الاثنين، حزيران ١٨، ٢٠٠٧

كتائب القسام تنجز ما كان يفترض أن تنجزه كتائب الأقصى والعودة

د. إبراهيم علوش

تحية لكتائب عز الدين! فقد أنجزت عملية تنظيف داخلية في قطاع غزة طال الصبر عليها أكثر من اللزوم. وكانت قد تشكلت على هامش الاحتلال الصهيوني - والسلطة الفلسطينية المتكونة سفاحاً في رحمه - طحالب طفيلية تتغذى على التنسيق الأمني والسياسي مع العدو الصهيوني، وقد أوغلت هذه الشريحة من المتعهدين الأمنيين والسياسيين في نشر الفساد والفوضى، والأهم، في إعاقة المقاومة الفلسطينية نهجاً وممارسة، وفي إضعاف السلطة نفسها. فكان ما اضطلعت به كتائب القسام استحقاقاً متأخراً جداً على كل المؤمنين بنهج المقاومة في الساحة الفلسطينية، وليس فقط أبطال القسام.
وهناك من بين صفوف الفتحاويين من كان يحدث نفسه وأخوانه دوماً بضرورة التخلص ممن ترتبط مصالحهم بالتنسيق الأمني والسياسي مع العدو الأمريكي-الصهيوني، ومن لا يستطيعون الاستمرار بمواقعهم إلا بنشر الانحلال والتفكيك داخل حركة فتح نفسها، وممن يشكلون بالتالي خنجراً سياسياً للاحتلال في جسد الشعب العربي الفلسطيني. وكان الأولى بشرفاء فتح أن ينظفوا بيتهم الداخلي من هذه الأوبئة، ولكن لما لم يتصدوا بما يكفي من الحزم لهذه المهمة التي لا غنى عنها لتقدم العمل الفلسطيني المقاوم، وإنقاذ القضية الفلسطينية من الضياع، فقد آلت إلى غيرهم.
فتحية أخرى لكتائب عز الدين القسام لأنها لم تتوقف، كما فعل شرفاء فتح، عند أهم حاجزين نفسيين-سياسيين وهميين كانت تلك الطحالب المتجرثمة تنمو في ظلهما وهما: 1) قميص عثمان "الشرعية الفلسطينية"، و2) قدسية "الوحدة الوطنية الفلسطينية".
أولاً، لا مشروعية لأية سلطة في ظل الاحتلال ولا شرعية بالتالي لسلطة أوسلو أو أيٍ من مؤسساتها، وتلام قيادة حماس السياسية في الداخل والخارج إذ أكدت تمسكها بهذه الشرعية المزعومة، وبرئيس السلطة عباس، على خلفية حفلة تنظيف غزة، مما يفقد ما قامت كتائب القسام بعض غطائها السياسي فيما قامت به مشكورةً. فالشرعية الوحيدة لأي شعب تحت الاحتلال هي شرعية المقاومة، وشرعية التمسك بالهدف الاستراتيجي. ومن هنا، فإن حماس تفقد شرعيتها الحقيقية بمقدار ما تسعى للاندماج بسلطة أوسلو، وهو الأمر الذي أتضح أن عربونه الأولي فقط هو وقف العمليات الاستشهادية ووقف إطلاق النار والموافقة على مبادرة السلام العربية، دون أن يفيد قط في إدخال حماس من خرم إبرة "الشرعية العربية أو الدولية".
ثانياً، لا قدسية لدماء أو مواقع من يعيشون كشريحة أو كأفراد على التعاون الأمني والسياسي مع العدو الأمريكي-الصهيوني. والوحدة الوطنية تكون مع أناس يفترض بهم بالحد الأدنى أن يكونوا وطنيين، فإن كانوا مفرطين بالثوابت ومتنازلين عن هدف التحرير ومتعاونين مع العدو، فإن الوحدة معهم تكون بالضبط وحدة غير وطنية! ولهذا يمثل هؤلاء امتداداً للعدو ويجب أن يعاملوا على هذا الأساس، أي باعتبارهم خارج الشعب.
إذن، ما حدث في غزة أمرٌ مرغوب وطنياً وهو أشبه بتنقية الجسم من الأدران والأوساخ، وكان يجب أن يحدث منذ مدة طويلة، والحمد لله إذ حدث اليوم وليس غداً. ولكن ما يحدث سياسياً غداً أو بعد غد هو الذي سيحدد إن كان ما جرى في غزة سيصب في النهاية في سياق مفيد لنهج المقاومة واستمراره، أم في سياق الاقتتال الداخلي الذي لا طائل منه للقضية.
بالتحديد، إذا تحولت أحداث غزة إلى تفاوض على اقتسام السلطة والحصص والاعتراف الرسمي العربي والدولي، فإن ذلك أمرٌ لا ناقةَ لنا فيه ولا جمل، ويجعل ما جرى مجرد صراع على النفوذ ما بين فصيلين.
أما إذا تحولت أحداث غزة إلى مقدمة لفرض النهج المقاوم المتمسك بالثوابت وللتخلص من مشروع الاندماج الحمساوي في سلطة أوسلو التابعة للاحتلال، فإن ما جرى في غزة يصبح عندها مقدمةً حقيقية لمشروع إنقاذ القضية الفلسطينية. فلا بد إذن من قطيعة كاملة مع السلطة الفلسطينية كمؤسسة وكرموز وكنهج من أجل العودة للمربع الأول، مربع المقاومة. فبأي الاتجاهين ستسير القيادة السياسية لحماس؟

ليست هناك تعليقات: