الأربعاء، حزيران ٢٠، ٢٠٠٧

صاعقة حماس هل تسيطر على غزة ؟

د.محمد احمد جميعان

يذكرني الاخوة المحبين وآخرين من الغاضبين حول مقال نشر لي على هذا الموقع بعنوان "حماس راية تجاوزت التنظيم والتشكيك" وان هناك تكملة لهذا المقال تحت عنوان " ما هو المطلوب من حماس ؟" ولم أقم بنشره ، وهذا صحيح ، ومع عظيم احترامي للإخوة جميعا فإنني لم أنسى ذلك ولكن تتابع الإحداث على الساحة الفلسطينية جعلني امتنع عن تكملة الحديث حتى لا يأخذ تأويلات قد تسيء ولا تخدم الوطن ...

ولكن ما حدث في غزة من سيطرة حركة حماس بالكامل على أجهزة الأمن المقدرة بثمانين ألف عنصر يملكون أسلحة متفوقة ويتمترسون في قلاع محصنة ومؤمنة بالكامل خلال ( 48 ) ساعة هو صاعقة بالمعنى الكامل للكلمة ، لم تستطع الأجهزة الاستخبارية في المنطقة ان تتوقعه وتستوعبه ، مما حدا بالكثيرين وصفه بالقدرة الإلهية لعجزهم عن تفسير ما حدث..

رغم أن حماس مستهدفة ومراقبة ومتابعة على مدار الساعة من قبل إسرائيل بشكل مباشر وتحالف من آخرين من خصوم حماس أو الذين يرون فيها خطر.. وهنا لا بد لي من إشارة مكررة ان حماس لو كانت مخترقة بعميل واحد من داخلها بمستوى عضو مقاتل وليس قائد لما كانت النتيجة على هذا النحو ، وهي بذلك تحقق ثاني مفاجئة صاعقة تربك الجميع وتبدل المعادلة وتحرف البوصلة وتضع من تضع في متاهة لا اعتقد أن الخروج منها سهلا ..

ما أثار استغرابي ردود الفعل المقابلة لغاية الآن والتي حملت مضامين واحدة ، هجاء وذم وشتم وألفاظ ومصطلحات ولطم وتقزيم وتهويل ، مرة نرى التهويل ومرة نسمع التقزيم وكأن تحليل ما حدث أصبح معجزة أو يقع في دائرة المحرمات ، او ان البعض يعتقد ان هذا المنهج هو الكفيل بالقضاء على حماس واعادتها الى خطوط التماس ..

الصحافة الإسرائيلية وصفت ما حدث بأنها أمام برج من ورق انهار في لحظة غير متوقعة ، أما اولمرت فقد وصف ما حدث بأنه يذكر بجيش لحد حينما انهار . إحدى الفضائيات من رام الله لا ينقطع فيها السباب والشتائم والعويل والنحيب البكائي ساعة واحدة وهناك ألفاظ لا يصدق المرء انها تصدر من فضائية مرخصة على قمر عربي يذكرني بالمثل الشعبي " أشبعتهم شتما وفازوا بالإبل .." والسؤال هل لكل هذا وذاك أن يعيد الأمر الى ما كان ؟!

إن ابسط قواعد التحليل تقول ان ثمانين الف عنصر لم يصمدوا ( 48) ساعة ، وان إسرائيل تقف حائرة وعاجزة عن اختراق حماس ، وان اغلب القطاع خرج لتأييدهم ووفر لهم الحاضنة والدعم والقدرة والقوة ..لا احسب ان إعادة الأمور الى ما كانت علية في القطاع اصبحت ممكنة الا اذا كان ذلك بوافقة حماس وإرادتها عندها يطرح السؤال المحرج هل هذا مقبول سياسيا وعسكريا واستخباريا لا بل واستراتيجيا على المدى البعيد ؟

ان ما حصل قد حصل والحقائق أصبحت بائنة للجميع فلا الوهم ولا التمني ولا كل ما نسمع يحيك ثوبا قد اهترئ وان اهم ما يمكن الحديث عنه الان والذي يخدم المستقبل ويضعنا امام الحقائق والمعطيات التي تخدم السياسة والسياسين واصحاب القرار هو السؤال المباشر" هل تسيطر صاعقة حماس على الضفة مستقبلا ؟" وهذا ما سوف أفصله في المقال التالي ..

ليست هناك تعليقات: