السبت، حزيران ٣٠، ٢٠٠٧

Our problem with "Israel" is "Israel", not Apartheid


Dear readers of the Arab Nationalist Weblog,

Below is a comment by AN member and moderator Dr. Ibrahim Alloush, on a discussion in the online group "USQuagmire".

- Arab Nationalist Weblog editorial committee,
The Arab Nationalist List (http://groups.yahoo.com/group/arab_nationalist/)

--------------------------


Just for the record I'd like to point out a few things regarding the ongoing discussion on Apartheid being (or not being) the core the Zionist regime.

Regarding the historical background, the Arab identity of Palestine emanates not from the Islamic conquest, but with the Canaanites who came into Palestine from the shores of the Arabian Peninsula around 2500 B.C., and who had sovereignty over the land until around 1000 B.C. Hence Palestine was called the Land of Canaanites, until the Philistines came from the island of Crete and intermarried with the Canaanites to melt peacefully into them leaving only the name behind: Palestine.

The ancient Hebrews were indeed part of the peoples of the region but they came into Palestine (the Land of the Canaanites) as invaders. During their presence in Palestine, the Canaanites continued to be there. After their (two) invader states were dismantled by the ancient Iraqis, the Canaanites continued to be there. Hence, the Hebrews experienced a transient presence in Palestine, whereas the presence of the Canaanites (ancient Arabs) in the land was continuous since ancient history.

In short, Palestine has always been Arab. Hebrews, just like the Romans or the Persians, have no independent claim to the land. They were transient invaders even then.

Present-day Jews, especially the AshkeNAZIS are not even genetically related to ancient Hebrews. As Arthur Koestler demonstrates in his The Thirteenth Tribe, the AshkeNAZIS are descendants of the Khazars from around the region of the Caspian Sea. These Khazari tribes are NOT even Semitic. They have a Turko-Finish origin.

As such, they are the true anti-semites being anti-Palestinian Arab and all.

But whether they are anti-semitic or not is really not that important. FOR THE ESSENCE OF THE ZIONIST REGIME IS NOT APARTHEID, BUT OCCUPATION. In other words, our goal as Palestinian Arabs is definitely NOT to achieve equality with the invaders. Anyone who tells you otherwise is just telling you what you want to hear and is merely tailoring our political message to appease Westerners.

The crux of the problem is the settler-invader SOCIETY (not just the apparatus of the Zionist state) called "Israel".

The invader came, so the invader must leave. It's as simple as that. The invader has no claim WHATSOEVER to Palestine either on historical or moral grounds. The only thing these invaders have is a 'religious' claim that Yahweh gave them the Land of the Canaanites. In fact, even in the Old Testament it is clear that the land doesn't belong to the Jew; only that Yahweh allegedly granted the Jews the Land of the Canaanites. So, the Jewish claim to Palestine is merely an article of religious faith, whereas the Arab claim to Palestine is historical, legal, moral, and everything else, on top of being an article of Islamic faith (if the matter of religious faith is to be accepted as grounds for claiming land!).

So, feel free to listen to those Palestinians and Arabs too eager to get accepted amongst Westerners. The truth of the matter is that the majority of Palestinians and Arabs have never ever reliquished their rightful claim to the land of Palestine on account of the land being Arab one-hundred percent, and exclusively.

We owe no explanations to invaders and their imperialist supporters who ask us to prove goodwill towards Jewish invaders of our land. It's the invaders who must show goodwill by leaving Arab Palestine.

After liberation, those foreigners interested in visiting or living in Palestine must apply for a visa just like in any sovereign state anywhere else. Their applications will be viewed on a case by case basis. The point is that Jews, as a group, have NO independent claim to Palestine, whether fully or partially.

In the meantime, Palestinians and Arabs have the right to resort to any means necessary to liberate their land from invaders.

The racism is merely a minor by-product of the occupation, and we're not interested in treating symptoms... The invasion, the settler-colonial entity, must itself be completely UPROOTED.

No apologies to anyone. And if you support Palestinian rights, that means you support the liberation of Palestine, not some roundabout liberal guilt trip which is foisted on Palestinians to make their strategic goal "equality with the invader" for goodness sakes!

Later

Ibrahim Alloush

الجمعة، حزيران ٢٩، ٢٠٠٧

بيان المؤتمر الناصري العام بخصوص الوضع في فلسطين

بيان

أن شعبنا العربي وهو يرقب بكل مشاعر الأسى والغضب ما يجرى في فلسطين المحتلة، وإذ يدين هذا الانتهاك الخطير لحرمة الدم العربي، ليؤكد على قناعاته التاريخية الراسخة بأنه لا سبيل لحل الأزمة الراهنة على الساحة الفلسطينية سوى بتبني خيار المقاومة بوصفة الخيار الأوحد لاستعادة وتحرير كامل التراب الفلسطيني.

إن الذين روجوا لمقولات مبتذلة من قبيل التفاوض هو الحل لاستعادة الأرض وأن السلام هو خيار العرب الاستراتيجي، قد كشف عنهم الغطاء وافتضح عوار مسلكهم بعد ما وصلت صيغة غزة أريحا إلى نهايتها المحتومة، والتي حذر منها كل شرفاء الأمة العربية.

لقد نجحت هذه الصيغة في تسليط فريق من الفلسطينيين للتآمر على الكفاح المسلح وعمل هذا الفريق في حقيقة الأمر بصفته "وكيلا" عن الطرف الصهيوني مؤتمرًا بما تصدره الولايات المتحدة وحليفاتها الأطلسيات من أوامر وتعليمات، ومقابل ذلك أطلقت يد قيادات ما سمي "بالسلطة الفلسطينية" ليرتعوا بالفساد في الأموال التي رصدها المانحون الدوليون والعرب للشعب الفلسطيني.

لقد أوقعت هذه "السلطة" شعبنا الصامد في فلسطين بين فكي كماشة، طرفها الأول الاحتلال الصهيوني الذي يصادر الأراضي ويعتقل بل ويغتال المناضلين والمواطنين العزل بكل دم بارد، وطرفها الثاني "سلطة" يشارك بعض أطرافها ليس فقط في نهب الأموال وتوظيف الأقارب بل وفي تسريب المعلومات عن الفصائل الفلسطينية وأنشطتها للعدو الصهيوني.

إن أبلغ تعبير عن تقييم الشعب الفلسطيني لممارسات سلطة غزة – أريحا كان ذلك الانفضاض عن رموز هذه السلطة والتصويت ضدها في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ولا جدال في أن هذا السخط الشعبي ضد سلطة عرفات ومن بعده عباس قد أضاف المزيد من التأييد لفصائل المقاومة الأخرى وعلى رأسها حركة حماس ولاسيما في قطاع غزة.

ومن أسف أن هذا التحول الشعبي لم يوظف في دعم أعمال المقاومة ضد العدو لإرغامه على الانسحاب دون قيد أو شرط من غزة مثلما جرى سابقا في جنوب لبنان، وإنما أغرى حركة حماس بالدخول إلى خضم "العملية السلمية" التي ترفضها من حيث المبدأ.

لقد ارتكبت حماس بعد التصفية الوحشية للعديد من قيادات الصف الأول بها خطأ استراتيجيا بالمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي لبلد وهو مازال في قبضة المحتل يضيق عليه الطرق ويسد عليه السبل بالجدار العازل ويقتحم المسجد الأقصى ويمنع عن المواطنين إمدادات الغذاء والطاقة بكل أنواعها، وزاد في الطنبور نغمة، الانغماس في مستنقع غزة أريحا بتشكيل حماس "لحكومة" فلسطينية لم يكن أمامها بحكم الأمر الواقع سوى خيارين لا ثالث لهما، فإما الخضوع الكامل للإملاءات الأمريكية والشروط الصهيونية أو مواجهة خطط تجويع الشعب الفلسطيني وإبادة كوادر المقاومة، تلك الخطط التي شاركت في تنفيذها عناصر فلسطينية ودول عربية.

وأدت الأوضاع المتفجرة بين سلطة عباس وحركة حماس ليس فقط إلى إهدار الدم الفلسطيني في مواجهات كان حريًا أن يوجه فيها السلاح الفلسطيني لصدور الأعداء الصهاينة بدلا من صدور الأشقاء بل وإلى الإساءة لقضية الشعب الفلسطيني على الصعيد الإنساني، وزيادة على ذلك فإن انحراف شاذا يتكرس كل يوم ويكاد يطغى على مواصلة العمل الفلسطيني، فبعد أن كان الحديث ينصب على تحرير أجزاء من التراب الفلسطيني المحتل واستعادة حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، يتكرس كل يوم مسلك مهين ينحط بالقضية إلى مستوى البحث عن سبل إطعام الفلسطينيين وتوصيل المعونات الدولية لهم تحت شروط ليس من بعدها ذل أو إهانة.

لقد حول هؤلاء الغواة من الإقليميين قضية فلسطين، قضية العرب والمصير العربي إلى مستوى هو أدنى من وصفها بقضية لاجئين من فلسطين، لقد صارت على أيديهم قضية أناس يبحثون عن "إعاشة ومعونات" لا طلاب أرض وحقوق مغتصبة.

إن المؤتمر الناصري العام وهو يشاطر شعبنا العربي الإدانة الكاملة للاقتتال الفلسطيني ليهيب بكل فصائل المقاومة الفلسطينية التي تتمسك بخيار الكفاح المسلح أن تراجع كل خطواتها التي جرتها إلى مستنقع صيغة غزة أريحا.

ولكن ذلك لا يمنع المؤتمر من إدانة عملاء الكيان الصهيوني في سلطة غزة – أريحا، والذين رضوا على أنفسهم أن يكونوا أدوات لتنفيذ المشيئة الصهيونية والإرادة الأمريكية بتحريضهم العدو على المقاومين واستفزاز الفلسطينيين بمسلكهم المشين في التعاطي مع الأعداء ونهب الأموال العامة. إن جملة ما أصدره رأس "السلطة" أبى مازن من قرارات وإجراءات ليس سوى استجابة ساذجة وفاضحة للشروط الصهيونية والأمريكية . وما إسراع الأطراف الأوربية والأمريكية بالإعلان عن رفع الحظر على المعونات الموجهة للشعب الفلسطيني إلا توكيد من جانب آخر على هذه الحقائق.

إن القوى الحية في أمتنا العربية مطالبة بالبحث عن سبل لإيقاف نزيف الدم الفلسطيني والحيلولة دون تعميق الخلافات بين فصائل المقاومة الفلسطينية وردع كل محاولة لتدخل أمريكي بغطاء دولي في قطاع غزة على غرار ما جرى في العراق. إننا أيضاً نوجه أحرار الأمة إلى الدور المشبوه الذي يقوم به النظام الرسمي العربي في ذيلية واضحة للكيان الصهيوني للإجهاز على ما تبقى من قضية فلسطين. لقد فضحت أحداث غزه انتهاءً بالنسخة الأخيرة من مؤامرة شرم الشيخ هذا الحلف الصهيوني مع النظام الرسمي العربي لتنفيذ مخطط التفكيك ومواجهة إرادة المقاومة العربية حيثما كانت .

المقاومة خيار الأمة

ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة

عاش كفاح أمتنا العربية على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة



القاهرة في 23/6/2007

الأمانة العامة

المؤتمر الناصري العام

الخميس، حزيران ٢٨، ٢٠٠٧

عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ولو رغبت حماس

د. إبراهيم علوش

ازدواجية الموقف الرسمي العربي والأوروبي والأمريكي والصهيوني من ما يسمى "حكومة إنفاذ الطوارئ" في رام الله، من جهة، ومن "حكومة الوحدة الوطنية" الحمساوية في غزة من جهة أخرى، يفترض أن يلخص بحد ذاته كل الموقف السياسي في الساحة الفلسطينية اليوم.

فقرار رفع الحصار السياسي والمالي عن حكومة سلام فياض بعد سيطرة حماس على غزة يدين تلك الحكومة وكل سلطة أوسلو لأنه يعني ببساطة، فيما يعنيه، أن تلك الحكومة مرضيٌ عنها صهيونياً وأمريكياً - وهو الرضا الذي لا يأتي إلا بمقابل معلوم – وهذا يكفي بحد ذاته كإدانة لتلك الحكومة عند الذين ما برحت بوصلتهم واضحة الاتجاه، إسلاميين كانوا أم غير إسلاميين.

وبالمقابل، يشرف حماس ولا يعيبها أن يأتي تشديد الحصار الرسمي العربي والدولي عليها بعد حسم كتائب القسام المعركة في غزة وتحول حماس عملياً للقطيعة مع الامتداد الأمريكي-الصهيوني في الساحة الفلسطينية، وكان سيعيبها أكثر بكثير لو حضر إسماعيل هنية مع محمود عباس مثلاً لقاء القمة الرباعية في شرم الشيخ الذي يضم رئيس الوزراء الصهيوني أولمرت!

وقد كشفت الأدلة والوثائق التي حصلت عليها حماس من مقرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة، كما كشفت قبلها كل سلوكيات السياسية ومواقف تلك الأجهزة والقائمين عليها، أن ارتباط السلطة الفلسطينية بالطرف الأمريكي-الصهيوني كان عضوياً وحميماً ويتجاوز الساحة الفلسطينية نفسها.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن القطيعة مع القطاع جاءت بسبب تجاوز حماس للخطوط السياسية الحمراء التي رسمها الطرف الأمريكي-الصهيوني وأذنابه (شطب ما يسمى شرعية سلطة أوسلو غير المشروعة)، وبسبب تهشيم كتائب القسام لدمى أمنية متضخمة الحجم والصلاحيات أنفق الطرف الأمريكي-الصهيوني أعواماً ومئات ملايين الدولارات في تصنيعها وفرضها على الشعب العربي الفلسطيني، فإن حماس تكون قد اتخذت عملياً خطوات حميدة ولكن يصعب التراجع عنها تجعل رفع الحصار عنها أمراً عسيراً إلا بأن تنقلب على نفسها، تماماً كما فعلت حركة فتح من قبلها.

فالمطلوب من حماس إذن لم يعد فقط إعادة كتائب القسام مقرات السلطة والأجهزة الأمنية في غزة لأذناب الطرف الأمريكي-الصهيوني، ولا بانسياق حماس تدريجياً باتجاه تنازلات سياسية جوهرية كما حدث في "وثيقة الأسرى" و"اتفاق مكة" والإعلان عن "هدنة طويلة الأمد" و"اعتراف واقعي بإسرائيل"، بل بأن تقبل حماس بأن تحل نفسها عملياً وأن تسلم رأسها بطواعية لأعدائها.

وبالتالي، حتى لو افترضنا جدلاً بأن حماس أقدمت على الحسم الميداني مع التيار الليكودي في الساحة الفلسطينية بداعي التنافس على الحصص والمكاسب ضمن إطار السلطة نفسها، فإن الخطوات العملية التي اتخذتها في غزة لا تمحوها إعادة حماس عقارب الساعة إلى الوراء، ولو افترضنا جدلاً أنها قبلت بذلك... ولا بد من تأديب حماس جدياً على تجاوزها للخطوط الحمراء الأمريكية-الصهيونية بمثل هذه البساطة. ولن يقبل الطرف الأمريكي-الصهيوني أن تبقى كتائب القسام وحماس قادرة على تكرار ما قامت به، فلا بد من تدميرها تدميراً، ومن هنا التوجه لإعلانها "منظمة إرهابية" ورفض سلطة أوسلو أي حوار مع حماس.

فالقطيعة مع حماس، وفرض الحصار الصارم عليها، وفرض العقاب الجماعي على الشعب الفلسطيني في غزة، يؤذن هذه المرة بتغير قوانين اللعبة، ومن المفترض بقيادة حماس الآن، وكل القوى والشخصيات المقاومة، أن تعد العدة لحصار طويل ومعركة صعبة ومعقدة لن يخفف من وطأتها استعداد حماس لمحاورة محمود عباس أو التفاهم مع سلطة أوسلو.

باختصار، عقارب الساعة لن تعود للوراء حتى لو رغبت حماس، فالثبات الثبات!

- نشرت في موقع الصوت العربي الحرّ


الأربعاء، حزيران ٢٧، ٢٠٠٧

حتى لا يكون صراع ديَـكة ٍعلى مزبلة السلطة الوهمية

د.عماد لطفي ملحس

لطالما ناضلنا وكتبنا من اجل التخلص من الأدران الفاسدة ، والطفيليات الانتهازية ، والعناصر المدسوسة العميلة داخل صفوف المقاومة الفلسطينية بعامة وحركة فتح بخاصة . ولقد جاءت معركة غزة لتحقق شيئاً من ذلك ، بعملية قيصرية فيها الكثير من الألم ، ذلك ان الفساد المستشري في الجسم الفلسطيني منذ عقود ، والذي تضخم بصورة غير مسبوقة بوجود ما يسمى بالسلطة الفلسطينية ، لا يمكن استئصاله بالتفاهم واللين ، خاصة وأنه مرتبط بخط سياسي( مبدئي ! ) يقوم على اساس التسوية مع العدو الصهيوني على حساب الحقوق العربية الفلسطينية الثابتة في استعادة كامل التراب الوطني الفلسطيني من البحر الى النهر . معركة غزة جاءت متأخرة ثلاثين عاماً على الأقل عن موعدها ، وجاءت في ظروف بالغة التعقيد ، وفي ظل استشراس هجمات العدو الامريكي – الصهيوني في عموم المنطقة والعالم ، وتهاوي الانظمة العربية واستسلامها لإرادته . هذا لا يعني بالطبع عدم حدوث محاولات جادة خلال العقود الماضية لمقاومة خط التسوية التصفوية ولتنظيف الجسم الفلسطيني من هذه الشوائب والأدران ، وبخاصة داخل حركة فتح الفضفاضة التي كنّا نسمّيها – ونحن داخلها – بتنظيم ( الباص ! ) ، لغياب المؤسسية والمعايير التنظيمية في قبول الأعضاء ومتابعتهم ، ولكثرة ( الصاعدين والنازلين ، الداخلين والطالعين منها ! ) ، والتي أحالها عرفات ومن بعده عباس ورهطه الى" منظمة من الفاسدين والعملاء مخترقة من بعض الوطنيين !"
لقد شهدت الساحة الفلسطينية وحركة فتح بالذات محاولات عديدة لوأد خط التسوية التصفوي الذي قاده عرفات وكان محمود عباس أبرز مهندسيه ، ومرّت فترات من الصراع السياسي والتنظيمي داخل فتح كانت تشير إلى إمكانية إحداث التغيير المطلوب لإعادتها الى خط الكفاح المسلح وتخليصها من الانتهازيين والعملاء ، لكن موقف التنظيمات الفلسطينية المؤيدة للتسوية والداعمة لقيادة فتح ، وموقف المنظمات الفلسطينية التي كانت رافضة لهذا الخط ولكنها اتخذت موقفا انتهازيا وخاطئا بانضمامها الى منظمة التحرير الفلسطينية التي بدّلت ميثاقها الوطني بما ينسجم مع معطيات خط التسوية ، حال دون احداث هذا التغيير ، مما أدى إلى الانهيار الكبير الذي نشهده اليوم .
والآن ، وبعد أن حسمت " حماس " الوضع في غزة لمصلحتها ، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في المسار السياسي الذي اتخذته بانضمامها الى ما يسمى بالسلطة الفلسطينية ، فكان ذلك خطـــــأها – إن لم تكن خطيئتها – التي أعاقت من جديد امكانية إجراء التغيير المطلوب في الســــاحة الفلسطينية .. فبدلا من أن يكون الصراع صراع خطوط سياسية ، وصراعاً بين مقاومة العدو الأمريكي – الصهيوني وبين العملاء الذين يحولون دون استمرار هذه المقاومة ، أصبح الصـــــراع – في ظل التضليل السياسي والإعلامي الهائل الذي يفعل فعله دون شك في وعي عموم الجماهير العربية – صراعاً على ( السلطة ) وعلى الزعامة وعلى الكراسي .. وستزداد الأمور تعقيداً ما دامت قيادة " حماس " تزاحم على " الشرعية " ، وتعلن استعدادها للالتزام باتفاق القاهرة وللتهدئة مع العدو الصهيوني ( لعشر سنوات قادمة ! ) ، وللحوار مع خط التسوية والتصفية ، حتى لو استمرت بإطلاق صواريخ القسّام .
بتاريخ 30/10/2000 كتبت مقالاً في جريدة " المجد " الأردنية الأسبوعية بعنــــــــــوان: " تساؤلات مشروعة " ، جاء فيه : " ألم يحن الوقت بعد لإنهاء – التطبيع – مع القيادات المستسلمة تحت شعار المحافظة على الوحدة الوطنية ، ولكف يدها عن التلاعب بقضية الشعب والوطن التاريخية ، وعدم السماح لها مجدداً بالالتفاف على الانتفاضة المباركة وخنقها ، مثلما فعلت سابقاً عندما اجهضت المقاومة المسلحة ، وضربت انتفاضة الحجارة بعد سبع سنوات لمصلحة اتفاقات اوسلو المشؤومة ؟ وكيف نحول دون استثمار دماء الشهداء والجرحى وتضحيات الشعب والأمة للعودة من جديد إلى مأساة التفاوض مع العدو ؟ وهل تنوي بعض اطراف المعارضة العربية والفلسطينية بضمنها ، الاستمرار بمعارضة اسلوب التفاوض والمفاوضين بينما هي تقف على ذات الأرضية معهم ، أرضية التطبيق – الصحيح والعادل – لقرارات الشرعية الدولية الجائرة أصلاً ، أم أن الأحداث ستجذر من مواقفها ومواقعها لتدفعها باتجاه مغادرة ملعب التسوويين كليا ، بعد أن تأكد حتى للسذج والواهمين والمضللين ، السقوط المريع لقيادات التسوية ولخطهم السياسي ؟ وأخيراً ، إلى متى يظل نهج تزوير إرادة الجماهير وتضليلها سائدا ، ويبقى الانتهازيون وحثالات الشعب يسيطرون على مواقع القيادة والتحكم ، بينما المناضلون الحقيقيون بعيدون عن مواقع التأثير ، أو متهمون بالإرهاب ، أو مغيّبون في المنافي والسجون ، أو شهداء عند ربهم يرزقون ؟ " .
وبتاريخ 17/1/2005 كتبت مقالاً في جريدة " الغد " الأردنية اليومية بعنوان : " عبّاس واستحقاقات ما بعد الفوز " جاء فيه : " وماذا بعد ؟ مطلوب من عبّاس الآن وقبل أي حديث عن المفاوضات وفق المفهوم الأمريكي – الصهيوني لخارطة الطريق ، ووفق بنودها الفعلية أيضاً ، أن يشرع في وقف العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني ، وأن ينهي – فوضى السلاح – تمهيدا لإنهاء المقاومة ، كل اشكال المقاومة للعدو ، وحتى يكون شريكاً مقبولاً في عملية تصفية القضية الفلسطينية وانهائها ". وفي موقع آخر " اذن ، المفاوضات العتيدة التي اصبحت هدفا للسلطة الفلسطينية في ذاته ، بينما هي لا تعني شيئا للعدو الصهيوني ، لن تتحقق الا بعد ان يثبت عباس واتباع خط التسوية والتصفية كفاءتهم في ذبح أبناء شعبهم ومقاومته الباسلة ، وهذا ما سوف يعجزون عنه بكل تأكيد ، مع ما يحمله ذلك من مخاطر نشوب حرب أهلية سيكونون هم البادئون بإذكاء نيرانها ، وهو ما لا يتمناه أي فلسطيني أو عربي ، لأنه هو جوهر المخطط الأمريكي – الصهيوني، خاصة وان المفاوضات لن تحقق لا دولة فلسطينية ولا عودة للاجئين ولا سيادة على القدس ".
وبتاريخ 14/2/2005 كتبت مقالاً في جريدة " الغد " الأردنية اليومية بعنوان : " شرم الشيخ : شارون الرابح الوحيد " جاء فيه : " إن اعتراف فصائل المقاومة الفلسطينية بشرعية سلطة عباس رغم عدم اعترافها بشرعية اتفاقية اوسلو ، وباستعدادها للتعامل مع هذه السلطة ، ولخوض انتخابات ما يسمى ب – المجلس التشريعي – المنبثق عن الاتفاقية المذكورة ، سيجعلها في موقف حرج ، وربما يسهل من إدانتها ومهاجمتها مستقبلاً ، اذا ما استمرت في مقاومة الحلول التسووية ، وفي التصدي للعدو الصهيوني ومقاومته .. مما يستوجب من هذه الفصائل اعادة النظر في مواقفها وسياساتها وتكتيكاتها ، بما يضمن استمرار المقاومة ومنع تصفية القضية " .
وبعد حوار القوى الفلسطينية في القاهرة الذي تمخض عن ما سمي ب " إعلان القاهرة " ، كتبت بتاريخ 22/4/2007 مقالاً بعنوان : " ما بعد اعلان القاهرة الفلسطيني " ، جاء فيه: " أما الأطراف المعارضة ، وبخاصة – حماس – و – الجهاد الاسلامي – فاذا كانت قد وافقت على التهدئة بهدف اعادة ترتيب اوضاعها الداخلية وتجنب المزيد من الضربات ، وهو امر مشروع اذا جاء في سياق استمرار خط المقاومة ، إلا أن إعلان القاهرة يلزمها بالاعتراف بسلطة اوسلو والتعامل معها، وبالانخراط في مؤسساتها وأطرها ومنها المجلس التشريعي الذي قررت حماس خوض انتخاباته في تموز القادم ، كما يدعوها الى المشاركة في أطر منظمة التحرير الفلسطينية بناء على الميثاق المعدّل الذي أسقط كل الثوابت الوطنية " . ويستطرد المقال : " الواضح ان الأسس التي تحدّث عنها إعلان القاهرة لا تمسّ الميثاق المعدل لمنظمة التحرير ، بل تتعلق – بتفعيل وتطوير – المنظمة كما ورد في الإعلان ، وهذا يعني ضم المنظمات التي لم تلتحق بركب التسوية حتى الآن ، وتقاسم الحصص والمكاسب التنظيمية ، وضبط الفساد المستشري في الأجهزة والمؤسسات التابعة للسلطة والمنظمة ، وتطوير الأداء ، وربما الاتفاق على برنامج سياسي جديد ولكن من النقطة التي وصلت اليها التسوية مع العدو الصهيوني "...
وبتاريخ 25/12/2006 كتبت مقالاً ل " لائحة القومي العربي " بعنوان : " عن أية وحدة وطنية يتحدثون ؟ " ، جاء فيه : " ان فزاعة الحرب الأهلية التي يلجأ إليها عملاء العدو – وحلفاؤه- لتنفيذ مآربهم ومخططاتهم قولا وفعلا ، يجب أن لا تخيف القوى الوطنية ولا جماهير الأمة العربية ، ذلك ان الصراع بين خطي المقاومة والتسوية ، وبين الوطنيين واللاوطنيين قد وصل الى درجة غير مسبوقة من الوضوح والقوة ، بسبب الوقاحة منقطة النظير التي يفصح فيها المستقوون بالعدو عن ارتباطهم الوثيق بمخططاته وأهدافه في وطننا العربي ، وعن استعدادهم الكامل للتفريط بحرية الوطن واستقلاله وسيادته التامة ، رغم ما ينتاب العدو الأمريكي – الصهيوني من وهن وتراجع نتيجة المقاومة الباسلة في كل من العراق ولبنان وفلسطين . ولن يستقيم الوضع العربي برمته ما لم يتم تنظيفه من الحثالات الطفيلية التي تعتاش على ارتباطها بالعدو ، ومن الذين استسلموا لإرادته وربطوا مصيرهم بمصيره ، لأن ذلك جزء لا يتجزأ من الصراع مع جبهة أعداء الوطن والأمة " .
وبعد ، فعن أية شرعية يتحدثون ؟ الشرعية الدولية ممثلة بهيئة الامم المتحدة ومجلس أمنها ليس أكثر من كذبة كبرى وهي مرتهنة بالكامل لإرادة الامبريالية الامريكية ، وبرنامج منظمة التحرير الفلسطينية المنبثق من – النقاط العشر – التفريطية ليس شرعيا لأنه انقلب على الميثاق الوطني ميثاق تحرير كامل تراب فلسطين ، وقيادتها ومجلسها المركزي ليسا شرعيين لأنهما منبثقان عن هذا البرنامج علاوة على ان – مدة صلاحيتهما !- قد انتهت منذ زمن بعيد ، وكذلك الحال بالنسبة لفتح التي لم تعقد مؤتمرها منذ ما يقرب من تسعة عشر عاماً ( هكذا الديموقراطية والإ فلا ! ) ، اما السلطة الفلسطينية وليدة اتفاقية اوسلو فحاشا ان تمثل الشعب الفلسطيني ، فهي سلطة أزلام العـــــدو وموظفيه " وشركائه ! " . ألم تروا كيف انفتح النظام الرسمي العربي وما يسمى بالمجتمع الدولي الخاضع لهيمنة الولايات المتحدة وكذلك العدو الصهيوني على سلطة عباس بمجرد إعلانه عما سمي بحكومة الطواريء وعزل حماس وتخوينها ؟ الم تروا المساعدات العسكرية والمادية والأمنية التي انهالت على سلطة عباس وحثالاته بمجرد انتهاء معركة غزة ؟ ألم ترو هذا التوافق الشامل لما يسمى بالنظام العربي والمجتمع الدولي لدعم سلطة عباس ومحاصرة حماس ؟ أليس ذلك كله كافياً لإثبــــات لاشرعية ولا وطنية هذه الأطر التي لا تمثل الا نفسها ؟
اذا أرادت حماس وبقية قوى المقاومة بما في ذلك كتائب شهداء الأقصى أن تثبت جديتها في هذه المعركة المصيرية ، عليها اولا ان تغادر ساحة العملاء والتسوويين والفاسدين ، وأن تتخلص من حساباتها ومصالحها الضيقة ، وأن تلتحم مع جموع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ومع جماهير الأمة العربية والشعوب الإسلامية ، وأن تستمر بتوجيه نيرانها نحو العدو الصهيوني ، وأن تقف على أرضية وطنية وقومية خالصة لا مكان فيها لأية نزعات أخرى .. ويكفي الشعب الفلسطيني ما قدّمه من تضحيات مجانية هائلة كان يفترض ان توجه وتقاد باتجاه العدو الرئيس وعملائه.

منطق التطبيع، وحقائق التاريخ

سوسن البرغوتي

في مرحلة توثيق سقوط بعض الرموز العرب في مجال الثقافة والسياسة، تبرز شبهات المسعى إلى التطبيع مع العدو، وفي الطريق إلى ذلك نسمع في كل يوم عن شعارات ومفردات لا تحمل غير تفسير واحد هو شعار مشبوه تحت مسمى الانفتاح الثقافي والسياسي والاجتماعي على الآخر دون أدنى اعتبار للقراءات التاريخية الثابتة والساطعة التي تضع ذلك الآخر في موقع العدو بامتياز، مبررات ليس من ورائها غير الانسلاخ عن الخط الوطني الواضح.
نجد كثيرون يؤيدون سياسة وتصريحات وممارسات جنبلاط أو خدّام أو دحلان أو الجعفري، سواء بحسن أو بسوء نيّة، لكنهم جميعاً يستخدمون تبريراً واحداً تحت شعار المحافظة على وحدة كيان البلد، ويبرؤون المشبوهين المسؤولين ، لتفتيت وتقسيم الوطن، وإشاعة الفتن للعبث بأمنه الوطني والقومي.
بينما الالتفاف حول قضايا وطنية على طريقة فصل الأدب وموت المؤلف ليبقى النص دون ملامح بتحديد مسار جديد غايته الانقضاض على الذاكرة القومية، وإلغاء النص المقاوم، من منطلق إضافة ثقافة مغايرة إلى نتاجاتنا الفكرية.

إن هذه الحالة الهلامية التي تعيشها بعض الأقلام العربية التسووية، تشير إلى ضياع الثوابت والمبادئ في مرحلة جديدة لعصر انحطاط عربي جديد.
إذ كيف نستطيع أن نفصل بين مرحلتين.! نمتدح نتاجات سابقة، ثم نجبّ ما جاء فيها وما دعا إليها الشاعر محمود درويش من واقع ما طرأ على قصيدته، وخروجه عن خط المقاومة بالكلمة.!

عندما رفض ماركيز الجائزة العالمية "نوبل" الأدبية من أجل سلام العالم، وتكفيرا على اختراع نوبل المدمّر، لم يتناقض مع نصوصه، وأعلن أنه يرفض الجائزة كون "مناحيم بيغن" القاتل حصل عليها، وما دام هناك احتلال لفلسطين، فإن هذه الجوائز بتسلّط القطب الأقوى على مقدّراتها تحمل تشجيعاً لبيع الذمم والضمير الثقافي.

ثبات الأديب وعدم تناقضه مع فكره هو ما نحاول متابعته، لكن تحويل الهاجس إلى وظيفة خدمة العولمة في هذه المرحلة، يجعل المهرولين نحو التطبيع يسقطون بكشف أقنعة توظيف المحاباة السلطوية والكلمة إلى مصالح شخصية بحتة، وأنّى تميل بهم الريح يتهاوون في ذاكرة جماهيرهم.

دعا غاندي إلى الانفتاح على العالم بمقولته الشهيرة "أفتح نوافذي على ثقافات العالم بأكملها، على أن لا تنتزعني من جذوري"، وهذا لا يتناقض مع مبادئه ونضاله من أجل البشرية، لكن أن يدعو درويش إلى مصافحة العدو لنشرب فنجان مرارتهم ونذعن بالركوع تحت أقدامهم، فهذا يتناقض تماما مع الرغبة في همّة شامخة، وتصميم على المضي في طريق المقاومة حتى الشهادة..

تصادمت المبادئ مع الرغبة الملحة في الانجراف نحو تسوية مهينة، وبالتغاضي عن تاريخ قلمه وتضحيات شعبه في ترويجه لـ "أنسنة العدو"، وهجر مشروع الإنسان الفلسطيني وتحريره من ظلم وقع عليه وعلى بقعة جغرافية عربية، برفع شعاراته الجديدة، وهذا ما يدين نصوصه وأدبه برمته أكثر من دفاعه عن الإنسانية المغلفة بظواهر معطيات المرحلة والدعوة من طرف الضحية إلى التسامح مع الجلاد!.

تسويق الإصدارات الأدبية لا يعني مطلقاً ما ذهب إليه الشاعر العظيم من استباحة الحق المشروع وأنسنة القضية الفلسطينية، بينما جاري العمل على اقتطاع أشجار الزيتون، وقتل المدنيين في مدن فلسطين المحتلة وقراها وريفها ومخيماتها ما زالت سائدة على قدم وساق تجاهر بعداء جوهر الإنسانية. وانتهاك مستمر للمقدسات الإسلامية، وسرقة التراث الفلسطيني وضمّه إلى محافلهم الثقافية فإن الشاعر درويش غير معنيّ به!.

على القارئ العربي أن يرصد هذه السقطات في مستنقع التهاوي، وأن يتبنى قضية منطقية وهي أعظم وأدهى على مستقبل وطننا العربي والنيل منه، فالتجارة القلمية لا تقل خطورة عن كشف أقنعة الساسة المنتفعين.

بالعودة إلى نتاج الشاعر محمود درويش كونه مبدعاً ومتألقاً، وإن قدم في الجدارية تجربة شعرية في السرد النثري واختراق الغيبيات بفرشاة أسنان وحقيبة سفر إلى عالم آخر."ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟" وحسبه أنه ذكر في حالة حصار "قد متٌّ قبل الآن.". أحبّ الحياة غداً، متوجهاً إلى قاتله "لو تأملت وجه الضحية"، ليتناقض مرة أخرى ويُخيل له في هلوسات محمومة أن الجندي المدجج بالسلاح طفل يبكي أطلال بيته وسكنه، يحمل زنبقة بيضاء!.

"هل يُلدغ المؤمن الواعي من جحر مرتين؟!"، الأولى بتبني الفكر السلطوي، وأخيراً بإشهار استعطاف العدو بصك غفران عن التسجيل سابقاً بأنه عربي..؟

اختلط الأمر على شاعرنا وربما يعيش مرحلة فقدان توازن في عرض السلام كمطلب إنساني يقوم على مبدأ العدل لا البحث مجددا عن متاهة الفكر العربي المتطبع. غير التيه في إدراك الشرائع السماوية ووجوب الإيمان بها، وبين تصديق تحريف الدين اليهودي للتوراة.
وقع محمود درويش صريع ثقافة دينية هشة، فالصراع التاريخي لم يبدأ في التاريخ المعاصر، إنما منذ بداية التاريخ الإنساني والسبي البابلي الأول والثاني، والعصر التبعي لدولة الفرس من قبيلة المناذرة، إلى تعذيب السيد المسيح نبي التسامح والمحبة، إلى نقد عهودهم مع الرسول، ومن ثم وفي القرن الخامس عشر تحديداً ضم العهد الجديد إلى القديم لأطماع سياسية بحتة، وفي كل الأحوال فإنهم وأحبارهم يمثلون الشيطان على الأرض.

إن الردّة التي أصابت فكر درويش منسجمة تماما مع ردّة جنبلاط وخدّام خدَمة الصهيونية من العرب، كما أصابت ببلائها الشاعر مظفر النواب ليعلن انقلاباً جلياً في قناة الحرّة الفضائية، ويدعو إلى انتخابات عراقية في ظلّ الاحتلال. وفي الحالتين سقط الشاعران وبقيت نصوصهما شاهدة على انحرافهما في مسيرتهما الأدبية النضالية سابقة التألق. فالقدس عروس عروبتكم، وسجّل أنا عربي، ستبقى راسخة في ذاكرة الجيل المقاوم في وجه الهيمنة الاستعمارية، ويغادرنا الشاعران إلى وكر العصابات العربية المناهضة للمحبة وإشاعة سلام عادل أساسه احترام الآخر ورفض الذلّ والمهانة ولو كانت مقدّمة على طبق وشعار زائف اسمه "الإنسانية" على مذبح غسل المبادئ على الطريقة العولمية في أجواء ضبابية يرصده تسجيل حداثي لحماية حق المحتل بزرع الدمار وحصد الزنابق، وهو المعتدي والمغتصب.

إذا كانت سياسة بعضهم الدعوة إلى السلام والخروج من الضفة وغزة بناءً على إيمان حقيقي بضرورة التعايش السلمي، فليرحلوا إلى بلدانهم الأصلية، ولتعد فلسطين الكلّ لأهلها بتعدد مذاهبهم الدينية، فالدين ليس حكراً على هذا الكيان الاستيطاني، وما أقاموه تحت مسمى "دولة" هو كذب وافتراء لاهوتي ووهم متطرّف يقول كذباً بأن فلسطين أرض ميعادهم وتجمعهم.
فهل يحق للأمريكي المسلم مثلاً إنشاء دولة أمريكية في مكة على أساس الدين بغض النظر عن عروبة الوطن العربي..!؟ وهل المطلوب من مسيحيي الوطن العربي تأسيس دولة لهم في إيطاليا كونها مركز البابوية..!؟

لقد اختلط الحابل بالنابل والهدف منه إشعال فتيل التفرقة بين الأديان وهذا مسعى الحركة الصهيونية منذ البداية، لترسيخ فكرة دولتهم الصنيعة وشرعنة الاحتلال.
لقد انقلب الحسّون، وصار ينعق كالغراب في زمن جنون البقر والطيور والبشر...

الاثنين، حزيران ٢٥، ٢٠٠٧

فـي نقد الرموز المكرســـة

ألقرّاء الكرام،

في تعقيب على حوار أجراه جهاد فاضل مع الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، و ذلك لمجلّة العربي، كتب عضو لائحة القومي العربي السيّد عبد الستّار الكفيري المقال الآتي، يتبعه تعليق ادارة لائحة القومي العربي:
----------------

فـي نقد الرموز المكرســـة

عبد الستار الكفـيري

مؤخرا ، فتحت صحيفة الحياة اللندنية ملفا حول المتنبي ، الشاعر الإشكالي ، رصدت فيه ، جانبا من أراء وشهادات بعض الشعراء والنقاد العرب فيمن ملأ الدنيا وشغل الناس.تباينت بين من قال فيه قولا غليظا، باعتباره شاعرا "منافقا"، وممالئا لسلطة كافور الإخشيدي. وبين من اعتبره "حاملا للقيم والمثل العليا ". ويمكن القول أن الشهادات، جميعها، تراوحت في رؤيتها لتجربة المتنبي بين مستويين : المستوى الفني لمنجزه الشعري، و مستوى الممارسة التي اختطها المتنبي لنفسه.فعلى الرغم أن تلك الشهادات لم تكن مطوله ومسهبة في التحليل. يبقى من المهم الاعتراف بأهمية استدعاء رمز شعري هام في التاريخ العربي، ليكون مادة نقد لشعراء معاصرين.

لنسجل أولا، أيا تكن وجهات النظر التي قيلت أو يمكن أن تقال في شاعرنا الغائب-الحاضر ، أو غيره : أن وضع الرموز المكرسة – ثقافيا واجتماعيا وفكريا ونضاليا- على محك النقد ونزع صفة الطهارة المطلقة والقدسية الخالصة عنها يعد فضيلة بحد ذاته. فلا يكفي النظر إلى تجربة مبدع من منظار مستواه الفني وحسب ، بل لابد من دراسة تستوفي خلفياته ومحيطة الاجتماعي والتزامه من عدمه. فالمبدع إنسان، وهو ابن بيئة لها خصائصها وشروطها وتأثيراتها وقضاياها كذلك. وبالتالي فهو ليس في منأى عن الحكم والتقييم. إلا إذا تم اعتباره خارج دائرة النقد ، بشكل مسبق ، بوصفه كينونة مافوق-بشرية !!.

وفي ملف المتنبي ، يمكن الالتفات الى شهادتين لشاعرين هامين في الساحة الثقافية العربية وهما : الشاعر الفلسطيني سميح القاسم ، واليمني عبد العزيز المقالح. فالقاسم طبقا لشهادته يأخذ على المتنبي "مسلكيته السياسية" ، بمدحه "ملوك الفرس ثم الهجاء المرير قبل جفاف مداد المديح ، ومغازلة الإخشيدي والانقلاب عليه بلا رحمة أو تؤدة.." وهذا القول يأتي استكمالا لملاحظة أبداها القاسم في بداية شهادته وفي سياق امتعاضه من صيغة السؤال الموجه إليه (من الصحيفة طبعا) والتي تنسجم في المحصلة – كما يقول ورغم احتجاجه عليها- مع موقفه الذي عبر عنه في قصيدة "إعلان نوايا"، والتي ضمنها في شهادته تلك : "وأنا اسألُ ربِّي/ لا تقابلني إذا جئتُ بوجهٍ مستعارْ/ وبشعْرٍ مستعار/ وبشعر مستعارْ/ وأنا أرفضُ تهريجَ أخينا المتنبي/ ورياءَ المتنبي/ ونفاقَ المتنبي/ ولجوء الملك الضليل والوغد امرئ القيسِ/ إلى أقرب غرْبي/ نحنُ من نبعٍِ،/ ولكنّا افترقْنا .. من مصب .. لمصبِّ "...

إلا أن القاسم يستدرك بالقول "ولي أن أخشى الخلط بين الموقف السياسي والقضية الشعرية، فلا بدّ من التنبيه إلى أن «حداثة» المتنبي وامرئ القيس من قبله، تظل أرقى وأنقى وأبقى من كل التهريج الحداثوي السائد في ما يسمى بالحركة الشعرية العربية، والتي هي في رأيي غير المتواضع، ليست حركة وليست شعرية وليست عربية!"

أما في رأيي المتواضع فأن أكثر الشهادات موضوعية، في تلك التي قدمت ، فكانت للشاعر والناقد اليمني عبد العزيز المقالح ، فما يؤلمه حقا أن " تتم محاكمته- أي المتنبي- بأفكار عصرنا وبقيم هذا العصر ومفهوماته في الحرية والاعتزاز بالكلمة، كما يؤلمني دائماً- والقول للمقالح- الصمت عن المداحين المعاصرين، وهم كثر، وفيهم شعراء كبار ينثرون جواهر شعرهم – بعد أن يدنسوها بالمديح – تحت أقدام من هب ودب ولا يجدون من النقاد من يقول لهم إن الزمن قد تغير ولو رجع المتنبي الى عصرنا لما كتب بيتاً واحداً من الشعر في كبير أو صغير لأنه بإحساسه الوجداني والفني وبكبريائه العالي سيكون أول من يدرك أن الزمن اختلف وأن الارتزاق بالكلمة جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون ويتصدى لها النقاد. وربما لن يتردد في إدانة نفسه أكثر مما يحاول الآخرون أن يدينوه لا سيما على مدائحه الإشكالية في كافور وقصائده في ابن العميد وغيرهم ممن لم يقدموا خدمة تذكر للعروبة والإسلام."

ومهما قيل في المتنبي من هذين الشاعرين إلا أننا بلا شك أننا إزاء اسمين لشاعرين مكرسين عربيا, ولهما حضور قوي و نصيب وافر من إعجاب القراء وعشاق الشعر العرب على الأقل في فترة صعود نجميهما.

لكن يبقى التساؤل الملح : ماذا لو تجرءنا على نقد احد هذين الشاعرين أو كليهما , و" مسلكيتهما السياسية " تحديدا ؟! ماذا سيكون حال مشايعيهم ومريديهم من المثقفين والمعجبين العرب؟
لنأتي إلى القاسم , ومن باب "لا تنهى عن خلق وتأتي مثله", فعلى صعيد المسلكية السياسية وبعيدا عن منطق المزايدات ,يمكن القول أن القاسم سليل " راكاح " الحزب الشيوعي الصهيوني سابقا , ورفيق درب محمود درويش فيه, يطرح رؤية خاصة لمستقبل فلسطين التي ستغدو طبقا لرؤيته هذه : فلسطينان (= إسرائيل) !! ففي تقديره أنه " لن تنجح معادلة يقوم فيها طرف بإلغاء الآخر ومحوه. إنها حالة أنا شخصيًا أعارضها (والقول للقاسم). فلا أريد للعرب أن يسقطوا في تجربة إلقاء اليهود في البحر، حتى لو كانوا قادرين، ولا أريد لليهود، لأنني أممي إنساني، أن يسقطوا في وحشية إلقاء العرب في الصحراء أو إبادتهم. ومن باب احترام إنسانيتي، أرى صورة الوطن المشترك للجميع، لجميع مواطنيه. ولأنني عروبي وحدوي تقدمي، أريد لهذا الوطن الصغير أن يكون جزءًا من الوطن الكبير: وطن يعيش فيه العرب واليهود والبربر والأرمن والشركس. أنا سعيد بهذه التعددية في الوطن العربي، أرى فيها مصدرًا للثراء الإنساني والثقافي والحضاري والتربوي."( راجع حواره في مجلة العربي الكويتية,عدد أيار/2007)
في الواقع إن طرحا ذي حس مرهف كهذا , يسقط والى الأبد فكرة الحق التاريخي في المزابل, باعتبارها "ديماغوجية " ظلامية . وإلا فماذا يعني أن على" الضحية " أن يتعايش رغما عن جرحه مع " الجلاد" في "الوطن المشترك للجميع", ماهو شكل هذا الوطن المشترك للجميع ؟؟! لاشك أنه " الجنة التي وعد فيها المتقون"!!. ماذا يعني ترويج فكرة " الأنسنة " المبالغة في استخفافها وتحقيرها للذات الإنسانية العربية على هذا النحو من " الشعرية " التسووية المحلقة في الخيال ؟؟
إن القاسم يذهب إلى ماهو أبعد إذ يقول : "... إذا أخطأنا القراءة فسنصل إلى النتيجة التي يقولها المتطرفون الصهاينة: إما نحن وإما هم! وأنا بالفعل لا أريد هذه الصيغة. حتى ولو ملكت أسلحة التدمير الشامل، السلاح النووي، لن أقصف به تل أبيب، لن أفعل ذلك. اتهموني بالخيانة! هذا شأنكم. أنتم أحرار في ذلك. لكن أنا لا أريد أن أخون حضارتي. لا أريد أن أخون عروبتي. إذا كنت بذلك أخون الصيغ الانتهازية والكاذبة وطبول الكلام الاستهلاكي الحقير، والذي ينطبق عليه ما قلته في السابق وأكرره دائمًا. في الحياة العربية احتياطي الكذب أكبر من احتياطي النفط في الصحراء العربية. أنا أرفض الكذب وأحتقر الكذابين. وقلت مرة وأكررها: المحب لا يكذب على المحبوب. وأنا أحب أمتي وأحب وطني. لا أستطيع أن أكذب على أمتي وعلى وطني. أقول ما أحسّ به حقيقة. أنا أتمنى على الإسرائيليين أن يتخلصوا من غلاة المتطرفين الهمج القتلة العنصريين، الحشرات البشرية، التي تسيطر عليهم الآن، وأن يثوبوا - كما قلت في إحدى قصائدي: الشمس في كتابنا، فأي شيء غير هذا الليل في كتابكم، عودوا إلى ثوابنا، عودوا إلى صوابنا ".
..............

خلاصة القول , أن المبدع/الرمز إنسان أولا وأخيرا. وقد تحتمل ممارساته الصواب والخطأ و قد تحتمل أبعد من ذلك. اذ لا ينبغي التعامل معه باعتباره من أنصاف الآلهة , إليه يصعد الكلم الطيب. وإلا غدونا إزاء مرض لطالما عانى منه الكثيرون من أبناء جلدتنا ألا وهو : " مرض عبادة الأشخاص".


--------------

تعليق ادارة اللائحة:

ونضيف إلى ما جاء به الأخ العزيز عبد الستار الكفيري أن سميح القاسم له هجمات معروفة في التسعينات على مقاومي التطبيع، وأنه اسماهم أولاد كلب، وهجومه على إبي الطيب المتنبي يدخل عملياً في المشروع ما بعد حداثوي في الشعر العربي الذي يستهدف وجدان الأمة ووحدة ثقافتها باعتبار المتنبي أحد أهم الرموز الشعرية العربية إن لم يكن أهمها على الإطلاق، وإذا كان المتنبي يترزق من شعره، وكان مقياس إدانته هذا الأمر، فسوف نلقي بمعظم شعراء العرب في تاريخنا إلى القمامة، وقد ميز النقاد الأدبيون بوضوح ما بين النزعة العربية القومية والإسلامية التي كان يعبر عنها المتنبي في شعره في مرحلة سيف الدولة الحمداني من أعماق قلبه وعلى سجيته، وبين قصائده في كافور التي كان يغلب عليها التصنع والتي كانت تحتوي أحياناً ذماً في قالب المدح. وعلينا أن ننتبه جيداً من قصة نقد الرموز المكرسة خاصة عندما تخفي مشروعاً ثقافياً تفكيكياً يستهدف هوية الأمة، لا مشروعاً للانتقال بثقافة الأمة إلى الأعلى، والفرق دوماً هو الولاء والانتماء للأمة - المدراء

السبت، حزيران ٢٣، ٢٠٠٧

صحوة الانبار" حقيقة حركة"

معاوية موسى

شهد الوطن العراقي في الأونه الأخيرة ظاهرة مقيته وخبيثه تندرج ضمن برنامج محاولة انقاذ الاحتلال الامريكي من وحل المستنقع العراقي ألاوهي قيام حكومة نوري المالكي العميله بتسليح عشائر العرب السنه في محافظة الأنبار لمواجهة تنظيم القاعدة أوما بات يعرف بدولة العراق الاسلاميه بعد تنامي نفوذ وسطوة مجاهديها في هذه المحافظه ،فكان من هذا العميل الكبير ان زار محافظة الأنبار تحت حراسة أسياده الأمريكان والتقي هناك مع بعض شيوخ العشائر (الصغار) الذين أصبحوا يدعون تمثيل أهلها (والتشيخ) على عشائرها فأغدق هؤولاء العملاء الصغار بعد الاتفاق معهم على محاربة مجاهدي القاعده بالمال والسلاح متوجا هذا الاتفاق بتشكيل ما يعرف الآن بحركة" صحوة الأنبار".

في حقيقة الأمر هذه الحركة المسماه بالصحوة جاءت لتحارب المقاومه العراقيه بكل مكوناتها وفصائلها ولتصطف خلف طابور العملاء وجواسيس وسماسرة بيع العراق للمحتل والأجنبي فكان منها أن لاحقت المجاهدين ووشت بهم لقوات الأحتلال وقتلت وأسفكت الدماء، ولاحقت المقاومين من مكان لآخر وتسترت تحت غطاء أنها جاءت للدفاع عن أهالي الأنبار من البطش والقتل والظلم الأجتماعي الذي شهدوه من مقاتلي دولة العراق الاسلامية، لكن في الحقيقه لم تكن هذه نيتهم بل حاربوا كما أسلفنا جميع أبناء المقاومه ومن كل فصائلها وتنظيماتها.

ولو افترضنا أن أهل القاعده مارسوا الظلم والقتل ضد اهالي وعشائر الأنبار هل من المنطق أن نستعين با لمحتل من أجل رفع هذا الظلم عن أهله .

هذه الخيانه لا يمكن تبريرها وقد انطبق على أولائك القوم قول الشاعر العربي :

المستجير بعمرو عند حاجته كالمستجير من الرمضاء بالنار


ملحوظة: معاوية موسى هو من أعضاء لائحة القومي العربي

السلطة المطلقة ... مفسدة مطلقة.../ فاقد الشيء لا يعطيه


بقلم: محمد محمود البشتاوي
كاتب وصحفي.

كان الجدل مع التيار الفتحاوي في الساحة الفلسطينية يحتدم حول بعض المسارات التاريخية، لاسيما المحطة الخلافية والتي عرفت بـ "حرب المخيمات"، وأذكر أن "حكيم الثورة" جورج حبش حين سُئل عن رأيهِ فيما جرى، أعرضَ عن تقديم إجابة حاسمة، واكتفى بالقول "هذه صفحة سوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني، أخطأ فيها الكل، ويجب طيها".

ويبدو أن "طي الصفحة" لم يأتي بحلٍّ يذكر، حيث فتحت صفحات وفي مراحل مختلفة، والمناقشة الموضوعية للاقتتال الفلسطيني الداخلي، الذي لم يصل يوماً إلى مفهوم "الحرب الأهلية"، أن اليمين الفلسطيني – ممثلاً في فتح – يجنح دائماً إلى الاستيلاء على السلطة، وإقصاء باقي الأطراف، بدءً بمنظمة التحرير الفلسطينية – التي دفنت بمعول اتفاق أوسلو -، و"جمهورية الفكهاني" و"فتح لاند" في لبنان، مروراً بتشكيل "سلطة الحكم الذاتي الإداري" في الداخل الفلسطيني، حيث تم فيها إقصاء المعارضة عبر سلسلة اعتقالات واغتيالات، وممارسة أدوار مخابراتية تمثلت في السعي لشق صفوف المعارضة من خلال شراء بعض الأصوات بداخلها، للانسلاخ وتشكيل تنظيمات موازية لها في الميدان [حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين انسخ عن جسدها "حركة الجهاد الإسلامي لتحرير فلسطين" و"حركة الجهاد الإسلامي كتائب الأقصى"، والجبهة الديمقراطية انسلخ عنها ياسر عبد ربه لتشكيل "حركة فدا"، والشعبية كذلك الأمر – فاتني اسم المنسلخين-، والجبهة الشعبية - القيادة العامة انسلخ عنها -في غزة تحديداً - "الجبهة الشعبية القيادة العامة / لجنة الطوارئ"، و"الجبهة الشعبية – القيادة العامة العاملة"!].

والمشكلة أن المسألة تأصَّلت في النفس الفتحاوية، وبدت الأمور تأخذ مفهوماً خطيراً، أن العمالة تصبح أداة مبررة لتحقيق طموح السلطة، وهو ما تحقق في أكثر من فترة، نذكر أن اتفاق أوسلو والمحاولات التي سبقته لم تكن تحظى بتمثيل فلسطيني – باستثناء "فتح" بطبيعة الحال-، التي كانت تقول "بنضال التفاوض / نضال الطاولات المستديرة والسداسية"، والجلوس جنباً إلى جنب مع الوسيط الأمريكي "المحايد"، و"الخصم" الصهيوني – ربما كنا نلعب كرة قدم فكان خصماً لا عدواً"، وأخذنا نسمع لاحقاً دعوات تدعو للتعايش والتصافح بشجاعة (سلام الشجعان)، فأيُّ تخريصات هذه التي كانت تمطرُ مسامعنا؟، وكيفَ يكون خيار شعب – تعداده آنذاك قرابة 6 ملايين –، مرهوناً بقرار سيادة الرئيس؟!

والمشكلة الثانية أن المرحلة السابقة كانت تقوم باشتراطات واستحقاقات فلسطينية وعربية وعالمية تختلف عما هو سائد الآن؛ فكان الإعلام العربي الرسمي يدفع باتجاه تبييض صورة تيار التسوية السلمية في الساحة الفلسطينية، وكانت المنظمات الفلسطينية التي تشترك في "م.ت.ف" تتحدث بما يتلاءم ومخصصاتها المالية، قد تقول وبأعلى صوت "لا" ونصاب بالصمم!، لكن وفي أروقة التصويت داخل "م.ت.ف" تقول "نعم!"، وهو ما يفسر دور السيطرة المالية داخل المنظمة ودورها في شراء بعض الأصوات!

المشكلةُ أيضاً أن المعارضة الفلسطينية تيارات متناقضة، ليس في تحالفاتها (أو كما تريد "فتح" أن تقول "في عمالتها" لبعض الدول العربية والإسلامية والكتلة الاشتراكية سابقاً)، وإنما كونها معارضة لا تمتلك القرار، لأنه بات حكراً على فريق واحد، لا يسمح لها في الدخول بـ "اللعبة الديمقراطية"!

ولأن المحتكر للقرار السياسي الفلسطيني قد درج خلال نصف قرن من الزمان أن يكون الآمر الناهي، والمتحكم في قرار اللاجئين والمواطنين والمناضلين والفلاحين والمثقفين والبروليتاريا*، ولأنه صاحب "برنامج سياسي" – الذي تفتقده
المعارضة** -، ولأنه دخل في "اللعبة السياسية الأكبر" مع الدول العظمى، بات من الصعبِ عليه أن يتراجع ويأخذ رقم 2، لأنه كرر وبقي يكرر "أنا الرقم واحد .. الرقم الصعب"!.

المحنة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في الداخل – غزة تحديداً - تتمثل في وجود تيار يسعى إلى إعادة المعادلة إلى سابقِ عهدها، ولكن أنى يكون ذلك ونحن في زمن الإعلام المفتوح، زمن تعدد الآراء، ففيما مضى كنا نسمعُ صوتاً واحداً يقول: "المعارضة الفلسطينية عملية لسوريا، لإيران، لليبيا***!"، وأنها لا تحملُ مشروعاً وطنياً!

ونستطيع القول أن بعض قيادات "فتح" وجدت في الأحداث الحالية منفذاً لها للخروج من الأزمة الداخلية التي تعصف بها بعد رحيل مؤسسها، حيث تحولت إلى مليشيات تسيطر عليها رموز متناحرة، رموز عارية من أي غطاء أمام الشعب الفلسطيني، فكان التحول في المجرى السياسي الفلسطيني – على المستوى الانتخابي – صعقة دفعت "الرموز المتناحرة" للتوحد ضد "العدو الأكبر"، وهو العدو الذي "استلب" منهم السلطة، و"خطف" أضواء كاميرات الإعلام****، و"وضع اليد" على مقدرات "الثورة" – صدقات الدول المانحة!

في الختام؛
أعتقد أن المعادلة لن تعود كما كانت، ولا نريد لهيمنة القرار الواحد أن تعودَ مجدداً لانتعال هذا الشعب عبر المحافل الدولية والمساومة على حقوقهِ، وبناء الاستثمارات المشبوهة كأبراج دبي وكزنو أريحا..، ويجب فلسطينياً أن يتم حل معضلة العقلية المتحجرة التي تريد الهيمنة على السلطة أيًّا كانت هذه السلطة، فلا نزال نفتقد الأرض، و"فاقد الشيء لا يعطيه".
____________
هوامش:
* كونه تيار يحتوي على الفلسطيني الإقليمي والإسلامي والشيوعي والقومي، فسبحان من وحدهم على كلمةِ رجلٍ واحد!.
** تمثلت مشكلة القضية الفلسطينية في طرح برنامج سياسي في بدايات الثورة التي انطلقت في عام 1965، وتحولت إلى ثورة مسلحة عام 1967، وفي عام 1973 – 74 بدأ طرح برنامج "النقاط العشر" (الحل المرحلي-التحرير بالتقسيط المريح)، وهو برنامج يخلو من المرتكزات الوطنية، حيث يجنح إلى السلم والتفاوض في وقت يعمد فيه العدو الصهيوني لاجتاح المدن والقرى والمخيمات، فأي برنامج هذا؟، برنامج تحرير جزء من الأراضي الفلسطينية واعتمادها كـ "دولة فلسطينية لحدود العام 1967م"!، وأي مؤسسات وطنية تلك التي سترعاها دولة في قلب دولة الاحتلال!.
*** أذكر أن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين نفذت عملية استشهادية ضد العدو الصهيوني فما كان من مسئول في حركة فتح إلا أن صرح للإعلام "الجهاد الإسلامي ليس فصيلاًَ فلسطينياً .. إنه إيراني"!، وكتبرير لتدمير فتح للمكتبة الإسلامية في غزة خرج مسؤول آخر وصرح أن المكتبة كان يتواجد بها 7 خبراء إيرانيين في هندسة التفجيرات!؛ فأي إستغباء واستغفال للرأي العام!.
**** كنت أصابُ بالغثيان لكثرة ما تستضيف الفضائيات العربية ياسر عبد ربه ودحلان والرجوب وقريع .. الخ، وكنتُ في تساؤل إن كان الشعب الفلسطيني عقيماً لم ينجب إلا هؤلاء "الميامين".
____________
ملاحظة: رغم ما يعتمل داخل فتح من فساد بات يطفو على السطح، إلا أن أيَّ مراقبٍ لا يستطيع أن ينفي وجود قيادات وكوادر مناضلة وشريفة تسعى لبناء مشروع تحرر مع باقي الفرقاء في الساحة الفلسطينية.

بيان من الوية الناصر صلاح الدين / الجناح العسكري


استشهاد المجاهد : سليمان خشان


{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }

ارتقاء الشهيد المجاهد / سليمان خشان .. أحد مجاهدي ألوية الناصر صلاح الدين , والعدو يعترف بإصابة أحد جنوده بجراح متوسطة بعد اشتباك عنيف مع مجاهدينا

يا جماهير شعبنا الفلسطيني المجاهد : عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعينك يا شهيدنا المجاهد / سليمان و عيون رفاقك التي باتت تحرس الوطن و ترسم للشعب الفلسطيني صورته البهية في أروع مواجهة مع الاحتلال هكذا يلتحم الدم بالدم ويتواصل العدو في جرائمه ضد أبناء شعبنا معلن حرباً ضروساً على كل فلسطيني ومسلم وموحدٍ بالله على هذه الأرض الطاهرة , ويصر مجاهدو ألويتنا المظفرة ليكونوا في طليعة من يجودون بأنفسهم وأرواحهم فداءاً لهذا الدين العظيم ودفاعاً عن الأرض التي باركها الله , وبهذا ترسم ألوية الناصر صلاح الدين ملامح المرحلة القادمة بدماء أبنائها .
فقد توغلت وحدات خاصة صهيونية في ساعة مبكرة من فجر اليوم الأربعاء - الخامس من جمادي الثانية 1428هـ الموافق 20/6/2007م إلى شرق بلدة القرارة التي تقع شمال شرق مدينة خان يونس وتمركزت في عدة مناطق واعتلت أسطح المنازل بمنطقة أبو سبت وأبو هداف ومحيط مدرسة المعري وقامت برصد رصدت مجموعة مرابطة لألوية الناصر صلاح الدين , وبادرت بإطلاق النار على مجموعة المرابطين ليرتقي على أثره

ألشهيد المجاهد / سليمان إبراهيم سليمان خشان
19 عاماً من بلدة القرارة شمال شرق مدينة خان يونس


ويصاب أحد المرابطين بإصابة طفيفة , وبعد أن اكتشف مجاهدونا المرابطون مجموعة أخرى للقوات الخاصة الصهيونية , فجروا عبوة ناسفة بأفراد تلك القوة ومن ثم اشتبكوا معها وجهاً لوجه ما أدى إلى إصابة أحد الجنود الصهاينة إصابة متوسطة حسب اعتراف العدو الصهيوني , وقد خاضت كل من ألوية الناصر وكتائب القسام وسرايا القدس إشتباكات عنيفة مع الجيش الصهيوني في مشهد يؤكد على وحدة الدم الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني, وأفاد شهود عيان أن طائرات الأباتشي الصهيوني نزلت في ملعب بالقرب من آل أبو سبت بالقرب من محور " كيسوفيم " ونقلت عدداً من المصابين الصهاينة بعد اشتباكات عنيفة مع رجال المقاومة الفلسطينية .

وإننا في ألوية الناصر صلاح الدين ونحن نزف المجاهدين الأبطال الذين قضوا دفاعاً في معركة الكرامة والتحدي بعد أن أثخنوا في العدو , لنعاهد الله العظيم ثم الشهداء أن نبقى الأوفياء لدمائهم وأن نبقى على دربهم وأن تبقى جذوة الجهاد والمقاومة مشتعلة على هذه الأرض المباركة .

الله أكبر والعزة لله ولرسوله والمؤمنين ..
الخزي والعار لمن استمرأ الذل والهزيمة

ألوية الناصر صلاح الدين
الجناح العسكري الجان المقاومة الشعبية

الأربعاء5 جمادي الثانية 1428هـ، الموافق20/6/2007م .

الأربعاء، حزيران ٢٠، ٢٠٠٧

اعلان تأسيس المدوّنة رسميّا


بعد أيّام من العمل التجريبي للمدوّنة قامت ادارة لائحة القومي العربي بالاعلان عن تأسيس المدوّنة التابعة لها، مدوّنة القومي العربي، و ذلك في اللائحة و في غيرها من المنابر. و اليكم نصّ الاعلان:


أعضاء لائحة القومي العربي الكرام،

أخيراً، يسرنا أن نزف إليكم خبر تأسيس مدونة القومي العربي التي ستضم نخبة من رسائلكم ونقاشاتكم المنشورة على اللائحة يومياً. وستكون المدونة امتداداً للائحة القومي العربي هدفها نشر خط اللائحة السياسي وأجندتها القومية الجذرية الصريحة التي نفتخر بها. وستتيح المدونة لغير أعضاء اللائحة المشتركين بها أن يطلعوا على أبرز ما ينشر في اللائحة وما يناقش فيها، وأن يعلقوا عليه مباشرة، أي أن هدف المدونة هو تعميم فائدة ما ينشر في اللائحة خارجها بشكل انتقائي طبعاً تحكمه جذرية الموقف القومي وجدية الطرح، وليس تساوي الآراء من حيث القيمة السياسية أو المعرفية، أي أن المدونة ستكون منحازة بوضوح للنهج القومي العربي المقاوم وستختار صفوة من الرسائل التي تصب بهذا الاتجاه. ويمكن أن تزوروا المدونة على الرابط التالي:

http://arab-nationalist.blogspot.com

وتعرف المدونة عن نفسها كما يلي:

مدوّنة القوميّ العربيّ هي امتداد للائحة القوميّ العربيّ. و اللائحة هي منتدى حواريّ قوميّ ملتزم، تقوم المدوّنة بنشر مقتطفات من نقاشاته و من مشاركات أعضائه، وذلك لتعريف الجمهور العامّ به. للاشتراك بلائحة القوميّ العربيّ الرجاء زيارة موقع الصوت العربيّ الحرّ

http://freearabvoice.org


عندما يصبح الاحتلال مطلبا وطنيّا

ما من اجتهاد وتحليل سياسي يستحق التوقف عنده فيما يخص الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني في غزه اكثر من ان يصبح الاحتلال مطلب وطني ، فاذا ما تجاوزنا وصف ما حدث في القطاع من احداث دامية واذا ما تجاوزنا أيضا من هوالمعتدى عليه ومن الذي بدأبا الاعتداء ومن هو الشرعي واللاشرعي وبين من هو الوطني ومن هو المرتبط بالامريكي لنتوقف قليلا عن هذا كله وهوان هناك من يقولون بأن ما يحدث في غزه لم يتمدد بعد بالقدر المطلوب في الضفه الغربيه لانها لاتزال محتله.

هكذا يتحول الاحتلال الى مطلب وطني وأخلاقي لانه يحول دون الاقتتال في الشوارع

أن هذا الاجتهاد لا يمكن أن يكون الا فصلا جديدا في تاريخ العمالة والانحطاط

لقد قيل عن العراق شيء كهذا ، عندما تسول البعض من الامريكيين ادامة الاحتلال والمكوث أطول مدة ممكنه في العراق حفاظا على الأمن!

في الحقيقه لا ندري بعد هذا كله من هو وما هو المحتل ؟
هل هو الارض والوطن أم العقل والذاكرة؟

ان الاستيطان ليس شرطا ان يكون دائما من حجر وأسمنت ودم وحديد ونار ،انه احيانا مفاهيم ورؤى ونظريات تولد من رحم الهزيمه ولاترى من المشهد الا ما يلامس الانف.

معاويه موسى

في الردود المطلوبة على هزيمة 67 المستمرة

(نذكّر القرّاء بأن المدوّنة و لائحة القومي العربي لا تتفقان بالضرورة مع كل ما ينشر فيهما)

د. عبد الإله بلقزيز

لم تؤرق الوعي العربي هزيمة كما أرقته هزيمة يونيو/حزيران ،1967 ولا هزت يقينياته وحوّلته إلى وعي شقي مثلما فعلت فيه هزيمة يونيو. فلقد مرت على العرب أحايين من الدهر نُكبوا فيها بسقوط ديارهم في قبضة جحافل غزاة لم ينقطعوا عن الزحف والنهب والتدمير، وبسقوط ممالك ودول تباهوا بسلطانها الكبير في العالم، وبانكسار جيوش جرارة كانت ترتعد لها فرائص الأمم، وبانهيار حضارة هي أعظم ما تركوه للعالم، وبتجزئة أوطانهم إلى دويلات وأشباه دويلات أكبرها أصغر من حي من أحياء القاهرة مكانا أو سكانا، لكنهم ما فُتنوا في وجودهم قدر ما فتنوا فيه وهم يتلقون نتائج نكبة يونيو 67 آثاراً وجراحاً غائرة في النفس. أتتهم “على حين غرّة” سريعة مفاجئة وعاصفة كأنها اللعنة قد نزلت بهم من حيث لم يحتسبوا ولم يتحسبوا.
بدت الهزيمة وكأنها أشبه ما تكون بنهاية العالم بالنسبة إلى جيل سياسي وثقافي، وإلى قسم عريض من المجتمع تراءت له أحلام النهضة تتكسر تحت جنازير الدبابات “الإسرائيلية”. بعضه كابر في البداية، ثم لم تلبث أن أعيته المكابرة فانتقل إلى ضفة من السياسة والفكر أخرى تباعد بينه وبين الموقع الذي كان فيه عبدالناصر وبرنامجه وجيشه وطبقته الاجتماعية، آملاً في أن يهتدي إلى طريقة أخرى للرد على الهزيمة بعيداً عن برنامج “إزالة آثار العدوان”: وتلك كانت حال يسار تسمى جديداً تمييزاً للنفس عن يسار آخر عُدَّ تقليدياً وأوثوذوكسياً أو ستالينياً، فيما بقي بعض ثان معتكفاً في محراب الفكرة السياسية نفسها (الناصرية أو القومية)، غير آبه بما قيل من أن الهزيمة هزيمة فكرة (قومية) وطبقة اجتماعية (الطبقة الوسطى) ونظام سياسي (الناصري )أو مَنْ على شاكلته ليستأنف إيمانه بما آمن به من دون أن يعدم التحلي ببعض حسٍ نقدي في قراءته ما جرى في تلك الأيام الستة النكباء من تاريخنا: وتلك حال تيار قومي خرج سريعاً من المكابرة إلى الاعتراف بالهزيمة، وبهول وفداحة ما خلفته من دون أن يفقد الأمل في إطلاق رد استرتيجي عليها.
ما كان اليأس مُطْبقاً أثناء ما كانت الهزيمة تفعل فعلها في النفوس وتتفاعل نتائجها في السياسات غِبَّ وقعتها وإلى السنوات الأولى من السبعينات.
كان في وسع اليسار - محمولاً في ركاب ظفراويته الإيديولوجية - أن يَعِدَ الناس بما هو أكثر من مجرد الرد على الهزيمة: ببناء مجتمع عربي مثالي على الأرض وبإخراج الصهيونية والامبريالية من ديارنا متأبطة علاقاتها الإنتاجية معها. وكان في وسعه أن يرى في العمل الفدائي الفلسطيني جنين الثورة العربية الشاملة والرافعة التي ستقوم عليها حركة التحرر الوطني العربية في طور جديد (ثوري) منها، والأسلوب النضالي الجديد للتحرير الذي يضع أسلوب الحرب النظامية في متحف التاريخ. وكان في وسع القوميين أن يجدوا في برنامج عبدالناصر ل “إزالة آثار العدوان” وفي لاءات الخرطوم وحرب الاستنزاف وإعادة تأهيل الجيش وتشجيع العمل الفدائي، ثم حرب أكتوبر/ تشرين الاول 1973 والنصر النسبي فيها، شواهد على أن القوى التي أطلقت مشروع النهضة العربية الثانية، في النصف الثاني من القرن العشرين، تستطيع أن تتجاوز لحظة الهزيمة لتسأنف مشروعها.
ما كان اليأس مُطبقاً في السنوات الأولى، ثم لم يلبث أن أصبح كذلك منذ منتصف السبعينات، منذ أن تبين لليسار أنه لم يعد يملك حتى الدفاع عن تنظيماته من الضربات الأمنية، فكيف بالدفاع عن أوطانه من الضربات الامبريالية والصهيونية، وأنه لم يعد قادراً على حماية منظماته من الانشقاق، فكيف بحماية مجتمعاته من الصراع الطبقي. ثم منذ أن اكتشف القوميون أن القوى التي قادت مشروع النهضة في الخمسينات والستينات خرجت من السلطة في السبعينات فورثتها نخب لم تعد تُسَلِّم بأيٍ مما كان في حكم الثوابت القومية لدى الأولى: في السياسة والاقتصاد والأمن القومي والصراع العربي- الصهيوني. ومن حينه، دخل خطاب التقدميين العرب - يساريين وقوميين ووطنيين - حقبة من النَّدْب واللطم لم يخرج منها حتى الآن، بل هي زادت حدة واستفحالاً منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وتدمير العراق واحتلاله.
كان مشهد القتامة هذا كافيا كي يُجَهّزَ النفوس بما يفيض عن “حاجتها” من اليأس: اليأس من محو آثار هزيمة يونيو التي لاحقت أجيالاً من الأمة كالعار، وأورثت في أعماقها جراحات لا تقبل الاندمال، واليأس من كفّ حالة التردي المتمادية منذ منتصف سعبينات القرن العشرين والتي تبدو أمامها هزيمة 67 تفصيلاً سياسياً يهون خطبه! شيئاً فشيئاً، ومع انهمار وقائع التفتت والاهتراء في النسيج الداخلي - المجتمعي والسياسي - اكتشفنا أن الهزيمة الكبرى لم تكن في 5 يونيو ،1967 وإنما بعد هذا التاريخ: حين دمرنا العلاقات البينية العربية - العربية بسياسات الكيد المتبادل بين هذا النظام وذاك وبسياسات الاستقواء بالأجنبي لتصفية الخلافات بين بعض النظم الحاكمة، وحين خربنا الاقتصاد الوطني بالنهب والفساد وتفتيت ممتلكات الشعب والدولة إلى قوى طفيلية خرجت بدورها من رحم الفساد فسرقت الدولة والمال العام مرتين، وحين حولنا الحياة السياسية إلى جحيم لا يطاق بالاستبداد والقمع وكبت الحريات وامتهان كرامة الإنسان ومصادرة حقوقه، وحين مزقنا النسيج الاجتماعي بالفتن والحروب الأهلية التي تحولنا فيها من أمة وشعوب إلى ملل ونِحَل وطوائف ومذاهب وعشائر وبطون وأفخاذ، انهزمنا حين أسقطنا قضية فلسطين من حساباتنا وتركنا شعبها لقدره وحيداً في مواجهة القمع الصهيوني، وحين أسقطنا الأمن القومي فبحثنا عن أمن مستورد بالقواعد والأساطيل الأجنبية، وحين أسقطنا الاستقلال الوطني: وهو المكسب الوحيد الذي حققناه من أهدافنا النهضوية في القرن العشرين، هذه كانت هزيمتنا الكبرى التي أنجزناها بأنفسنا - حكاماً ومحكومين نظماً وشعوباً- ولم نَحْتج فيها إلى عدو خارجي.
إن الردّ الحقيقي على هزيمة 67 لا يكون إلا بالرد على هذه الهزائم الداخلية، فإن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، لقد أنجز العرب عبوراً عسكرياً ناجحاً في حرب اكتوبر 1973 ثأر لهم قليلاً من عار الهزيمة، لكن العبور الحقيقي الذي نحتاجه هو العبور إلى النظام الديمقراطي، والوحدة الوطنية، والتكامل الاقتصادي العربي، ووحدة الموقف السياسي العربي، والتنمية الإنتاجية الحقة، وصون الثوابت والحقوق الوطنية والعربية، ودعم كفاح الشعبي الفلسطيني من أجل نيل حقوقه الوطنية، دون هذا العبور سننكفئ أكثر فأكثر، وتهترئ أوضاعنا أكثر فأكثر، ولن تفيدنا أحوالنا التراجيدية إلا في إنتاج بكائيات سياسية وشعرية جديدة وممارسة طقوس لطم وندب لا تنتهي

صاعقة حماس هل تسيطر على غزة ؟

د.محمد احمد جميعان

يذكرني الاخوة المحبين وآخرين من الغاضبين حول مقال نشر لي على هذا الموقع بعنوان "حماس راية تجاوزت التنظيم والتشكيك" وان هناك تكملة لهذا المقال تحت عنوان " ما هو المطلوب من حماس ؟" ولم أقم بنشره ، وهذا صحيح ، ومع عظيم احترامي للإخوة جميعا فإنني لم أنسى ذلك ولكن تتابع الإحداث على الساحة الفلسطينية جعلني امتنع عن تكملة الحديث حتى لا يأخذ تأويلات قد تسيء ولا تخدم الوطن ...

ولكن ما حدث في غزة من سيطرة حركة حماس بالكامل على أجهزة الأمن المقدرة بثمانين ألف عنصر يملكون أسلحة متفوقة ويتمترسون في قلاع محصنة ومؤمنة بالكامل خلال ( 48 ) ساعة هو صاعقة بالمعنى الكامل للكلمة ، لم تستطع الأجهزة الاستخبارية في المنطقة ان تتوقعه وتستوعبه ، مما حدا بالكثيرين وصفه بالقدرة الإلهية لعجزهم عن تفسير ما حدث..

رغم أن حماس مستهدفة ومراقبة ومتابعة على مدار الساعة من قبل إسرائيل بشكل مباشر وتحالف من آخرين من خصوم حماس أو الذين يرون فيها خطر.. وهنا لا بد لي من إشارة مكررة ان حماس لو كانت مخترقة بعميل واحد من داخلها بمستوى عضو مقاتل وليس قائد لما كانت النتيجة على هذا النحو ، وهي بذلك تحقق ثاني مفاجئة صاعقة تربك الجميع وتبدل المعادلة وتحرف البوصلة وتضع من تضع في متاهة لا اعتقد أن الخروج منها سهلا ..

ما أثار استغرابي ردود الفعل المقابلة لغاية الآن والتي حملت مضامين واحدة ، هجاء وذم وشتم وألفاظ ومصطلحات ولطم وتقزيم وتهويل ، مرة نرى التهويل ومرة نسمع التقزيم وكأن تحليل ما حدث أصبح معجزة أو يقع في دائرة المحرمات ، او ان البعض يعتقد ان هذا المنهج هو الكفيل بالقضاء على حماس واعادتها الى خطوط التماس ..

الصحافة الإسرائيلية وصفت ما حدث بأنها أمام برج من ورق انهار في لحظة غير متوقعة ، أما اولمرت فقد وصف ما حدث بأنه يذكر بجيش لحد حينما انهار . إحدى الفضائيات من رام الله لا ينقطع فيها السباب والشتائم والعويل والنحيب البكائي ساعة واحدة وهناك ألفاظ لا يصدق المرء انها تصدر من فضائية مرخصة على قمر عربي يذكرني بالمثل الشعبي " أشبعتهم شتما وفازوا بالإبل .." والسؤال هل لكل هذا وذاك أن يعيد الأمر الى ما كان ؟!

إن ابسط قواعد التحليل تقول ان ثمانين الف عنصر لم يصمدوا ( 48) ساعة ، وان إسرائيل تقف حائرة وعاجزة عن اختراق حماس ، وان اغلب القطاع خرج لتأييدهم ووفر لهم الحاضنة والدعم والقدرة والقوة ..لا احسب ان إعادة الأمور الى ما كانت علية في القطاع اصبحت ممكنة الا اذا كان ذلك بوافقة حماس وإرادتها عندها يطرح السؤال المحرج هل هذا مقبول سياسيا وعسكريا واستخباريا لا بل واستراتيجيا على المدى البعيد ؟

ان ما حصل قد حصل والحقائق أصبحت بائنة للجميع فلا الوهم ولا التمني ولا كل ما نسمع يحيك ثوبا قد اهترئ وان اهم ما يمكن الحديث عنه الان والذي يخدم المستقبل ويضعنا امام الحقائق والمعطيات التي تخدم السياسة والسياسين واصحاب القرار هو السؤال المباشر" هل تسيطر صاعقة حماس على الضفة مستقبلا ؟" وهذا ما سوف أفصله في المقال التالي ..

ردود على مقالة د. ابراهيم علّوش بخصوص الوضع في غزّة

ردّ على تعليق

أخي العزيز علي

اعتقد أن المقال واضح تماماً بالنسبة للموقف من تنازلات حماس السياسية، ناهيك عن تصريحات قادتها داخل وخارج فلسطين بالنسبة للاعتراف بمرجعية السلطة ومشروعية عباس، وبما أنك موجودٌ على اللائحة منذ مدة، فمن المؤكد أنك تعرف موقفي تماماً من النهج السياسي الذي اتبعته حماس منذ دخولها الانتخابات، ولكن أخي العزيز من المؤكد أيضاً أن الخطوة الأخيرة التي قامت بها كتائب عز الدين القسام في قطاع غزة تمثل 1) شطباً عملياً لوجود السلطة الفلسطينية في القطاع، 2) تجاوزاً لخط أحمر عربي ودولي، 3) استهدافاً مباشراً لرموز التعاون الأمني والسياسي مع العدو الصهيوني، 4) اجتثاثاً لرموز الفساد الأوسلوية. وهذه الخطوة بالتالي إنجاز عظيم جداً لا يقلل منه إلا تصريحات هنية ومشعل بالنسبة لاعترافهم بمشروعية السلطة ورئيسها ومشروعية الاتفاقات التي وقعتها مع العدو الصهيوني. ومن هنا يجب أن نتمسك بهذه الخطوة وندعو للبناء عليها، لأنها تحقق شرطاً موضوعياً باتجاه تكريس نهج المقاومة في الساحة الفلسطينية، ولو جاءت قوة غير حماس، من داخل فتح أو غيرها مثلاً، وأرادت أن تعيد لنهج المقاومة اعتباره في الساحة الفلسطينية، فإن عليها أن تتجاوز خراريف "الشرعية الفلسطينية" لسلطة لا سلطة لها وأن تسقط مقولة قدسية "الوحدة الوطنية الفلسطينية" مع العملاء وغير الوطنيين، تماماً كما فعلت كتائب القسام في غزة، وكما تفعل المقاومة العراقية مع المتعاونين مع المحتل الأمريكي، وكما تفعل أية قوة مقاومة مع المتعاونين مع المحتل. فأهمية ما قامت به كتائب القسام أهمية تاريخية، ويتجاوز الموقف السياسي لقيادة حماس إلى تكريس نهج المقاومة عملياً في التعامل مع أعدائها. وهذا الأمر علينا أن ندعمه ونعززه دون أن نمنح قيادة حماس السياسية غطاءً مطلقاً لتفعل ما تشاء بعد هذه الخطوة الرائعة، تماماً كما رأيت في المقال أدناه.

مع التحية

أخوك إبراهيم علوش


فيما يلي تعليق الأخ علي على مقالة الأخ ابراهيم علّوش المعنونة "كتائب القسام تنجز ما كان يفترض أن تنجزه كتائب الأقصى والعودة"


هل حقا ما حدث مؤخرا في غزة هو عملية تطهير لطحالب قامت بإعاقة المقاومة نهجا وممارسة وحتى إضعاف السلطة كما تقول؟ ما هذا الكلام؟ وهل "الشرعية الفلسطينية" التي تجاوزتها حماس وهي شرعية اتفاقيات اوسلو هي شرعية السلطة فقط؟ وكيف وصلت حماس الى اكتساح المجلس التشريعي وتشكيل الحكومة؟ ألم تركب وتتسلق هذه الشرعية الاشرعية؟ أما بالنسبة "للوحدة الوطنية" ماذا جرى؟ لماذا قبلت حماس بالامس أن تجلس مع هذه الطحالب وتعقد الاتفاقيات معها في مكة وفي القاهرة وربما في اماكن أخرى، هل تغيير على الطرفين شيء منذ ذلك اليوم؟ لقد بدأت حماس تقدم التنازلات منذ فترة، وكل مراقب موضوعي، يشاهد أن ما تنازلت عنه فتح خلال أربعين عاما تنازلت حماس عن معظمه في فترة اقل من سنتين. فقد عرضت حماس على اسرائيل هدنة طويلة الامد الى أكثر من عشر سنوات وهي مستعدة أن تتفاوض على دولة فلسطينية في الاراضي المحتلة عام 1967 كما وافقت على ما يسمى بمبادرة السلام العربية، وكلنا يعرف ما هو فحوى هذه المبادرة وما هو هدفها الحقيقي. الصراع لم بين فتح وحماس لم يبدأ او يحتدم الاسبوع الماضي فقط، وهو واضح للجميع انه صراع على سلطة وهمية وعلى تقاسم هذه السلطة، وما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية لم تكن سوى نتاج لهذا الصراع اخذ شكل المحاصصة. والان وبالرغم من الحسم العسكري لصالح حماس، فانها سوف تقدم المزيد من التنازلات لكي لا يتم اقصائها نهائيا عن الكعكة من قبل العالم العربي قبل امريكا واسرائيل. إذن الصراع لم يكن بين نهج المقاومة ونهج المفاوضات التصفوية، بل هو صراع داخل نهج التسويات اما المقاومة فانها ليست اكثر من ورقة لعب، ليست أكثر من قناع. لا يمكن أن تأكل الكعكة وتبقيها سالمة في الوقت نفسه. لا يمكن أن تكون ضد أوسلوا وتنعم بمخلفات أوسلو. لا يمكن أن تعرض هدنة طويلة الامد على اسرائيل وتشن حرب (تنظيف) ابادة على المتعاونين مع اسرائيل. في الحقيقة هذا الموقف غير غريب على حماس، بصفتها رضعت منذ ولادتها فكر وممارسة الاخوان المسلمين. وهنا تكمن الطامة الكبرى، ولا اريد هنا أن اتطرق الى تاريخ الاخوان على امتداد الوطن العربي. بعض الاخوة الين تكلموا عن المظاهر التي تلت هذا "الانتصار" الكبير معهم حق. انها مظاهر تشمئز لها النفوس وليست من شيم الثوار. ماذا يعني توزيع الحلوى؟ والرقص بالشوارع واطلاق النار وصرخات الله أكبر؟ هل حرروا تل ابيب؟ نعم يوجد هناك طحالب ويجب تنظيفها ولكن الطحالب تم تهريبها قبل القتال وهي تعيش آمنة هنعمة في أحد فنادق رامالله وبعض فيللاتها الفخمة. هل الطحالب هم هؤلاء الاسرى الذين اخرجوا عراة وتمت اهانتهم تماما كما فعلت اسرائيل عندما اجتاحت سجن اريحا واعتقلت المناضل احمد سعدات وآخرين؟ من بيته من زجاج لا يرمي الاحجار على بيوت الاخرين. ومن يدفع ثمن هذا الصراع الهمجي كله، اليس المواطنين البسطاء من ابناء شعبنا؟ لقد آن الاوان أن نقيم كل نضالنا وكل تاريخنا بكل جرأة وشجاعة، يجب أن نحطم الكثير من الاصنام التي ما زلنا نعبدها. لقد فقدنا البوصلة وآن الاوان أن نعمل على تصحيح مساراها، لقد آن الاوان أن ننظف الطحالب المنغرسة في عقليتنا وفكرنا وثقافتنا ومن ثم نعمل على انطلاقة ثورية جديدة.

الاثنين، حزيران ١٨، ٢٠٠٧

استهداف سورية و اللعبة الامريكيّة الفارسيّة لتقسيم الاقليم طائفيّا


تفجيرات سامراء الثانية واغتيال عيدو ومشروع تطويق سوريا إقليمياً

د. إبراهيم علوش

لعل مشكلة الكثير من اللبنانيين، المتميزين بالفعل في الكثير الجوانب، تكمن - ربما بسبب هذا التميز بالذات - في إغفال أولوية العامل الإقليمي على العامل المحلي في تحديد معالم المشهد السياسي اللبناني.

فالتفجير الثاني لمرقد الإمامين علي الهادي وحسن العسكري في سامراء في العراق تزامن بالضبط مع التفجير الذي اغتيل فيه النائب عن تيار كتلة الحريري في البرلمان اللبناني وليد عيدو. وإذا اعتبرنا تزامن التوقيت مجرد صدفة، فمن المستحيل أن نعتبر تأجيج التحريض الطائفي الناتج عن هذين التفجيرين صدفة أيضاً. ففي الحالتين، تحركت القوى المحلية المرتبطة بحكومة الولايات المتحدة لتصعيد النقمة الطائفية، مرة بذريعة الدفاع عن الشيعة بالتعاون مع إيران، ومرة بذريعة الدفاع عن السنة في مواجهة إيران، بعدما تصدى أمين الجميل لمهمة "الدفاع عن المسيحيين" في وجه الإمارات الإسلامية القادمة إلى لبنان حسب زعمه.

ويصعب أن لا يرى المراقب انسجام الأدوار الطائفية في الإقليم ووحدتها ضمن سيمفونية "الفوضى الخلاقة"، بالرغم من تعارضها الظاهري، ومن الغريب أن "النظام السوري" لم يتهم أيضاً بتفجير مرقد الإمامين في سامراء!

على العكس من ذلك، ظلت وسائل الإعلام، في الأسابيع التالية لإصدار مجلس الأمن قرار تشكيل المحكمة الدولية في لبنان لمحاكمة قتلة الحريري بموجب الفصل السابع، تسرب سيلاً من الأخبار عن اتصالات سرية تجريها "إسرائيل" مع القيادة السورية، وكيف ترغب الولايات المتحدة برفع الحظر عن الاتصال بسوريا، سوى أن عليها أن تتعاون وتتجاوب مع أجندة الطرف الأمريكي-الصهيوني لبنانياً وفلسطينياً وعراقياً!

والغريب بالطبع في تفجير مرقد الإمامين في سامراء أنه يتم للمرة الثانية، وأن المرقد كان محروساً بطوقين أمنيين عراقي وأمريكي، فلا يعقل أن يتم تفجيرٌ بهذا الحجم، ولهدف بمثل هذه الحساسية، بدون تواطؤ مباشر من القيادة العسكرية الأمريكية ومن حكومة المالكي ومن يقف خلفها في الإقليم.

أما ردة فعل جيش المهدي والفتاوى الطائفية اللاحقة لتفجيرات سامراء الثانية فتدل بوضوح أن إيران ضالعة بشكل فعال مع الولايات المتحدة في مشروع التفكيك، لا في العراق فحسب، بل في عموم الإقليم.

فالعراق لا يقع في فراغ، والتصدع الطائفي إن تمأسس في العراق لا يتوقف عند حدوده. بالمقابل، فإن التفجير الذي أودى بحياة النائب وليد عيدو ونجله وثمانية مواطنين لبنانيين في منطقة المنارة في بيروت جاء كتتمة لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وليعزف على نفس الوتر طائفياً باتجاه الدفاع عن السنة، وإقليمياً باتجاه توجيه الأصابع نحو "النظام السوري"، ولكنه جاء قبل ذلك ليبرر القرار 1757 بأثر رجعي، أي ليبرر إنشاء المحكمة الدولية في لبنان التي تستهدف رأس القيادة السورية والمقاومة اللبنانية أساساً.

والواضح من المآل التي تسير إليه الأمور أن الأمريكيين يرون في تماسك النظام السوري العقدة المركزية أمام تفكيك الإقليم بالكامل، وأنهم يسعون بشكل حثيث لوضع الأسس لتفكيك سوريا قبل الانسحاب من العراق، لأن الانسحاب الأمريكي من العراق قبل إغراق سوريا في سعير "الفوضى الخلاقة" سوف يترك سوريا في موقف أقوى في لبنان، وسيؤدي إلى تمدد نفوذها في الإقليم. ولهذا، لا بد من تصعيد الصراع السني-الشيعي من الغرب ومن الشرق في الوقت الذي تستخدم فيه آلية المحكمة الدولية لتوجيه ضربة مباشرة لرأس النظام، ولابتزازه حتى يقدم التنازلات المطلوبة في الإقليم عامةً ولبنان خاصة، وهي بالضبط التنازلات التي تتيح تطويق سوريا إقليمياً تمهيداً لتفكيكها من الداخل.

ولننتبه أن الطرف الأمريكي-الصهيوني وحلفاءه العرب ليسوا الطرف الوحيد المعني بتحجيم سوريا بهذه الطريقة، ربما ليقدم نفسه منقذاً لها ويفرض عليها حلفاً غير متكافئ.

سوريا مستهدفة إذن، والتآمر عليها على أشده الآن، وبغض النظر عن أية ملاحظات أو انتقادات يمكن أن يوجهها الحريصون على سوريا للسياسة السورية، فإن الأكيد هو أن تماسك سوريا ونظامها يعبر في هذه اللحظة عن مصلحة عامة لكل الأمة. وبالمقابل، فإن المخرج الوحيد لسوريا من دائرة النار يتمثل بمراكمة عناصر القوة، بترسيخ النهج القومي داخلياً وخارجياً، بتهيئة الشعب العربي السوري للمواجهة الماثلة في الأفق، وبدعم المقاومة العربية حيثما وجدت وبالذات في المحيط الحيوي لسوريا، خاصة المقاومة العراقية التي يشكل انتصارها الناجز على قوى الهيمنة الخارجية الضمانة الحقيقية للحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، وفي النهاية لعروبة لبنان.

فالطرف الأمريكي-الصهيوني تأبط شراً، هذا لم يعد من الممكن إخفاؤه، ومن المستحيل أن تخرج سوريا من دائرة الاستهداف بالتفاهم معه، بل لا يمكن أن تخرج من دائرة الاستهداف إلا بعدم الرضوخ لشروطه.

أحمد الرمحي : العربي ليس عاجزا بل هو محارب عنيد

بعد مشاركة لافتة لفيلمه `الطائرات الشراعية` بمهرجان الجزيرة
أحمد الرمحي : العربي ليس عاجزا بل هو محارب عنيد
الدستور الاردنيّة - محمود منير
17/6/2007

بعد مشاركة لافتة لفيلمه "الطائرات الشراعية" في مهرجان الجزيرة السينمائي الثالث يبحث المخرج أحمد الرمحي عن أفكار جديدة لطرحها في أفلامه الوثائقية التي يعمل عليها ، في محاولة لاعادة انتاج الكفاح الفلسطيني في جملة من الوثائقيات تبتعد في الشكل والأسلوب عما تم طرحه من قبل حيث الدعاية من جهة ، أو التشويه من جهة اخرى. ويؤكد الرمحي في حديثه لـ "الدستور" على مواصلة أعمال السينمائية مقتنعاً بتجربته السابقة التي مولها بالكامل على حسابه الشخصي نظراً لعدم رغبته في الخضوع لحسابات السوق ، كما تحدث عن قضايا اخرى تمس صناعة الفيلم الوثائقي في الحوار التالي:

ھ لماذا جسدت عملية الطائرات الشراعية في فيلمك؟.

- الفيلم يتحدث عن عملية فدائية قام بها شابان عربيان يمثلان جناحي الأمة في أواخر عام 1987 أحدهما من سوريا واسمه خالد أكر والآخر ميلود نومة من تونس ، طار البطلان بطائرتهما الشراعية البسيطة انطلاقاً من مرتفعات الجنوب اللبناني متجاوزين رادارات العدو الصهيوني ليهبطا في معسكر اسمه معسكر (جيبور) الواقع في شمال فلسطين المحتلة أي معسكر الأبطال ، وكان للعملية الوقع الكبير على (الإسرائيليين) وأثار جدلاً داخل مؤسساتهم وكان لها أيضاً على أبناء الداخل الذين أشعلوا الانتفاضة الأولى - انتفاضة الحجارة بعدها بأيام قليلة.
أردت أن أقول أن العربي ليس إنساناً عاجزاً بل هو محارب عنيد لا ييأس ولا يستكين وهو قادر على صنع المستحيل بإمكاناته البسيطة ، وهي دعوة للشباب بأن يعملوا ويجدوا ليصلوا لمبتغاهم ، وبأن فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم بل هي للأمة العربية والأمة الإسلامية ولا يجوز التفريط بها من قبل أي أحد أو أي تيار ، وأن واجب تحريرها فرض على العرب وليس على الفلسطينيين وحدهم.
من جهة أخرى ، هي محاولة لنفض الغبار عن أحداث مشرقة يتجنبها الإعلام أحيانا بقصد، فرأيت أن أعيد تذكير المشاهد بتلك الأيام أي أيام العمليات النوعية البطولية محكمة التخطيط التي كان يقوم بها المجاهدون والمقاومون في السابق وتأثيرها الكبير على العدو وعلى الشارع العربي.

ھ ما هي الصعوبات التي واجهتك أثناء العمل على تنفيذ فكرة الفيلم؟.
- أبرزها صعوبة البحث عن مراجع وعن معلومات أرشيفية عن الموضوع ، بسبب الإهمال الذي أصاب الأرشيف الفلسطيني ، كما ان إنتاج فيلم بمصادر وتمويل ذاتي مهمة ليست بالسهلة فذلك يتطلب السفر واستئجار المعدات باهظة الثمن في زمن يبتعد المنتجون عن مثل تلك الأعمال التي قد تسبب لهم المتاعب.

ھ ما هي رؤيتك الإخراجية ؟
- لم أستخدم الدوكيو - الدراما الذي يلجأ إليه المخرج عندما يكون الأرشيف شحيحاً ، الفيلم اتخذ أسلوب روائي حيث يروي أحدهم القصة من بدايتها إلى نهايتها ، بطريقة غير مملة يتخلل ذلك صور ولقطات أرشيفية.
واستخدمت في الفيلم بعض الأغاني التي انتشرت في أيام الانتفاضة الأولى والتي كانت تلهب الجمهور العربي كأغاني مرسيل خليفة والفنانة الرائعة جوليا بطرس ، فجمهور اليوم اشتاق لتلك الأنغام التي تتجنبها الفضائيات اليوم ربما لتواطئها أو ربما حتى لا تتهم بالتعبئة والإرهاب في زمن اختلطت فيه المفاهيم.

ھ كيف جرى استقبال الفيلم في مهرجان الجزيرة السينمائي الثالث الذي شاركت فيه؟.

- بعض المشاركين في المهرجان كان قد أخرج أفلاماً من إنتاج شركات إعلامية وفضائيات معروفة مثل وخخ والجزيرة وغيرهم ، ورغم ذلك فإنني وزملاء آخرين استطعنا منافسة تلك الوثائقيات المترفة ، أما عن الانطباعات فكانت أن الجالية العربية هناك قد جذبت بعنوان الفيلم وحضرت الفيلم وقد أبدى معظمهم استغرابهم عدم معرفتهم عن تلك العملية البطولية بالرغم من أهميتها وضخامتها.

ھ ألاّ تعتقد أن التاريخ الفلسطيني يحتاج إلى توثيق سينمائي مغاير عما هو سائد؟.

- لقد عاب الأعمال السابقة التي كانت تتلمس مثل هذه المواضيع البعد الدعائي للتنظيم فكانت العمليات تستغل أحياناً بشكل انتهازي لتعكس التنافس الأيديولوجي للفصائل ، كانت الأعمال تعكس توجهات مخرجيها.. لذا على المخرجين تناول تلك المواضيع بحيادية وتجرد ونقل التجربة على حقيقتها دون ادعاء المثالية وإخفاء الأخطاء.
وفي كثير من الأحيان ، كان العمل الوثائقي الذي يلقي الضوء على الثورة الفلسطينية يظهر مشوهاً خاصة إذا كان الإنتاج غربياً ، فكم من عملية بطولية تم تزويرها والنيل منها عن طريق قلب حقائق التاريخ ، وإظهار المقاتل الفلسطيني كمجرم بربري ، وللأسف كانت التلفزيونات العربية تتسابق لشراء وترجمة تلك الأعمال لتبثها للمشاهد العربي.
أعتقد أن علينا اليوم التركيز على العمل الوثائقي الذي يتوجه مباشرة إلى عقل المشاهد ووعيه ولا يجب ترك ساحة الوثائقي للغرب الذي قد يتلاعب بالحقائق وفق أجندته ، وسيبحث القطاع الإعلامي بنفسه عن صناع الأفلام خاصة أن ازدياد عدد الفضائيات العربية وازدياد حدة التنافس بينهم لا يتناسب مع عدد الساعات التي ينتجها العرب لذا سيزداد عطش تلك المحطات وستبحث كذلك عن من ينتج مواد لتغطية تلك الساعات.

(ملحوظة: ألاخ السيّد أحمد الرمحي هو من أعضاء لأئحة القوميّ العربيّ
- لجنة الاشراف على المدوّتة)


هل هي داحس والغبراء فلسطينية...يا شعب الجبّارين؟


شبكة البصرة

محمد العماري

ليس غريبا أن يتفجّر الوضع في غزة والضفة الغربية بين منظمة فتح وحركة حماس بهذا الشكل الدموي المأساوي حيث يقتل فيه الفلسطيني أخاه الفلسطيني من أجل جثة عفنة إسمها السلطة. فقد سبقت ذلك جهود ومساعي "حميدة جدا" بذلها البعض, عربيا وإقليميا ودوليا, لدفع الصراع بين الأخوة الأعداء الفلسطينيين الى المواجهة المسلحة وتصفية الحسابات العالقة منذ زمن بعيد بقوة السلاح. لكنّ الغريب حقا هو أن عدوى النموذج "الديمقراطي" العراقي الناتج عن نظرية الفوضى الهدّامة البوشية بدأ ينتقل باسرع مما كان يتصوّر جورج بوش الصغير, الى دول المنطقة. وإن كان الكثيرين من السذج وقصيري النظر, من الحكام والشعوب العربية, ما زال يأمل بوصول" ثمار" ألأزدهار والمساواة وإحترام حقوق الانسان الى دياره بعد أن وضعوا كلّ بيضهم, كما يُقال, في سلّة أمريكا وإسرائيل. مع علمهم المسبق بان مفاهيم الديمقراطية والمساواة ودولة القانون وغيرها, ما هي الاّ شعارات برّاقة خادعة إن لم نقل خالية من أي مظمون, خصوصاعندما يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين.

إن الخطيئة الكبرى التي إرتكبتها حركة حماس هي أنها بلعت مغمضة العينين "طعم" الديمقراطية المسموم الذي قدمته أمريكا لها بشكل غير مباشر, فانخرطت فيما يسمى بالعملية السياسية.) إنظروا ما آلت اليه العملية السياسية في العراق المحتل (وشاركت في إنتخابات كانت الحركة نفسها تعرف, رغم نزاهتها وشفافيتها باعتراف الجميع, أنها لن تكسب منها شيئا غيركراسي أنيقة ومناصب لا يعترف بوجودها وشرعيتها أحد حتى الدول العربية الصديقة والشقيقة جدا! وأن أية إنتخابات تجري تحت حراب قوات الاحتلال, وقطاع غزة ما زال برأيي محتلا رغم خروج الجيش الصهيوني منه, لا تتمتع باية شرعية حتى وإن شاركت فيها الجموع الغفيرة, وهذا ما تجاهلته مع الأسف الشديد حركة حماس.

اما الخطيئة الكبرى التي إرتكبتها منظمة "فتح" فهي انها بالغت وتطرّفت في إنحيازها الأعمى, وضد الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني,الى ما يسمى "بالشرعية الدولية" وإتفاقيات أوسلو وأخواتها, حتى حلّت "أوسلو" تلك محل
الكعبة المشرفة في قلوب وعقول رجال الرئيس محمود عباس. بينما إسرائيل لم تحترم حتى سطرا واحدا من أية إتفاقية وقعتها مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية أو رجاله..على العكس تماما, فحين يزداد إنبطاح فريق الرئيس الفلسطيني الأوسلوي وخلفهم الأنظمة العربية المعتدلة, تضاعف إسرائيل بالمقايل غطرستها وعنجهيتها وجرائمها العدوانية بحق الشعب الفلسطيني. ومع إن الجميع في فلسطين المحتلة يعلم بان "السلطة" لا تملك سلطة, وهي عبارة عن"خرّاعة عصافير" وإن حكومة الوحدة الوطنية, والوطن محتل ومستباح ومحاصر, لا تملك القدرة على الحكم لأنها تتحرك داخل سجن كبير, معترف به دوليا كونه سجن, إسمه قطاع غزة.

لسنا مع حركة حماس ولا ضد منظمة فتح, ولكن الشيء المثير للجدل, ولعشرات الأسئلة أيضا,هو إن رئيس السلطة الفلسطينية, وخلافا لأي رئيس آخر في العالم, يملك حرسا وميليشيات خاصة به, تتلقى المساعدات المادية
والمعنوية, بما فيها السلاح, من جهات خارجية تكنّ العداء الشديد للحكومة التي تقودها حماس. تلك الحكومة التي أدّت اليمين الدستورية أمام رئيس السلطة نفسه. فهل هذا يعني ان الرئيس عباس لا يثق بالمؤسسات الأمنية والعسكرية" للدولة" التي هو رئيسها؟ أليس المتعارف عليه في جميع الأنظمة والدول, طبعا باستثناء العراق وأفغانستان, هو أن حماية رئيس الدولة والوزراء والمسؤولين الكبارتقع أولا وأخيراعلى عاتق السلطة التنفيذية, أي الحكومة؟ وهل يمكن للرئيس,أي رئيس كان,أن يشكّل لحسابه الخاص قوات عسكرية مستقلّة ومجهّزة جيدا وغيرمرتبطة بالحكومة؟ وما هي يا ترى حاجة الرئيس محمود عباس الى ميليشيات مسلحة أو حرس وطني أو ما شابه, وهو ليس معرّض للأغتيال لا من إسرائيل ولا من غيرها, إن لم يكن ضد حماس أو سواها من القوى الفلسطينية التي لا تغرد مع السرب الأمريكي الاسرائيلي؟

من المحزن والمؤسف حقا أن ترى فلسطينيين ينزلون العلم الفلسطيني من فوق المباني والدوائرالحكومية, ويطوونه بطريقة توحي بأنهم عازمون على طيّ وإالغاء تاريخ حافل بالتضحيات والبطولات والصمود. تاريخ نضالي فريد من
نوعه عجزت إسرائيل, بكل ما أوتيت من قوة وحبروت,عن طيّه ودفنه تحت تراب النسيان. لقد إرتكبت حركة حماس ومنظمة فتح أخطاءا فادحة وجسيمة. وعليهما, حفاظا على وحدة الشعب الفلسطيني,أن يتخلّيا نهائيا عن فكرة أن الخصم السياسي هو عدو تستوجب إبادته عن بكرة أبيه.

mkhalaf@alice.it

كتائب القسام تنجز ما كان يفترض أن تنجزه كتائب الأقصى والعودة

د. إبراهيم علوش

تحية لكتائب عز الدين! فقد أنجزت عملية تنظيف داخلية في قطاع غزة طال الصبر عليها أكثر من اللزوم. وكانت قد تشكلت على هامش الاحتلال الصهيوني - والسلطة الفلسطينية المتكونة سفاحاً في رحمه - طحالب طفيلية تتغذى على التنسيق الأمني والسياسي مع العدو الصهيوني، وقد أوغلت هذه الشريحة من المتعهدين الأمنيين والسياسيين في نشر الفساد والفوضى، والأهم، في إعاقة المقاومة الفلسطينية نهجاً وممارسة، وفي إضعاف السلطة نفسها. فكان ما اضطلعت به كتائب القسام استحقاقاً متأخراً جداً على كل المؤمنين بنهج المقاومة في الساحة الفلسطينية، وليس فقط أبطال القسام.
وهناك من بين صفوف الفتحاويين من كان يحدث نفسه وأخوانه دوماً بضرورة التخلص ممن ترتبط مصالحهم بالتنسيق الأمني والسياسي مع العدو الأمريكي-الصهيوني، ومن لا يستطيعون الاستمرار بمواقعهم إلا بنشر الانحلال والتفكيك داخل حركة فتح نفسها، وممن يشكلون بالتالي خنجراً سياسياً للاحتلال في جسد الشعب العربي الفلسطيني. وكان الأولى بشرفاء فتح أن ينظفوا بيتهم الداخلي من هذه الأوبئة، ولكن لما لم يتصدوا بما يكفي من الحزم لهذه المهمة التي لا غنى عنها لتقدم العمل الفلسطيني المقاوم، وإنقاذ القضية الفلسطينية من الضياع، فقد آلت إلى غيرهم.
فتحية أخرى لكتائب عز الدين القسام لأنها لم تتوقف، كما فعل شرفاء فتح، عند أهم حاجزين نفسيين-سياسيين وهميين كانت تلك الطحالب المتجرثمة تنمو في ظلهما وهما: 1) قميص عثمان "الشرعية الفلسطينية"، و2) قدسية "الوحدة الوطنية الفلسطينية".
أولاً، لا مشروعية لأية سلطة في ظل الاحتلال ولا شرعية بالتالي لسلطة أوسلو أو أيٍ من مؤسساتها، وتلام قيادة حماس السياسية في الداخل والخارج إذ أكدت تمسكها بهذه الشرعية المزعومة، وبرئيس السلطة عباس، على خلفية حفلة تنظيف غزة، مما يفقد ما قامت كتائب القسام بعض غطائها السياسي فيما قامت به مشكورةً. فالشرعية الوحيدة لأي شعب تحت الاحتلال هي شرعية المقاومة، وشرعية التمسك بالهدف الاستراتيجي. ومن هنا، فإن حماس تفقد شرعيتها الحقيقية بمقدار ما تسعى للاندماج بسلطة أوسلو، وهو الأمر الذي أتضح أن عربونه الأولي فقط هو وقف العمليات الاستشهادية ووقف إطلاق النار والموافقة على مبادرة السلام العربية، دون أن يفيد قط في إدخال حماس من خرم إبرة "الشرعية العربية أو الدولية".
ثانياً، لا قدسية لدماء أو مواقع من يعيشون كشريحة أو كأفراد على التعاون الأمني والسياسي مع العدو الأمريكي-الصهيوني. والوحدة الوطنية تكون مع أناس يفترض بهم بالحد الأدنى أن يكونوا وطنيين، فإن كانوا مفرطين بالثوابت ومتنازلين عن هدف التحرير ومتعاونين مع العدو، فإن الوحدة معهم تكون بالضبط وحدة غير وطنية! ولهذا يمثل هؤلاء امتداداً للعدو ويجب أن يعاملوا على هذا الأساس، أي باعتبارهم خارج الشعب.
إذن، ما حدث في غزة أمرٌ مرغوب وطنياً وهو أشبه بتنقية الجسم من الأدران والأوساخ، وكان يجب أن يحدث منذ مدة طويلة، والحمد لله إذ حدث اليوم وليس غداً. ولكن ما يحدث سياسياً غداً أو بعد غد هو الذي سيحدد إن كان ما جرى في غزة سيصب في النهاية في سياق مفيد لنهج المقاومة واستمراره، أم في سياق الاقتتال الداخلي الذي لا طائل منه للقضية.
بالتحديد، إذا تحولت أحداث غزة إلى تفاوض على اقتسام السلطة والحصص والاعتراف الرسمي العربي والدولي، فإن ذلك أمرٌ لا ناقةَ لنا فيه ولا جمل، ويجعل ما جرى مجرد صراع على النفوذ ما بين فصيلين.
أما إذا تحولت أحداث غزة إلى مقدمة لفرض النهج المقاوم المتمسك بالثوابت وللتخلص من مشروع الاندماج الحمساوي في سلطة أوسلو التابعة للاحتلال، فإن ما جرى في غزة يصبح عندها مقدمةً حقيقية لمشروع إنقاذ القضية الفلسطينية. فلا بد إذن من قطيعة كاملة مع السلطة الفلسطينية كمؤسسة وكرموز وكنهج من أجل العودة للمربع الأول، مربع المقاومة. فبأي الاتجاهين ستسير القيادة السياسية لحماس؟

بلاد العرب أوطاني و أغنيات أخرى

الاخوة و الاخوات الاعزّاء

أرتأينا ان نهدي اليكم روابط الى موقع الاخوة من عائلة الزحالقة في فلسطين العزيزة، و التي تحوي بعضا من الاغنيات الوطنيّة الجميلة. و شكرا للأخوة على مجهودهم الرائع، مع تحيّاتنا و تمنيّاتنا لهم بالتوفيق.

بلاد العرب أوطاني
موطني
موقع الزحالقة - الصفحة الرئيسة

لجنة الاشراف على المدوّنة
لائحة القوميّ العربيّ

السبت، حزيران ١٦، ٢٠٠٧

بيان صادر عن التيار القومي العربي في رابطة الكتاب الأردنيين

قالت الناطق الإعلامي للتيار القومي العربي السيدة إنصاف قلعجي ، بأنه تم مساء اليوم الخميس الموافق 14/6/2007 الإعتداء بالضرب والكلام البذيء على الشاعر الأستاذ هشام عودة ، عضو التيار القومي العربي المرشح لخوض إنتخابات رابطة الكتاب الأردنيين ، وهو ما نعتبره إعتداء على أعضاء التيار ككل ، وذلك من قبل أعضاء من لجنة القدس على خلفية الإنتخابات التي ستجري يوم 22 من الشهر الحالي . وقد تم الإعتداء على الأخ هشام عودة في مكتب الأستاذ فخري قعوار ، الكاتب الكبير المعروف والنائب السابق في البرلمان . وقد كان القصد من هذا اللقاء إجراء حوار مع كتلة القدس ، وهي الكتلة التي رفضت ، وخلال وجود أعضائها في رابطة الكتاب الأردنيين ، إصدار بيان تدين فيه جريمة إغتيال الشهيد البطل صدام حسين المجيد.

الخميس، حزيران ١٤، ٢٠٠٧

في الفرق بين المشروع الطائفي والمشروع القومي

أعضاء لائحة القومي العربي الكرام

أتشرف بالانتماء لهذه اللائحة التي يتمتع أعضاؤها بالنضج والمسؤولية الكافيين للترفع عن الهجمات الشخصية خلال الحوار حيث أن احد أغراض وجود اللائحة نفسها هو العمل على بلورة مواقف مشتركة من خلال حوار جدي ومثمر، وبالتأكيد لا يمكن تحقيق ذلك إذا جرى تبطين الرسائل بإساءات شخصية موجهة لمن يحملون رأياً مخالفاً. فالإساءة غير مبررة إلا لمن ينتهكون الثوابت.

بالنسبة للنقاش الدائر حول حزب الله وما إذا كان حزباً طائفياً أم لا، والنقاش الدائر حول أحداث مخيم نهر البارد، أود لفت النظر للمقالة أدناه التي تحمل عنوان "تعساً لكم من قيادات بائسة" التي أرسلها عضو اللائحة ماهر مخلوف مشكوراً. وأهمية هذه المادة للدكتور أكرم حجازي أنها تمثل محاولة جادة لفهم ظاهرة فتح الإسلام، ولتحديد موقف مبدئي من العدوان على مخيم نهر البارد. وليس بالضرورة أن يوافق المرء مع كل حرف ورد فيها، ولكن لا بد من أخذ المعلومات الواردة فيها بجدية، وهي تضيف جديداً بأية حال. ولكن الأهم من المعلومات والتحليل في المقالة، "نفس" تلك المقالة وروحها المعبران عن موقف الشارع برأيي المتواضع على الأقل فلسطينياً.

أولاً، فتح الإسلام ليست كياناً غريباً نزل من المريخ، بل تمثل حالة طبيعية ضمن الجسم الفلسطيني المعارض. وهي تتألف أساساً من الفلسطينيين...

ثانياً، فتح الإسلام ليست عصابة، وبالنسبة لتهمة السطو المسلح على مصرف، لاحظ إشارة الكاتب أن عناصر فتح الإسلام لم يأخذوا أكثر من رواتبهم المستحقة من المصرف الذي يفترض أنهم سطوا عليه.

ثالثاً، فتح الإسلام ولدت من رحم فتح الإنتفاضة، وهذه الجزئية على الأقل ثابتة مئة بالمئة، والمادة أدناه تقدم معلومات جديدة تؤكد أن فتح الإسلام رفضت الإنجرار وراء جماعة الحريري وتسليم لبنان لأمريكا، بالرغم من أن الطرفين حاولا الاستفادة من بعضهما خلال مرحلة ما، دون أن تفقد فتح الإسلام بوصلتها السياسية.

رابعاً، بالنسبة للطريقة التي بدأت فيها أحداث مخيم نهر البارد، يقول المقال أدناه أن قوى الأمن اللبنانية هي التي ارتكبت مجزرة بعناصر فتح الإسلام وبعناصر الجيش اللبناني على حدٍ سواء، وتتضارب الروايات هنا، فهناك رواية وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي الذي يمثل قوى 14 آذار والتي تقول أن فتح الإسلام "غدرت" بالجيش، وهناك رواية فتح الإسلام التي تقول أن الجيش هاجمها بدون مبرر، والآن توجد هذه الرواية الجديدة، وليس من الحكمة أن نتبنى رواية قوى 14 آذار على الأقل صاحبة المصلحة بتبرير الهجمات على المخيم، ونزع سلاحه وسلاح المقاومة اللبنانية.

خامساً، يدين المقال العدوان الإجرامي على مخيم نهر البارد، ويدين القوى الفلسطينية التي تغطي هذا العدوان بمواقفها المتخاذلة والمتواطئة. ولاحظوا بالذات ما يقوله كاتب المقالة في نهايتها على هذا الصعيد، والمرارة التي يعبر عنها هنا، والتي تمثل على الأرجح موقف قطاعٍ عريضٍ من الناس.

فالطبيعي أن ندين هجوم قوة عسكرية عربية على منطقة مدنية عربية، مثلاً، عندما هوجمت معان في جنوب الأردن وتم التنكيل بها بذريعة وجود قوى أصولية هناك (أبو سياف وغيره) كان موقف كل القوى والشخصيات الشريفة إدانة ذلك العدوان. وليس منطقياً أن يبرر أحد الهجوم الوحشي على المدنيين في المخيم بذريعة وجود قوى أصولية أو سلفية جهادية فيه، فهذا ببساطة موقف لا يمكن تبريره، ولا يفهم الهجوم على المدنيين بذريعة وجود "مخربين" إلا بأنه عقاب جماعي، ومن يريد أن يبرر مثل هذا الأمر، لن يجد ما يقوله عندما يستخدم الأمريكيون واليهود نفس الذريعة لقتل العراقيين أو الفلسطينيين. واعتقد أن معظمنا يجمع على هذه النقطة على الأقل بغض النظر عن موقفه من فتح الإسلام نفسها.

الآن نأتي للقضية الخلافية وهي الموقف من حزب الله. على أي أساس يعارض حزب الله فتح الإسلام؟ وعلى أي أساس وافق حزب الله، ولو على مضض، على مهاجمة الجيش اللبناني لمخيم نهر البارد؟

فتح الإسلام موقفها واضح من الأمريكان واليهود. وشاكر العبسي كان يدرب المتطوعين ويرسلهم للقتال في العراق. وليكن واضحاً أنه لو كان مستعداً للتفاهم مع الحريري لما تعرض لمثل هذا الهجوم لشطبه. على العكس، نرى الولايات المتحدة وأذنابها ترسل العتاد وتقدم التأييد السياسي لضرب فتح الإسلام. إذن، الأساس الوحيد للعداء بين حزب الله وفتح الإسلام هو الأساس الطائفي، خاصة أن فتح الإسلام اعتبرت نفسها أيضاً قوة سنية.

طبعاً حزب الله يدرك بأن الهجوم على المخيم يمثل سابقة قد تجري عليه أيضاً من أجل محاولة نزع سلاحه، ولكن فتح الإسلام تُضرب من خارج سياق المعادلة اللبنانية نفسها، بالنسبة لحزب الله كجزء من الصراع الطائفي السني-الشيعي على مستوى الإقليم، بالتحديد، بين السلفية الجهادية بفصائلها المختلفة، وبين الجماعات المرتبطة بإيران.

ولا بد من عودة سريعة هنا للتذكر بأن الحرب اللبنانية عندما اشتعلت شرارتها في 13 نيسان 1975 على يد قوى طائفية مارونية ممثلة بحزب الكتائب والوطنيين الأحرار وحراس الأرز كانت تقابلها قوى غير طائفية في الجهة الأخرى تتألف من الوطنيين والقوميين والشيوعيين والبعثيين وغيرهم، وكان المسلم والمسيحي والشيعي والسني والدرزي يقاتلون جنباً إلى جنب في مواجهة المشروع الطائفي الذي كانوا يسمونه مشروعاً إنعزالياً. ثم جاءت الثورة الخمينية، وبدأ الغول الطائفي يصحو من سباته العميق، وبدأ الاصطفاف يتحول في لبنان (وغيره) من طائفي مقابل وطني وتقدمي إلى طائفي مسيحي ماروني مقابل طائفي إسلامي في نفس ذلك الجزء من الشارع اللبناني الذي كان وطنياً ويسارياً في السابق. وبدأت تضمر القوى الوطنية واليسارية ويضمر دورها ووزنها لمصلحة قوى طائفية مختلفة، وكان هذا يحدث بالضبط بفعل تأثير القوة التي كانوا الوطنيون واليساريون يهللون لها: الثورة الخمينية. وما حدث في لبنان كان يحدث على نطاقٍ أوسع في الإقليم بأسره...

الجديد كان أن التحريض الطائفي حتى الثورة الخمينية كان حكراً على المعسكر الموالي لأمريكا وبريطانيا في الحرب الباردة. كان النظامان السعودي والأردني يروجان على مدى عقود للطائفية ولكل ما يمكن أن يحتوي الموجة الناصرية والبعثية واليسارية وكان ذلك جزءاً من استراتيجية امريكا وحلف الناتو في الحرب الباردة لاحتواء الشيوعية وحركات التحرر الوطني. وبالتالي، كان التحريض الطائفي حتى ذلك الوقت ينظر إليه باعتباره منطقاً مشبوهاً أو عميلاً للغرب. ولكن بعد الثورة الخمينية تم اختراق الشارع والعقل الجمعي العربي بالتحريض الطائفي من داخله. صار الاصطفاف طائفياً في الشارع، بعد أن كان وطنياً ما فوق طائفي. وصار من الممكن في أذهان الناس أن يكون المرء وطنياً وطائفياً في آنٍ معاً.

وعملياً، في مثل هذا الجو، لم يعد من الممكن أن يكون هناك مشروع يتجاوز الطائفة أو العشيرة أو المنطقة أو الإقليم في أحسن الأحوال. طبعاً هزيمة ال67 شكلت ضربة حقيقة للتوجه القومي، مع أنها كانت هزيمة الدولة القطرية لا هزيمة النهج القومي كما يقول عصمت سيف الدولة. فالمشروع الخميني أتى في وقت ملائم جماهيرياً أيضاً، بينما كان النظام الرسمي العربي يعيش حالة من العقم الشديد وانعدام الوزن. والثورة الفلسطينية المعاصرة شكلت في النهاية تخلياً عن النهج القومي لمصلحة توجه قطري لا يمكن إلا أن ينتج مزيداً من التفكك الفئوي (ها نحن نرى بعض نتائجه في غزة). والنقطة هي أن جغرافيا الطوائف والعشائر والمناطق ربما تنتج قوى متعارضة موضوعياً على الأرض مع المشروع الأمريكي-الصهيوني، ولكن أفقها لا يمكن أن يتجاوز، بسبب طائفيتها بالذات، أكثر من خط دفاع موضعي، أي أن الطوائف والعشائر والمناطق يمكن أن تشكل خطاً دفاعياً هنا أو هناك، ولكنها لا يمكن أن تكون مشروعاً قومياً نهضوياً.

وعندما تتعارض الطوائف والعشائر والمناطق، بصفتها ما دون الوطنية هذه، مع المشروع الأمريكي-الصهيوني، فإننا يجب بالضرورة أن ندعمها بكل قوة، خاصة في ظل غياب مشروع قومي نهضوي. ولكن لا يجوز أن نسقط حلمنا القومي عليها، فهي عاجزة عن أن تكونه، وهي تمثل في جوهرها حالة ردة عن الحلم القومي، حتى لو مثلته مرحلياً أو موضعياً في هذا المكان أو ذاك، ربما بالرغم منها.

يعني باختصار، لا يجوز أن نطلب من هذه القوى أن تكون ما لا تستطيعه، ولكن لا يجوز أيضاً أن نقدم لها دعماً غير محدود لما تمثله، حتى لو قدمنا لها دعماً غير محدود في معركتها المباشرة مع الطرف الأمريكي-الصهيوني في المكان والزمان الذي تصطدم معه فيهما فقط، مع معرفتنا الكاملة أنها ربما تتقاطع معه في حالات أخرى.

وهذا ينطبق بالمناسبة لا على نصرالله فحسب، بل على بن لادن أيضاً، فكلاهما يمثل مشروعاً طائفياً في النهاية، وبالرغم من ذلك، يجب أن لا نتردد بتقديم الدعم غير المحدود لهما عندما وحيث يصطدمان بالطرف الأمريكي-الصهيوني، بدون تبني مشروعهما العقائدي الذي يبقى مشروع إخضاع الأمة لرؤية طائفية ضيقة، ولو اختلفت الوسائل.

وحتى نتمكن من إنتاج المشروع النهضوي التحرري الوحدوي يجب أن نتمسك بكل نقطة مقاومة وممانعة حيثما وجدت، ولا نطلب من نصرالله أن يكون عبد الناصر، ولا نطلب من بن لادن أن يتبنى موقفاً قومياً متنوراً، فلو فعلا لا يبقيان نصرالله أو بن لادن، ولكن هذا لا يعني أن ننسى الفرق الرهيب بين خط دفاع أنتجته الظروف، وبين مشروع قومي تحرري نهضوي.

إذن كما قال زياد الجشي في رسالته على اللائحة حول هذا الموضوع (بالإنكليزية) ندعم نصرالله في لبنان وبحدود دوره في مواجهة العدو الصهيوني وصهينة لبنان، ولكن لا ننسى موقفه المعيب في العراق، وارتباطه العضوي بإيران، والتزامه بدور طائفي فحسب.

وحزب الله لا ينكر ذلك على كل حال، يعني هذه ليست تهمة، بل واقع موضوعي. حزب الله يعبر عن طائفة، حتى لو اختلف عن حركة أمل التي تعبر عن طائفة أيضاً، بسوية أخلاقية وسياسية وميدانية أدنى بكثير. ونصرالله يمثل طائفة، وهو لا يخفي ذلك، وحزب الله قوة طائفية، حتى لو وظف وزنه وقوته في سياق وطني بحدود الصراع مع العدو الصهيوني في لبنان. وكقوة طائفية، يبقى حزب الله محدوداً بالاعتبارات الطائفية لأنه بنى نفسه على هذا الأساس. تماماً كما يبقى أي حزب قومي محدوداً بالاعتبارات القومية لأنه بنى نفسه على ذلك الأساس. والمقياس يبقى دوماً مصلجة الأمة، فإذا قامت عشيرة أو طائفة أو منطقة بأية خطوة تخدم مصلحة الأمة يجب أن ندعمها دون أدنى تردد، ولكن شتان ما بين ذلك وما بين ما نحتاجه فعلاً كأمة على مستوى استراتيجي. نحن بحاجة لمشروع تاريخي حقيقي، وليس فقط لنظرية "شيء ما أفضل من لا شيء"، أو "خبزة حاف أحسن من أن نبقى بالجوع".

بالتأكيد أمتنا عرفت الطائفية والعشائرية والمناطقية والإقليمية طويلاً في تاريخها، ولكن ذلك كان يميز فترات الردة والهزيمة والتراجع والانتكاس، أما في مرحلة التقدم إلى الأمام، فإن مشروع الأمة كان دوماً هو المشروع القومي، فالإسلام مثلاً عندما أخرجنا من الجاهلية مثل مشروعاً وحدوياً نهضوياً تحررياً، وعندما انقسم الناس إلى شيع وطوائف عدنا بشكل أو بأخر إلى الجاهلية. فتاريخ الأمة العربية هو بشكل من الإشكال تاريخ الصراع بين المشروع القومي النهضوي التحرري أي قوى الوحدة والتوحيد من جهة، وقوى الطائفية والعشائرية الجاهلية أي قوى التفكيك والتشرذم من جهة أخرى. وكان التقدم والتخلف في مجتمعنا العربي يتوقف تاريخياً على ميزان القوى ما بين هاتين القوتين.

باختصار شديد، خلاصنا بالمشروع القومي، وخلاصنا بأيدينا، ونحن الذين ننجح أو نعجز عن إنتاجه، أما القوى الإقليمية (مثل الثورة الفلسطينية المعاصرة) أو الطائفية (مثل حزب الله والقاعدة) أو العشائرية فيمكن أن تحقق نجاحاً هنا أو هناك، وهو أمر لا يحق لأحد أن يقلل من شأنه أو أن يقصر في دعمه، ولكنها لا يمكن أن تنتج مشروع وحدة وتحرير ونهضة. فمثل هذا المشروع يحتاج إلى رافعة من جنسه، أوسع من الطوائف وأكبر من الأقاليم والمناطق، أي إلى رافعة قومية في طرحها الفكري وبنيتها التنظيمية وأدواتها السياسية، والأهم، قومية في مشروعها المبدئي، وليس فقط في دورها الموضعي حسب الظروف، فهل تكون المقاومة العراقية مثل تلك الرافعة!؟

أخوكم إبراهيم علوش