الجمعة، حزيران ٢٩، ٢٠٠٧

بيان المؤتمر الناصري العام بخصوص الوضع في فلسطين

بيان

أن شعبنا العربي وهو يرقب بكل مشاعر الأسى والغضب ما يجرى في فلسطين المحتلة، وإذ يدين هذا الانتهاك الخطير لحرمة الدم العربي، ليؤكد على قناعاته التاريخية الراسخة بأنه لا سبيل لحل الأزمة الراهنة على الساحة الفلسطينية سوى بتبني خيار المقاومة بوصفة الخيار الأوحد لاستعادة وتحرير كامل التراب الفلسطيني.

إن الذين روجوا لمقولات مبتذلة من قبيل التفاوض هو الحل لاستعادة الأرض وأن السلام هو خيار العرب الاستراتيجي، قد كشف عنهم الغطاء وافتضح عوار مسلكهم بعد ما وصلت صيغة غزة أريحا إلى نهايتها المحتومة، والتي حذر منها كل شرفاء الأمة العربية.

لقد نجحت هذه الصيغة في تسليط فريق من الفلسطينيين للتآمر على الكفاح المسلح وعمل هذا الفريق في حقيقة الأمر بصفته "وكيلا" عن الطرف الصهيوني مؤتمرًا بما تصدره الولايات المتحدة وحليفاتها الأطلسيات من أوامر وتعليمات، ومقابل ذلك أطلقت يد قيادات ما سمي "بالسلطة الفلسطينية" ليرتعوا بالفساد في الأموال التي رصدها المانحون الدوليون والعرب للشعب الفلسطيني.

لقد أوقعت هذه "السلطة" شعبنا الصامد في فلسطين بين فكي كماشة، طرفها الأول الاحتلال الصهيوني الذي يصادر الأراضي ويعتقل بل ويغتال المناضلين والمواطنين العزل بكل دم بارد، وطرفها الثاني "سلطة" يشارك بعض أطرافها ليس فقط في نهب الأموال وتوظيف الأقارب بل وفي تسريب المعلومات عن الفصائل الفلسطينية وأنشطتها للعدو الصهيوني.

إن أبلغ تعبير عن تقييم الشعب الفلسطيني لممارسات سلطة غزة – أريحا كان ذلك الانفضاض عن رموز هذه السلطة والتصويت ضدها في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ولا جدال في أن هذا السخط الشعبي ضد سلطة عرفات ومن بعده عباس قد أضاف المزيد من التأييد لفصائل المقاومة الأخرى وعلى رأسها حركة حماس ولاسيما في قطاع غزة.

ومن أسف أن هذا التحول الشعبي لم يوظف في دعم أعمال المقاومة ضد العدو لإرغامه على الانسحاب دون قيد أو شرط من غزة مثلما جرى سابقا في جنوب لبنان، وإنما أغرى حركة حماس بالدخول إلى خضم "العملية السلمية" التي ترفضها من حيث المبدأ.

لقد ارتكبت حماس بعد التصفية الوحشية للعديد من قيادات الصف الأول بها خطأ استراتيجيا بالمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي لبلد وهو مازال في قبضة المحتل يضيق عليه الطرق ويسد عليه السبل بالجدار العازل ويقتحم المسجد الأقصى ويمنع عن المواطنين إمدادات الغذاء والطاقة بكل أنواعها، وزاد في الطنبور نغمة، الانغماس في مستنقع غزة أريحا بتشكيل حماس "لحكومة" فلسطينية لم يكن أمامها بحكم الأمر الواقع سوى خيارين لا ثالث لهما، فإما الخضوع الكامل للإملاءات الأمريكية والشروط الصهيونية أو مواجهة خطط تجويع الشعب الفلسطيني وإبادة كوادر المقاومة، تلك الخطط التي شاركت في تنفيذها عناصر فلسطينية ودول عربية.

وأدت الأوضاع المتفجرة بين سلطة عباس وحركة حماس ليس فقط إلى إهدار الدم الفلسطيني في مواجهات كان حريًا أن يوجه فيها السلاح الفلسطيني لصدور الأعداء الصهاينة بدلا من صدور الأشقاء بل وإلى الإساءة لقضية الشعب الفلسطيني على الصعيد الإنساني، وزيادة على ذلك فإن انحراف شاذا يتكرس كل يوم ويكاد يطغى على مواصلة العمل الفلسطيني، فبعد أن كان الحديث ينصب على تحرير أجزاء من التراب الفلسطيني المحتل واستعادة حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، يتكرس كل يوم مسلك مهين ينحط بالقضية إلى مستوى البحث عن سبل إطعام الفلسطينيين وتوصيل المعونات الدولية لهم تحت شروط ليس من بعدها ذل أو إهانة.

لقد حول هؤلاء الغواة من الإقليميين قضية فلسطين، قضية العرب والمصير العربي إلى مستوى هو أدنى من وصفها بقضية لاجئين من فلسطين، لقد صارت على أيديهم قضية أناس يبحثون عن "إعاشة ومعونات" لا طلاب أرض وحقوق مغتصبة.

إن المؤتمر الناصري العام وهو يشاطر شعبنا العربي الإدانة الكاملة للاقتتال الفلسطيني ليهيب بكل فصائل المقاومة الفلسطينية التي تتمسك بخيار الكفاح المسلح أن تراجع كل خطواتها التي جرتها إلى مستنقع صيغة غزة أريحا.

ولكن ذلك لا يمنع المؤتمر من إدانة عملاء الكيان الصهيوني في سلطة غزة – أريحا، والذين رضوا على أنفسهم أن يكونوا أدوات لتنفيذ المشيئة الصهيونية والإرادة الأمريكية بتحريضهم العدو على المقاومين واستفزاز الفلسطينيين بمسلكهم المشين في التعاطي مع الأعداء ونهب الأموال العامة. إن جملة ما أصدره رأس "السلطة" أبى مازن من قرارات وإجراءات ليس سوى استجابة ساذجة وفاضحة للشروط الصهيونية والأمريكية . وما إسراع الأطراف الأوربية والأمريكية بالإعلان عن رفع الحظر على المعونات الموجهة للشعب الفلسطيني إلا توكيد من جانب آخر على هذه الحقائق.

إن القوى الحية في أمتنا العربية مطالبة بالبحث عن سبل لإيقاف نزيف الدم الفلسطيني والحيلولة دون تعميق الخلافات بين فصائل المقاومة الفلسطينية وردع كل محاولة لتدخل أمريكي بغطاء دولي في قطاع غزة على غرار ما جرى في العراق. إننا أيضاً نوجه أحرار الأمة إلى الدور المشبوه الذي يقوم به النظام الرسمي العربي في ذيلية واضحة للكيان الصهيوني للإجهاز على ما تبقى من قضية فلسطين. لقد فضحت أحداث غزه انتهاءً بالنسخة الأخيرة من مؤامرة شرم الشيخ هذا الحلف الصهيوني مع النظام الرسمي العربي لتنفيذ مخطط التفكيك ومواجهة إرادة المقاومة العربية حيثما كانت .

المقاومة خيار الأمة

ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة

عاش كفاح أمتنا العربية على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة



القاهرة في 23/6/2007

الأمانة العامة

المؤتمر الناصري العام

ليست هناك تعليقات: