب سعير الانتخابات من بعيد، ولهيب التنافس، والمال المسفوك على الحملات، بأن ما يجري يتعلق فعلاً بانتخاب ممثلين للشعب الأردني يستطيعون التأثير في القرار الوطني!

لكن بالدخول في مجلس نواب لا يملك من أمره شيئاً، في ظل تغول الجهاز التنفيذي على القرارات الأساسية في الدولة، وفي ظل التوجه الرسمي للتحالف مع الطرف الأمريكي-الصهيوني على مستوى الإقليم، وفي ظل تحول مجلس النواب إلى مجرد واجهة لبروزة ممثلي العشائر والطوائف والمناطق والمخيمات، أو لبروزة ممثلي الكوتا النسائية إرضاءً للمنظمات الدولية والدول المانحة، فإن الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية واليسارية والإسلامية المشاركة في هذه الانتخابات تقدم المشروعية للحكم العرفي على طبقٍ من ذهب ومجاناً، وتسهم في تغييب الحوار الوطني المفترض أن يناقش ويعيد النظر في التوجهات الإستراتيجية للدولة!.

والحقيقة أن هذه الانتخابات نتائجها معروفة مسبقاً. فالدوائر الانتخابية تم تقسيمها بصورة محددة عام 2003 لتنتج نتائج محددة، بغض النظر عن اسم المرشح الناجح. كما أن قانون الصوت الواحد الذي سن لإنتاج نواب خدمات ومناطق بدلاً من نواب وطن، نواب هم أقرب لمخاتير في الواقع، كان الشرط الضروري عام 1993 لإقرار معاهدة وادي عربة في مجلس النواب الأردني.

فالقانون الانتخابي نفسه ينتج تمحوراً حول العشيرة والطائفة والهوية الجهوية، وينتج المرشح الأقدر على تقديم الخدمات المباشرة للناخبين في دائرته، أي المرشح الأقرب للجهاز التنفيذي عملياً، أي الأقدر على إيجاد وظائف ومنح وإعفاءات، أو المرشح الأقدر على هدر المال لتحقيق رغبة شخصية في "الوجاهة" في مجلس النواب بعد مراكمة الثروة الكبيرة.

ومثل هذا الجو يسهم في تذرير أو تفكيك المجتمع إلى شذرات، ويعزز ذلك غياب أي حوار حول البرنامج السياسي (غير الخدماتي) للمرشح وعدم طرحه لأية قضية وطنية إلا للإشارة لهويته الإقليمية بشكل غير مباشر، أو لاستقطاب ناخبين من هوية إقليمية محددة (ويمكن أن نأخذ هنا شعار الأمن الوطني أو الدولة الفلسطينية كمثال!).

ولم تنشأ حالة الخواء السياسي هذه من عدم أيضاً، بل من مجموعة القوانين العرفية التي وضعت المجتمع الأردني في قبضة الجهاز التنفيذي تماماً، ومنها مثلاً:

1) قانون الاجتماعات العامة الذي يعطي الحاكم الإداري حق منع أي لقاء عام دون إبداء الأسباب. ويتم استخدام أقصى درجات العنف ضد أي اجتماع لا يحصل على موافقة مسبقة من الحاكم الإداري.

2) قانون الأحزاب الذي يمنع الأحزاب من مزاولة العمل السياسي في القطاع العام (أكبر فئة من القوة العاملة)، أو بين الطلبة (أكبر فئة بين الشباب)، أو في المساجد والكنائس (في مجتمع متدين مثل مجتمعنا!). وفي لفتة سوريالية، تقوم الحكومات المتعاقبة بعد ذلك بالتباكي على حال الأحزاب الأردنية وتدعو لوضع برامج لإنقاذها من التآكل والإضمحلال!!

3) والأهم طبعاً قانون الصوت الواحد الذي يفصل المجتمع على مقاسات مناطقية وعشائرية وطائفية، وبتعبير أخر، يعطي الناخب صوتاً واحداً لمرشح واحد، وليس لقائمة مثلاً، ويربطه بدائرة انتخابية محددة، وليس بانتخابات بالقائمة النسبية على مستوى كل الأردن مثلاً، وتكون النتيجة ربط المصالح العامة للمواطن بشخص واحد وبدائرة جغرافية ضيقة، مما ينتج الولاء ما دون الوطني بشكل طبيعي!

وهذا بالإضافة إلى حزمة كبيرة من الأحكام العرفية الأخرى التي تمت قوننتها بالجملة وبالعشرات من خلال مجالس نواب الصوت الواحد، فأصبحت الأحكام العرفية قوانين مرعية.

ولو بدأنا لن ننتهي، فمن تعيين نصف مجالس اتحادات الطلبة في الجامعات زائد الرئيس، إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي يتجاوز على كل الحقوق المنصوص عليها في الدستور الأردني، إلى قانون المطبوعات والنشر إلى قانون إطالة اللسان إلى محكمة أمن الدولة إلى تعيين أعضاء مجلس الأعيان تعييناً إلى عشرات القوانين الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان، فإننا نتحدث فعلياً عن أحكام عرفية تشكل تقهقراً ليس فقط عن الدستور الأردني، بل حتى عن القانون الأساسي في أمارة شرق الأردن كما وثق الصديق يوسف عكروش في مقالة له عن انتخابات 2007.

ولكن المهم أن القانون العرفي أصبح يسمى "ديموقراطية" وصارت له انتخابات، فنال بذلك كلا الحسنيين وصار للأحكام العرفية واجهة ديموقراطية...

الحقيقة أن هذه مهزلة انتخابات بكل ما للكلمة من معنى، ولذلك، فإن المواطن المعني بالوطن ككل، وبالقرار الوطني، سوف لن يرضى على نفسه أن يكون شاهد زور، وسوف يرى وجاهة مقاطعتها، كما يفعل الكثير من الأردنيين الذين لا يرون أمامهم في هذه الحملات سوى استعراضات فارغة، ولو كانت هناك قوى وأحزاب وشخصيات تطرح القضايا الوطنية الكبرى بجدية وقوة لربما اختلف الأمر، ولكن ليس هذا هو الحال الآن بالتأكيد.

أمن "اسرائيل" - النصب والاحتيال في أنابوليس

السيد زهرة - صحافي من البحرين

ما معنى هذا الكلام الذي قالته "رايس" وقبلها "ليفني"؟ ما معنى قول "ليفني" وزيرة خارجية الكيان "الاسرائيلي" أن ما يسمى "ضمان أمن اسرائيل" هو الشرط الأول والأولوية القصوى قبل أي حديث عن الدولة الفلسطينية؟ وما معنى التزام أمريكا بذلك على النحو الذي عبرت عنه "رايس" بقولها أن "أمن اسرائيل" على رأس أولويات أمريكا؟ معناه ببساطة أن الدولة الفلسطينية التي يتحدثون عنها، لو ترك الأمر لإرادتهم، فإنها لن تقوم أبداً، لا قبل نهاية ولاية بوش ولا بعدها.

لماذا؟ لأن "أمن اسرائيل" ومتى يمكن أن يقولوا أنه تحقق هي مسألة بلا أي معنى محدد مفهوم، وبلا أي نهاية على الإطلاق بالنسبة "لاسرائيل" وبالتالي بالنسبة لأمريكا.

وللتوضيح أكثر، فإن المسألة يمكن أن تمضي على النحو التالي: في هذه المرحلة، تقول وزيرة خارجية الكيان "الاسرائيلي" ان المقصود بأن "أمن اسرائيل" يأتي أولاً هو انه قبل أي حديث في موضوع الدولة، فإن السلطة الفلسطينية يجب ان توفي بتعهداتها في محاربة ما يسمونه "الإرهاب" أي المقاومة الفلسطينية، وتمنع أي هجمات أو حتى نية هجمات على "اسرائيل"، طبعا الأمر هنا متروك لتقدير "اسرائيل"، هي التي تقرر متى وكيف يمكن أن يقال أن السلطة "أوفت بتعهداتها"، لنفترض أن هذا تحقق بحذافيره، ونفترض حتى أن قوات الأمن الفلسطينية قضت نهائيا على حماس واية قوة مقاومة، بل أصبحت تابعة لسلطات "الأمن الاسرائيلية"، سيقولون بعد ذلك أن "أمن اسرائيل" لم يتحقق بعد، فهناك فلسطينيون يتعلمون في المدارس وفي البيوت كراهية "اسرائيل" وحب فلسطين وبالتالي هم خطر داهم يهدد "أمن اسرائيل"، بعد ذلك، سيقولون أن هناك نظما عربية ترفع راية العداء والمقاومة "لاسرائيل" مثل سوريا مثلا، وطالما بقيت هذه النظم موجودة فإن "اسرائيل" في خطر جسيم، ومن ثم يجب القضاء على هذه النظم كي يتحقق "أمن اسرائيل"، ولنفترض جدلاً أن هذا تحقق، سيقولون أن أغلب الدول العربية لا تقيم علاقات مع "اسرائيل" وأنه لابد كي يتحقق "الأمن لاسرائيل" أن يكون هناك تطبيع عربي شامل وان تقيم جميع الدول العربية علاقات معها.. ولنفترض أن هذا تحقق. سيقولون أن المشكلة أساساً هي أن سكان الدول العربية عددهم كبير جدا ويتكاثرون بسرعة، وطالما بقي هذا الحال، فإن "أمن اسرائيل" سيبقى مهددا، وهكذا.. وهكذا.. وهكذا.

حقيقة الأمر أن "أمن اسرائيل" لا يتحقق بالنسبة لهم إلا بالسيطرة "الاسرائيلية" الكاملة على المقدرات العربية، ولا مكان لا في "أنابوليس" ولا بعده لقيام الدولة الفلسطينية، وعقد المؤتمر ليس له علاقة في واقع الأمر بالقضية الفلسطينية.

المؤتمر كما قالت "رايس" صراحة في شهادتها أمام الكونغرس يراد به تجميع حلفاء أمريكا من العرب مع "اسرائيل" خدمة لمخططات أمريكا و"اسرائيل" في المنطقة.

وهكذا، فإن المؤتمر سوف ينعقد وينفض من دون أن يقدم أي شيء على الإطلاق للقضية الفلسطينية، اللهم إلا الكلام الإنشائي الذي ليس له أي معنى على الإطلاق، إن كان هذا هو الحال، ما هذا الكلام إذن الذي يرددونه عن إمكانية حل القضية الفلسطينية قبل انتهاء ولاية بوش؟

هذه عملية نصب واحتيال على الدول العربية لا أكثر ولا أقل، وسوف يكون المؤتمر لو عقد هو ذروة عملية النصب والاحتيال

حول الأشكال الرثة لمعارضة مؤتمر أنابوليس

د. إبراهيم علوش

أولاً، المؤتمر الإسلامي في طهران: ذكر موقع الجزيرة نت في ليلة 25/11/2007 أن مؤتمراً إسلامياً قد عقد في طهران بمشاركة عدد من الحركات الإسلامية مثل حماس وحزب الله والمجلس الإسلامي الأعلى في العراق (قوات بدر) وغيرها. وكان يفترض بهذا المؤتمر أن يعقد العام الماضي ولكنه تأجل بسبب حرب لبنان. ويضيف التقرير نقلاً عن رئاسة المؤتمر بأن انعقاده الآن أتى "كخطوة عامة وجماعية لدعم المقاومة الفلسطينية ولتشكيل حركة إسلامية عالمية". وقد اعتذر حزب العدالة والتنمية التركي عن المشاركة باللقاء...! ولا يحتاج تفسير هذا اللقاء وتوقيته إلى علماء ذرة ليقولوا لنا بأنه جاء كشكل من أشكال الرد على مؤتمر أنابوليس. ولكن أي شكل من أشكال معارضة مؤتمر أنابوليس ذاك الذي يشارك فيه المجلس الإسلامي الأعلى في العراق الذي وضع يده بيد الاحتلال الأمريكي في العراق ودعا لتفكيكه واشترك في المجازر الطائفية؟! نعم، ضاق حيز المناورة أمام قوى المقاومة الفلسطينية، ولكن الفرق كبيرٌ ما بين معارضة مؤتمر أنابوليس لأنه يمثل مشروع هيمنة على الأمة، وما بين معارضة مؤتمر أنابوليس لأنه شكل محدد من مشاريع الهيمنة يمكن أن نقبل بغيره لو اضطررنا! وما كان يفترض بحماس أن تقبل المشاركة بمؤتمر تشارك فيه قوة طائفية دموية مجرمة مثل المجلس الإسلامي الأعلى في العراق.. وهو لمجلس شيطاني أقرب منه لمجلس إسلامي.

ثانياً، بالنسبة لمشاركة سوريا "التكتيكية" في مؤتمر أنابوليس: الذرائع كثيرة. والذرائع دوماً كثيرة. ولكن المشاركة في مؤتمر أنابوليس، ولو بمستوى نائب وزير خارجية، ولو بعد طرح الجولان على جدول الأعمال، ولو كان مؤتمر أنابوليس أقرب للقاء إعلامي منه لمؤتمر سياسي، هو ببساطة موقف غير مبدئي. ولا يعني ذلك أن سوريا استسلمت أو انبطحت أو أحرقت جسورها بالكامل مع طهران أو أنها تخلت عن قوى المقاومة الفلسطينية، ولكنه يعني أن شطب المؤتمر الوطني الفلسطيني في دمشق في 7/11/2007 لم يكن "تأجيلاً" بل تنازلاً. وهو يعني أن القيادة السورية اقتربت خطوة من المحور الرسمي العربي لأن لبنان على المحك، ولأنها تتعرض لحصار سياسي ولضغوط شديدة وتهديدات. ولكن مشاركتها في مؤتمر أنابوليس تبقى غير مقبولة من منظور شعبي عربي لأنها تقدم غطاءً سياسياً لمشاركة النظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية في ذلك المؤتمر التطبيعي. والجميع، حتى المطبعون، يقول بأنه سيشارك دون أن يقدم تنازلات. فهنا تزين المشاركة باعتبارها شكلاً من أشكال معارضة المؤتمر "من الداخل"، وكم سئمنا من هذه المعزوفة!

ثالثاً، القوى والشخصيات الفلسطينية التي ترفض "التطبيع المجاني" وتوافق على التطبيع بثمن: ومنها بعض قوى اليسار الفلسطيني التي آلت على نفسها أن تعقد في غزة مؤتمراً موازياً لمؤتمر حماس والجهاد واللجان الشعبية الموازي لمؤتمر أنابوليس، والغريب أنها لم تعقد مؤتمرها في الضفة الغربية في حضن ديموقراطية السلطة الفلسطينية بدلاً من "ديكتاتورية حماس"!!! ومنها الشخصيات الأردنية والفلسطينية التي أصدرت بياناً، نشرته العرب اليوم الأردنية في 19/11/2007، يطالب محمود عباس بعدم المشاركة في مؤتمر أنابوليس إلا إذا "قبلت إسرائيل بحث قضايا الحل النهائي"، والتزمت بقرارات الشرعية الدولية، أي بالاعتراف والسلام العادل وحدود ال67 وإلى ما هنالك من سخافات!! والطريف أن بعض الموقعين على ذلك البيان ذيلوا توقيعهم باسم "التيار القومي العربي في فلسطين". ومن المعروف أن "القوميين الرسميين" يمثلون المعادل القومي العربي لفقهاء السلاطين في الحركة الإسلامية. والمهم أنهم يدعون للوحدة العربية (سلماً)، ولكن أيضاً "للسلام العادل مع إسرائيل"، أو لدولة ثنائية القومية في فلسطين، ومنهم من يطالب بتشكيل مجلس الأمن الدولي حكومة "وحدة وطنية في العراق"، على أن تستبدل القوات الأمريكية هناك بقوات عربية وإسلامية! والمهم أن يكونوا جزءاً من تلك الحكومة، أو أية حكومة في الواقع، كي يضمنوا "عدم خروجها عن الثوابت القومية" طبعاً...

رابعاً، إن المؤتمرات الوحيدة المناهضة حقاً لمؤتمر أنابوليس هي تلك المعبرة عن نهج المقاومة وعن الموقف الشعبي العربي الأصيل من التحالف الرسمي العربي مع العدو الأمريكي-الصهيوني، وهي تلك الرافضة من حيث المبدأ للتطبيع مع العدو الصهيوني بغض النظر عن الثمن، وهي تلك المناهضة للسمسرة على فلسطين من قبل الشريحة المرتبطة مصالحها بأعداء الأمة... تلك هي المؤتمرات واللقاءات والمواقف المعارضة حقاً التي لا تخفض سقف معارضتها حتى يكاد يصبح موالاة، والتي لا تضع نفسها تحت جناح قوى هيمنة إقليمية بدلاً من أخرى. ومنها موقف الناس الذين خرجوا بعشرات الآلاف من مساجد غزة وخان يونس، وموقف المقاومين الميدانيين الذين لم يتوقف استهداف العدو الصهيوني لهم لحظة خلال كل خرابيط عملية السلام. والحقيقة أن مؤتمر أنابوليس برمته هو في الجانب الفلسطيني منه، محاولة لإطباق الحصار على حماس ولتكريس السلطة الفلسطينية ممثلاً للفلسطينيين. ومن هنا، وضمن شروط هذه اللحظة بالذات، فإن مناهضة مؤتمر أنابوليس حقاً تقتضي تأكيد الدعم لحماس في غزة، وليس الدعوة الهلامية "لنبذ الاقتتال والتأكيد على الوحدة الوطنية".

الرجاء التعميم: لقاء للشخصيات الوطنية في عمان ضد مؤتمر أنابوليس


عقدت مجموعة كبيرة من الشخصيات الوطنية لقاءً في عمان ليلة الثلاثاء الموافق في 27/11/2007 للاحتجاج على مؤتمر أنابوليس والمشاركة فيه، ولرفض كل ما يتمخض عنه. وقد جرى اللقاء الحاشد في مقر جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية في اللويبدة في عمان، وقد تداول المجتمعون الكلام ابتداءً من رئيس جمعية المناهضة المهندس ليث شبيلات إلى شيخ المناضلين الأستاذ بهجت أبو غربية إلى عشرات الناشطين والمثقفين والشبيبة وممثلي اللاجئين وأعضاء لائحة القومي العربي الذين غصت القاعة بهم. وقد أصدر الحضور بياناً ختامياً تجدونه أدناه، واتفقوا على أن الذاهبين إلى أنابوليس من الرسميين العرب لا يمثلون فلسطين أو الأمة العربية، ولا يمثلون إلا أنفسهم. وقد عبر المتحدثون بمجملهم عن التأكيد على خيار المقاومة، وعلى أهمية نشر ثقافة المقاومة وأن فلسطين ملك للأمة العربية، وأن مشروع التحرير مسؤولية الأمة العربية بأسرها. وأكد البعض بأن هدف أي شعب تحت الاحتلال هو التحرير وليس "تأسيس دولة". وأن فلسطين حق للأمة لا يسقط بالتقادم، وهو حق لكل الأمة، أجيالها السابقة واللاحقة، حتى لو افترضنا جدلاً بأن الجيل الحالي قرر التخلي عنها، والحال ليس كذلك كما أكد عدد من المتحدثين من اللاجئين المولودين خارج فلسطين.

أخوكم إبراهيم علوش

عمان، 27/11/2007



بيان رفض لمؤتمر أنابوليس وكل مخرجاته

نعلن نحن الشخصيات الوطنية المجتمعة في جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية عشية يوم 27/11/2007 أننا نرفض مؤتمر أنابوليس وكل ما يتمخض عنه جملة وتفصيلاً.

وندين بالأخص انجرار ستة عشر دولة عربية للتطبيع مع العدو الصهيوني من حيث المبدأ - لأن التطبيع غيرُ مقبول عندما يكون بثمن، فما بالك عندما يكون مجانياً!!!. إن مجرد الجلوس مع العدو الصهيوني في الوقت الذي يرفض فيه تقديم أبسط التنازلات التي لا تقدم ولا تؤخر كثيراً، مثل تجميد بناء المستوطنات وإطلاق سراح بعض الأسرى، يظهر مقدار الخزي الذي يحيق بهؤلاء المطبعين الناطقين بلغة الضاد.

ونندد بالأخص باللقاء مع العدو الأمريكي-الصهيوني فيما يستمر احتلال فلسطين والعراق، ويستمر استهداف المقاومين، ويستمر التحضير للمخططات العدوانية ضد أكثر من دولة عربية ومسلمة. وإننا لهذا نشجب بأقوى لهجة ممكنة التحاق الرسميين العرب والفلسطينيين بشكل علني بالمحور الأمريكي-الصهيوني من أجل تغطية الحروب المقبلة في المنطقة.

إن هذا المؤتمر قد تم افتعاله افتعالاً لتحسين أسهم أولمرت وبوش في المشهد الداخلي الصهيوني والأمريكي، خاصة بعد الفشل الذي لحق بهما في العراق وفلسطين ولبنان، ومن أجل توظيف الغطاء الرسمي العربي في إظهارهما كرجال سلام أمام العالم، ولتحويل فشلهما إلى نجاح أمام الناخبين الصهاينة والأمريكيين، ولم يأت الحديث عن "إعادة إطلاق العملية التفاوضية" بعدها إلا لذر الرماد في الأعين مع إصرار الطرف الأمريكي-الصهيوني على التأكيد كل يوم بأن المؤتمر لا يعد الفلسطينيين بشيء.

وقد جاء هذا المؤتمر لإطباق الحصار على غزة، سياسياً ومعيشياً، ولتصفية البقية الباقية من القضية الفلسطينية، وتلميع صورة السلطة الفلسطينية كممثل وحيد وهي تقدم التنازل تلو التنازل لتصل إلى حضيض أدنى من السقف الأدنى الذي كانت تعمل تحته حتى الآن. ولا يشذ عن ذلك النظام الرسمي العربي الذي قبل التخلي حتى عن مبادرة السلام العربية سيئة الذكر، بما فيها من عيوب، قبل دخوله للمؤتمر.

وبعد ذلك كله، يستمر بيع الأوهام المستمرة منذ عقود عن "عملية سلمية" تعيد الحقوق السليبة، بينما تستمر مصادرة الأراضي وتوسيع المستعمرات وتتصاعد جرائم الاحتلال.

لا للتطبيع مع العدو الصهيوني!

لا للتحالف الرسمي العربي مع العدو الأمريكي-الصهيوني!

لا للحلول السلمية بجميع أشكالها مع الاحتلال!

عاش نهج المقاومة المسلحة والاستشهادية! وعاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر!


اعتذار من لجنة الاشراف على المدوّنة


تعتذر لجنة الاشراف على المدوّنة عن التأخيرات الحاصلة في تحديث المدوّنة، و نعد الجمهور الكريم و قرّاءنا و متابعينا بنشر ما تأخّر منذ شهر أو يزيد، و مواصلة العمل شبه-اليومي من جديد. كما سيتم اصدارالاعداد المتأخّرة من النشرة الاسبوعيّة البريديّة، و التي تنشر في بعض المجموعات و المنتديات و المواقع في الانترنت.

مع التحيّات،

لجنة الاشراف على المدوّنة


الاثنين، تشرين الثاني ٢٦، ٢٠٠٧

اعلان: لقاء موازي لمؤتمر أنابوليس في جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية في عمّان يوم الثلاثاء


تدعوكم جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية للمشاركة في لقاء موازي لمؤتمر أنابوليس الخياني الذي تمت الدعوة لعقده يوم الثلاثاء الموافق في 27/11/2007. وسيكون لقاؤنا الساعة السادسة مساءً من ذلك اليوم في مقر جمعية المناهضة في الويبدة في عمان.

ونتشرف بدعوة كافة الشخصيات الوطنية الأردنية والفلسطينية المقيمة في الأردن التي دعيت للمؤتمر الوطني الفلسطيني (المؤجل إلى حد الإلغاء) في دمشق في 7/11 للمشاركة في لقاء الجمعية.

كما نحث كل القوى الحية في الأمة العربية على عقد لقاءات احتجاج موازية لمؤتمر أنابوليس حيث أمكن. فإذا لم يكن من الممكن أن نعقد لقاءً عربياً شعبياً مركزياً واحداً لمعارضة مؤتمر أنابوليس، فلنعقد عشرات أو مئات اللقاءات المحلية الصغيرة، حيث أمكن، للتعبير عن رفض شعبنا العربي لهذه المهزلة التي يشارك فيها النظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية بالرغم من إرادة الناس، وعلى حساب مصلحة الأمة.

لا للتطبيع مع العدو الصهيوني!
لا للتحالف الرسمي العربي مع العدو الأمريكي-الصهيوني!
عاش العراق! عاشت فلسطين! عاشت الأمة العربية حرة متحدة!

عن جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية
أخوكم إبراهيم علوش

رياض منصور مندوب "إسرائيل" الثاني في الأمم المتحدة

د. إبراهيم علوش

المدعو رياض منصور الرمحي، سفير بعثة السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة، عرفه الفلسطينيون في الولايات المتحدة كأمين سر إقليم الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين لسنوات طويلة. ومع أنه يفترض أنه ترك قبل فترة ذلك التنظيم الذي ترعرع وتبوأ فيه مواقع قيادية، فإن الجبهة الديموقراطية مطالبة بتحديد موقف واضح من منهج رياض منصور ومواقفه في الأمم المتحدة، خاصة أن تركه للجبهة الديموقراطية لم يأخذ شكل بينونة كبرى، وأن مواقف الجبهة الديموقراطية السياسية في الظرف الراهن تشكل الأرضية الموضوعية لما يقوم به المذكور من أفعال وما يعبر عنه من مواقف!

وقد سبق أن تخرج من صفوف ذلك التنظيم عددٌ كبيرٌ من الكتاب والشخصيات السياسية من أمثال ياسر عبد ربه وأمثاله... ويُقال بأن ياسر عبد ربه هو الذي زكَّى رياض منصور الرمحي عند محمود عباس ليحتل (بكل ما للكلمة من معنى) موقع سفير بعثة السلطة في الأمم المتحدة، والله أعلم.

وقد تعالت صيحات الاحتجاج الجماهيري في فلسطين وخارجها على الاصطفاف الصهيوني السافر للمدعو رياض منصور، وهذا أمر طبيعي جداً بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني وأبناء أمتنا العربية. وهناك أيضاً أنباء تناقلها أفراد من عائلة الرمحي بأن ثمة توجه ومداولات تجري حالياً بينهم للتبرؤ من هذه الشخصية المتفاخرة بموالاة أعداء الأمة. وهو ما خلق لديهم استياءً بالغاً، من حيث المبدأ، ولمخالفته لتاريخ تلك العائلة الوطني العريق، وليس مستغرباً عليها أبداً أن تأخذ مثل هذا الموقف المشرف، خاصة أن فيها عدداً كبيراً من المناضلين، منهم على سبيل المثال لا الحصر الأسير محمود أحمد الرمحي، أحد ممثلي حماس في التشريعي.

أما الداعي للاستياء، فهو أن المدعو رياض منصور قدم مشروعي قرار في الأمم المتحدة، أحدهما يحمل عنوان "التسوية السلمية للقضية الفلسطينية" ويتضمن فيما يتضمنه إدانة لحماس باعتبارها "ميليشيات خارجة عن القانون"، مما يمهد لاعتبارها واعتبار كل قوى المقاومة الفلسطينية "منظمات إرهابية" بقرار دولي. ويؤيد ذلك القرار أيضاً مبادرة الرئيس الأمريكي بوش لعقد مؤتمر سلام (مؤتمر أنابوليس)، ويطالب بإعادة قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية.

أما القرار الثاني، فيحمل عنوان "انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين" وهو يدعو الأمم المتحدة فيما يدعو إليه إلى التعبير عن القلق من استمرار القصف الصاروخي على "إسرائيل"!!

فأية مسخرة هذه ممن يفترض أنه مندوب فلسطين في الأمم المتحدة؟! وحتى لو كنا لا نعول بشيء على "الشرعية الدولية" وما يسمى المجتمع الدولي، فإن ذلك لا يعني أن نتغاضى عن تأجير السلطة الفلسطينية لموقعها في الأمم المتحدة علناً للطرف الأمريكي-الصهيوني!!

ويشار إلى أن نفس الشخص كان قد أحبط قراراً تقدمت به قطر وأندونيسيا قبلها بأشهر لرفع الحصار عن قطاع غزة... ولكن هذا السلوك المشين لا يرتبط بشخص في الواقع، ويخطئ من يربطه بشخصية فرد، لأنه يرتبط بنهج كامل هو نهج سلطة رام الله لصاحبها الطرف الأمريكي-الصهيوني، ولعل أبرز دليل على ذلك هو تنسيق أجهزة السلطة أمنياً مع العدو الصهيوني ضد خلايا المقاومة المسلحة من فتح وحماس والجهاد والشعبية وغيرها، والتناغم السياسي واللقاءات ما بين قيادة السلطة والكيان الصهيوني فيما كان الأخير يعلن ممارسة العقاب الجماعي على غزة بقطع الكهرباء عنها وارتكاب الجرائم اليومية فيها، مما أعفى "إسرائيل" عن مسؤوليتها القانونية والمعنوية أمام العالم عن جرائم الحرب هذه ما دام ممثلو الفلسطينيين لا يمانعون!

والطريف حسب السفير اللبنانية في 8/11/2007 أن المدعو رياض منصور اشتبك مع ممثلي مصر والسودان وليبيا وسوريا واليمن في الأمم المتحدة عندما أنبوه لأنه لم يستشر المجموعة العربية كما جرت العادة قبل عرض مشروع قراريه. ولكنه أصر أنه استشار المجموعة الأوروبية!! فهل أصبحت فلسطين جزءاً من الاتحاد الأوروبي دون أن نعلم مثلاً!! ثم أصر على عناده مطالباً الدول العربية المعارضة للقرار أن تصوت ضده إن كان لا يعجبها!!

والمهم في هذا الأمر ليس فقط القيمة الترفيهية للابتذال الذي يعبر عنه هذا الموقف، بل في أنه: 1) يجعل السقف السياسي للسلطة الفلسطينية أدنى من السقف السياسي لأنظمة عربية سقفها السياسي متهافت أصلاً، 2) يكرس ارتباط السلطة الفلسطينية بالطرف الأمريكي-الصهيوني على حساب وقبل النظام الرسمي العربي. وهذا مهم بحد ذاته، ليس لأن النظام الرسمي العربي هو موضع آمالنا وطموحاتنا مثلاً، بل لأنه يكشف مدى التردي الذي وصلت إليه السلطة، ورغبة الطرف الأمريكي-الصهيوني في تفكيك النظام الرسمي العربي نفسه بعدما استنفذ مفعوله وحقق أغراضه.

ومن الجيد أن نستمر بالتمسك بالمطالبة المشروعة بمحاكمة المدعو رياض منصور ومن يقف خلفه، ولكن ذلك يجب أن يترافق مع وعي كامل بأن السلطة تذهب إلى نقطة اللاعودة في علاقتها بالطرف الأمريكي-الصهيوني، وأن الحديث عن "وحدة وطنية" معها هو ضرب من الوهم وأحلام اليقظة.

وفي الساحة الفلسطينية، آن أوان تبنى موقف المقاومة العراقية والمقاومة اللبنانية، والجزائرية وكل مقاومة، من كل من يتعاون مع الاحتلال. فهذه القضية لا تحتمل المجاملات أو التساهل إن كنا نريد أن ننتصر فعلاً، وأن لا يصبح هؤلاء المتعاونون ناطقين رسميين باسمنا. ومثل هؤلاء لا يمكن أن تقوم "وحدة وطنية" معهم، فهم ليسوا فقط غير وطنيين، بل أنهم ليسوا حتى من أبناء الوطن، وولاؤهم وجيوبهم وقلوبهم ومواقعهم ليست للوطن.

شبكة إسلامنا تنقل صوت "عرب الأحواز" في حوار مع رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي


نقلا عن شبكة إسلامنا - حوار محمد محمود البشتاوي


# السني يتحمل اضطهاد مضاعف يتمثل في حرمانهِ من أداء شعائرهِ.
# الأحوازي إن لم يكن سني فهو عربي وفي كلتا الحالتين هو مضطهد.
# العروبة والإسلام مكونان لهوية الأحوازي ومن يبتعد عنهما لا يمكن أن يكون أحوازياً.
# تعدد تسميات الإقليم هي سياسة استعمارية تسعى لسلخهِ عن هويتهِ وتاريخهِ.
# الدولة الإيرانية كانت ولا تزال تنظر إلى الأحواز بمنظار أمني.
# الإعلام العربي لم ينصف قضية الأحواز ولا زلنا نعول عليه!.
# نرفض بأن نتحرر من الاحتلال الفارسي باحتلالٍ آخر!.
# واجبنا القومي والإسلامي يدفعنا لكشف أي مخاطر إيرانية تهدد الدول العربية.
# المقاومة الأحوازية وجدت منذ احتلال إيران للإقليم عام 1925م.
# نعتب على القوى العربية الحية التي تعقد الآمال على النظام الإيراني.
# فلسطين قضيتنا المركزية والشعب الأحوازي انخرط في الكفاح المسلح الفلسطيني



أكد رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي السيد صباح الموسوي في حوار مع "شبكة إسلامنا" أن قضية إقليم الأحواز لا تزال قائمة وحية في فكر وضمائر أبناء الأمة العربية، حيث أوضح الموسوي أن الكفاح المسلح الأحوازي الذي انطلق منذ احتلال إيران للإقليم عام 1925م، لم يستحوذ على دعم واحتضان العرب له، ولو وجد من يتبناه لكان الآن بمستوى المقاومة الفلسطينية والعراقية.
وقال الموسوي أن السلطات الإيرانية تتعامل مع الأحواز بمنظار أمني، كما وتعتبرهُ عمقاً استراتيجياً واقتصادياً لها، موضحاً أن اضطهاد الأحوازيين يعود لأنهم عرب ومسلمين، وأن أهل السنة يعانون من اضطهاد مضاعف يتمثل في حرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية.

"شبكة إسلامنا" ونظراً لأهمية موقع وقضية الأحواز، فتحت الحوار التالي، حيث استهلت الحوار بسؤالها:

لمتابعة الحوار يمكنكم زيارة الرابط التالي
http://www.islamouna.info/dnn/Default.aspx?tabid=504&Id=527


طرح لموضوع ندوة عن الماركسيّة و القوميّة

د. هشام غصيب*

نشرت في صحيفة العرب اللندنية

http://80.175.158.98/alarabpreviouspdf/Arab Weekly/2007/11/10-11/w14.pdf

ينبغي التنبه منذ البداية إلى أن موضوع الندوة في غاية التشعب والتعقيد، الأمر الذي يبرر عزمي على طرح الموضوع على صورة عدد من النقاط المحورية، التي يمكن أن تشكل أرضية صلبة للفهم والبحث والنقاش.

1- ينبغي التنبه إلى أن المسألة القومية تعد من أكثر القضايا التي شغلت بال الماركسيين عبر المائة والخمسين عاما الأخيرة نظريا وعمليا. إذ تناولها ماركس وإنغلز بإسهاب، وبخاصة في سياق ثورات 1848 التي عمت القارة الأوروبية برمتها. وركزا على علاقة القوميات والحركات القومية بالثورة الاجتماعية. ثم عادا وتناولاها في سياق النضالين الإيرلندي والبولندي. ووصل الاهتمام بهذه المسألة أوجها في المناظرات حامية الوطيس التي دارت رحاها في صفوف الماركسيين في أوروبا الوسطى والشرقية في مطلع القرن العشرين. وكان في مقدمة الذين ساهموا في هذه المنظرات: كاوتسكي الألماني وبنكيك الهولندي وكارل رينر وأوتو باور النمساويان وروزا لوكسمبورغ البولندية ولينين الروسي وستالين الجورجي. ولعل أهم هذه المناظرات من جيث العمق الفكري والأثر التاريخي كانت تلك التي دارت بين لينين وروزا لوكسمبرغ في الفترة 1908-1909. وبعد الحرب العالمية الثانية عادت المسألة القومية لتحتل مركز الصدارة في الفكر الماركسي، وذلك بتأثير نهوض حركات التحرر القومي والانتصارات الكبيرة التي حققتها ضد الإمبريالية. وظهرت مدارس جديدة في هذا الصدد عمقت ووسعت ما ذهب إليه لينين في مطلع القرن العشرين، نذكر منها مدرسة التطور اللارأسمالي السوفييتية والمدرسة الماوية ومدرسة التبعية في أمبركا اللاتينية. وبتأثير هذه المدارس، نشأت في الوطن العربي تيارات أضافت جديدا في هذا المضمار، وهي التيارات التي ارتبطت بالأسماء الآتية: منيف الرزاز وياسين الحافظ من أرضية البعث، وسمير أمين ومهدي عامل وإلياس مرقص من أرضية اليسار الشيوعي. وفي الثلث الأخير من القرن العشرين تم إحياء موقف روزا لوكسمبرغ مجردا من بعده الثوري على يد بعض الماركسيين الإنغليز من مثل: بل وارن وإريك هوبزبوم وتوم نيرن. وأعتقد أن هذا التيار أفلح في ترك أثر سلبي على دور اليسار في الحركات القومية، الأمر الذي أتاح الفرصة للتيارات الأصولية مسدودة الآفاق في التسلل إلى هذه الحركات، بل والتغلغل فيها.

2- ما هي الأبعاد التي تركز عليها النظرية الماركسية في تناولها المسألة القومية؟ إن النظرية المركسية نظرية تاريخانية. من ثم، فإنها لا تعترف بالمطلقات والجواهر الثابتة، وإنما تعتبر كل شيء متغيرا وفي صيرورة. وهذا ينطبق على الأمة والقومية أيضا. لذلك فهي معنية بالإجابة عن أسئلة كالآتية: كيف تنشأ الكيانات الاجتماعية التاريخية التي نسميها الأمم؟ وهل تنشأ جميعا بالكيفية ذاتها وتحت الظروف ذاتها؟ وكيف تتطور وتهيمن على بعضها وتتراجع وربما تتفكك وتندثر؟ وكيف تحيي الأمم ذاتها وكيف تحدث وتوحد نفسها؟ وما طبيعة الصراعات القومية وحركات التحرر القومي؟ وما علاقتها بالصراعات الطبقية والطبقات الاجتماعية؟ وما علاقة المسألة القومية بالأممية العمالية؟ وهل يمكن القول إن صراع حركات التحرر القومي ضد الإمبريالية هو شكل من أشكال الصراع الطبقي؟ وما معنى الاضطهاد القومي، وما هي آلياته ومراميه؟ هذه هي الأسئلة الجوهرية التي عني ويعنى بها الماركسيون بحكم طبيعة نظريتهم وطبيعة انخراطهم في الواقع التاريخي الاجتماعي.

3- شكل لينين انعطافة جذرية في التصور الماركسي للأمة والمسألة القومية.إذ أدرك أولا أن الاستغلال الرأسمالي لا يقتصر على الشكل الكلاسيكي الذي فصل ماركس معالمه في كتابه الرأسمال، أي الشفط المباشر للقيمة وفائضها من الطبقة العاملة الصناعية، وإنما يشمل أشكالا أخرى، وفي مقدمتها القهر والاستغلال القوميان. فالدولة الرأسمالية المركزية تسعى إلى الهيمنة على الأمم الضعيفة من أجل التحكم بالسوق العالمية، المسرح الحقيقي لنشاطها، والصمود أمام الأمم المنافسة، وتحقيق الربح المفرط عبر النهب والاستغلال المفرط بقوة السلاح والقهر العسكري. وتؤدي هذه الهيمنة البشعة إلى بروز حركات تحرر قومي تسعى إلى تقويض نظام القهر والحد من النهب والاستغلال وإعادة بناء المجتمع القومي على أسس تضمن الحفاظ على ثروات الأمة وتسخيرها لما فيه فائدتها. وعليه، فقد أدرك لينين أن الصراع القومي التحرري هو في جوهره صراع طبقي يخوضه تحالف طبقي قومي ضد الطبقة الرأسمالية الإمبريالية المهيمنة، وأدرك، من ثم، أن الصراع القومي التحرري مكمل للصراع العمالي الكلاسيكي، وأن هذه الحركات هي الحليف الرئيسي لعمال المراكز الرأسمالية. بذلك وجد لينين العلاقة الجدلية بين حركات التحرر القومي وبين الأممية العمالية، في الوقت الذي ظنت فيه المناضلة اليسارية، روزا لوكسمبرغ، أن هذه الحركات نقيض للأممية العمالية، وأن الطبقة العاملة غير معنية بالتحرر القومي، الأمر الذي جعلها ترفع شعار حق تقرير المصير للطبقة العاملة بديلا عن شعار حق تفرير المصير للأمم الذي رفعه لينين. وقد رفع لينين هذا الشعار العظيم، أولا لأنه اعتبر الاستقلال القومي وتشكيل الدولة القومية مهمة أساسية من مهمات الثورة القومية الديموقراطية، التي تمهد السبيل أمام الثورة الاشتراكية بتوفير شروطها القومية الديموقراطية، وثانيا، لأن تنفيذ هذا الحق، وبخاصة حق الأمم المهيمن عليها في الانفصال عن الدولة المهيمنة، يساهم في تقويض أركان ما أسماه لينين شوفينية الدولة العظمى، التي تستمر حتى بعد استلام الطبقة العاملة السلطة في الدولة المهيمنة. إن هذا الربط الجدلي العميق بين الثورة الديموقراطية والثورة الاشتراكية والمسألة القومية لا نجد مثيلا له في أي منظر ماركسي آخر، ولا حتى في ماركس نفسه.

4- لئن هيمن التصور اللينيني على الأوساط اليسارية في الربع الثالث من القرن العشرين، فإنه انحسر بصورة ملحوظة في الربع الأخير منه. وتم إحياء الكثير من الأفكارالمناقضة للينينية والتي سادت الخمس الأول من القرن العشرين، أفكار روزا لوكسمبورغ والماركسيين النمساويين، مجردة من بعدها الثوري الأممي. وعليه، فإن المناظرات الماركسية في هذا الشأن تركزت مؤخرا حول المسائل الآتية: (1) ما إذا كان الصراع القومي شكلا من أشكال الصراع الطبقي، أم ما إذا كان مستقلا عن الطبقات وتعبيرا عن خصوصية ميتافيزيقية؛ (2) ما إذا كان برجوازيا في جوهره، أي تعبيرا عن البرجوازية في مراحل صعودها، أم ما إذا كان طبقيا في جوهره، لكن ليس بالضرورة برجوازيا. ويحضرني في هذا المقام مهدي عامل الذي يؤكد أن الصراع القومي اليوم هو بروليتاري في جوهره، بمعنى يكون مسخا لا يحقق أهدافه بغير ذلك؛ (3) ما إذا كان الصراع القومي مجرد آيديولوجيا أوروبية، مجرد فكرة ابتكرت في أوروبا وتعبر عن الخصوصية الحضارية الأوروبية، ثم تسربت مع التوسع الأوروبي إلى الحضارات الأخرى وتجسدت في حركات سياسية؛ (4) ما إذا الحركات القومية هي في جوهرها حركات رجعية من طينة الحركات الفاشية، أم ما إذا كان بعضها تقدميا وبعضها الآخر رجعيا اعتمادا على طبيعة الطبقات الاجتماعية التي تقودها ومواقعها الطبقية؛ (5) ما إذا كان الزمن قد تخطى الصراع القومي، أي ما إذا كانت الدولة القومية ديناصورا تخطاه زمن العولمة تحديدا؛ (6) ما هو وضع المهاجرين وما يسمى الأقليات القومية وربما الدينية، وما علاقتهم بأوطانهم الأصلية وصراعاتها القومية؟ ولا شك أن هناك العديد من الرؤى في الأوساط الماركسية حول هذه القضايا، لكن الوقت لا يسمح لي بتناولها الآن، وقد نتطرق إليها في النقاش.

5- لا شك أن المسألة القومية تصل أوجها في الوطن العربي الحديث. ولا أظن أن هناك قضية أثارت من الخلافات في صفوف الماركسيين العرب ما أثارته هذه القضية. بل بلغ الأمر لدى العديد من الشيوعيين أن شككوا في وجود أمة عربية في ضوء التعريف الستاليني الضيق والدغمائي للأمة. ويمكن النظر إلى الأمة العربية على أنها أمة تشكلت عبر دهور طويلة بطريقة تختلف عن الطرق التي تشكلت بها الأمم الأوروبية الحديثة، وأن هذه الأمة تعرضت إلى نوع من الذوبان والتجزئة قبل ان تنضج، وجاء الاستعمار الغربي لكي يكرس التجزئة ويؤطرها من أجل التحكم في الأمة وثرواتها. لذلك، فإن المطلوب منا هو توحيد ما فتته الاستعمار، أي خلق حركة تحرر قومي تسعى إلى توحيد الجماهير العربية المقهورة تحت مظلة دولة قومية حديثة وتغيير علاقات الملكية في الوطن العربي بما يحرر الموارد والإنسان من عبودية الإمبريالية لمصلحة الأمة. ووفق هذا التصور، فإن الحركة القومية العربية ينبغي أن تكون حركة اشتراكية وحدوية حتى تحقق الأهداف المذكورة. والأمر متروك للنقاش. بل إن كل ما طرحناه في هذه المداخلة قابل للجدال والتوسيع والتفصيل، حيث إنه مجرد مدخل ضيق إلى محيط زاخر بالأفكار والإشكالات.

------------ --------- --------- --------- ---------
*مفكر وكاتب من الاردن و عضو في لائحة القوميّ العربيّ، والمقال هو نص محاضرة القيت مؤخرا في منتدى الفكر الاشتراكي في عمّان

السير في طريق الوهم .. إلى متى ؟


ما أشبه اليوم بالبارحة!
- لجنة الاشراف على المدوّنة
_______________


الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

منذ انطلاقة ما يسمّى زوراً و بهتاناً بالعملية السلمية و نحن نعايش نفس اللعبة ، الصهاينة يخادعون المفاوض الفلسطيني ، و المفاوض الفلسطيني يجد نفسه مرغماً على اعتبار ما يقدّمه الجانب الصهيوني للشعب الفلسطيني إنجازاً سياسياً رغم يقينه أنه لا يعدو الخداع بعينه .

في بداية الأمر كان المفاوض الفلسطيني يظن أنه قادر على أن يحقّق شيئاً يمكن أن يسمّيه إنجازاً سياسياً مقنعاً للشعب الفلسطيني ، أي أن المفاوض الفلسطيني في البداية قد وقع فعلاً في شرك الخداع الصهيوني ، و لا أشك أنه كان وقتها واثقاً و مطمئناً إلى سلامة المسيرة التي اعتمدها لبلوغ أهدافه المتواضعة التي اعتبرها أهدافاً وطنية ، و أن تحقيقها كافٍ لإنهاء الصراع مع العدو الصهيوني ، و انطلاقاً من هذا الفهم الخاطئ لطبيعة الصراع و لحقيقة نوايا العدو الصهيوني قامت السلطة عام 1996م بضرب الحركة الإسلامية لشلّ المقاومة و إجهاض الانتفاضة ، و لكن مع مرور الأيام وجدت السلطة نفسها تدور في حلقة مفرغة ، و بدأ المفاوض الفلسطيني يشعر أنه يسير في نفق مسدود ، و لكنه للأسف الشديد لم يعد قادراً على الإقرار بالحقيقة أو الخروج من النفق ، و من هنا بدأ المفاوض مرحلة جديدة انتقل فيها من مخدوع يفتقر إلى الحقيقة إلى عالم بالحقيقة و لكنه لا يستطيع أن يبوح بها ، بل وجد نفسه مضطراً لتسويق الخداع الصهيوني على الشعب الفلسطيني ، لأن هناك مشكلة حقيقية تكمن في أن العديد من عناصر السلطة أصبحوا أمام خيارين إما أن يغضّوا الطرف و يبيعوا الوهم أو يفقدوا كلّ المكتسبات على الصعيد الشخصي مغامرين بمستقبلهم السياسي ، و لم يكن هذا الهروب من المصير المحتوم من قبل هذه العناصر إلا هروباً مؤقتاً ، و لكن هذا الحال الذي بلغه المفاوض الفلسطيني بات مؤرّقاً للكل الفلسطيني الذي أصبح مطلوباً منه أن يراعي هذا الوضع الخطير خشية الوقوع في فتنة داخلية .

و انطلاقاً من هذا الواقع بات المفاوض الفلسطيني مضطراً لتسويق الوهم على الشعب الفلسطيني خاصة في مواطن المفاصلة السياسية حيث الخشية على المستقبل ، فرغم ما ارتكب العدو من جرائم بحق الشعب الفلسطيني من قتل و تخريب و تدمير للحياة إلا أن المفاوض الفلسطيني يجد نفسه مضطراً للقول إن السلام هو الخيار الوحيد ، و رغم إعلان شارون نهاية أوسلو قولاً و فعلاً إلا أن المفاوض الفلسطيني لا يزال متشبثاً بها على أنها الطريق إلى السلام ، و بالرغم من ترسّخ القناعة لدى المفاوض الفلسطيني أن طريق المفاوضات طريق عقيم إلا أنه يعتبره خياراً استراتيجياً ، و رغم أن الحديث عن السلام كان متزامناً مع فعل صهيوني على الأرض يتناقض كلياً مع السلام كبناء المغتصبات ، و مصادرة الأراضي لشق الطرق الالتفافية ، و تهويد المقدسات ، و إغلاق المؤسسات ، و هدم البيوت ، إلا أن المفاوض الفلسطيني كان مصراً على الجلوس على طاولة المفاوضات و لا ينسى أن يبشرنا بالسلام العادل و الدائم و الشامل ، و لا ينسى أيضاً عند خروجه من جولة المفاوضات أن يبشّرنا بأن الأجواء كانت إيجابية متجاهلاً هدير الجرافات الذي يقوّض مشروع الدولة الفلسطينية .

و عليه فلا غرابة أن يعبّر أحد الوزراء عن ارتياحه للقاءات واشنطن معتبراً أن اختراق الجدار الأمريكي للوصول إلى البيت الأبيض قمة الإنجاز ، فلا عبرة إذن لما سيتمخّض عنه اللقاء و لكن العبرة كلّ العبرة في الاستقبال الدافئ في البيت الأبيض ، مع أن الحكومة الجديدة لا تجهل أن أكثر من استقبل في البيت الأبيض هو الرئيس عرفات المحاصر الآن بمباركة و دعم من البيت الأبيض ، و أعتقد أن الحكومة الجديدة لا تجهل أيضاً أن منتجع أو "معتقل" كامب ديفيد كان شاهداً على موقف البيت الأبيض المنحاز تماماً لصالح العدو الصهيوني ، و لقد أخبرنا قادة المفاوضات في كامب ديفيد أن الجانب الصهيوني لم يعرِض على الجانب الفلسطيني شيئاً يمكن أن يقبل به الشعب الفلسطيني ، مع أن الذي أشرف على المفاوضات من قبل البيت الأبيض كان "بيل كلينتون" الذي أبدى اهتماماً كبيراً و تعاطفاً نوعاً ما مع الجانب الفلسطيني و ليس "بوش" الذي تسيطر عليه العقلية الصهيونية لأنه يؤمن بالتوراة أكثر من إيمان "شارون" بها ، كما أن الذي كان يترأس المفاوضات من الجانب الصهيوني هو "باراك" زعيم حزب العمل أو ما يسمّى بمعسكر السلام و ليس "شارون" زعيم الليكود و معه اليمين المتطرف ، و قد قال لي قادة فلسطينيون حضروا كامب ديفيد أن الذي عرض على الجانب الفلسطيني في كامب ديفيد هو أقصى ما يمكن أن يصل إليه اليسار الصهيوني ، و يعتبر خيانة من قبل اليمين الصهيوني ، فماذا يعني التشبث بالمفاوضات كخيار استراتيجي في ظلّ هذه المعطيات البائسة ؟ هل يعني شيئاً غير القبول بالخداع و التناغم مع الوهم .

فأيّ ارتياح هذا الذي تملك زمام فؤاد هذا الوزير ، و قد ذهب الوفد الفلسطيني إلى واشنطن و على رأس سلّم أولوياته الإفراج عن المعتقلين ، و الوفد الفلسطيني يعلم جيداً أن المقصود هو الإفراج عن أولئك الذين حكم عليهم بالسجن المؤبد ، و الذين أمضوا أعواماً طويلة خلف القضبان منهم من أمضى أكثر من عشر سنوات و منهم من قفز على الخمسة عشر سنة و منهم من زاد على العشرين ، فإذا أعلن بوش موقفاً واضحاً ضد الحرية لهؤلاء الأبطال متناغماً في ذلك مع موقف "شارون" القائل بعدم الإفراج عن كلّ من على يديه دم يهودي فيقول "بوش" بكلّ صراحة : "بالتأكيد لا نريد أن نعطي القتلة بالدم البارد أن يفرَج عنهم فيمسون بالمسيرة السلمية" ، فهل يعقَل بعد هذا القول أن يكون الوفد الفلسطيني مرتاحاً و متفائلاً ؟!! و هل يمكننا أن نطمئن للصهيوني "بوش" الذي لا يرى أن اليهود الأمريكان و الروس و الأوروبيين الذين تركوا أوطانهم و اغتصبوا فلسطين و ذبحوا أبناءها في مئات المذابح أنهم قتلة ، بينما يعتبر ضحايا العدوان الصهيوني الذين يدافعون عن وطنهم و شعبهم و مقدساتهم قتلة يجب أن يبقوا خلف القضبان .

فإن قيل ألا يعتبر قول "بوش" إنجازاً عندما قال : "أنا أعتقد أن السور هو مشكلة و بحثت في ذلك مع شارون . من الصعب تطوير ثقة بين (إسرائيل) و الفلسطينيين عندما يكون هناك سور يتلوّى في الضفة الغربية" .. نقول إن هذه الصياغة لم تتجاوز صيغة العتاب اللطيف ، "فبوش" لم يطالب الصهاينة ، و لم يهدّدهم ، و لم يعِد باتخاذ إجراءات عقابية ضدهم ، كما أننا تعوّدنا على أن هذه الصيغ لا تجدي نفعاً و لا تعدو كونها ضحكاً على الذقون ، فكم من مرة انتقدت أمريكا الاستيطان فهل توقف ؟ أم أنه تمدّد ؟ و هكذا سيحدث بشأن السور ، و لقد أعلن "شارون" تشبثه بالسور بعد تصريح "بوش" و كلّي ثقة أن "بوش" سيتفهم الحاجة الصهيونية لهذا السور ، فهل نتفهم الحاجة الفلسطينية لعدم تسويق الوهم ؟!!!!

فيلم 300: ملحمة تاريخية أم امتداد للصراع الأمريكي-الإيراني على العراق والإقليم؟


http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/film300.htm

د. إبراهيم علوش

مخرجه زاك سنايدر Zack Snyder يرفض أي إسقاطات معاصرة لفيلمه المعنون ببساطة بالرقم 300، تيمناً بالثلاثمئة جندي من مدينة إسبارطة الإغريقية الذين صمدوا حتى الرجل الأخير دفاعاً عن اليونان في معركة غير متكافئة مع مئات آلاف أو ملايين الجنود القادمين من الشرق لغزو أوروبا تحت قيادة الملك الفارسي زراسيس ابن داريوس عام 480 قبل الميلاد.

وقبيل إطلاق فيلم "300" رسمياً في 9/3/2007، قال المخرج سنايدر في مقابلة صحفية سبقت عرض فيلمه في "مهرجان برلين للأفلام"، رداً على تعليقٍ طُرح عليه بأن من المؤكد أن الجميع سوف يترجم الفيلم إلى سياسة معاصرة، بأنه "يدرك بأن الناس قد يقرأون الفيلم من خلال عدسة الأحداث الراهنة، ولكن لم يكن مقصوداً أن يكون هناك أي تشابه بين العالم المعاصر والفيلم"! (النيويورك تايمز 5/3/2007).

الفيلم الذي رشح لسبع جوائز عالمية لعام 2007، نال منها ثلاثة، أهمها جائزة أفضل مشهد قتالي، كلف خمساً وستين مليون دولار، وحصد أكثر من أربعمئة وخمسين مليون دولار في الأشهر الأربعة الأولى لإطلاقه، منها مئتين وعشرة ملايين في الولايات المتحدة والباقي خارجها. وهو من إنتاج شركة ورنر برذارذ Warner Brothers، إحدى أكبر شركات إنتاج وتوزيع الأفلام العالمية.

ومع أن حبكة الفيلم تعتمد على واقعة تاريخية مثبتة هي معركة "الأبواب الساخنة" Thermopylae في اليونان بين بضع آلاف من الإغريق بقيادة مدينتي إسبارطة وأثينا من جهة، وجحافل مئات آلاف القادمين لاجتياح أوروبا بقيادة فارسية، وهم ملايين الجنود حسب هيرودوتس المؤرح اليوناني، فإن الفيلم اعتمد في اختيار مشاهده ونوعية تصويرها على كتاب رسوم كاريكاتورية بعنوان "300" صدر عام 1998 حول نفس الموضوع للكاتب ورسام الكاريكاتور الأمريكي المعروف فرانك ميللر الذي الحق بفريق الفيلم كمستشار وكمخرج تنفيذي.

وقد تم تصوير الفيلم بعدسة بلوسكرين Blue Screen التي تتيح فصل الخلفية لإضافة مؤثرات عليها من خلال دمجها بمشاهد أخرى، كما تم إبطاء المشاهد في بعض اللقطات لتبدو تماماً مثل الرسوم الكاريكاتورية، خاصة في تصوير التحام الأبطال في المشاهد القتالية، وهو ما يضفي على الفيلم نكهة ما بعد حداثية، تجرد القتل والقتال عن سياقه حتى داخل الفيلم لتجعل منه سياقاً قائماً بذاته خارج أي واقع سوى الواقع الكرتوني الذي ينتج تمجيداً للولوغ في الدم.

وكان من الجوائز التي نالها الفيلم جائزة أفضل موسيقى مصاحبة، ومن الطريف أن موسيقى المشاهد القتالية في اللحظات التي ينتصر فيها الإغريق كانت من نفس نوعية موسيقى الهارد روك Hard Rock الصاخبة التي يشغلها الجنود الأمريكيون في دباباتهم وطائراتهم خلال المناورات والمعارك... وبالطبع، عندما يهزم الإغريق كانت الموسيقى دوماً حزينة.

ومع أن فكرة الفيلم عمرها سنوات، فإن التصوير تم على عجل في ستديوهات أيس ستورم في مونتريال في كندا خلال شهرين فقط، وقد بدأ التصوير في 17/10/2005.

وهذا التاريخ مهم. ففي نفس الشهر، والشهر الذي سبقه، كان الصراع على النفوذ في العراق بين الولايات المتحدة وإيران قد تحول إلى صراع مفتوح. وقد نقل موقع مفكرة الإسلام في 7/10/2005 عن مراسله في البصرة أن القوات البريطانية كانت قد بدأت تشن حملة اعتقالات ضد بعض ضباط المخابرات والشرطة العراقية بشبهة ارتباطهم بإيران، وفي 16/10/2005 نشرت وسائل إعلام مختلفة اتهام إيران لبريطانيا بأنها كانت متورطة بتدبير تفجيرات بالقنابل في مدينة الأحواز العربية المحتلة. وقد ترافق ذلك مع تصاعد الاشتباكات بين الأمريكيين وجيش المهدي الخ... وفي نفس الشهرين، حصلت طهران على زيادة كبيرة في المساعدات العسكرية والتقنية من روسيا.

إذن لدينا الآن حدثٌ تاريخي (معركة "الأبواب الساخنة") عمره آلاف الأعوام، وفكرة فيلم بقيت طي الأدراج سنوات، ليتم فجأة الإسراع بتنفيذها خلال شهرين في سياق توقيت سياسي محدد هو تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، حول الكثير من الملفات، أهمها ملف العراق.

ونبدأ بمشاهدة الفيلم ليطل علينا صوت راوي يسرد أحداثه. ومنذ الدقائق الأولى تطرح القضية التي يعالجها الفيلم باعتبارها معركة أوروبا بقيادة اليونان من جهة وأمم آسيا من بقيادة فارس جهة أخرى، ويشير الراوي بوضوح بأن المعركة في الواقع هي معركة بين العقل والعدالة والحرية التي تمثلها اليونان، والعبودية والظلامية والغيبيات التي تمثلها فارس، وهكذا يبدأ التحريض السافر على الحرب، حيث أن ذلك هو دوره بالضبط في الفيلم كأحد الجنود العائدين من الجبهة.

ومع أن اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد، عند وقوع معركة "الأبواب الساخنة"، كان نظامها الاجتماعي يقوم على الرق ونمط الإنتاج العبودي، فإن آسيا وأممها هي التي تصور، من خلال مشاهد الجنود الذين يساقون سوقاً تحت وقع السياط إلى القتال، بأنها قادمة لتحل العبودية محل حرية الرجال الأحرار. والصراع هو صراع حضارات بدون أدنى مواربة، وهو صراع لا مفر من خوضه دفاعاً عن الحرية، لأن أمم الشرق الهمجية قادمة لاجتثاث الحضارة، وفي الفيلم، الشرق هو رجال معممون وملثمون، وهو فرس وعرب ومنغوليون وصينيون وهنود في خدمة المشروع الفارسي، وإلا، فإن الخيار الأخر، لمن لا يريد أن يكون كأنصاف البشر أنصاف الوحوش الشرقيين، لمن فاتته الرسالة، هو دعم الغرب وحربه دفاعاً عن الحضارة البشرية!! فإما المشروع الفارسي وإما المشروع الغربي... وعلى أمم الأرض أن تختار معسكرها في هذا الصراع. والمستهدف من الرسالة ليس المشاهد الأمريكي وحده، بل المشاهد العالمي، وحتى المشاهد العربي... الأول لتأييد الحرب، والثاني لتأييد أمريكا.

وفي الثلث الأول من الفيلم، تتجلى الحبكة الدرامية وكأنها كتبت في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. ولا يعود الفيلم مجرد تحريض مباشر وسطور مقتبسة بالكامل من الخطاب السياسي للمحافظين الجدد في موضوعات "الحرب على الإرهاب" و"صراع الحضارات"، بل تصبح كل عقدة الفيلم مبنية على الصراع بين البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي الذي يضع القوانين التي تعيق التدخل العسكري الأمريكي في الخارج.

فمع تقدم جيوش زراسيس الفارسي، يدرك ملك إسبارطة ليونايدس بأن عليه أن يجرد جيشاً لمواجهته، ولكنه يواجه بمجلس الشيوخ الإسبارطي الذي لم يقر هذه الخطوة لإرسال قوات خارج حدود المدينة. وعبثاً يحاول نيل رضا الكهنة الذين يسميهم الفيلم ephors ، الذين يصورون كثلة من الفاسدين المهرطقين الخونة، ولكنهم يشهرون في وجهه قانوناً يمنع النشاط العسكري خلال فترة الكارنيا أو الاحتفالات الأولمبية (ما يعادل الأشهر الحرم عند الإغريق). فيذهب ليونايدس ملك إسبارطة شاكياً لزوجته الملكة غورجو (الممثلة لينا هيدي): "ماذا أفعل حين تجبرني نفس القوانين التي أقسمت على حمايتها أن لا أفعل شيئاً؟!"، فترد غورجو: "لا تفكر ماذا تفعل كملك أو كمواطن أو كزوج أو كأب... بل فكر ماذا تفعل كرجل حر"، أي: لا تهتم بالقوانين!

وهكذا، يجرد ليونايدس قوة خاصة من ثلاثمئة من حرسه الملكي ويسير بهم عندما يعترضه بعض أعضاء مجلس الشيوخ ليسألوه عما يفعله، فيصر أنه ذاهب في مسيرة خاصة مع حرسه الشخصي، ويصور تجاوز قانون مجلس الشيوخ كخدمة للوطن طبعاً، وهكذا يذهب ليونايدس ليخوض معركة "الأبواب الساخنة" حتى الموت. وقبل الذهاب، تقول له زوجته، التي تمثل في الفيلم عدة أدوار عملياً تتمحور حول صلابة الجبهة الداخلية ودعمها للحرب الخارجية بالرغم من معارضة مجلس الشيوخ: "عد بدرعك أو عليه!".

ويبدو أن هذه المحادثة بالذات غير دقيقة تماماً في الفيلم إذا قارناها بالمراجع التاريخية. فالمؤرخ بلوتارك في كتابه "أقوال النساء الإسبارطيات" يذكر بأن غورجو شجعت ليونايدس ثم سألته ماذا تفعل بعدما يذهب، فأجابها: :تزوجي رجلاً جيداً وأنجبي أطفالاً جيدين!!". ولكن إضافة مثل هذه الملاحظة التاريخية في الفيلم كان يمكن أن يحبط دعاة التعبئة للتدخل العسكري الخارجي، فحذفت.

وهناك شيء أخر ترك عمداً بشكل غير دقيق في الفيلم على ما يبدو هو طريقة إظهار الإيفورز، الephors ، كشريحة من الكهنة الغيبيين المرضى الفاسدين الحريصين على مصالحهم الخاصة على حساب الوطن. والحقيقة أن الإيفورز لم يكونوا كهنة أبداً، بل يقول هيرودوتس وبلوتارك، المؤرخان اليونانيان القديمان، أن الإيفورز ehpors كانوا مجلساً من خمس حكام ينتخبون مباشرة من الرجال الأحرار في إسبارطة كل عام، وأنهم كانوا يفرضون القانون على الجهاز التنفيذي، ويتولون المحاكم المدنية والضرائب والسياسة الخارجية وتدريب الفتيان، وقد شكلوا وزناً مقابلاً في الجهاز التنفيذي لملك إسبارطة.

كما يقول هيرودوتس أن الإسبارطيين الذاهبين للقتال عندما استشاروا الكهنة في معبد دلفي، وهم غير الإيفورز، فإن العرافة أجابتهم بما معناه: إما أن تسوى المدينة بالأرض على يد أولاد فارس، وإما أن تحزن اليونان بأسرها على فقدان ملك هو حفيد هرقل! وهي الإجابة البعيدة كل البعد عن ما جاء به الفيلم عن رفض العرافة للمواجهة العسكرية بذريعة حرمة شهر الاحتفال الأوليمبي. وقد تم إظهار معبد الإيفورز في الفيلم على شكل دائرة مضلعة بالأعمدة مثل الشكل الهندسي الذي تقف عليه قبة مبنى الكونغرس الأمريكي في واشنطن دي سي عاصمة الولايات المتحدة.

ومن المعروف أن خطاب المحافظين الجدد في الولايات المتحدة يصور أعضاء الكونغرس كجماعة من الفاسدين المرتبطين بمصالح خارجية أو أجندات خاصة، ويتبرم بوش الابن باستمرار، مثل أبيه من قبله، من القيود التي يفرضها عليه الكونغرس، ومن الضغوط التي يمارسها عليه للانسحاب من العراق، ولعدم دخول حرب أخرى ضد إيران وسوريا والسودان وغيرها. وهذا التناقض يبرز على السطح بشكل شبه يومي في وسائل الإعلام الأمريكية... والفيلم برمته في النهاية عبارة عن تمجيد لتدخل عسكري لم يصرح به مجلس الشيوخ الإسبارطي.

ويحفل الفيلم بمواقف موجهة بشكل مباشر لعائلات الجنود الأمريكيين الذين يقتلون في حروب أمريكا الخارجية. فهذا أبو أحد الجنود القتلى يقدم كنموذج لموقف الأب الوطني الشجاع حقاً عندما يُقطع رأس ابنه في المعركة، فيلقي خطاباً كأنه رد على سيندي شيهان وغيرها من أهالي الجنود المقتولين في العراق، ويندفع لذبح جنود الأعداء في الميدان!

وتلك زوجة ليونايدس قائد إسبارطة العسكري تذهب لتلقي خطاباً عرمرماً في مجلس الشيوخ لإقناع الإسبارطيين بضرورة الدفاع عن الحرية والعقل والقانون وعدم التردد في إرسال المزيد من الجنود للجبهة الخارجية! وعندما تفهم من جندي عائد بقلادة زوجها أنه قضى في المعركة، تدمع وتبلع الغصة ولا تبكي ثم تلبس القلادة لابنها. أما ذاك جندي الذي فقد عيناً في القتال فيذهب ليحرض مواطنيه على الحرب... ولا ننسى أننا نتحدث هنا عن تمجيد حروب غزو خارجية في الواقع تصور في الفيلم وكأنها حروب دفاع عن حدود الوطن.

وأخيراً، يصور الفيلم إسبارطة وجنودها وكأنهم الأفضل والأنبل والأشجع بين كل القوى المقابلة للزحف الشرقي-الفارسي، تماماً مثل موقف الولايات المتحدة بين حلفائها، مما يدفع أولئك الحلفاء الضعفاء لقبول قيادتها طبعاً!

وعندما يقتل ليونايدس ملك إسبارطة، يركز المشهد الأخير على جثته وكأنها مصلوبة تحت السهام، في لفتة تحريض دينية لن تغيب عن الجمهور المسيحي المتدين في قواعد الحزب الجمهوري... مع العلم أن المصادر التاريخية تقول بأن ليونايدس لم يقتل بالسهام مع البقية الباقية في النهاية من القوة الإسبارطية بل بالقتال بالسيوف عند حائط ممر "الأبواب الساخنة" في الفصل ما قبل النهائي للمعركة.

وبالرغم من كل ذلك، يصر مخرج فيلم "300" زاك سنايدر بأن التشابه بين فيلمه "التاريخي" والعالم المعاصر جاء صدفةً ولم يكن مقصوداً أبداً!!!!!!!!!

مليارديرات الإعلام...سلفيو برلسكوني نموذجاً

مصادر تمويل غير معروفة وأجندة المحافظين الجدد

د. إبراهيم علوش

أنهم حفنة ممن يلعبون بمليارات الدولارات، ولهم وجود طاغٍ في وسائل الإعلام في بلدانهم أو على مستوى عالمي، وهم يوظفون أموالهم ووسائل إعلامهم بوعي وتركيز وبشكل منسق في خدمة أجندة سياسية محددة غالباً ما تكون أجندة المحافظين الجدد، أي أجندة التدخل الخارجي في السياسة الدولية، وأجندة تحرير السوق وتجاوز الحدود والثقافة القومية في السياسة الداخلية، وأجندة الوله الأعمى باليهود وكل ما يمت لهم بصلة في كل شيء، وأجندة تحويل الثقافة إلى سلعة والإنسان إلى شيء والإعلام إلى سلاح لتحقيق كل ذلك.

إنك لتجدهم في كل الدول الغربية اليوم، وبعض الدول غير الغربية، وهم يشتركون بالكثير من الصفات سوى أن أسماءهم مختلفة. وقد سبق أن تناولنا في هذا السياق السيد روبرت ميردوخ، أهم شخصية من شخصيات هذا المنتدى العالمي، على حلقتين، وكان ذلك على خلفية سيطرته على صحيفة الوول ستريت جورنال Wall Street Journal في الولايات المتحدة، وعلى خلفية تضارب التقارير حول أصله اليهودي. وقد نشرت تلك المادة على الرابط التالي:

http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/Meradookh.htm

ومن أجل استكمال فهم هذه الظاهرة، ظاهرة "مليارديرات الإعلام"، تتناول هذه الحلقة رئيس الوزراء الإيطالي السابق سليفيو برلسكوني، على أن نتناول لاحقاً بعض زملائه في الظاهرة من روسيا وكندا وغيرها. ومليارديرات الإعلام ينتجون دوماً إعلام المليارديرات، أي ينتجون دوماً إعلاماً يخدم في المحصلة مصلحة رأس المال المالي الدولي، وقد وظف برلسكوني ملياراته ووسائل إعلامه المهيمنة على الفضاء الإيطالي لتحقيق أجندة شخصية وسياسية من نفس النوع في إيطاليا، ولإلحاق بلاده بسياسة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بعيداً عن أوروبا، وباتجاه غزو العراق.

برلسكوني بملياراته الأحد عشر (عام 2006) هو أغنى رجل في إيطاليا، وقد شكل أول حكومة يمينية صارخة في البلاد منذ عشرات الأعوام. فكيف تكونت هذه الظاهرة؟

البداية: كان والد سيلفيو برلسكوني موظفاً في بنك صغير في مدينة ميلانو الإيطالية اتهم لاحقاً بغسيل الأموال لمصلحة المافيا. وقد ولد برلسكوني الابن في ميلانو وترعرع فيها ودرس الحقوق في جامعاتها، وتخرج محامياً ولم يخدم إجبارياً في الجيش حسب القانون، وتزوج في نفس المدينة في بداية الستينات. وخلال تلك الفترة، اشتغل برلسكوني في المقاولات وتعهدات البناء. وفي نهاية الستينات، خطر له أن يبني مدينة سكنية تحتوي 3500 شقة اسماها ميلانو 2. وقد بناها قرب مدرج مطار حيث الأراضي أقل قيمةً بسبب الضجيج والطلب على الشقق السكنية أقل. وفجأةً، انتقلت حركة الطائرات "بالصدفة" إلى مطار أخر جديد، وازدادت قيمة الشقق أضعافاً مضاعفة وباتت "ميلانو 2" منجماً للذهب.

وجاء دخوله إلى عالم الإعلام جزءاً من مخططه لبناء المدينة الجديدة عام 1973 من خلال الكبل Cable التلفزيوني، أو الخط الذي يوصل التلفزيون للمدينة مثل خطوط الماء والكهرباء والهاتف. وفي عام 1978 أسس مجموعته الإعلامية الأولى "فيننفيست" Finenvest التي ربحت مئات الملايين من الدولارات خلال خمس أعوام من تأسيسها، وما زالت مصادر التمويل غير معروفة حتى الآن، بالرغم من الجهود المبذولة من عدد من المدعين العامين في إيطاليا على مدى سنوات، بسبب الشبكة المعقدة من الشركات القابضة التي تم جمع الأموال عبرها!

وقد سيطرت أو أسست شركة "فيننفست" Fininvest تدريجياً سلسلة كبيرة من محطات التلفزيون المحلية التي تقدم برامج متشابهة، قبل الفضائيات، مما خلق شبكة تلفزيون قومية عملياً يسيطر عليها شخص واحد. وكان القانون الإيطالي وقتها يمنع تأسيس المحطات القومية إلا من خلال الدولة. ولكن برلسكوني أسس ثلاث محطات قومية خاصة ابتداءً من عام 1980. وأسس رابعة اشترتها منه عائلة أخرى. وكان كل ذلك مخالفاً للقانون، وصدر حكم قضائي بإيقاف تلك المحطات. ولكن علاقة برلسكوني الخاصة في الثمانينات مع رئيس الوزراء ورئيس الحزب الاشتراكي الإيطالي بتينو كراكسي جعلت كراكسي يصدر مرسوماً عاجلاً من مكتب رئاسة الوزراء بالسماح لشركات البث التلفزيوني الخاصة ببرلسكوني بالبث!

وأدى ذلك المرسوم إلى حدوث فوضى سياسية في البلاد، ومنعت محطات برلسكوني من بث الأخبار والتعليقات السياسية على مدى سنوات، حتى صدر قانونٌ عام 1990 يسمح لها بالبث كما تشاء، ولكن برلسكوني كان قد توسع خلال تلك الفترة إلى إنتاج الأفلام والمسلسلات... وفي عام 1990 نال فيلم "مديترانو" Mediterraneo الذي أنتجه جائزة الأوسكار.

وكان برلسكوني قد طلق زوجنه عام 1985، ثم تزوج عام 1990 من الممثلة الإيطالية التي كان قد أنجب منها ثلاثة أطفال قبل الزواج، وأقام حفلة عرس باذخة كان رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق بتينو كراكسي أحد شهوده فيها أو "شبينه".

وفي عام 1999 توسع برلسكوني بقوة في وسائل الإعلام، مؤسساً مع شركة "كيرش" الألمانية مجموعة إعلامية ضخمة اسمها مجموعة أبسلون الإعلامية Epsilon MediaGroup.

أما شركة برلسكوني الأساسية فهي "مجموعة الإعلام" Media Set وهي تتألف من ثلاث محطات تلفزيونية إيطالية يشاهدها نصف جمهور التلفزيون الإيطالي، كما تتألف من واحدة من أكبر وكالات الإعلان والدعاية في إيطاليا واسمها Publitalia، وتضم أكبر دار نشر في البلاد واسمها Arnoldo Mondadori، وهي تصدر واحدة من أكثر المجلات شعبيةً في البلاد، وهي "بانوراما". ولبرلسكوني امتدادات في صناعة السينما وشركات توزيع الأفلام والمسلسلات، وفي شركات التأمين والمصارف، وفي عدد أخر من الشركات.

ويملك أخو برلسكوني "المجلة" وهي صحيفة يومية يمنية موالية لبرلسكوني، والمقصود موالية بشكل شخصي، وليس فقط سياسي، حيث تغطي الجريدة الاهتمامات الشخصية لبرلسكوني التي يحب أن يقرأ عنها في الصباح على حساب الأخبار اليومية!!

وتشارك زوجة برلسكوني بملكية صحيفة يومية غير تقليدية تثير قضايا خلافية وتطرح وجهات نظر خلافية، ولكن معادية للشيوعية بشكل عام كما يقول أحد التقارير.

وقد تملك برلسكوني فريق ميلانو لكرة القدم الذي لعب دوراً كبيراً في نجاحه السياسي، حيث أسس حزباً اسمه "إيطاليا إلى الأمام" Forza Italia على اسم فريق مشجعي فريق ميلانو! وقد أسس الحزب قبل شهرين من الانتخابات الإيطالية عام 1994، وربح حزبه فيها، وأصبح بعدها رئيساً للوزراء، ولكن حكمه لم يدم طويلاً بسبب تفكك ائتلافه الانتخابي. وفي عام 2001 ربح برلسكوني الانتخابات من جديد، وخسرها عام 2006 بفارق بسيط جداً. وقد قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية عن فترة حكمه الممتدة ما بين عامي 2001 و2006 أنه كان يسيطر خلالها بشكل مباشر على 90 بالمئة من الإعلام الإيطالي سواء كمالك، أو بصفته رئيساً للوزراء.

والباقي معروف، من التحريض على العدوان على العراق، إلى التحالف الدولي مع بوش الابن، إلى المشاركة بالعدوان على العراق، الخ... والمهم هو توظيف الثروة الهائلة غير معروفة المصادر، ووسائل الإعلام العملاقة التي تصنع الرأي العام والتي تكونت تلك الثروة في جنباتها، من أجل الوصول للسلطة بشكل "ديموقراطي" أو لتمرير أجندة العولمة المالية.

على فكرة، ملكية فرق كرة القدم كان روبرت ميردوخ بدوره قد حاول الدخول إليها أيضاً. وهو نوع من السيطرة على الموارد الخام، ويشبه سيطرة شركة سيارات على مصنع إطارات، وذلك أن تغطية مباريات كرة القدم، والحق بتغطيتها، من أكثر البنود كلفةً في موازنات التلفزيون!!!

عن الحب ..!!

معاوية موسى

حقيقة لا ادري كيف يمكن ان يكتب عاشق ( سابق ) مثلي عن الحب ففي تجربتين سابقتين كانت القصة تنتهي نهاية تراجيدية تشبه الى حد كبير ما يحدث في الافلام .
فعندما كنت طالبا ً في الجامعة وقعت في حب فتاة كان والدها ( سيدا ً) في مذهبه ( يعني مسلم شيعي ) , لم تستمر الحالة وقتا ً طويلا ً اذ كيف لي وأنا ( معاوية ) أن أرتبط في علاقة حب مع فتاة أبوها من السادة الذين يُدفع لهم الخمس , لا أخفي عليكم أنها كانت لحظات جميلة قضيتها مع تلك الفتاة التي عشقتها حد الجنون ولكن استجابة لحالة التناقض الرئيسي واستحالة استمرار العلاقة ثم الانفصال

أما اذا بحثتم عن سر التجربة الثانية والتي أصبحت الان فاشلة أيضا ً فأعتذر لكم عن ذلك فالحديث عنها يضعني امام مأزق لا ينتهي ووجع لا أقوى على اختزاله .
لا شك ان الكتابة كانت مختصرة فلن ابيح بالكثير احتراما لقدسية وخصوصية هكذا مسائل وقضايا ولأن البوح اكثر يجرح نزقي العاطفي بل حتى ( الثوري ) , لكن اعتبر ما كتبته كان لزاما علي أن أقوله فأنا هنا ادفع ضريبة كوني كائنا ً اجتماعيا ً .
للحب عند العرب معنى أخر فمن معلقة عنترة وأمرؤ القيس حتى هذا الزمان ظل الحب يغطي المساحة الأوسع من مساحة الشعر , أن كل شعراء العربية على تفاوت , كتبوا في الحب وبعضهم كرس كل اشعاره للمرأة الى حد أن شاعرا ً عرف بمجنون ليلى وهو ما استهوى شعراء كبارا ً عالمين في العصر الحديث باستعارة التسمية فكان أول من استعارها الشاعر الفرنسي الشهير (اراغون ) الذي سمى نفسه مجنون ليزا .
أتدرون ما الذي أضطرني للكتابة عن الحب ؟
إن أحدا ً من شباب قريتي التي أعيش مات منتحرا في سبيل الحب فسماه رفاقه شهيد الحب وللأمانة فأنه لم يبقى احدا في القرية إستطاع أن يمشي في جنازة الشهيد ولم يذهب , فالجميع أحزنهم الموقف
ولم يتردد الكثير منهم حتى في البكاء , انها حادثة أدهشت وأحزنت الجميع فعاشت القرية في حزن عميق وحالة من العزاء الجماعي لم يسبق لها مثيل .
تذكرت على الفور أحدى القصص الطريفة والحزينة عن الموت في سبيل الحب , ما رواه الأصمعي الذي يقول أنه مرّ يوما بجانب حائط فوجد بيتا من الشعر قد كتب على هذا الحائط ونصه :

أيا معشر العشاق بالله خبروا
اذا حــــل عشق بالفتى ما يصنع


فكتب الأصمعي تحته :

يداري هواه ثم يكتم حبـــــه
ويسكت في باقي الامور ويخشع


وبعد يومين مر الاصمعي من جانب الجدار فوجد المحب قد كتب تحت البيتين السابقين :

فكيف يداري والهوى قاتل الفتى
وفـــــــــــي كل يوم قلبه يتقطع


فكتب له الاصمعي :

فإن هو لم يقوى على حمل همــه
فليس له عندي سوى الموت أنفع


ولما عاد الاصمعي ومر أمام الجدار وجد بيتا اخيرا من الفتى يقول :

سمعنا اطعنا ثم متنا فبلغوا
هوانا لمن قد كان للوصل يقطع

إعادة إكتشاف الإسلام

بقلم محمد رياض

منذ بضعة أيام بعث إلي صديق برسالة يقترح فيها علي أن ننظم حملة إلكترونية لمطالبة الحكومات العربية بزيادة عدد ساعات تدريس مادة التربية الإسلامية في المدارس الحكومية. و رددت عليه بإقتراح مقابل و هو أن توجه الحملة نحو المطالبة بإلغاء تدريس أي مادة تتعلق بالدين الإسلامي للجيل القادم في البلاد العربية. و مع أني قصدت من ردي هذا ان أفتح باباًَ للحوار حول هذا الموضوع أوضح من خلاله وجهة نظري إلا أن الله إبتلاني حينها بالإصابة بداء الأنفلونزا و الذي ألزمني الفراش عدة أيام, فلم اتمكن من الكتابة إليه بتفصيل أكثر وكذلك لم يصلني منه أي رد على مقترحي و غالب ظني أني خسرته كصديق إلى الأبد.
ربما قال صديقي في نفسه, ألحد الرجل. و انا و الله ما ألحدت, بل انني أزداد إيماني كلما تفكرت في هذا الدين القويم, غير اني متقين تماماًَ أن ديننا هذا بحاجة إلى إعادة إكتشاف, فما يقدم لأولادنا اليوم في مدارسناعلى أنه الإسلام ليس هو بالضبط ما جاء به محمد بن عبد الله قبل ما يزيد عن الف و أربعمائة عام. فخالد و عمر و على و ابو ذر لم يخبروا علم الكلام و لم تكن لهم دراية بطبقات المتكلمين و لا علم بإمهات الكتب الفقهية و لم يقرأوا علوم الفرس و اليونان, حتى نبيهم محمد لم يكن أكثر من راعي للغنم في بطون مكة .
و قطعاًَ أن لله حكمة من إختيار رسوله و بعث رسالته في هذه الامة الأمية البدوية البسيطة البعيدة عن تعقيد الحياة في المدن الكبرى كالحيرة و دمشق و القسطنطينية, و ذلك ان أهل تلك البلاد (المتحضرة ) حسب مقاييس ذلك الزمان لم يكونوا مناسبين لحمل الامانة, ذلك ان عقولهم كانت مشوشة بتعقيدات حياتهم الحضرية المتطورة نسبياًَ في و قتهم, حيث تختلط الأفكار و العلوم و تتمازج, فهناك الفلسفة اليونانية و علم الحكمة الهندي و المعتقدات الدينية الفارسية و غير ذلك من علوم و معارف الأقدمين, و حيث المجتمع مكون من طبقتين, حاكمة تمتاز بثراء فاحش و اخرى مسحوقة تمتهن العبودية و السخرة, لذلك كله لم تكن عقول أولئك الأثرياء المشوشة بكل تلك الأفكار و الفلسفات و لا عقول العبيد و المسحوقين و الذين ألفوا الإمتهان والذلة بصالحة لحمل الرسالة الالهية الواضحة و البسيطة و المعبرة جداًَ كذلك.
جاء محمد ليعلن للبشرية انه ليس من إله غير اله واحد و انه مالك كل شيء لا ينازعه احد في ملكه و سلطانه و ليس كألهة الظلام و النور الفارسية المتصارعة من الأزل أو كألهة الجمال و القبح و الخير و الشر الإغريقية الطيبة منها و الشريرة و المتنازعة فيما بينها دوماًَ. أخبر محمد قومه أن إلهه واحد لم يولد و لم يكن له ولد ليبعثه إلى الارض فيقتل تكفيراًَ عن خطايا المجرمين. و لأنه واحد قهار فأمره يسري على الجميع, الوضيع منهم و السلطان و لذلك فليس لقيصر من الامر شيء و كل الأمر لله.
جاء محمد ليعلمهم أن الناس كلهم من نفس واحدة و أن لا فضل لجنس على اّخر و أنه لا يوجد شعب مختار و اّخر مسخوط عليه, و ان الحاكم راع و مسئول امام الله و أمام رعيته و أنه عبد من عبيد الله ليس فيه دماء زرقاء و عظامه ليست من الفضة. علم محمد أصحابه انهم امة و احدة, بل جسد واحد و أخبرهم كذلك ان احدهم يخرج من الملة إن هو نام شبعاناًَ و جاره جائع. ومحمد فوق هذا أقر حسبة سنوية لإعادة توزيع الثروة حيث كان يأخذ من أموال الأغنياء ليعطي الفقراء و قد سمى ذلك حقاًَ و ليس صدقة.
و محمد لم يكن درويشاًَ على باب الله معتكفاًَ في صومعته و زاهداًَ في متاع الدنيا بل كان ثائراًَ و مقاتلاًَ صنديداًَ قضى معظم عمره في مقارعة الظالمين من الأعراب و الأعداء من اليهود و المحتلين من الروم بالسيف حتى إنه قضى إلى ربه و هو في خضم تجهيز حملة لقتال جيوش الإمبراطورية الرومانية و حلفائهم من الأعراب العملاء من المناذرة.
و هكذا كانت رسالة الإسلام و هكذا فهمها الرعيل الاول, فالوحدانية عنت لهم االكفر بعصمة أي مخلوق , أياًَ كان, و التمرد على الظلم و الظالمين لأن الله يبغضهم و مقارعة المعتدين لان الله امرنا بذلك و قول الحق من غير خوف و لا وجل من حاكم او ظالم لأن الله أخبرنا أن هذا من اعظم الجهاد, فهموه على انه نظام شامل للتكافل الإجتماعي و المساواة بين فئات المجتمع. و بإختصار فهم جيل محمد الإسلام على انه الثورة.
غير أن محمداًَ قد قضى إلى ربه و كذلك قضى صحبه المقربين ثم جاء بعدهم قوم تركوا الاصل و تمسكوا بالفرع و أهملوا الجوهر و اخذوا بالسطح, و هكذا إنقسم جسد أمة محمد الواحد إلى مذاهب يتناحر اتباعها حول إذا ما كان لمس يد المرأة يفسد الوضوء و حول طريقة و وضع اليدين في الصلاة و حول و حول (طبعاًَ محمد لم يكن عنده و قت لبحث كل هذه التفصيلات لأنه كان منشغلاًَ دوماًَ بقتال الظالمين) ثم أبتلي هؤلاء الفقهاء بعلم الكلام و تأثروا بفلسفة الاغريق و بحكمة الهنود و حتى بإساطير الفراعنة عن حياة ما بعد الموت و دمجوا كل ذلك عن قصد و بدون قصد في دين محمد. ثم ما لبثت أن ظهرت تيارات بين الناس لم يألفها احد من قبل فإنقسم الناس إلى شيعة و سنة و إنقسم السنة ألى معتزلة و أشاعرة و صوفية و سلفية و مرجئة , و إنقسمت الشيعة إلى إمامية و إسماعيلية و زيدية الى اّخر ذلك من مسميات مما لم ينزل الله به من سلطان.
وخلف هؤلاء قوم كانوا اتعس منهم , فقد ورثوا تعاسة أبائهم و زادوا عليها, فأصبغوا على أصحاب المذاهب و المتكلمين و حتى الفلاسفة هالة من التقديس و المهابة تقترب مما في نفوس المؤمنين لانبيائهم, و هكذا ظهرت علوم الطبقات و الاصول و الشروح و شروح الشروح و إختصارات شروح الشروح و إكتظت المكتبات و إمتلأت الرفوف بشتى انواع الكتب الدينية و التي تعج صفحاتها بقال فلان عليه الرضوان و زاد فلان سيد البيان.
و الأدهى من ذلك ان هذه الشروح و التفاسير و التي لم تسلم من سفسطة علم الكلام و فلسفة الإغريق فإنها كذلك لم تسلم من الروايات المدسوسة و الاحاديث المكذوبة و الإسرائيليات, بل إن هذا الدس قد وصل إلى مرحلة مرعبة في بعضها, فعلماء السنة يقولون إن هناك عشرات الألوف من الروايات الإسرائيلية في كتب التفاسير المعتمدة و كذلك فإن علماء الشيعة يقرون بإن ثلثي كتاب الكافي مثلاًَ (أكثر كتب الحديث النبوي و روايات الأئمة إعتماداًَ لدى الشيعة) مكون من روايات مدسوسة أو ضعيفة او مردودة.
ثم جاء بعد تلك الأجيال خلف أكثر منهم سوءاًَ فقد بالغوا بتقديس هذه الشروح و الملحقات لدرجة إعتقادهم بقدرتها على النفع و الضرر و صد الاذى, و كتب التاريخ تذكر أن مشايخ الجامع الأزهر كانوا قد دعوا الجماهير لإجتماع عاجل داخل المسجد حين علموا بنزول نابليون بونابرت و جيوشه البر المصري, نعم جمعوا الناس و لكن ليقرأوا شرح صحيح البخاري سبع مرات حتى ترد بركته عنهم جنود الفرنسيس. عند قرائتي لهذه الرواية شعرت بالأسف و الحزن على النبي محمد حينما حاصره المشركين في المدينة فلو كان عند هذا النبي المسكين نسخة من شرح صحيح البخاري لما إحتاج إذاًَ لإرهاق نفسه و صحبه بحفر الخندق حول مدينته.
و هل لو شاء الله ان يبعث محمدا من مرقده في يومنا هذا ! فهل سيكون عليه السلام ملماًَ بكل ما في هذه الألاف المؤلفة من الكتب و الشروح و التفاسير؟
للأسف إذاًَ فلقد تحول دين الثورة إلى دين كهنوتي ممتلئ بالطلاسم يقوم عليه رجال قد نابوا عن الله في ارضه و يستندون على كتب و مخطوطات هي عندهم مقدسة لا لشيء إلا لقدمها و فيها الحلو و المر و العجر و البجر و الغث و السمين.
و هكذا فإن ما يدرس في مدارسنا لأبنائنا هو غيض من فيض هذه الشروح و التفاسير و كأن ما جاء به محمد من امر الله قد قبر معه حين دفن عليه السلام و هكذا فإني رمت من دعوتي إلغاء مادة التربية الإسلامية في مدارسنا خيراًَ لديننا و أبنائنا لعلهم إن كبروا من غير أن يعرفوا شيئاًَ عن دينهم كان ذلك لهم محفزاًَ لإكتشاف الإسلام من جديد و من منبعه الاول .
كنت أود ان اقول كل هذا لصديقي العزيز (سابقاًَ) و لكن قبح الله الأنفلونزا.

الأردن: انتخابات الأحكام العرفية

د. إبراهيم علوش

اجتاحت الأردن في أواخر شهر ت1/ اوكتوبر 2007 حمى الترشح للانتخابات النيابية للمجلس النيابي الخامس العشر، وطفت الإعلانات الانتخابية على جدران الأبنية وأعمدة الشوارع وحيثما حولت ناظريك، وتدافع المرشحون لإقامة المآدب لاستقطاب الأصوات، وتصاعدت الحملات الانتخابية وطغى عليها الطابع العشائري بدرجة أساسية، والإقليمي والطائفي بدرجة أقل، وتداول الناس والصحف إشاعاتٍ كثيرةً عن عمليات نقل أصوات من منطقة إلى أخرى، وعن نشاط محموم للمال السياسي في شراء الأصوات.

ومع أن مجلس النواب الرابع عشر كانت قد انتهت ولايته في شهر حزيران / يونيو 2007، وأن وسائل الإعلام تداولت منذ ربيع عام 2007 توقعات كثيرة عن تأجيل الانتخابات النيابية، فإن مرسوماً ملكياً بحل مجلس النواب تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة صدر في شهر آب/ أغسطس 2007، وأعلنت إثرها حكومة معروف البخيت 20 نوفمبر/ ت2 2007 موعداً لملء 110 مقاعد في مجلس النواب، فيما يتم تعيين أعضاء مجلس الأعيان البالغ عددهم 55 عيناً بشكل مباشر من السلطة التنفيذية.

وبعد التكهن بإمكانية مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات، خاصة بعد الشوائب المحيطة بالانتخابات البلدية في أخر تموز / يوليو 2007، فإن الحركة الإسلامية حسمت أمرها بالمشاركة، وكذلك حسم أمره بالمشاركة بعض مرشحي القوى القومية واليسارية، فيما انسحب آخرون، وهو ما يمثل عملياً تمسكاً واضحاً بالانخراط في العملية السياسية، وبالتطبيع مع الأحكام العرفية وبالمشاركة الشكلية في تطبيقها دون وجود فرصة أو حتى مشروع للتأثير فيها فعلياً.

وقد يخال للغريب الذي يراقب سعير الانتخابات من بعيد، ولهيب التنافس، والمال المسفوك على الحملات، بأن ما يجري يتعلق فعلاً بانتخاب ممثلين للشعب الأردني يستطيعون التأثير في القرار الوطني!

لكن بالدخول في مجلس نواب لا يملك من أمره شيئاً، في ظل تغول الجهاز التنفيذي على القرارات الأساسية في الدولة، وفي ظل التوجه الرسمي للتحالف مع الطرف الأمريكي-الصهيوني على مستوى الإقليم، وفي ظل تحول مجلس النواب إلى مجرد واجهة لبروزة ممثلي العشائر والطوائف والمناطق والمخيمات، أو لبروزة ممثلي الكوتا النسائية إرضاءً للمنظمات الدولية والدول المانحة، فإن الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية واليسارية والإسلامية المشاركة في هذه الانتخابات تقدم المشروعية للحكم العرفي على طبقٍ من ذهب ومجاناً، وتسهم في تغييب الحوار الوطني المفترض أن يناقش ويعيد النظر في التوجهات الإستراتيجية للدولة!.

والحقيقة أن هذه الانتخابات نتائجها معروفة مسبقاً. فالدوائر الانتخابية تم تقسيمها بصورة محددة عام 2003 لتنتج نتائج محددة، بغض النظر عن اسم المرشح الناجح. كما أن قانون الصوت الواحد الذي سن لإنتاج نواب خدمات ومناطق بدلاً من نواب وطن، نواب هم أقرب لمخاتير في الواقع، كان الشرط الضروري عام 1993 لإقرار معاهدة وادي عربة في مجلس النواب الأردني.

فالقانون الانتخابي نفسه ينتج تمحوراً حول العشيرة والطائفة والهوية الجهوية، وينتج المرشح الأقدر على تقديم الخدمات المباشرة للناخبين في دائرته، أي المرشح الأقرب للجهاز التنفيذي عملياً، أي الأقدر على إيجاد وظائف ومنح وإعفاءات، أو المرشح الأقدر على هدر المال لتحقيق رغبة شخصية في "الوجاهة" في مجلس النواب بعد مراكمة الثروة الكبيرة.

ومثل هذا الجو يسهم في تذرير أو تفكيك المجتمع إلى شذرات، ويعزز ذلك غياب أي حوار حول البرنامج السياسي (غير الخدماتي) للمرشح وعدم طرحه لأية قضية وطنية إلا للإشارة لهويته الإقليمية بشكل غير مباشر، أو لاستقطاب ناخبين من هوية إقليمية محددة (ويمكن أن نأخذ هنا شعار الأمن الوطني أو الدولة الفلسطينية كمثال!).

ولم تنشأ حالة الخواء السياسي هذه من عدم أيضاً، بل من مجموعة القوانين العرفية التي وضعت المجتمع الأردني في قبضة الجهاز التنفيذي تماماً، ومنها مثلاً:

1) قانون الاجتماعات العامة الذي يعطي الحاكم الإداري حق منع أي لقاء عام دون إبداء الأسباب. ويتم استخدام أقصى درجات العنف ضد أي اجتماع لا يحصل على موافقة مسبقة من الحاكم الإداري.

2) قانون الأحزاب الذي يمنع الأحزاب من مزاولة العمل السياسي في القطاع العام (أكبر فئة من القوة العاملة)، أو بين الطلبة (أكبر فئة بين الشباب)، أو في المساجد والكنائس (في مجتمع متدين مثل مجتمعنا!). وفي لفتة سوريالية، تقوم الحكومات المتعاقبة بعد ذلك بالتباكي على حال الأحزاب الأردنية وتدعو لوضع برامج لإنقاذها من التآكل والإضمحلال!!

3) والأهم طبعاً قانون الصوت الواحد الذي يفصل المجتمع على مقاسات مناطقية وعشائرية وطائفية، وبتعبير أخر، يعطي الناخب صوتاً واحداً لمرشح واحد، وليس لقائمة مثلاً، ويربطه بدائرة انتخابية محددة، وليس بانتخابات بالقائمة النسبية على مستوى كل الأردن مثلاً، وتكون النتيجة ربط المصالح العامة للمواطن بشخص واحد وبدائرة جغرافية ضيقة، مما ينتج الولاء ما دون الوطني بشكل طبيعي!

وهذا بالإضافة إلى حزمة كبيرة من الأحكام العرفية الأخرى التي تمت قوننتها بالجملة وبالعشرات من خلال مجالس نواب الصوت الواحد، فأصبحت الأحكام العرفية قوانين مرعية.

ولو بدأنا لن ننتهي، فمن تعيين نصف مجالس اتحادات الطلبة في الجامعات زائد الرئيس، إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي يتجاوز على كل الحقوق المنصوص عليها في الدستور الأردني، إلى قانون المطبوعات والنشر إلى قانون إطالة اللسان إلى محكمة أمن الدولة إلى تعيين أعضاء مجلس الأعيان تعييناً إلى عشرات القوانين الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان، فإننا نتحدث فعلياً عن أحكام عرفية تشكل تقهقراً ليس فقط عن الدستور الأردني، بل حتى عن القانون الأساسي في أمارة شرق الأردن كما وثق الصديق يوسف عكروش في مقالة له عن انتخابات 2007.

ولكن المهم أن القانون العرفي أصبح يسمى "ديموقراطية" وصارت له انتخابات، فنال بذلك كلا الحسنيين وصار للأحكام العرفية واجهة ديموقراطية...

الحقيقة أن هذه مهزلة انتخابات بكل ما للكلمة من معنى، ولذلك، فإن المواطن المعني بالوطن ككل، وبالقرار الوطني، سوف لن يرضى على نفسه أن يكون شاهد زور، وسوف يرى وجاهة مقاطعتها، كما يفعل الكثير من الأردنيين الذين لا يرون أمامهم في هذه الحملات سوى استعراضات فارغة، ولو كانت هناك قوى وأحزاب وشخصيات تطرح القضايا الوطنية الكبرى بجدية وقوة لربما اختلف الأمر، ولكن ليس هذا هو الحال الآن بالتأكيد.

غساسنة ومناذرة العصر

سميره الخطيب

لا ارى مثيلا للوضع العربي الراهن سوى مرحلة الجاهلية التي سبقت بعثة رسول الله عليه الصلاة والسلام بفترة وجيزة . الناظر الى الوضع العربي الحالي يرى كيف عاد الوجه المستعبد الى ساحة العرب : غساسنة ومناذرة على امتداد الوطن من المحيط الى الخليج : غساسنة ومناذرة في لبنان , في فلسطين , في العراق , وفي شتى مشيخات النفط في سائر اقطار جزيرة العرب يستوي فيها حكام امتداد وادي النيل وحكام المغرب العربي مع حكام بلاد الشام ونجد والحجاز, وحكام اصغر مشيخة ممن نصبوا انفسهم امراء ام سلاطين ام ملوك . فبغض النظر عما طرحوا على انفسهم من القاب تعظيم وتفخيم فإنهم ما ان يعبروا المتوسط غربا , او العراق شرقا الى حيث يعيش اولياء نعمتهم واسيادهم حتى يتحولون الى جنود انفار محتقرين في جيش الامبراطوريتين الشيطانيتين اللتين باعوا انفسهم لها مقابل ثلاثين قطعة فضة . يستوي في هذا من باع شرفه وشرف امته لكسرى او لقيصر .

لكن تحت هذه الأنقاض والدمار نارا حقيقية تضطرم على مهل , تعيد أيام معركة ذي قار الأولى حين وصل اعشى قيس (صناجة العرب ) الى مضارب تجمع القبائل التي قررت انهاء عبوديتها لكسرى بمقاتلة جيوش العجم حتى النصر أو الموت . كان قرارا انتحاريا ومتهورا بمعايير اليوم كما يعتبر حكام العرب الذين ابتليت بهم الأمة اليوم المقاومة (متهورة وانتحارية ): "الله! عايزينا نحارب امريكا ؟ ده حتى ربنا ما بيقدرش يحارب امريكا ." حسني مبارك

اعشى قيس الذي عاد لتوه من مكة بقصائد وحدوية طويلة في الفخر والحماسة والأمل حدث القبائل العربية أن المشهد على الضفة الغربية لجزيرتهم هو الأروع في تاريخ العروبة , إذ ان هناك نبيا عربيا يدعى محمدا بن عبد الله كلف وامته بحمل رسالة الإسلام الخالدة الى شتى اصقاع الأرض . من هنا كان هتاف المحاربين الأبطال في يوم ذي قار وهم يقارعون العجم وعبيدهم وتابعيهم الأنذال من القبائل العربية الذليلة:

يا محمد يا منصور

المجاهدون هذا اليوم اولى بالنصر من تجمع القبائل العربية التي هزمت فارس في يوم ذي قار . فبينما كان اولئك يهتفون لنبي جديد ودين مقبل , يجاهد هؤلاء الأبطال وقد استقر لهم الدين ووضح منذ اربعة عشر قرنا ونيف, ووضحت لهم تعاليم نبيهم العربي الذي بعث للبشرية جمعاء وبان فكره , يجاهدون وقد حمل العلم الحديث عقيدتهم ودينهم ومبادئهم عبر الأثير الى اقصى بقاع الأرض , فما احراهم بالنصر الإلهي , وما اروعهم وهم يهتفون:

يا محمد يا منصور
ويا م احلى النصر بعون الله

في الضرورة التاريخية لبرنامج العمل القومي

د. إبراهيم علوش

بحكم فشل المشروع القطري، سواء أخذ شكل نظام عربي أم شكل حركة تغيير ضمن حدود القطر، ما زالت تطفو عشرات، إن لم يكن مئات، المآزق والعقد المستعصية على سطح حياتنا العربية المعاصرة. فمن حيز الاقتصاد إلى حيز السياسة إلى حيز الثقافة، لا نبرح نتقلب بين أزمةٍ أو كارثة هنا ومعضلة هناك ربما يحتاج المرء لعشرات المجلدات لوصفها ببعض التفصيل، غير أنها، بالرغم من تنوعها، يمكن أن تختزل جميعها في النهاية إلى ثلاثة جذور أساسية هي: 1) التجزئة، 2) الاحتلال والاحتلال غير المباشر (التبعية)، 3) التخلف (بأشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية).

وتتشابك هذه الجذور الثلاثة وتنفذ من بعضها إلى بعض خلال المئة عام الأخيرة. مثلاً، لولا التخلف الذي أورثنا إياه العثمانيون لما أصبحنا لقمةً سائغة في فم الاحتلال، ولولا الاحتلال البريطاني والفرنسي لما نشأت حدود التجزئة كما في اتفاقية سايكس-بيكو مثلاً، ولولا التجزئة لما احتلت فلسطين، الخ...

وتستمر هذه الجذور الثلاثة في صناعة واقعنا العربي الحديث والمعاصر منذ عقودٍ طويلة في شبكة لا تنقطع من الأسباب والنتائج. مثلاً، تصعب التنمية الاقتصادية العربية في الأسواق الصغيرة المجزأة، وفي دول تابعة لا تملك قرارها السياسي، وهذا يعزز بدوره من حالة التخلف التي تبقي مستويات المعيشة منخفضة وتبقي البطالة والأمية ومشاكل السكن مستشرية، وهو ما يعزز التبعية للخارج بذريعة استجداء القروض والمساعدات، وعدم القدرة على خوض الحروب، وهذه التبعية تصبح مدخلاً للمزيد من التبعية وللتساهل مع الاحتلال المباشر في العراق أو فلسطين ومع التدخل الدولي، وتصبح عائقاً أمام قيام مشروع تنموي جدي كذاك الذي حاول النهوض به جمال عبد الناصر أو صدام حسين، والتساهل مع احتلال العراق مثلاً كان سيصبح مدخلاً للمزيد من التجزئة لولا المقاومة العراقية.

ولو تتبعنا مسارات الروابط الجدلية بين التجزئة والتبعية والتخلف في كل حالة لأمكننا تفسير أهم مشاكل الحياة العربية المعاصرة، دون أن يقلل ذلك من أهمية فهم القوانين الخاصة بكل مشكلة أو حالة. والتجزئة تعني الضعف وضياع الأمن القومي العربي، وهو ما يتخذ عدداً لا نهائياً من الأشكال، والاحتلال والتبعية تعنيان فقدان السيادة والأرض والموارد، والتخلف يعني انتهاك وهدر الإنسان الذي يصبح بسببها أعجز من أن يفهم واقعه وأن يواجهه كفرد وكجماعة.

ولأن مثلث التجزئة والاحتلال والتخلف هو أساس مأساة واقعنا العربي المعاصر، فإن أي برنامج جذري لتغيير واقعنا نحو الأفضل لا بد له أن يضع نصب عينيه مهمة القضاء على هذه الجذور الثلاثة، ولذلك لا بد له أن يكون بالضرورة برنامج: 1) وحدة في مواجهة التجزئة، أي بناء الدولة العربية الموحدة، و2) تحرير في مواجهة التبعية والاحتلال، ومنه إزالة القواعد العسكرية الأمريكية في الوطن العربي، وتحرير كل الأراضي العربية المحتلة من سبتة ومليلة إلى الأحواز، 3) النهضة في مواجهة التخلف، ومنه مشروع التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وتحرير الإنسان من قيود الجهل والعوز والاستغلال والاضطهاد بكافة أشكاله.

بمعنى أخر، بما أن كل حماقات الواقع العربي المعاصر تتولد من رحم مثلث التجزئة والتبعية والتخلف، فإن البرنامج القادر على تغيير هذا الواقع ونسفه من الأساس لا بد أن يكون في النهاية برنامج عمل قومي، وهو برنامج قومي بتبنيه لمشروع وحدوي عربي، ومشروع تحرير عربي، ومشروع نهضة عربي، وهذه المشاريع هي ضرورات موضوعية تواجهنا بغض النظر عن قطرنا وانتمائنا السياسي أو العقائدي.

ولذلك يبقى هذا البرنامج برنامجاً قومياً من الناحية الموضوعية حتى لو تبنته قوىً غير قومية، ولو لم تسمه برنامجاً قومياً، فإنه يبقى برنامجاً قومياً في مضمونه لأنه يسعى لتحقيق وحدة وتحرير ونهضة للأمة. وسبق أن تبنى الحزب الشيوعي الفيتنامي مثلاً برنامجاً قومياً حينما جعل مشروعه الأساسي وحدة وتحرير وتنمية فيتنام، فكان بذلك يتبنى برنامجاً قومياً من الناحية الموضوعية.

من ناحية أخرى، يمكن أن نعتبر الفتح الإسلامي في مراحله الأولى برنامجاً لتحرير الأمة العربية من الفرس والروم، ولتوحيد الأمة العربية المبعثرة في دويلات ومحميات محتلة أو تابعة، وفي بناء الأساس المتين لدولة النهضة العربية، فكان بذلك برنامجاً قومياً عربياً من الناحية العملية.

باختصار، الأمة العربية تحتاج لبرنامج عمل قومي بالضرورة، ولو لم يقم عليه قوميون عرب. وتتضاعف أهمية هذا البرنامج عندما تواجه الأمة مشروعاً للتفكيك، فوق كل المشاكل المستعصية والأزمات المعقدة التي أنتجها النظام القطري.

الجمعة، تشرين الثاني ٠٢، ٢٠٠٧

رثاء في د. بشير الداعوق

بقلم رفيقه ناجي علوش

عندما نذكر الدكتور بشير الداعوق، فنحن نذكر مثقفاً كبيراً، واقتصادياً متنوراً، وقومياً أصيلاً. وقد عايشته فترة سنوات 1965 حتى 1985...

كانت العلاقة علاقة عمل. فهو صاحب دار الطليعة أو مالك معظم أسهمها. وقد عينني مديراً للتحرير في الدار (تحرير الكتب والمجلة "دراسات عربية").

كان الرجل قارئاً دءوباً، يقرأ المخطوطات، ويرد على الرسائل، ويقرأ بعض المقالات الواردة للمجلة، وكان يمول دار الطليعة ويديرها بلا مقابل، وكان يدخل أحياناً في مآزق مالية بسبب الدار والمجلة، كما كان يتحمل مسؤوليات سياسية بسببهما.

ومع ذلك، وبرغم ذلك، كان يتحمل، يعمل ويسهر ويقامر براحته، وراحة عائلته لتستمر الدار وتستمر المجلة.

وكان في الخلاف الذي حصل بين الرفاق في سورية والعراق، مع العراقيين والقيادة القومية في العراق، مع أنه كان تحت يد سورية، يعيش في بيروت، حياةً عادية.

كان قومياً أصيلاً تهمه قضايا الأمة، وثقافة الأمة، ولا يدَّخر جهداً من أجل قضايا القومية.

وكان رجلاً أميناً ومثقفاً واعياً متنوراً حريصاً على دوره، وعلى وجود دار الطليعة، حتى لو خسرت، ولم يكن يخشى المخاطر، أو يساوم على حريته وعروبته.

وها نحن نخسر بشيراً، نفقده كما نفقد الشهداء في فلسطين أو العراق.


فتحية للمثقف المناضل بشير الداعوق، صاحب القامة الثقافية الباسقة الذي يحترم العقل والمنطق، ويلتزم بالنضال القومي.

وتحية لبشير الذي أنتج ثقافياً أكثر مما أنتجت دولٌ، وضحى مالياً كما لم تضحِ أحزاب وحركات، وعمل للثقافة القومية كما يعمل القوميون والمؤمنون.

تحية لبشير الذي غادرنا، ولكنه ترك في أيدينا خزينة من كتب دار الطليعة، ومجلة دراسات عربية، وكم كنا بحاجة له أن يظل بيننا لأن القضية القومية في مأزق، ليواصل دوره الريادي، في ميدان الثقافة القومية.


ونحن إذ نحييه اليوم، فإنما نفعل مع أهله ورفاقه ومع كل المناضلين القوميين.

ونقدم العزاء لعائلته الصغيرة، زوجته الكاتبة المعروفة السيدة غادة السمان، وابنه حازم وأهله وأصدقائه، وزملائه في مركز دراسات الوحدة العربية الذي كان عضواً في مجلس أمنائه منذ إنشائه، وعضو في لجنته التنفيذية لدورات متعاقبة.

سلاماً ووداعاً أيها الصديق الصدوق، وأيها الأخ العزيز، وأيها المناضل الشجاع، ويا ابن العائلة الموسرة العامل من أجل الفقراء... ومن أجل الأمة كلها.

لقد فقدت بفقده أخاً عزيزاً وزميلاً موثوقاً وصديقاً صدوقاً...

لقد فقدت بشير الداعوق الذي زاملت سنين، وعملت معه سنين، وعشت معه ساعات الفجيعة خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وساعات الأمل، ولم أبخل عليه يوماً بجهدي أو وقتي أو معرفتي، لأن العلاقة بيننا كانت متينة الحلقات، وثيقة الوصلات.

ناجي علوش

عمان، 28/10/2007

ارتفاع أسعار النفط

من المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟
المقالات الإنجليزية والأخرى العربية


إبراهيم علوش

بعد هبوطها إلى ما دون خمسين دولارا للبرميل في بدايات شتاء عام 2007، شهدت أسعار النفط ارتفاعا قياسيا في نهاية صيف 2007 وصل في النصف الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول إلى ما يزيد عن تسعين دولارا للبرميل.

وكانت أسعار النفط قد شهدت صعودا مضطردا من أكثر من ثلاثين دولارا للبرميل في بداية عام 2004 إلى ذروة لامست سعر الثمانين دولارا للبرميل في أواسط عام 2006.

وقد عادت أسعار النفط للانخفاض تدريجيا بعدها، عبر مسارٍ لا يخلو من التقلبات والتذبذب، لتعود للارتفاع في بداية صيف 2007، ومن ثم للانخفاض قليلا لأقل من سبعين دولارا للبرميل في أواسط شهر أغسطس/آب 2007، لتنطلق كالصاروخ بعدها إلى مستويات قياسية في نهايات أكتوبر/تشرين الأول.

ومع تزايد سعر النفط، تأثر المستوى المعيشي للمواطنين سلبا في الدول غير المنتجة للنفط، خاصة في الدول النامية أو الفقيرة، وازدادت كلفة المواصلات والإنتاج الصناعي في الدول الصناعية، مما قلل هامش الربح للشركات غير النفطية، وحول جزءا غير يسير من عوائد النمو الاقتصادي العالمي للدول المنتجة للنفط.

وقد أدى هذا لزيادة القلق على استقرار الاقتصاد العالمي وقدرته على الاستمرار في النمو، إن خرجت الزيادة في أسعار النفط عن السيطرة، وفقد الاقتصاد العالمي قدرته على إنتاج الوظائف والدخل والأرباح فيما تتصاعد أرباح الشركات النفطية في الغرب بشكل خيالي.


من المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟

يذكر تقرير للجزيرة نت في 14/9/2007 بعنوان "من المستفيد من ارتفاع سعر النفط؟"، نقلا عن دراسة أكاديمية أميركية، أن الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لا يصلها إلا 13.38% في أحسن الحالات من السعر النهائي للبنزين في الدول المستوردة للنفط، "أما الباقي فهو ضرائب حكومية، ومكاسب تجنيها مصانع التكرير (في دول الغرب غالبا) وشركات النقل وتجار الجملة والتجزئة"، أي أن معظم الزيادة في سعر البنزين مثلا تذهب لغير الدول المنتجة للنفط!

وهذه المعلومة مهمة. ففي ظل التزايد المتصاعد لأسعار الطاقة، تتبادل الدول المنتجة والدول المستهلكة للنفط الاتهامات بشأن هوية المسؤول عن الارتفاع الحالي لأسعار النفط.

فدول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD)، وهي ثلة الدول الصناعية المتقدمة، الأكثر استهلاكا للنفط العالمي طبعا، ما برحت تصب جام غضبها على أوبك باعتبارها كارتلا. واحتكار قلة، كما يقال في علم الاقتصاد، يهيمن على السوق النفطي العالمي ويحبس الإنتاج لكي يرفع سعر برميل النفط.

ومن هنا جاءت مناقشة خطة في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين مرارا، آخرها في بداية صيف 2007، لمحاكمة دول منظمة أوبك بتهمة الاحتكار والتلاعب بالأسعار.

وتجد الكتاب ومراكز الدراسات والأبحاث في الدول الغربية يفسرون ارتفاع سعر النفط على المدى الطويل بالبنية الاحتكارية للسوق (أي بوجود أوبك)، ويفسرون تذبذبات المدى القصير بالعوامل العرضية الطبيعية أو السياسية، مثل الأعاصير التي تضرب السواحل في مناطق إنتاج النفط، أو ارتفاع درجة الحرارة نسبيا في شتاء عام 2007 مما قلل الطلب على النفط وبالتالي قلل من سعره، أو مثل التوتر مع إيران وفي أماكن مختلفة من العالم مما صنع توقعات حول إمكانية انقطاع إمدادات النفط وأدى بالتالي إلى ارتفاع سعره حاليا وفي العقود الآجلة.

والحقيقة أن دول أوبك تقف على 75% من احتياطي النفط العالمي المعروف، ولكنها تنتج فقط 40% من النفط العالمي، أي أنها تنتج أقل من طاقتها القصوى، وينتج الباقي دول نفطية غير أعضاء في أوبك مثل الولايات المتحدة نفسها وكندا والنرويج وبريطانيا والمكسيك والصين وروسيا وكزاخستان، مع العلم أن كلفة الإنتاج لديها أعلى منها لدى دول أوبك.
ولكن الولايات المتحدة، وقد كانت ثالث أكبر منتج للنفط العالمي عام 2004 مثلا، هي أكبر مستورد للنفط في العالم أيضا بسبب الكميات المهولة التي تستهلكها منه. فإنتاج النفط لا يعني بالضرورة تصديره.

المهم إن كانت دول أوبك ذات احتكار للباعة يسيطر على حوالي 40% من السوق، فإنها تقف في مواجهة احتكار آخر للمشترين هو منظمة دول التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD)، وعلى رأسها الولايات المتحدة، يبتاع أكثر بكثير من 40% من النفط العالمي.

كما أن سوق المنتجات النفطية داخل الولايات المتحدة نفسها تسيطر عليها خمس شركات نفطية عملاقة بزرت بقوة نتيجة الاندماجات بين شركات صغرى على خلفية تخفيف قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية في بداية التسعينيات.


المقالات الإنجليزية والأخرى العربية

على كل حال، من يقارن المقالات المتوفرة بالعربية والإنجليزية حول أسباب ارتفاع أسعار النفط يكتشف أنها تختلف في توجهاتها اختلاف الليل والنهار، فالمقالات الإنجليزية تركز على وجود أوبك، كما سبق الذكر، وتحرض ضدها علنا.

وتركز على نمو الطلب أكثر من العرض، مع تزايد الطلب العالمي على النفط بسبب النمو الاقتصادي، خاصة الطلب الصيني والهندي بسبب معدلات نموهما الاقتصادي المرتفعة جدا.

أما المقالات العربية، خاصة في الصحف ومواقع الإنترنت المملوكة سعوديا، فتؤكد ما تذهب إليه أوبك من أن السوق لا يعاني من نقص في النفط الخام، بل في النفط المكرر بسبب ضعف طاقة المصافي، إما لضعف الاستثمار فيها أو بسبب إعصار كاترينا الذي دمر المصافي على الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة عام 2005، مما أدى لنقص منتجات النفط النهائية لا النفط الخام نفسه، وهذه مشكلة الدول المستهلكة للنفط، لا المصدرة له.

ويسوق أحد الكتاب مثالا على هذه النقطة بالقول إن الإعصار "دين" ضرب المناطق المنتجة للنفط على سواحل المكسيك وعطل أربعة أخماس الطاقة الإنتاجية للمكسيك وقتها، فبقيت أسعار النفط تنخفض، لأن المصافي المكسيكية لم تتأثر، مما يثبت أن المشكلة ليست في عرض النفط الخام!

كما أن المواد العربية تركز أيضا على تدفق كميات هائلة من أموال صناديق التقاعد والبيوت الاستثمارية المعنية بالمضاربة بالعقود الآجلة على النفط، مما أدى إلى ارتفاع سعره ليس نتيجة زيادة الطلب الاستهلاكي على النفط، بل نتيجة زيادة المضاربة المالية بالعقود النفطية.
في شهر أغسطس/آب 2007 مثلا انخفضت أسعار النفط قليلا نتيجة هجرة بعض أموال المضاربة من السوق النفطية إلى أسواق الأسهم.

وتركز المقالات العربية أيضا على انخفاض قيمة الدولار، وبالتالي انخفاض قوته الشرائية، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر النفط لأنه مسعر بالدولار!

وبين أوبك وضعف الطاقة التكريرية وموجات المضاربة المالية القائمة على التوقعات والعوامل العرضية الطبيعية والسياسية وزيادة الطلب الصيني والهندي على النفط وانخفاض سعر الدولار، فإن الاتجاه العام لأسعار النفط هو التصاعد، حتى لو جاءت الموجة الأخيرة من تزايد أسعار النفط، كما تقول وسائل الإعلام، نتيجة عوامل عرضية أو عابرة تتصل بتوقع شتاء بارد أو بتأثير التوتر مع إيران في منطقة الخليج العربي، فرفعت السعر على المدى القصير أكثر من المتوقع.

وعلى أية حال، من المؤكد أن الشركات النفطية العملاقة والدول الإمبريالية لن ترتاح حتى يصبح كل حقل نفطي في الوطن العربي دولة "مستقلة" تسهل السيطرة عليها، خاصة بعد الضربات التي تلقتها في أميركا اللاتينية، كما في فنزويلا، وهو ما يفسر جزئيا مشروع تقسيم العراق كمقدمة لتقسيم البقية الباقية، كما يفسر قبل ذلك قانون نفط العراق الذي يعطي ثلاثة أرباع النفط العراقي مجانا لها.

وحتى يحين وقت التقسيم، لا بد من تدوير الجزء الأكبر من البترودولار العربي بصفقات السلاح الغربية. فهو عنصر قوة لا يجوز أن يظل بأيدي العرب. والتفكيك سوف يبدد المال والنفط والقوة.. وكل شيء

http://www.freearabvoice.org/short%20documentaries/ertfa3As3arAlpetrol.htm
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/46FFD7DD-C8B2-44B3-9A8A-422D597FF84F.htm


تعقيبا على مقالة: كيف نتصدى لمؤتمر أنابوليس؟


الأخ العزيز د. ابراهيم

تحية طيبة

في ختام تعليقي على المؤتمر الفلسطيني الذي كان من المقرر ان ينعقد في دمشق ، وذلك بتاريخ 22/10 أوردت الجملة التالية : وستكون لنا عودة لمناقشة ما سيتمخض عنه مؤتمر دمشق ( إن عقد ) .. وإن غداً لناظره قريب .. لاحظ عبارة ( إن عقد ) التي تعني الشك في عقده في موعده رغم أن عقده كان مقرراً وكانت الدعوات قد وزعت في حينه .. واضح أن حجم الضغوط التي تعرّض لها النظام السوري والاطراف المنظمة لهذا المؤتمر كبير بما يكفي للنكوص عن عقده ، لكنّ ما هو ليس واضحاً حتى الآن امكانية أن يتملـّص النظام السوري من المشاركة في مؤتمر أنابوليس سواء طرحت مسألة الجولان أو لم تطرح .. لذا ، فإن دعوتك له ولقوى المقاومة لعقد مؤتمر شعبي عربي ستجابه بالتجاهل من قبلهم لأن ذلك ليس في برنامجهم أساساً بوصفهم قوى قطرية في المحصّلة النهائية حتى وهم يتحدثون عن القضايا القومية .. إن مؤتمراً للقوى الشعبية العربية يتجاوز كل ما هو مطروح بات ضرورة ملحّة ولكن بعد تحديد ماهية هذه القوى وسقوفها السياسية ، علماً بأن موتمراً شعبياً كهذا سيواجه بضغوط وهجمات مكثفة أكبر بكثير مما واجهه مؤتمر دمشق العتيد الملغى ، لأنه لن يعني مجابهة منظمة التحرير فحسب بل مجابهة جميع الأنظمة العربية بدون استثناء بسبب الفجوة العميقة التي تفصل بين الموقفين الرسمي والشعبي العربيين ، إلى جانب مجابهة العدو الأمريكي - الصهيوني . وهناك فرق بين النوايا الحسنة وبين الواقع المرير !! لكن ، لا بدّ من المحاولة في مطلق الأحوال .. وتحية لك أيها المبادر دوماً

د. عماد ملحس

كيف نتصدى لمؤتمر أنابوليس؟


ملاحظة: كتبت هذه السطور قبل إعلان تأجيل المؤتمر الوطني الفلسطيني في دمشق من قبل منظميه. ويبدو أن ذلك جاء على خلفية ضغوط هائلة من قوى عربية ودولية ما كان يفترض أن تتجاوب معها سوريا في خضم هذه المواجهة. أما وقد تم تأجيل المؤتمر الوطني الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، فإن أهمية تبني سوريا وقوى المقاومة العربية كلها مؤتمراً شعبياً عربياً لمواجهة مؤتمر أنابولس وكل المؤامرات التي تواجهها أمتنا أصبحت أكبر بما لا يقاس، خاصةً وأن المؤتمر الشعبي العربي لا يمكن أن يتهم بمصادرة تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية - بالرغم من تهافت هذه الحجة. وعليه نقدم الاقتراح أدناه
- أخوكم إبراهيم علوش



كيف نتصدى لمؤتمر أنابوليس؟

لا بد من رعايةِ سورية وقوى المقاومة كلها لمؤتمر شعبيّ عربيّ موازٍ


د. إبراهيم علوش

يشكل مؤتمر أنابوليس التتمة الطبيعية لمشروع إعادة إحياء مبادرة السلام العربية الذي جاء أدنى سقفاً من المبادرة العربية نفسها من خلال إلحاقه بـ«آلية تنفيذ» تقوم على إقامة أوسع الاتصالات مع «حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعاً لقبول المبادرة العربية». وقد فتح هذا عملياً أوسع أبواب التطبيع مع العدو الصهيوني بدون تقديم «إسرائيل» لأية تنازلات، وصار كل لقاء وتطبيع يتم تحت غطاء تسويق المبادرة العربية!!

وانسجم هذا التوجه الرسمي العربي الجديد مع إصرار تسيبي ليفني، رداً على المبادرة العربية بأن يكون التطبيع مجانياً ومسبقاً، وانسجم مع سعي الإدارة الأمريكية لإقامة حلف «معتدلين عرب» مع الكيان الصهيوني في مواجهة حلف سوريا وإيران وحماس وحزب الله.

وتوالت اللقاءات وتعززت علاقات الطرف الأمريكي-الصهيوني بالسلطة الفلسطينية وبالنظام الأردني بالأخص، ثم مع النظام المصري ثم السعودي بدرجة أقل قليلاً ثم كثيراً، بمقدار ما ازداد الحصار الميداني لغزة والحصار السياسي لسوريا وللسودان، أي بمقدار ما تقدم المشروع السياسي الأمريكي-الصهيوني على الأرض.

ويتفق معظم الذين حللوا مؤتمر أنابوليس بأنه جاء ليخدم أهدافا داخلية خاصة ببوش في الولايات المتحدة وأولمرت في الكيان الصهيوني، وأنه بالإضافة إلى ذلك إعادة تفعيل لورقة «العملية السلمية» والعناية بالقضية الفلسطينية كمحاولة لاستعادة بعض من مصداقية الإدارة الأمريكية في الشارع العربي بسبب كل ما تفعله وفعلته في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وبالأخص في العراق ولبنان وفلسطين والسودان.

ولكن من الناحية الجغرافية السياسية، فإن المؤتمر جاء لإعلان حلف لمحاصرة سورية وغزة والمقاومة العراقية واللبنانية بالأخص، وهو يشكل التتمة المنطقية لمشروع تقسيم العراق وإثارة الحروب الأهلية فيه، وعمليات الاغتيال المحسوبة في لبنان لتصعد من الاحتقان الطائفي. وهو من الناحية الرسمية التتمة السياسية للمحكمة الدولية التي تستهدف القيادة السورية والمقاومة اللبنانية.

فالمؤتمر ليس منقطع الجذور بل هو جزء من تاريخ معاصر، ومن مشروع أمريكي-صهيوني راهن، وأهدافه تتجاوز فلسطين إلى عموم الإقليم. والمقاومة العراقية بالذات هي الغائب الحاضر في المؤتمر بما تمثله من إعاقة حقيقية للمشروع المعادي في الإقليم ومن حماية لسوريا ولبنان وغيرهما.

فلسطينياً؛ تجاوزت حماس الخطوط الحمر الأمريكية-الصهيونية عندما هشمت الأدوات الأمنية-الصهيونية في غزة، في سعيها لحماية نفسها من خطة دايتون، وعندما شطبت شرعية سلطة عميلة لا تختلف قط عن سلطة لحد في جنوب لبنان أو عن الحكومة العراقية في ظل الاحتلال. وعلى قيادة حماس أن تفهم جيداً أن ما قامت به من حسم ضروري ومتأخر تجاه المتعاونين أمنياً وسياسياً مع العدو الصهيوني في الضفة وغزة، ليس مجرد خلاف عابر أو سوء فهم يمكن حله ودياً، بل هو يطرح عند الطرف الأمريكي-الصهيوني ضرورة تفكيك كتائب القسام عسكرياً وتفكيك حماس سياسياً بالموافقة على شروط الرباعية مما يفقدها رصيدها، حتى لو تراجعت عما فعلته في غزة مثلاً، لكي لا تتمكن من شل المشروع المعادي في فلسطين من جديد في المستقبل.

وحتى الآن، جاء الرد على مؤتمر أنابوليس أساساً من خلال المؤتمر الوطني الفلسطيني المفترض عقده في دمشق في 7/11/.2007 وقد جاء سقف هذا المؤتمر ولغته مميعين إلى أقصى حدود مما يوحي بأن القوى والشخصيات القائمة عليه لا تدرك مدى خطورة الموقف والمؤامرة عليها وعلى كل نهج المقاومة في الساحة العربية برمتها.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المؤتمر الوطني الفلسطيني، حتى لو لم يكن مميعاً أو منخفض السقف، فإنه يتجاوز أهم مسألة في مؤتمر أنابوليس وهي أن أهدافه إقليمية لا فلسطينية. فليس مطروحاً إعطاء شيء للفلسطينيين أصلاً، والمستهدف هو الأمة العربية ونهج المقاومة من العراق إلى الصومال. ولذلك، فإن الرد الطبيعي على مؤتمر أنابوليس يفترض أن يكون مؤتمراً شعبياً عربياً ترعاه سورية وقوى المقاومة العراقية والفلسطينية واللبنانية، نجند أنفسنا جميعاً لإنجاحه.

وليست أهداف مؤتمر أنابوليس إقليمية فحسب، بل تشارك الأنظمة العربية فيه بفاعلية، حتى لو لم نعرف بعد هوية كل الأنظمة المشاركة فيه، أما السلطة الفلسطينية فليست أكثر من ورقة تين متعفنة سياسياً. ولذلك، من الطبيعي أن يكون الرد على مؤتمر أنابوليس من كل شرفاء الأمة وقواها الحية، وليس فقط من الفلسطينيين، ومن المفترض أن تتداعى (وتدعى) كل الشخصيات الوطنية والقومية والإسلامية العربية لمواجهة هذه المؤامرة، وأن يتحمل الجميع مسؤوليته على هذا الصعيد، لأن المؤامرة على الجميع، وليس على الفلسطينيين وحدهم.


- نشرت في صحيفة السبيل الأردبيّة و في موقع الصوت العربيّ الحرّ

الأربعاء، تشرين الأول ٣١، ٢٠٠٧

كركوك في إحصاء 1957 كان ثلثها فقط من الأكراد


د. إبراهيم علوش

الوثائق القديمة أكثر من مخزن للذاكرة الجمعية للأمم والشعوب. فهي معلم أثري وقيمة جمالية لمن يقدرون الكتب والوثائق. وهي مصدرٌ لا غنى عنه للباحث والمؤرخ ولمن يدرسون الحدث المنصرم وأشخاصاً مضوا أو دولاً بائدة. وهي أنواع: بعضها مألوف ومعروف مثل كتب التراث العربي العريقة التي وضع كثيرٌ منها في بغداد والبصرة. وبعضها طواه الزمن أو أغرقه المغول والتتر في دجلة والفرات. وبعضها قديم قدم اختراع الحرف مثل ملحمة جلجامش. وبعضها سرق من متحف بغداد مع مجيء المغول الجدد. وبعضها أقرب إلينا بالزمن. تذكره ألسنٌ كثيرة ولم يسبق لأصحابها أن أمسكتها أيديهم مثل "المجموعة الإحصائية لتسجيل عام 1957" للعراق.

والمجلد الإحصائي المذكور الصادر عن وزارة الداخلية لجمهورية العراق في بداية الستينيات بات وثيقة من الوثائق التي تعتمد عليها إدعاءات معاصرة كثيرة. أهمها إدعاء البعض أن مدينة كركوك مثلاً كانت تسكنها أغلبية من الأكراد في ذلك العام. وهو ما يستخدم ذريعة لضم كركوك لإقليم كردستان العراق. لتصبح عاصمة له. بكل ما تحتويه من نفط وموارد. بعد إجراء استفتاء حسب المادة 140 من الدستور العراقي في ظل الاحتلال الموضوع من قبل اليهودي نوح فلدمان.

للوثائق أهمية معاصرة في الكثير من الحالات. وفي مثل حالة إحصاء.1957 فإن للوثائق أهمية سياسية حاسمة خاصة بالنسبة لمدينة عربية أصيلة مثل كركوك. فالوثائق ليست آثاراً فحسب. وليست حكراً على هواة جمع الكتب القديمة. بل هي جزءٌ من واقعنا الراهن. كما الماضي جزءٌ من الحاضر.

ولذلك قام أخي محمد أبو نصر الذي يعد تقرير المقاومة العراقية بالإنجليزية يومياً منذ سنوات ببذل جهود مضنية للحصول على نسخة أصيلة من إحصاء 1957 للعراق وتجدون صورة الغلاف مرفقة. كما تجدون مرفقاً تصوير الصفحة 243 من المجلد الإحصائي. وهي تتضمن الجدول الخاص بالتوزيع الديموغرافي لمدينة ولواء كركوك عام.1957 وقد قمت بنقل الجداول أدناه وبحساب النسب المئوية لسكان مدينة ولواء كركوك حسب ذلك المسح السكاني بناء على الانتماء العرقي. ووجدت بناءً عليه أن كل المزاعم المنشورة والمكررة عن أغلبية كردية في مدينة كركوك عام 1957 لا أساس لها من الصحة. وأن نسبة الأكراد من مجموع السكان في مدينة كركوك عام 1957 كانت الثلث فقط. والثلث ليس أغلبية وأن تلك النسبة لم تكن حتى أغلبية نسبية!

ونرى من الجدول أدناه أن مجموع سكان مدينة كركوك عام 1957 كان حوالي مئة وعشرين ألف نسمة. منهم أربعون ألف شخصاً قالوا ان لغتهم الأم هي اللغة الكردية. وهذه النسبة تمثل الثلث. ونجد بالمقابل أن حوالي خمساً وأربعين ألفاً قالوا أن لغتهم الأم هي التركية. أي حوالي 37 أو ثماني وثلاثين بالمئة من المجموع. وهذه أغلبية نسبية. ولكنها لا تعني على الإطلاق أن كركوك تركية وليست عربية مثلاً. ناهيك عن كونها كردية!

أما إذا أخذنا لواء كركوك ككل. أي في المدينة والريف. فإن نسبة الأكراد من المجموع كانت أقل من النصف. وكانت الأغلبية للعرب والتركمان. فحتى لو أخذنا بمنطق الأغلبية النسبية هنا. تبقى كركوك المدينة غير كردية. مع العلم ان طريقة تقسيم كركوك اللواء إدارياً كانت تضم قرىً كردية إلى الشمال من كركوك وقتها. ولم يمكننا التأكد بالضبط. محمد أبو نصر وأنا. كيف اختلفت طريقة تقسيم اللواء بين عامي 1957 و.2007


الجدول الإحصائي للتوزيع العرقي لسكان كركوك المدينة وكركوك اللواء عام 1957:



على كل حال، الإحصاءات ليست كل شيء والأهم منها هو التاريخ. فاليهود لهم أغلبية مطلقة في فلسطين اليوم. مع الفارق بين اليهود الغزاة وإخواننا الأكراد طبعاً. ولا يعني ذلك أبداً أن فلسطين يهودية.

والتاريخ يدل بأن منطقتي كركوك والسليمانية بالتحديد كانتا تاريخياً منطقتين عربيتين أصيلتين يسكنهما العرب. ولكن الأكراد دخلوهما تدريجياً. بترحيب من العرب. واستقروا فيهما. هرباً من الاضطهاد الذي كانوا يعانونه في تركيا وإيران. فأكراد شمال العراق أغلبهم أتى من تركيا وإيران، وآباؤهم وأجدادهم حديثو العهد بالعراق. ولكن عرب العراق. كغيرهم من العرب الذين لم تكن بينهم وبين الأكراد مشكلة يوماً. وما زالوا يعتزون بالناصر صلاح الدين الأيوبي وكل رموز الأخوة العربية-الكردية. تعاملوا مع الأكراد تاريخياً بكل أريحية فأصبحت مناطق شمال العراق مناطق تزاوج وتجاور ودي عبر العصور حتى جاءت زعامات كردية بدأت تتعاون مع اليهود ومع شاه إيران للتآمر على العراق وعلى مشروعه القومي من أجل تفكيك العراق وسورية وبقية الأمة العربية.

وكذلك الوجود التركي في شمال العراق جاء خلال القرون الوسطى بعدما تقهقر سلطان العرب وحكم الأتراك الخلافة. وكادت عروبة شمال العراق تتعرض للشطب. حتى جاءت موجات من الجزيرة العربية في القرن الخامس عشر لتعيد للمنطقة عروبتها الأصيلة. ولكن التواجد التركماني في شمال العراق بات في العصر الحديث مكوناً أصيلاً من مكونات العراق التي تغنيه وتميزه من دون أن تتناقض مع عروبته. فكل دول العالم. من الولايات المتحدة إلى الصين توجد فيها أقليات من دون أن يعني ذلك نكران هويتها القومية. أو نكران حقوق الأقليات ما دامت تعتبر نفسها جزءاً من نسيج الوطن لا عوناً للأجنبي عليه.

والحقيقة أن مزاعم انتماء كركوك لكردستان غير صحيحة إحصائياً أو تاريخياً. وما يتم الآن في كركوك وشمال العراق من تطهير عرقي للعرب والتركمان والأشوريين والكلدان جزء لا يتجزأ أيضاً من نسيج العراق سوف يزرع أحقاداً تاريخية لا يتحمل وزرها إلى بعض الزعامات الكردية المتعاونة مع الاحتلال.

العرب اليوم 29/10/2007