الأحد، أيلول ٣٠، ٢٠٠٧

في تحالف القوميين والإسلاميين واليساريين في المرحلة الراهنة

د. إبراهيم علوش

تتميز التيارات الرئيسية الثلاث في الفكر والتاريخ العربي المعاصر، أي القومية والماركسية والإسلامية، عن التيار الليبرالي المتغرب، خاصة بصيغته ما بعد الحداثية المفتونة بالأقليات و"التعددية الثقافية"، أن التيار الليبرالي ينطلق من الفرد والخصوصيات الفردية في التعاطي مع الشأن العام، وأنه يجعل المنظور الفردي والظروف الخاصة النقطة المرجعية في الحكم على الأشياء وفي تقييمها، بينما تنطلق التيارات الإسلامية والقومية والماركسية، بالرغم من اختلاف مرجعياتها الفكرية عن بعضها البعض، من نقطة مرجعية اجتماعية أو جمعية أساساً، أي من متحد اجتماعي ما، سواء كان الأمة العربية بالنسبة للقوميين، أو الأمة الإسلامية بالنسبة للإسلاميين، أو الطبقة العاملة أو البروليتاريا العالمية بالنسبة للشيوعيين.

ومن الواضح أن ثمة تنوعات وأجنحة واتجاهات داخل كل تيار من هذه التيارات، فليس أياً منها كتلةٌ صماء متجانسة. ومن ناحية سياسية، لا يمكن اختزال كل الأجنحة ضمن أي من هذه التيارات إلى قاسم مشترك واحد، فشتان ما بين القاعدة مثلاً والحزب الإسلامي العراقي، وكلاهما إسلامي، أو ما بين القوميين الجذريين وقوميي الأنظمة، وكلهم قومي، أو ما بين الانشقاقات المختلفة وصراعاتها ضمن الأحزاب الشيوعية، وكلها ماركسية!!

إذن الحديث هنا عن المرجعية الأيديولوجية/ العقائدية، لا السياسية، للتيارات العربية اليسارية والقومية والإسلامية.. وفي المرجعية الأيديولوجية لتلك التيارات، نجد أن القاسم المشترك بينها أنها تنطلق كلها من أرضية جمعية، اجتماعية، تتجاوز الفرد، مقابل التيار الليبرالي، وامتداده الما بعد حداثي، الذي ينطلق من مركزية الفرد، ومن ثم من أولوية الخصوصيات.

ومع انهيار الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية ونشوء الظروف الموضوعية لانفلات مشروع الأحادية القطبية، وبالأخص بعد تبني المحافظين الجدد لمقولة "صراع الحضارات"، وتركيز الهجمة على العرب والمسلمين، وبعد انبثاق مشروع العولمة الرأسمالية، وهجوم الشركات متعدية الحدود الضاري على الدولة والثقافة القومية عالمياً بنفس مقدار هجومها على الطبقة العاملة وإنجازاتها وعلى شعوب العالم الثالث، فإن الهجوم على الإسلام من منظور الإسلاميين، صار يصعب تمييزه من الهجوم على الأمة العربية من منظور القوميين، وكلاهما يزعم أنه هو المستهدف أساساً، وصار يصعب تمييز الهجوم على العراق والهجوم على أفغانستان، من منظور اليساريين حول العالم، من الهجوم المعولم على الإنجازات النقابية للطبقة العاملة العالمية وشعوب العالم الثالث!

وذلك أن الطرف القائم على ذلك الهجوم هو نفسه في كل الحالات، ولذلك لم يكن غريباً أن تسمع الشيخ أسامة بن لادن مثلاً يتحدث عن الشركات الكبرى التي تدير المؤسسة الإمبريالية وسياساتها، أو أن ترى برنامج التفكيك والهيمنة نفسه يستهدف 1) الهوية الحضارية و2) السيادة الوطنية و3) الثروات والأسواق المحلية، حيث قد يهتم الإسلامي بموضوعة الهوية أكثر، ويهتم الوطني والقومي بموضوعة السيادة والأرض والوحدة السياسية أكثر، ويهتم اليساري بخصخصة القطاع العام والإجحاف اللاحق بالعمال والمواطنين أكثر، دون أن يعني ذلك طبعاً أن أياً منهم يريد أن يفرط بالبنود الأخرى، لولا طريقة ترتيب الأولويات النابعة من المرجعية الخاصة لكلٍ من هذه التيارات، ولولا أن المعركة هنا لا يمكن فصلها عملياً عن المعركة هناك أو هناك، مثلاً: الدفاع عن نفط العراق، لا يمكن فصله عن الدفاع عن أرض العراق من الاحتلال، أو الدفاع عن وحدة العراق من التفكيك.

المقصود هو أن اللون الأيديولوجي للهجمة المعادية للعولمة، المختلط بالظل المحدد لمشروع المحافظين الجدد والكيان الصهيوني في بلادنا، قد رسم لوحةَ برنامجٍ تفكيكيٍ شامل ينطلق من: 1) أولوية حقوق الفرد مقابل حقوق الجماعة، 2) أولوية حقوق الأقلية بالحكم الذاتي أو الانفصال مقابل وحدة الوطن، 3) أولوية تكسير الرؤى الأيديولوجية والسياسية الكبرى، والقيم والمفاهيم الثقافية، والكليات "المتعسفة والمطلقة" بالتأكيد، من أجل إبراز الخصوصيات و"فردانية الحقيقة"، أو الحقيقة الذاتية ذات المرجعية الفردية.

ومضمون هذا البرنامج يبقى طبعاً تفكيك الأرض والإنسان والهوية لإنتاج المشروع "الشرق أوسطي" بكل أبعاده.

ولو كانت القضية قضية ديموقراطية فحسب، فإن التفسير السطحي (الغربي) للمصطلح، بمعنى حكم الأغلبية العددية، يمكن أن يتحقق من خلال تبني خيارات الكتل الكبرى في المجتمع العربي التي ترتبط بهوية حضارية واحدة، ورابطة قومية واحدة، وبمصلحة اقتصادية واحدة، ولكن لا! لأن المشروع المطروح أمامنا ليس حكم الأغلبية، بل الترويج للفردية، لليبرالية قاعدتها الفرد، وهي في أحسن الأحوال ليبرالية ديموقراطية Liberal democracy، كما يسمي علماء السياسة الأمريكيون نظامهم، أو ليبرالية غير ديموقراطية في حالتنا، أي تفكيك المجتمع الإسلامي أو الأمة العربية أو الطبقة العاملة إذا شئتم، إلى ذرات وجزيئات متفرقة، ومن ثم يأتي الحديث عن طموح ديموقراطي لأفراد لا يربطهم رابط حضاري أو قومي أو طبقي في وعيهم وأذهانهم، لأن هذا ما يحقق أفضل الشروط لنفاذ الشركات متعدية الحدود وهيمنة الحركة الصهيونية. فالقضية هنا ليست أنهم جميعاً يواجهون عدواً سياسياً آنياً واحداً فحسب، بل مشروعاً أيديولوجياً تفكيكياً واحداً يتهددهم و وجودهم جميعاً ووجود الأمة بالصميم.

وليست هذه دعوة لمحو الفروق بين التيارات الثلاثة، خاصة عندما يكون لكل منها متميزٌ يقدمه في الدفاع عن الأمة، ولكن ما سبق يفسر إلى حدٍ ما: 1) حالة التقارب والحوار الهادئ في بلادنا بين القوميين والإسلاميين أساساً، وبدرجة أقل اليساريين، منذ هجمة العولمة وبزوغ عهد القطب الواحد، 2) حالة التحييد النسبي للخلاف الأيديولوجي بين هذه التيارات لمصلحة تحديد الاصطفاف والتحالفات على قاعدة الموقف السياسي لا الأيديولوجي، 3) ولادة بعض الجبهات العريضة من مستقلين مخلصين للأمة قد ينتمون لتيارات أيديولوجية متعددة، 4) نشوء صراعات حادة ضمن كل تيار من هذه التيارات على أرضية الموقف السياسي لا العقائدي.

ولا يشذ عن قاعدة تحييد الاعتبار الأيديولوجي، دون نسيانه، لمصلحة إعطاء الأولوية للموقف السياسي في مواجهة الطرف الأمريكي-الصهيوني ومشروعه، إلا نوعين من القوى والشخصيات بصراحة: بعض الجماعات السلفية المغالية، وبعض الجماعات اليسارية المغالية، وكلاهما لا يعبر عن نفس الأمة.

أبو غريب

منصور الطورة

زمان ، قبل امبراطورية اللصوص هده ، كان في العراق شعوبا ومدن ، وقد كانت تلك، أعظم الشعوب وأجمل المدن وكان العراق للحب والثقافة والعدل والعلم مركزا .....وكانت الانهار فيه تحمل على صفحة مائها أوراق الشجر خريفا ، وفي الربيع تحمل الورد اذ يتساقط من بساتين الأقحوان ....

وزمان ايضا ، كانت هذه الارض أرضا واحدة ....والأمة أمة واحدة ، وكانت السعادة يمانية ، والشعر حجازيا ، وفي الشام........ المراة والحب والالهام ، وأيضا....... كانت بلاد العراق أرضا للسلام والتنوير....ووقتها لم يكن يخطر بالبال ما قد كان وما كان ليقال أن العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان الا من باب الرغبة في بلوغ الأسطورة والرغبة في اكتمال الكمال...

أردت أن أقول ما قد قلت لا رغبة مني في استخدام المفردات ، فأنا لا أكتب رغبة في الكتابة فقط ، وأني لا انظر للكتابة على انها هدف لي بحد داتها , انما أكتب ايمانا بتأثيرها فالكلمة الحرة قد تغدو سلاحا حينا وقد تكون زلازل أحيانا..!.

انني أكتب رفضا للهزيمة......ورفضا لهده الحياة الرتيبة........وانني أكتب استنكارا لكل ما هو تقليدي ، أكتب رفضا لحياة نتعاطاه انتظارا للراتب التقاعدي والتأمين الصحي...........استنكارا لدور المتفرجين ، للنشاط حين نقول وللشلل وقت الفعل ،واستنكارا لكل الديدان التي تنبت من عود الأمة ،استنكارا للمزور من الثقافة والكاذب من الصفات والملون ،من وجوه ، بالعهر والعمالة وخيانة الله والناس.

حين أعد سلبيات أمتنا في هذا الزمن ، أصل للألف العاشر بعد المليون ، قبل أن أنام وقد أعياني التعداد ،وحين اصحو ، أردد بعجب، ما أكبرنا من قطيع ..! وما أكبر صبرنا في انتظار دورنا ، نحو المقصلة...!

وأنني،و في هدا الزمن الدي تمتلئ ايامه بخيبات الأمل والهزائم .. و حتى بعيدا عن المشاعر القوميه والاسلاميه ،فقط لأنك انسان، يؤلمك مقتل الضحايا وقت الافطار، الأمهات في انتظار حصتهن اليومية من الموت ، جوعى على الطريق وعطشى ، لا بالرصاص يموتون ، انما بالكوليرا ، . ، نسر ينظر طفلا جائعا يحتضر وينتظر موته لالتهامه.، عاطلون عن العمل فقراء ، يبعون أجزائهم ،..أنظمة تنام قريرة العين باستغلال شعوبها وقهرهم واذلالهم وتجويعهم ، لا لله مطمئنة ، ولا للجيوش المجحفلة ، وانما لأمريكا ، المرابية المستبدة المخادعة....وقلب الانسان ، يتفطر...ولا يكاد يحتمل ما يرى.......! ،وأنا..... وفي آخر الليل حين آوي الى سريري.... أنفث الدخان عبر شراييني وأستنشقه من خلال عيوني ، وأنظر للسماء متسائلا : أن يا الله ، يا عالما بحالنا ، كم من محمد وعيسى يلزمنا كي تتعدل، ولو عبر نزر قليل أحوالنا....

وتبقى المرارة غصة في الحلق ودمعة في العين وسكينا موجعا في هدا الجوف

ولكن.......ان الألم الكبير يبقى في سجن أبو غريب........



يا ظلام السجن خيم ، أننا نهوى الظلاما..

هدا كان ،...حين كان السجان.... نبيلا، لكنه ومن فرط لؤمئه ما عدنا نهوى الظلاما.

وها أنذا ، قد قررت أن أكتب هدا الاسم المشؤوم على سريري وخزانتي ،وأحذيتي وطرقاتي ،وأن أكتبه على الجدران والأسطح و الأقمار والسماء وأكتبه على كل خلية في داخلي ، هل تدرون لمادا .....؟...... كي لا أنسى الجريمة يوما ، وكي لا تبرد باتجاه هؤلاء اللصوص نيران أحقادي!

وها اندا، أيضا. وكلما اخدتني الحياة عن ذاتي ، وكلما ازددت اقترابا من لقمة عيشي وبهائميتي وتوافه أحلامي ،...وحتى،.... وان حينا ، تنسيني فتيات روتانا تلك الحسرة التي تجنيها الهزائم ، وأرى الرئيس الحالي والوزير الحالي والعميل الحالي ، حين أراهم جميعا يستقبلون فوق السجاد الأحمر في غير عاصمه ، ووسط كل هذا العهر والكذب والمهزله،أقف صارخا في وجهي وأعنت هدا الذي هو أنا. وأوبخه وأطلب اليه أن يسترجعني أنا كما أنا. حالما ، رافضا ، انسانا...و ثائرا ، وعلى الظلم متمردا.. فأهرع الى أخبار العراق ، فسؤالي عن العراق ، هو سؤالي عن ذاتي... وعلى مرارة القهوة المره ،وكأنما العلقم ، بات ريقي ، مذ أريق دم العراق،أشاهد غير مصدق ، أتابع ما يحدث ، أتفاعل ، أغضب ، أبكي ، ثم أميز العميل من المقاوم ، فأبدأ أشتم وأهدد ، ثم وثم ...الا أني في لحظه ، أبدو كغافيا يستيقظ ...أحقيقي أن العراق محتل ونحن صامتون هكذا؟

في داخلي شيئ من العروبة والاسلام يمنعني من القدرة على تصديق أن العراق تحت الاحتلال ، وأن معظم الانظمة العربية متحالفة مع الغزاة...

غير قادر أنا على هضم هذه المعلومة....

يا عارنا...كم انت كبير....

وأنا ، مثل أب ،لا زال من أربع سنين ينتظر عند الباب عودة ابنة ، ويستعد من صباحه ،يحلق ذقنة ، يشعل الراديو ويبدأ بغلي القهوة ، وينتظر دون كلل ، يسأل كل الذاهبين والعائدين ،ويربط كل أحداثه بعودة ابنة، حتى القيامة لا يعتقدها الا بعد عودته ،وهو غارق في وهمه ،أو أنه يتحايل على مصيبتة ، أو أنه يقاوم ، أو لربما جن وفقد عقلة الا أن ما يميزة أنه ينظرلكل الاتجاهات بحثا عن فؤاده ، الا جهة المقبرة...

أما أنتم فتحدثوا كما شئتم ، أما أنا ، فعراقي لم يمت...

أتصفح حول ما جرى في دلك المعتقل الموحش، تعود الي الآمال بأن اهلنا هناك لن يرضوا بهده المهانه ، حتى ومن هو الآن أقرب للشيطان منه للعراق ، ومن هم في المقاومة أو في المهجر أو في أزمة العيش ،هؤلاء جميعا أبناء العراق العظيم ، لا بد وأن ينتصروا. فالويل كل الويل لمن تجرأ ودخل عرين الأسود فما بالك بمن يحاول اذلال هؤلاء الأسود!؟....

.ليس العراق هو الذي في السجن الآن....وانما ، كل الأنبياء .. وكل الأديان ، وآلاف السنين من مسيرة الانسانيه..وفي السجن ،كفاح الأمهات عبر العصور ودعوات القديسيين ، وكل ماقد أريق من أجل الحرية ، من دم ، وما قد نظم من شعر ، و في السجن الآن ،حضارة هذا العصر ، علماؤه وأدباؤه ، فلسفته وفنه واختراعاته....حتى أحكام الله ، وكلماته...

mansortawara(a)hotmail.com


الخميس، أيلول ٢٧، ٢٠٠٧

أغنية من انتاج لائحة القومي العربي... بعنوان التشوبي



أقوى مواقع المقاطعة

د. إبراهيم علوش

بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، أعاده الله على الأمة بالتحرير والوحدة والنهضة، ينسى الكثير من الأخوة الصائمين، في زمن المقاومة والاستشهاد، أن يمارسوا أحد أهم أشكال ترويض الذات من خلال مقاطعة السلع الأمريكية والداعمة للعدو الصهيوني ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

ومرة أخرى، ليست المقاطعة تعجيزاً، وفي الدول التي لا تتبنى مشروعاً تنموياً محلياً، ولا ترتبط اقتصادياً مع العرب والمسلمين وشعوب العالم الثالث، تصبح المقاطعة أصعب بالتأكيد، وتقل البدائل للكثير من المنتجات المفترض مقاطعتها. في مثل تلك الحالة، يصبح شعار "قاطع ما استطعت إلى المقاطعة بديلاً" هو الشعار والنهج الممكن والمنطقي ضمن الظروف المتاحة.

فقد لا يكون من الممكن أن لا نأكل خبزاً مصنوعاً من القمح الأمريكي، أو أن نمتنع عن استخدام الحاسوب الذي يشغله برنامج "ويندوز" الأمريكي، أو أن نحجم عن السفر بالطائرة المصنوعة في الولايات المتحدة، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، ولا يجوز أن يصبح هذا ذريعة لدفع المال لشركات مثل كوكاكولا ومالبورو وماك دونالدز من الثابت عليها بدون جدال أنها تقدم تبرعات كبيرة ومنتظمة للعدو الصهيوني. فمن يدفع المال لتلك الشركات لا يختلف عمن يأكل لحم أخيه ويشرب دمه...

وكثيراً ما يتساءل الأخوة والأخوات الكرام عن منتج ما، وما إذا كان يهودياً أو أمريكياً أم لا، ولذلك تجد أدناه أخي الكريم لائحة ببعض أهم المواقع الالكترونية الرصينة المعنية بالمقاطعة على الإنترنت، باللغتين العربية والإنكليزية، حيث تستطيع التأكد من هوية الكثير من المنتجات، وما إذا كانت أمريكية أو يهودية، ولأية درجة، حتى لو لم تعرف الإنكليزية جيداً، من خلال البحث عن اسم أو ماركة المنتج موضع التساؤل.


مواقع المقاطعة باللغة الإنكليزية:

- موقع "العقول المبدعة/ قاطع إسرائيل"، باللغة الإنكليزية، ويحتوي قوائم بالمنتجات والشركات الرئيسية وتفاصيل بالحملات لأهم الشركات الداعمة للعدو الصهيوني. وعنوانه هو الرابط التالي:
www.inminds.com/boycott-israel.html

- موقع "قاطع البضائع الإسرائيلية"، باللغة الإنكليزية، يحتوي قوائم شاملة بالشركات الأمريكية وعلاقتها بالاقتصاد الصهيوني. وعنوانه هو الرابط التالي:
http://www.boycottisraeligoods.org/index.php

- موقع "قاطع إسرائيل"، باللغة الإنكليزية، وهو موقع بريطاني، يقول بأن هدفه هو جلاء الاحتلال من "الضفة وغزة"، ويتناول قضايا وحملات سياسية متنوعة مناهضة للسياسة "الإسرائيلية"، ولكنه يحتوي معلومات مفيدة عن المقاطعة والشركات والحملات المرتبطة بالمقاطعة. ورابطه على الإنترنت هو:
Mylinkspage.com/israel.html

- صفحة "حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية"، باللغة الإنكليزية، وهي لا تختلف في المضمون كثيراً عن المواقع السابقة، سوى أنها تحتوي صفحة واحدة رئيسية تضم صوراً للماركات الأساسية للشركات المتعاملة مع العدو الصهيوني، لمن لا يحبون قراءة الإنكليزية. ورابطها على الإنترنت هو:
http://home.pacbell.net/halnet/Boycott%20Israeli%20Products%20Campaign.htm

- صفحة "قاطع الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وإسرائيل"، وهي لكاتب سويدي مناهض للإمبريالية اسمه جيري سكوغ توفي عام 2004، وهي لا تحتوي معلومات عن المنتجات المختلفة، بل تحتوي دعوة للمقاطعة فحسب، وقد تم إدراجها هنا ليعرف القراء العرب أن دعوة المقاطعة ليست نزعة أصولية متطرفة كما يزعم البعض، بل موقف وممارسة مشروعة للمقاومة. ورابط هذه الصفحة على الإنترنت هو:
http://www.skog.de/index.htm

- موقع الحملة البريطانية لمقاطعة "إسرائيل"، باللغة الإنكليزية، وهي لا تتعلق بالمنتجات الصهيونية فقط بالتحديد، بل بمقاطعة المؤسسات "الإسرائيلية"، كالمقاطعة الأكاديمية للجامعات "الإسرائيلية" مثلاً، والنشاطات الهادفة لمقاومة الجدار العازل، وسحب استثمارات الشركات الغربية في الكيان الصهيوني. ومع أن الكثير من المنطلقات السياسية لمثل هذه الحملات قد يكون موضع خلاف، فإن كاتب هذه السطور يذهب إلى أن من يتحمل مسؤولية ذلك هو الناشطون الفلسطينيون والعرب وتبنيهم لسقف سياسي منخفض، تسووي في الواقع، في طرح التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني في الغرب. وعلى كل حال، من المفيد الإطلاع على نماذج هذه الحملات التي تعتبر اليوم فاعلة ومؤثرة نوعاً، ومزعجة إلى حد كبير للطرف الأمريكي-الصهيوني. ورابط صفحتها على الإنترنت هو:
http://www.hjfp.org.uk/boycott.htm


مواقع المقاطعة باللغة العربية:

أما باللغة العربية، فإنك تجد المواد المتعلقة بالمقاطعة في الكثير من المواقع الداعمة للمقاومة، وبعضها يحتوي مقالات ومواد وفتاوى مهمة، وللبحث عن هذه المواضيع فإن كل ما عليك أن تفعله هو أن تضع عبارة "مقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية" في أحد محركات البحث على النت.

أما المواقع العربية المتخصصة بالمقاطعة، والمحتوية على قوائم شاملة إلى هذه الدرجة أو تلك بالشركات والمنتجات الواجب مقاطعتها، فتجد منها موقع "قاطع دوت كوم" الذي تديره لجنة المقاطعة في الإسكندرية في مصر، ورابطه على الإنترنت هو:
http://www.kate3.com

وهناك أيضاً "شبكة المقاطعة الشعبية"، وتحتوي لوائح بالمنتجات الأمريكية و"الإسرائيلية"، ومقالات وفتاوى وغيرها، ورابطها على الإنترنت هو:
http://www.whyusa.net/arabic/index.php

وهنالك بالعربية أيضاً صفحة "حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل"/ لبنان"، وهي حملة متخصصة بالشركات الأمريكية والغربية الداعمة للكيان الصهيوني فقط، وتستضيفها مجلة الآداب اللبنانية، ورابطها على الإنترنت هو:
http://www.adabmag.com/katiou.htm

وبالمناسبة، أعاد الشيخ يوسف القرضاوي مؤخراً التأكيد على أهمية المقاطعة الاقتصادية كسلاح في مقال على موقعه على الإنترنت تجدونه على الرابط التالي:
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=1447&version=1&template_id=119

والعذر ممن لم يرد ذكر اسم موقعه المتخصص بالمقاطعة إن وجد، والرجاء منه إرسال رسالة تعريفية بالموقع على العنوان الالكتروني التالي:
alloush100(a)yahoo.com


تعقيب آخر على مقالة : "الاسلاميّون و القوميّون...بين الامس و اليوم


القرّاء الكرام،

نتابع معكم النقاش الذي دار في لائحة القومي العربي حول مقالة لعضو اللائحة السيّد محمّد رياض. و تجدون التعقيبات السابقة في اضافات سابقة في المدوّنة.

- لجنة الاشراف على المدوّنة

--------------

لا بد – بادئ ذي بدء- التأكيد على مجموعة نقاط هامة , حتى لا يأخذ حوارنا منحى سلبي, وحتى يكون له معنى كذلك , وهــي:

في العلاقة بين العروبة والاسلام : جرى نقاش طويل ومستفيض من قبل حول هذه النقطة المفصلية بالذات, وقد حسمت على اللائحة بعدما أدلى الكثيرون بدلوهم فيها وحولها, وانتهينا متفقين , وعلى أرضية مبدئية, أن الفصل بين العروبة والاسلام يهدف الى ضرب كليهما, وهو ما انفك أعداء الأمة يسعون اليه , عبر مشاريع التفكيك , التي تهدف الى مزيد من تجزئة المجزأ , حتى تعدم الأمة في ذاتها القدرة على النهوض . لذا فالعلاقة تكاملة ولا تقوم الى الخصومة الا حين يريد أعداء الأمة ذلك ومعهم ضيقي الأفق ممن ورثوا الحقيقة النهائية – كما يظنون- عن أسلافهم.

ومن موقع قومي , فان القول بتكاملية العلاقة, لا يحمل مجاملة لأحد , كما أنه لا يستجدي رضى أحد, بل ينطوي على فهم عميق للرابطة, ويستند على تشخيص موضوعي لها , ويتخفف في الآن عينه من أجواء الصراع التي قضمت من أوقات المتصارعين وجهودهم حينا من الدهر. وعلى ذلك , فحين نتناول الحركة الإسلامية بالنقد, فإننا لا نتناولها انطلاقا من موقف سلبي من الإسلام كدين وعقيدة, بل نتناولها على ضوء الممارسة والتطبيق بالاحتكام – طبعا- الى البرنامج الذي تتبه الحركة وتدعو له.

وبالرجوع الى الأخوان المسلمين, وقد ذكرت ياعزيزي في ردك أن " وحدوبة الاخوان يمثلها فكرهم وأدبياتهم ..", فحتى اللحظة هناك غموض يشوب العلاقة التي تربط القيادة المركزية الموحدة مع فروع الاخوان في الاقطار العربية, ففي الوقت الذي يتبنى فيه اخوان مصر موقفا مناهضا للاحتلال الامريكي في العراق , هناك من يشارك في العملية السياسية التي تجري في ظله ممن يشاطرونهم " فكرهم وأدبياتهم" , وحتى الان لم نسمع عـــُشر ما قالوه في الاحتلال يتعلق بادانة مشاركة الحزب الاسلامي العميل في العملية السياسية!! وهو ما يضع أكثر من علامة استفهام حول تناقض هذا الموقف!!وبطبيعة الحال فنحن نتكلم عن مصر , مسقط رأس الاخوان, ومهوى أفئدة أعضاءه في كل مكان, فأين الوحدوية تلك التي يمثلها فكرهم وأدبياتهم؟!!

ومن ذا الذي يقول أن الأخوان لم يتحالفوا , تاريخيا, مع الأنظمة العربية الموالية لأمريكا؟؟! فحتى حادثة المنشية , التي عدت بزعم الاخوان تلفيقا مخابراتيا ناصريا , وهو مالا يستقيم مع الحقيقة, فلم تكن هي السبب المباشر الذي أجج الصراع , وان سرع به, ولكن تحالفهم مع تلك الانظمة , كان السبب الذي أحح الصراع منذ البداية, مما كان يمثل من خطر حقيقي لمشروع النهوض القومي الذي يقوده الزعيم عبد الناصر.

أما عن الموقف الفكري والعقائدي للاخوان , فلست هنا معنيا به , أو بالدخول في تفاصيله. وان كنت أسعى للبحث فيه في مداخلة قادمة ,, بعون الله

عبد الستار الكفيري

الأحد، أيلول ٢٣، ٢٠٠٧

القوميّة العربيّة أوالقانون الضّرورة

وليد سلامة - كاتب و محام عربيّ من تونس

ليست القوميّة العربيّة وليدة فكر أو إجتهاد ذهنيّ إنسانيّ حتّى يمكن للبعض التّنبؤ لها بالزّوال و الإندثار نتيجة لعوامل معيّنة.فأصحاب هذا التنبّؤ يخلطون بين القوميّة العربيّة و نظريّتها. و الفرق بين الإثنتين هو أنّ الأولى تمثّل قانونا علميّا في حين تمثّل الثّانية رؤى لكيفيّة تجسيد ذلك القانون في مراحل تاريخيّة معيّنة. و تبعا لذلك ، فالقوميّة العربيّة خالدة خلود الحقيقة العلميّة في حين تبقى نظريّات القوميّة العربيّة نسبيّة و متغيّرة تسعى إلى التّطوّر بالموازاة مع تقدّم الإنسانيّة و فكرها.و اتّساقا، لا يمكن ربط القوميّة العربيّة بنجاح تجربة سياسيّة هنا أو فشلها هناك. فعدم توصّل الإنسان إلى إكتشاف حقيقة معيّنة لا يعني أنّ هذه الأخيرة غير موجودة ، فضلا عن أنّ إكتشافه لها لن يغيّر في ماهيّتها شيئا. فالموجود موجود سواء إكتشفناه أو لا. و إذا لم يتوصّل الإنسان إلى وسيلة تتيح له الإنتفاع بهذه الحقيقة فهذا لا يعني أنّها قاصرة عن نفعه. إنّها فقط بإنتظار إرتقاء فكره لمستوى من الإبداع أعلى، يسمح له بخلق الوسيلة الكفيلة بتجنيدها لمصلحته.
كذلك الشّأن بالنّسبة للقوميّة العربيّة ، فهي حقيقة علميّة موجودة بقطع النّظر عمّا إذا تمكّن الفلاسفة و المنظّرون من إبتكار نظريّات تبرزها، أو قصر ذكاؤهم عن أداء هذه المهمّة.
عبر هذه الأسطر ، سنحاول تقديم ماهيّة القوميّة العربيّة كما نراها بما تمثّله من ضرورة لنهضة العرب، دون الخوض في معاني النّظريّة القوميّة التّي سنتناولها بالدّرس في كتابات لاحقة.
كثيرون ممّن إدّعوا سابقا معرفتهم بالقوميّة العربيّة جانبوا الصّواب في تعريفهم إيّاها، ضرورة أنّهم فحصوها برؤى غير عقلانيّة إعتمدت في غالبها على معايير عرقيّة أو طائفيّة . فكانت هذه القراءات القاصرة مصدرا لنظريّات قوماويّة مشوّهة للحقيقة القوميّة ذاتها. و الإمتداد الطّبيعي لهذا البناء النّظريّ السّقيم تمظهر في تقديم القوميّة العربيّة بشكل لا يعبّر إطلاقا عن كينونتها. فكان أن صوّروها كقوّة مواجهة للإسلام و متحالفة مع الفكر المادّي الغربيّ، ثمّ إستعاضوا عن ذلك بأن جعلوها مرتبطة بفكر طائفيّ سنّي، لينتهوا أخيرا إلى القول بأنّ عصرها قد ولّى بعد أن ثبت فشل مشروعها و أنّها مندثرة لا محالة. والحقيقة أنّ أغلب من شوّهوا ماهيّة القوميّة العربيّة لم يكونوا من مناصريها، بل كانوا منتسبين لأفكار تقدّم نفسها كبديل للفكر القوميّ.
غير أنّ كلّ ذلك الخلط لا يمكن له أن يحجب حقيقة القوميّة العربيّة و التّي نقدّمها على أنّها قانون التّفاعل الجدليّ الإيجابي لقيم و مباديء حضاريّة تبنّاها الوعي المشترك لمجموعة بشريّة إختارت العربيّة وسيلة تواصل فيما بينها، و الذّي تمكّن من تأسيس شخصيّة موحّدة لها مجسّدة في الأمّة العربيّة عبر إرساء معالم حضارة مشتركة بين مكوّناتها في الماضي و إستمراره كضرورة لنهضتها في الحاضر و رسم ملامح تطلّعاتها الموحّدة للمستقبل ، حافظا لما في هذه الشّخصيّة من مزايا التّنوّع عاملا على تطويرها و إثرائها إعتمادا على مكامن عبقريّتها الذّاتيّة و زبدة التّجارب الإنسانيّة
.
إصرارنا على أنّ القوميّة العربيّة تمثّل قانونا ،لا يجد مصدره في عواطف نحسّ بها كمنتمين للأمّة العربيّة ، بل يتجاوز ذلك إلى التّحليل الموضوعيّ المعتمد فقط على المنهجيّة المنطقيّة التّي تتّبع عادة لإكتشاف الحقائق العلميّة. فالعواطف لا تخلق الحقيقة بل تعتنقها أو ترفضها .

القوميّة العربيّة قانون تكوين الأمّة العربيّة

كي نحلّل ظاهرة إجتماعيّة لا بدّ لنا من الرّجوع إلى الخلفيّات التّاريخيّة التّي أدّت تراكماتها إلى تكوينها. و التّاريخ يعلّمنا أنّ هذه المجموعة البشريّة المعروفة اليوم تحت إسم" العرب"، هي وريثة سلسلة من الحضارات الإنسانيّة الرّاقية كالفرعونيّة و القرطاجيّة و الآشوريّة و البابليّة و اليمنيّة إلخ...فهي باختصار من أثرى المجموعات البشريّة زادا على المستوى الحضاريّ . ونقطة التّحوّل المفصليّة لهذا الشّعب حدثت عندما خرج محمّد بن عبد اللّه(ص) على قومه في شبه الجزيرة العربيّة معلنا إعتناقه لمباديء فيها ما هو جديد و فيها ما هو مقوّم لما سبقه. فكان أن إنتشرت هذه المباديء في أرجاء شتّى من العالم و صنعت حضارة بلغت حدّا من الرّقيّ ضمن لها مكانة تاريخيّة لا جدال في سموّها. وكان للطّبيعة العقلانيّة لهذه المباديء الفضل في إستخراج زبدة ما أنتجته الحضارات السّابقة لهذا الشّعب و خلق حالة من التّفاعل الجدلي معها صنعت ما اصطلح على تسميته بالحضارة العربيّة الإسلاميّة. و من الخطأ الإدّعاء بأنّ سكّان الجزيرة العربيّة كانوا صناع هذه الحضارة لوحدهم. فهذا مناف للتّحليل العلميّ للتّاريخ. ضرورة أنّ ما تمّ إنجازه من إبداع إنسانيّ في هذا الإطار كان نتاجا للتّفاعل الإيجابيّ لكلّ مكوّنات المجموعة البشريّة التّي عاشت تحت ظلّ هذه الحضارة، لا فضل في ذلك لمجموعة على آخرى. فأحفاد رمسيس و حنّبعل و حمّورابي لا يمكن أن يكونوا مجرّد متلقّين سلبيّين لما يبدعه غيرهم متى وجدت أمامهم فرص الإبداع. وهو ما وفّرته لهم المباديء التّي جمعت بينهم في تلك المرحلة التّاريخيّة. و لأنّ لكلّ حضارة مقوّماتها التّي تضمن لها التّماسك و الإستمرار فقد كانت اللّغة( و لا تزال) أهمّ هذه المقوّمات.إنّها الضّامن المبدئيّ و الرّئيس للتّواصل و التّفاعل بين المجموعة البشريّة الصّانعة للحضارة. و كان من الطّبيعيّ أن يقع الإختيارعلى اللّغة العربيّة بوصفها اللّغة التّي بلورت المباديء التّي بشّر بها الرّسول محمّد (ص)، إذ أنّ فهم هذه المباديء يمرّ بالضّرورة عبر إتقان تلك اللّغة. و اللّغة ليست مجرّد قواعد صرف و نحو، بل هي تعبير عن خصائص النّاطقين بها. و هو ما يفسّر تغيّر اللّغة العربيّة عمّا كانت عليه قبل الإسلام . فخروجها من شبه الجزيرة العربيّة و تداولها بين ألسنة أخرى غير ألسنة سكّان منطقة نشوئها طبعها بخصائص المتكلّمين الجدد بها إضافة لما فيها من خصائص أصليّة. و قد كانت اللّغة العربيّة بحقّ مثالا لما يمكن أن تنتجه العلاقة الجدليّة بين أطراف متعدّدة من تفاعل و انصهار.
إنّ التّحليل التّاريخيّ يستوجب منّا الإجابة عن السّؤال التّالي: هذه المباديء التّي بشّر بها الرّسول محمّد(ص) انتشرت في أصقاع عديدة من العالم غير ما يعرف اليوم بالعالم العربيّ، فما الذّي يجعل من هذا الأخير وحدة خاصّة متميّزة عن غيره؟
الإجابة يقدّمها التّاريخ نفسه. فمع بداية إنهيار الحضارة العربيّة الإسلاميّة و ضعف قبضة السّلطة السّياسيّة سعت مجموعات بشريّة معتنقة للدّيانة الإسلاميّة للإنفصال السّياسيّ الذّي بعد أن إستكمل شروطه تطوّر بسرعة لإنفصال حضاريّ قوامه الإنعزال عمّا يمكن أن يشكّل رابطا بالعرب. فكان أن عادت اللّغات الأصليّة لتلك المجموعات للإزدهار حتّى أصبح المسلم من أفرادها لا يتكلّم العربيّة إلاّ لأداء الطّقوس الدّينيّة .و صار العامّة يحتاجون من يفسّر لهم مباديء الإسلام بلغتهم الأمّ . فكانت هذه الخطوة التّاريخيّة التّي و إن لم تستطع فكّ الرّوابط الدّينيّة ( في حدّها الأدنى على الأقلّ) بينهم وبين المتكلّمين بالعربيّة إلاّ أنّها فصلت بينهم حضاريّا. وعادت الكثير من الخصوصيّات للمسلمين غير المتكلّمين بالعربيّة لتخلق لهم كيانات مستقلّة بذاتها.
في ذات الحين لم يتمكّن الإنفصال السّياسي من فصل المجموعة البشريّة الممتدّة من المحيط الأطلسيّ إلى الخليج العربيّ فصلا حضاريّا عن بعضها البعض. فكان تداول العربيّة شائعا و غالبا، بما يحمله ذلك من تداول لخصائص و قيم مشتركة تضمّنها التّخاطب اليومي والأدب و الشّعر و الكتابات في مختلف الميادين. فما يقال و يكتب في بغداد يتدارسه النّاس في القيروان و طنجة دون حاجة لوساطة ترجمة، و العكس صحيح. فبقي بذلك الرّابط الحضاريّ قائم الذّات و بقوّة رغم إنهيار المؤسّسة السّياسيّة الموحّدة. و نحن نؤكّد مرّة أخرى على ما في اللّغة من مزايا تضمن الوحدة. و من السّطحيّة النّظر إليها على كونها مجرّد وسيلة للتّخاطب( على ما في التّخاطب من تأثير متبادل بين المتخاطبين). فاللّغة العربيّة كانت و لا تزال أهمّ سبب يجعل ممّن يتكلّمها باختلاف لهجاتها) يتأقلم بسرعة قياسيّة مع أيّ مجتمع يتداولها. لقد نجح إختيار التّواصل باللّغة العربيّة في خلق شخصيّة جديدة لجملة مكوّنات المجموعة البشريّة التّي تتكلّمها. ، فهي تحمل في طيّاتها حصيلة التّفاعل الجدلي البنّاء بين الخصائص القديمة لهذه المكوّنات و المباديء الجديدة التّي صارت تسير عليها الحياة . والتّاريخ أثبت أنّ هذا التّفاعل لم يكن نتاجا لضغط أو إكراه. فمنطقة المغرب العربيّ مثلا حكمت لقرون من قبل سلطات ذوات أصول بربريّة أصرّت على أن تواصل مسيرة التّفاعل رغم أنّه كان بإمكانها إتيان ما قام به الفرس في إيران أو الأتراك في تركيا. و لم يقدّم التّاريخ ما يفيد أن البربر حين حكموا المغرب العربيّ أصرّوا على إضفاء الطّابع البربريّ القديم على الحياة العامّة، بل على العكس من ذلك فقد حاولوا إثراء الحضارة العربيّة عبر تشجيع الأدب و الشّعر و بعض الأعمال الفكريّة الأخرى ذات الطّابع اللّغوي العربيّ. وقد ذهب البعض إلى أبعد من ذلك حين إدّعى أنّه من أصول عرقيّة عربيّة حتّى يقتنع العامّة بجدارته بحكمهم على ما في هذا الأمر من سذاجة و قصر نظر.
و علينا هنا ألاّ نفوّت الفرصة للإشارة إلى أنّ هذا الشّعب تعرّض في السّابق إلى سيطرة حضارات أجنبيّة عنه لقرون عديدة إلاّ أنّه لم يبد أبدا تمسّكا بها فقد بقيت غريبة عنه دائما، وظلّ يقاومها باستمرار و بمجرّد زوال سيطرة الغزاة سياسيّا عليه ،أزال ما علق منهم من قيم و معايير كانت تضبط عيشه في ظلّهم.و لو أنّه كان ينظر للحضارة العربيّة الإسلاميّة بنفس المنظور لكان تخلّص منها بمجرّد ركونها إلى الضّعف. ونحن نسجّل إلى اليوم حنينا قويّا لهذه الحضارة يكنّه غالب المتكلّمين باللّغة العربيّة بمن فيهم من لم يعتنق الإسلام أصلا.و قد برهن المسيحيّون من أبناء هذا الشّعب على إنضمامهم الإختياري للشّخصيّة الجديدة التّي إكتسبتها هذه المجموعة البشريّة عندما عاملوا الصّليبيّين معاملة الغزاة رغم ما حاولوا إغراءهم به من إمتيازات ، فاختاروا موالاة مباديء الحضارة العربيّة الإسلاميّة التّي كانوا من بناّئيها النّجباء.
و في النّهاية كان لا بدّ من إيجاد عنوان يعرّف هذه الشّخصيّة الجديدة التّي بنيت نتيجة تفاعل مختلف المكوّنات البشريّة المنضوية تحت لواء الحضارة العربيّة الإسلاميّة. فكان أن تسمّوا عربا ،ليس لأنّهم ينحدرون من الجزيرة العربيّة كما قد يحاول البعض التّرويج لذلك ،بل لأنّهم إختاروا العيش على هدي اللّغة العربيّة التّي أصبحت تغذّي عقولهم و وجدانهم بما تحمله من معان وقيم و نمط حياة صاغوها بأنفسهم.و انطلاقا من تلك اللّحظة تكوّنت ملامح الأمّة العربيّة الممتدّة حاليّا بين المحيط الأطلسيّ و الخليج العربيّ و التّي تضمّ عناصر ذات خلفيّات عرقيةّ و دينيّة مختلفة .
وبذلك تكون القوميّة العربيّة سابقة لميلاد الأمّة العربيّة ضرورة أنّ الأولى هي القانون العلميّ الذّي بتفعيله خُلقت الثّانية . فالأمّة العربيّة هي الشّخصيّة التّي نجحت القوميّة العربيّة في تكوينها بوصفها قانون التّفاعل الجدلي بين المكوّنات القيميّة للمجموعة البشريّة التّي كانت مجالا لتطبيقه.

القوميّة العربيّة قانون نهضة العرب في الحاضر


إنّ القوميّة العربيّة بوصفها قانونُ خْلق الأمّة العربيّة في الماضي تستمرّ اليوم في فرض نفسها كشرط لبعثها من جديد. و الإدّعاء بأنّه لا حاجة لنا بهذا القانون بحجّة أن لا حاجة لنا ببعث الأمّة العربيّة أصلا، هو طرح مردود عليه . فتشكيل كيانات ممثّلة فيما يعرف اليوم بالأقطار العربيّة لم يقدّم لأجزاء الشّعب- المشتّت بينها - أيّة إضافة حضاريّة. بل على العكس من ذلك ، نحن نشهد
يوميّا الإنعكاسات الكارثيّة لحالة التّجزئة ممثّلة في التّخلّف و التّبعيّة المطلقة للإمبرياليّة.

إنّ هذه الكيانات القطريّة تجسّد تنازل الشّعب العربيّ عن حريّته . فتكوينها لم يكن نتاجا لإرادة شعبيّة ، بل كان محصّلة
لصراعات سياسيّة داخليّة خاضتها العائلات ذوات النّفوذ، كان الحكم هو هدفها لما يوفّره من إمكانات إستغلال على حساب الشّعب .هذا الأمر سهّل على الإمبراطوريّات عمليّة السّيطرة على الوطن العربيّ و العمل - بالتّوازي مع ذلك - على ردم الشّخصيّة الموحّدة للشّعب ممثّلة في الأمّة العربيّة للمحافظة على حالة التّجزئة كشرط تسهيل و دوام هذه السّيطرة. و إلى حين تخلّص العرب - شكليّا - من الإستعمار السّياسيّ ، كان هذا الأخير قد نجح في تعميق جذور أمر واقع ،ملامحه حدود تقسّم الوطن الأمّ ترعاها الطبقة البرجوازيّة بوصفها وكيلا للمستعمر و سمساره الذّي يسهّل عليه إستغلال ثروات الشّعب .
هذه الكيانات القطريّة لا يمكن لها عمليّا معاملة التكتّلات الإمبرياليّة إلاّ بمنطق الموالاة. وليس من الذّكاء في شيء القول بأنّ هناك قانونا دوليّا ينظّم العلاقات بين الدّول و يحفظ حقّ الضّعيف في أن يصبح قويّا، و ذلك بأن يوفّر له معايير السّيادة في مجاله الجغراسياسي و في بناء علاقاته التّي تحفظ مصالحه مع الآخر الأكثر تطوّرا و قوّة. إنّه طرح لا يخدم سوى القويّ الذّي إستكمل شروط قوّته قبل أن يصيغ بنفسه معايير العلاقات الدّوليّة بمختلف تجلّياتها دون أن يترك للضّعيف مجالا لمناقشة مكامن الظّلم و الإستعلاء فيها، و التّي تترك للإمبرياليّة مجالا واسعا للتّصرّف دون قيودعند التّطبيق مراعاة لمصالحها.

بالإضافة إلى ذلك ، يبدو أنّ المؤيّدين لفكرة قيام الكيانات القطريّة، يتجاوزون حقيقة ضعفها المبدئيّ . فهي- منفصلةً- لا توفّر المرتكزات الماديّة الضّروريّة للتّطوّرالجادّ و الفعلي . فقد إكتمل تبلورها في مرحلة تاريخيّة لا تسمح لها بتدارك الهوّة العميقة التّي تفصلها عن الأمم المتقدّمة بالنّظر إلى أنّ التّقسيم السّياسيّ و لئن مكّن بعض الأقطار من ثروات طبيعيّة هائلة إلاّ أنّه حرص على تغييب التّنوّع فيها ، بحيث يبقيها ذلك بحاجة دائمة لإستيراد أغلب الموارد الأخرى، و هو ما يخلق حالة متواصلة من عدم الإكتفاء الذّاتي .
.إضافة إلى أنّ الماسكين بناصية الرّيادة الحضاريّة ( سواء آمنّا بنظريّة المؤامرة أم لا) ليس من مصلحتهم ترك هذه الكيانات تحقّق التّطوّر الحضاريّ المطلوب . فهذا يعني آليّا أنّ هذه الأخيرة ستحاول الإستفادة من ثرواتها و تمركزها الجغراسياسي لمصلحتها أوّلا، ممّا سيؤدّي حتما إلى المسّ من مصالح الأمم القويّة التّي تعتبر المنطقة العربيّة مجالا حيويّا لها بكلّ ما تشكّله من عناصر سياسيّة و إقتصاديّة و حتّى حضاريّة. فحتّى المعسكر الشّيوعيّ السّابق بزعامة الإتّحاد السّوفييتي و رغم كثرة إدّعائه نصرة الشّعوب الضّعيفة ، لم يكن يترك المجال للكيانات القطريّة المتحالفة معه بأن تسطّر لنفسها مسيرة تقدّم جدّية . و ما حصل لمصر و سوريا سنة 1967 خير دليل على ذلك حين تجاهلت تحالفها معهما أثناء العدوان الصّهيونيّ. و بعيدا عن الشّعارات غير الواقعيّة، يؤكّد التّاريخ كما الحاضر بأنّ الأقوياء لا مصلحة لهم في مساعدة الضّعفاء بل أنّ مصلحتهم تكمن في إبقاء الضّعيف ضعيفا عبر تعميق ضعفه حتّى لا يأتي عليه يوم يكون فيه جديرا بالمنافسة.
إنّّنا لا ننكر أنّ قسما من الشّعب العربيّ يعيش في حالة من التّرف لم تتوصّل إليها معظم شعوب العالم. و لكنّ العاقل يدرك أنّ هذا التّرف يخدم أوّلا و قبل كلّ شيء الأمم المنتجة ، فهي التّي تغذّيه كي تجعل من أصحابه مجرّد مستهلكين نهمين لمنتوجاتها. أصحاب هذا التّرف ليست لديهم القدرة على التّحكّم حتّى بأبسط عناصر حياتهم.إنّهم يستوردون العقول لكي تفكّر بدلا عنهم، و السّواعد لتشييد ما رسمته لهم تلك العقول. و كلّ هذا التّرف مرهون في النّهاية بمصلحة الإمبرياليّة، إن شاءت رفعت من وتيرته و إن شاءت خفّضت منها. و من غير المنطقيّ أن يأتي على الإمبرياليّة يوم تسمح فيه لهؤلاء بأن يبنوا لأنفسهم حضارة حقيقيّة بما هي إعتماد على الذّات و إستقلال و من ثمّ إبتكار و إبداع ، ما داموا مستمرّين في العيش وفقا لهذا النّمط، و ما دام هذا التّرف يوهمهم بتفوّقهم عن بقيّة الشّعب العربيّ و يشعرهم -تبعا لذلك- بعدم الحاجة للعمل على بعث الأمّة العربية من جديد. ترفهم ما هو سوى تبديد لثروة الأمّة العربيّة سمحت به النّظرة الأنانيّة البدائيّة التّي لطالما ميّزت نظريّة التّجزئة القطريّة.

و لعلّ الأمر الذّي يزيد من الإقتناع بعدم جدوى إستمرار حالة التّجزئة القطريّة التّي يعانيها الشّعب العربيّ، هو ما نلحظه من سعي لقوى إمبرياليّة و متطوّرة أصلا إلى خلق كيانات موحّدة فيما بينها وعيا منها أنّ ذلك سيزيدها قوّة على قوّتها. نحن لا نستغرب كيف أنّ الفرنسيّ يسعي عمليّا منذ الخمسينات دون كلل إلى التّوحّد مع الألمانيّ و غيره من الأوروبيين خوفا من المستقبل و تحضيرا لحياة كريمة للأجيال القادمة، في حين يتباها العربيّ بإنفصاله عن أمّته مطمئنّا إلى مستقبله إطمئنان الغافل. لسنا نستغرب ذلك لأنّ العقل الأوروبيّ ذو نظرة إستشرافيّة في حين أنّ العقل العربيّ يتعبه التّفكير المعمّق . و لنتخيّل للحظة ما الذّي يمكن أن تفعله الأمّة الأوروبيّة المستقبليّة بمن يقطنون بالجنوب منها مقارنة بما إستطاعت أن تفعله أممها التّي كانت مشرذمة في السّابق... إنّه شيء فظيع. و الأفظع من ذلك أنّ الولايات المتّحدة ستحاول حماية مجالها الحيويّ في المنطقة العربيّة من المدّ الأوروبيّ المستقبليّ ممّا سيؤدّي إلى جعل كياناتنا القطريّة ميدان صراع للجبابرة ...إنّها كارثة. و لكنّ الأدهى من تلك الفظاعة و الأمرّ من هذه الكارثة هو غياب النّظرة السّتراتيجيّة للعربيّ التّي تسمح له بإدراك خطورة إستمرار الوضع على ما هو عليه .
و نحن نؤكّد هنا على أنّ الشّعب العربيّ يتحمّل وحده مسؤوليّة ما هو فيه من تشرذم وضعف. فقد غيّب إرادته و تنازل عنها كي يعبث به تحالف البرجوازيّة و الإمبرياليّة. و محاولته تجميل نفسه عبر تقديمها في صورة الضّحيّة المظلومة، لا يمثّل سوى إمعانا منه في الميوعة. فلا يمكن لهذا الشّعب إلاّ أن يكون ضحيّة نفسه بعد إعتناقه لأخلاق العبيد المنتظرين لتوجيهات أسيادهم و أوامرهم إضافة إلى صفعاتهم.

في المقابل نجد أنّ تفعيل قانون القوميّة العربيّة يعيد تأسيس علاقة جدليّة بنّاءة بين العناصر الماديّة التّي يستلزمها الإبداع
الحضاريّ . و من حسن الحظّ أنّ هذه العناصر متوفّرة عبر أنحاء الوطن العربيّ . و هي لا تحتاج سوى لأن تتفاعل فيما بينها عبر تسخيرها في إطار برنامج موحّد لصالح كلّ الشّعب العربيّ دون تمييز ، بعد أن تزول الحدود السّياسيّة المانعة لهذا التّفاعل. هذه الإمكانات ( ثروات باطنيّة و مواقع ستراتيجيّة و موارد بشريّة) متى تضافرت يمكنها خلق حالة من القوّة القصوى لن تستطيع خلقها منفصلة. و هنا لا بدّ لنا من الإشارة إلى أنّه في صورة غياب هذا التّضافر يمكن لهذه الإمكانات أن تصبح عبءً على مجتمعاتها. و الواقع العربيّ يسجّل الآن أنّ أغلى ثروة يمكن أن تتباهى بها الأمم - وهي الثّروة البشريّة- أصبحت تمثّل بالنّسبة إلىالعديد من كياناتنا القطريّة مجرّد أرقام زائدة عن الحاجة، وهي مستعدّة لأن تلقي بها خارجا لعلّ الغير ينتفع بها. ّكما أنّ الموقع السّتراتيجي و الموارد الطّبيعيّة لبعض الأقطار الأخرى جعلها مجرّد ميدان لصراع نفوذ بين قوى الإمبرياليّة التّي تتّفق في النّهاية -رغم تضارب مصالحها- على ضرورة فعل أقصى المستطاع لإبقاء حالة الضّعف سمة لأصحاب تلك الثّروات الأصليّين.
إنّها ثروات أكبر من أن يمكن للكيانات القطريّة إحتواؤها و استغلالها. فهي لا تليق سوى بأمّة عظيمة تحسن توجيهها نحو أهداف حضاريّة سامية، لا كما تفعل هذه الكيانات القزميّة التّي حوّلت ثروات الشّعب إلى نقمة عليه.

. من جهة أخرى، فإنّ القوميّة العربيّة قادرة على أن تنقذ الشّعب العربيّ من العبث الوجوديّ الذّي طغى عليه و أفقده توازنه
. فمحاولة إعطاء صفات وهميّة لكلّ قطر تميّزه عن بقيّة الأقطار لم تنجح، و هو ما أدّى إلى نشوء غموض ثمّ فراغ على مستوى هويّة كل ّقطر.
و كانت الّنتيجة الأولى لذلك أن أصبحت هذه الأقطار مجالا رحبا لسيطرة ثقافيّة مارستها القوى الإمبرياليّة . مكمن الخطر في ذلك يتجلّى في كون السّيطرة الثّقافيّة تعني سلب الإرادة و تسهيل الإنقياد. و بذلك لم تعد الإمبرياليّة- في كثير من الأحيان- محتاجة إلى الضّغط الماديّ السّافر حتّى تمرّر مشاريعها الإستغلاليّة، بل تكتفي بتوجيه العقل العربيّ نحو التبنّي اللاّواعي لما تطرحه عليه من مسارات هي في النّهاية لا تخدم سواها. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ القوميّة العربيّة ليست مشروع انغلاق و تحجّر و معاداة للآخر، بل هي عبر بعثها للشّخصيّة العربيّة الموحّدة ممثّلة في الأمّة العربيّة ، تمكّن الشّعب العربيّ من أهمّ شروط النِديّة و هي إمتلاك الهويّة الخاصّة و الواضحة التّي تستطيع تحديد مطالبها وفقا لمعاييرها الذّاتيّة. و بذلك فقط يتحوّل الخوض في علاقات التّبادل و التّفاعل مع المحيط الدّوليّ إلى منفعة و مصلحة ، لأنّه لن يكون وقوعا في فخّ التّبعيّة.
وأمّا النّتيجة الثّانية الأكثر خطورة من الأولى ، فهي بروز هويّات طائفيّة ستزيد -إن كتب لها الإستقرار- من تجزئة ما هو مجزّء أصلا. غموض الهويّة القطريّة المصطنعة لم يستطع مواجهة الفكر الطّائفيّ المتخلّف الذّي يسعى لأن يجعل من إعتناق المذاهب الدّينيّة هويّة في حدّ ذاتها. و إذا نظرنا إلى المكوّنات العقائديّة للشّعب العربيّ نستطيع توقّع عدد الهويّات الجديدة التّي ستبرزتباعا.
وحده قانون القوميّة العربيّة القادر على وأد محاولات التّجزئة الجديدة. فهو الضّامن للتّفاعل الدّائم و الخلاّق بين مختلف مكوّنات الشّعب العربيّ دون تمييز باستبعاده للمعايير العرقيّة و العقائديّة في تحديد الهويّة. فالقوميّة العربيّة ليست سنيّة أو شيعيّة أو مسيحيّة إنّها قانون إنصهار مكوّنات الشّعب العربيّ في بوتقة النّهضة الحضاريّة.

و قد يتساءل البعض عن الأسباب التّي تجعلنا نحصر دعوانا على العمل بقانون القوميّة العربيّة المؤدّي إلى بعث الأمّة العربيّة دون
تجاوز هذا الحدّ نحو العمل على بعث الأمّة الإسلاميّة بمفهومها الدّيني.

في البداية نرى من الضّروريّ التّأكيد على أنّ القوميّة العربيّة لا تتضارب مع الدّين الإسلاميّ في أيّ من معاييرها.فلا نعتقد أنّ
العمل على بعث الأمّة العربيّة يمكن أن يضرّ بالدّين في شيء.بل على العكس من ذلك تماما، فالإسلام بما هو مباديء إنسانيّة خالدة لا يمكن له أن يزدهر في غياب شخصيّة عربيّة موحّدة تكوّن نواته الصّلبة التّي يعتمد عليها ليتخلّص ممّا علق به من شوائب هي في النّهاية غريبة عنه و لا تجد مصدها سوى في مظاهر التّخلّف و الضّعف. و القوميّة العربيّة - بما هي قانون ينبذ العنصريّة بشتّى أشكالها و يسعى دائما للتّفتّح على كلّ المعاني الأنسانيّة الإيجابيّة- ستجد نفسها في مراحل مقبلة أهمّ عامل يقرّب الشّعوب الإسلاميّة و يدعمها لأنّها باعثة الأمّة العربيّة بما هي عمقهم السّتراتيجيّ الوفيّ و الثّريّ.
و لكنّنا بصدد تناول موضوع بعث أمّة تسعى لأن تقيم لنفسها أركان دولة موحّدة تمثّلها دستوريّا ،ستكون سندا لبقيّة الشّعوب الإسلاميّة عبر تسهيل التّحالفات المبدئيّة بينها دون إثارة لحساسيّات عنصريّة كانت قد أثارتها دولة الخلافة من قبل و لا نزال نعاني إنعكاساتها إلى اليوم. فالأمّة بمفهومها الدّينيّ تختلف عن مفهومها السّياسيّ. ذلك أنّ المفهوم الأوّل لا يقتضي ضرورة إقامة دولة تجسّده. مثل هذه الدّولة من شأنها عمليّا أن تضعنا أمام عوائق جمّة أهمّها إستحالة مراعاة الخصوصيّات الحضاريّة لمجموعات بشريّة ممتدّة من أقصى غرب إفريقيا إلى اقصى غرب آسيا مرورا عبر أوروبا. في إطار مثل هذه الدّولة سوف تشعر كثير من هذه المجموعات بالغبن نتيجة التّجاهل الأكيد لكثير من خصوصيّاتها حتّى و إن لم تكن تتعارض مع مباديء الأسلام. هذا الكمّ الهائل من الخصوصيّات لا يمكن لدولة أن تحتويه دون أن تجد نفسها في النّهاية مضطرّة لتغليب البعض منها على حساب الآخر لحسم الأمور. و هذا ما لا يمكن أن يتماشى مع مباديء الأسلام و التّي لا تقبل التّعايش مع مظاهر السّيطرة. و إعتمادا على ماسبق ، فإنّنا نرى أنّ إقامة دولة تضمّ كافّة الشّعوب الإسلاميّة سوف تعمّق من هوّة التّباعد بين المسلمين تماما مثلما حدث سابقا خصوصا زمن الخلافات الأمويّة و العبّاسيّة و العثمانيّة.

إنّ المناداة ببعث الأمّة العربيّة عبر إعادة تفعيل قانون القوميّة العربيّة ليست نتاجا لفكر رومنسيّ عمادته مجرّد الحنين إلى ماض مجيد. إنّها إصرار على نظرة للحاضر العربيّ تتّسم بالواقعيّة و نبذ اليأس . و الأكيد أنّ تفعيل هذا القانون ليس سهلا بالنّظر إلى المعوّقات الجمّة التّي تعترضه. و لكنّ مثل هذه المعوّقات ستفرض نفسها آليّا أمام كلّ محاولة للنّهضة و العبور من حياة التّخلّف و التّبعيّة إلى حياة الحضارة والرّيادة.و قد علّمنا التّاريخ الأنسانيّ أنّ الشّعوب التّي تخاف مواجهة علل واقعها قصد المحافظة على ما يمكن إنقاذه من شروط الحياة في حدّها الأدنى ، تجد نفسها في النّهاية و قد خسرت كلّ شيء ، فمن لا يتطوّر لن يبقى مراوحا مكانه بل سيتقهقربالضّرورةً.
المهمّ هو أن لا تبقى المناداة بتفعيل قانون القوميّة العربيّة خالية من تحديد الآليّات المجسّدة له. تحديد هذه الآليّات هو ما تهتمّ به النّظريّة القوميّة . و سيكون ذلك موضوع كتاباتنا القادمة.

السبت، أيلول ٢٢، ٢٠٠٧

كان زمان منذ مائة عام و قبل ظهور دجلستان

بقلم محمد رياض

حدثني جدي متعوس عن أبيه أنه قبل مائة عام و نيف لم تكن هناك معابر و لا بوابات في بلاد العرب و إنما كان هناك الكثير من أبار المياه على طول طرق التجارة و السفر في هذا الأقليم الشاسع المساحة ثم تابع قائلاًَ, في ذلك الزمان كان السفر ممتعاًَ جداًَ فتلك البغال النشيطة المستخدمة في حينها و التي كانت تعمل على محركات برسيم واحد كانت قادرة على نقل المسافر من دمشق إلى القاهرة في أربعة أسابيع ممتعة يتوقف خلالها المسافر في عشرات المدن و القرى فيأكل مع أهلها مما يأكلون و يشرب معهم مما يشربون و يبيعهم مما يحمل و هم منه كذلك يشترون و الأهم من ذلك كله و الاكثر إثارة أن أياًَ من تلك البغال لم يكن بحاجة إلى تغير لوحة قيادتة حين يصل إلى القاهرة فلم يكن هناك فرق حينها بين بغال الحلمية و بغال الصالحية. أما في هذه الأيام فالمسافات اطول و السفر نكد في نكد حتى ان فلان روى لي عن فلان ان مسير قافلة من سبعة ألاف أنسان كانت تقصد غزة هاشم من مدينة العريش إستغرق قرابة الشهرين و لماذا العجب فقد قرأت في كتاب مصائب العرب في زمان العطب أن أبا يعرب بن قحطان كان قد أخرج من القدس إلى عمان قبل ستين من الاعوام و انه يحاول مذ حينها ان يقفل راجعاًَ في ركاب قافلة تسمى العودة و لما يصل بعد.
إستشكل علي الأمر, فكيف يمكن للمسافات ان تطول إلى هذه الدرجة, وهل للأمر علاقة بإستبدال العربان للبغال البرسيمية بالمركبات الحديدية و لكن ما الفرق! فالبغال تتغذى على برسيم العرب و المركبات تسير ببترولهم. و لهذا و بما انني مواطن حر من دولة دجلستان الحديثة النشأة نسبياًَ في عمر الزمان قررت ان أزور جارنا ابو العريف, و أبو العريف هذا رجل طاعن بالسن جداًَ جداًَ و قد و لد قبل ولادة دولتنا دجلستان بعقود لدرجة أن بعض الرفاق قد حلف لي أن وجوده هو احدى الدلائل القوية لأثبات صحة نظرية الأزلية, وكان بعض اّخر من هؤلاء الرفاق يتعمد التلصلص على أبو العريف حين يهم بقضاء حاجته لعل أعينهم تقع على دليل مادي يدعم نظرية داروين. المهم ذهبت إلى أبو العريف هذا لعلي أجد عنده جواباًَ لمعضلتي التي حيرتني. و لكن ما هذا ! فباب أبي العريف مغلق بالشمع الأحمر و عليه يافتة تقول: أمر الرئيس عباس المحتاس بإغلاق دار أبي العريف في إطار حملته الوطنية لتنقية المناهج الدراسية من جميع بواعث التعصب و الكراهية ضد بوابات وطننا الغالي دجلستان العظيمة الشاهقة و الدالة بعظمتها و علوها أن دجلستان اولاًَ و اخيراًَ و في المنتصف ايضاًَ و أنه لا يعلو صوت فوق صوت دجل ستان الرسمي الحكومي الوطني الشريف.
المهم لم اصدق ابداًَ أن أبا العريف يشكل خطراًَ على أمن دجلستان القومي, فهو أي أبو العريف و ليس الامن القومي صديق حميم لجدي متعوس الذي يصغره سناًَ و بما ان جدي متعوس لا يملك من المؤهلات اللازمة ما يكفي لأن يشكل خطراًَ على أمن جدتي (مهرية) الشخصي, فصديقه أبو العريف كذلك لا يمكن ان يشكل خطراًَ على أمن دجلستان لسببين وجيهين أولهما أن أبو العريف يكبر جدي سناًَ و بالتالي فهو أضعف منه قوة و بما انه لم تبق عند جدي أية قوى فاعلة تذكر فمن باب أولى ان أبو العريف مهترئ تماماًَ, و ثانيهما أن الطيور على أشكالها تقع فلو كان في أبي العريف بقية من خير لما صاحب جدي متعوس.
و لهذا كله قررت أن أتحدى قرار رئيسنا المحتاس و ان أقفز من شباك الدار لألتقي بأبي العريف لعلي أجد عنده ما يشفي غليلي. و بعد القفز و النطنطة تمكنت من الدخول و في طريقي إلى الوصول إلى غرفة نوم أبو العريف مررت ببيت الخلاء لألمح صورة رئيسنا عباس المحتاس و قد إلقيت في مرحاض أبي العريف المقرف جداًَ لدرجة النتانة, ثم مررت بالمطبخ لأجد علم بلدي دجلستان و قد حوله أبو العريف إلى كيس قمامة كبير ممتلئ بتشكيلة هائلة من شتى أنواع الزبالة البلدية ثم وصلت أخيراًَ إلى غرفة أبي العريف وكان متمدداًَ على سريره و قد شارفت روحه على الخروج إلى باريها و قد إبتسم لرؤيتي و كيف لا و قد كنت انا من اقدم له قهوته المرة المفضلة حين كان ياتي جدي زائراًَ....ناديته ابو العريف قبل ان ترحل عن دجلستان إلى حياة الجنان هلا اجبت عن معضلتي و التي اثارت جنوني و اسهرت جفوني....لماذا كان الناس أيام زمان يقطعون كل البلدان على البغال بسرعة خيالية و اليوم و بفضل المركبات الحديدية أضحت أسفارهم جحيمية؟....توسعت إبتسامة أبي العريف و قال أي بني, كنا قبل تأسيس دجلستان نركب البغال و نضربها فتسير بنا إلى حيث شئنا و لكن بعد ان دار بنا الزمان وجار و بعد تكوين دجلستنان أصبحت تلك البغال تركبنا و قد إنتقت من بينها ثلاتة و عشرين بغلاًَ ليحكموا ثلاثاًَ و عشرين ستان.

و مات ابو العريف...و عرفت أنا السر.

السلاح الشرعي الفلسطيني

عبد الستار قاسم

تبرز بين الحين والآخر فكرة السلاح الشرعي الفلسطيني بخاصة عندما تحتدم المناكفات الفصائلية. كلما تأججت الخلافات الداخلية، وظهر سلاح له علاقة بقوة هذا الفصيل أو ذاك يظهر على شاشات التلفاز من بين الفلسطينيين من يتبنى مقولة السلاح الشرعي الفلسطيني ويدعو إلى ضرورة نزع السلاح غير الشرعي. ومن الملاحظ أن هذه الفكرة لا تتأجج جنباتها في مواجهة السلاح الإسرائيلي أو سلاح الزعران.

أسأل بداية: هل سلاح إسرائيل الذي يدخل مناطق السلطة الفلسطينية مطاردا الفلسطينيين شرعي أم غير شرعي؟ هل السيارات العسكرية الإسرائيلية والدبابات والطائرات العمودية شرعية أم لا؟ إذا كانت غير شرعية فإن علينا أن نسأل أنفسنا عن كيفية مواجهتها. هل نواجهها بسلاح السلطة الفلسطينية الذي لا يرتقي إلى مستوى المواجهة مع جيش نظامي، أم نعمل على تطوير وسائل مقاومة تمكننا من وقف العدوان؟ ربما يقول أحد بأننا نستطيع أن نمنع هذا الوجود العسكري غير الشرعي من خلال الاتفاق مع إسرائيل. هذا ليس منعا وإنما قبول بشروط إسرائيل ونحن بالتالي الخاسرين.

أرى أن السلاح العلني في ظل الاحتلال وبكل أشكاله وبغض النظر عن حامله غير شرعي. السلاح الشرعي الوحيد في ظل الاحتلال هو سلاح المقاومة السري الذي يواجه الاحتلال. بناء عليه، السلاح الذي تحمله السلطة الفلسطينية، والذي تحمله الفصائل الفلسطينية مثل فتح وحماس علنا في الشوارع هو سلاح غير شرعي. وسلاح المقاومة الذي يظهر علنا في الشوارع هو سلاح غير شرعي أيضا لأنه سلاح غيّة يتستر تحت رداء المقاومة. سلاح السلطة غير شرعي لأنه سلاح مرخص إسرائيليا، وسلاح الأجهزة الأمنية والقوة التنفيذية التابعة لحماس سلاح غير شرعي. وسلاح الزعران ليس سلاحا شرعيا.

ولنا أن نسأل: من أين أتت كل هذه الأسلحة الموجودة في الساحة الفلسطينية؟ بعضها تم تهريبه عبر أنفاق غزة، لكن أغلبه أتى من المخابرات الإسرائيلية عبر التسليم المباشر أو عبر تجار السلاح، وبعضه اليسير أتى من مخابرات عربية. إسرائيل تزودنا بأغلب الأسلحة التي تفسد علينا حياتنا، والتي يدعي حاملوها أنهم مدافعون عن الحمى.

نحن لسنا بحاجة إلى سلاح للحفاظ على أمننا الداخلي وإنما بحاجة إلى بعض الأخلاق، وكنا قبل قدوم السلطة نحافظ على أمننا الداخلي لأننا كنا نحترم أنفسنا. كنا نفهم كيف نعالج مشاكلنا الداخلية، وكيف نوظف أخلاقنا في الحفاظ على مجتمع أخلاقي. وإذا قررنا الآن أن نحترم أنفسنا، وأن نحترم دماء شهدائنا وقدسية قضيتنا فإننا سنتوقف عن مهاتراتنا، وسنجعل من السلاح عونا لنا بدل أن يكون مصيبة فوق رؤوسنا.

يبدو أننا نحترف الهروب من الحقيقة، ونفضل التسلي والتلهي بعضنا ببعض انتظارا للمجهول المقيت المؤلم الذي يصنعه الأعداء لنا.

نقاش حول مقال بعنوان:"اللهم إني صائمٌ يا أصحاب الشمال!" للكاتب رشيد ثابت

الاخوة القرّاء
تجدون نص المقال موضوع النقاش في آخر هذا الادراج. - لجنة الاشراف على المدوّنة
=========



هذا مقال وقح.. ويسوق لخمسين مليون رجعية، وهو يفسد العلاقات الاستراتيجية بين حركة حماس وبعض الفصائل، ليساهم في عزلها بطريقة ملتوية

-أحمد يهوى

---------------


الأخ أحمد، الرجاء عدم استخدام تعابير من نوع "هذا مقال وقح" لأن هذا يقود إلى ردود فعل من نفس النوع، مع كامل حقك في نقد المقال طبعاً

- مدراء لائحة القومي العربي

---------------


مقال وقح...........طيب هذا تقيمك الشخصي و لن اناقشك فيه
يسوق لخمسين مليون رجعية .......لن أناقشك في هذا ايضاًَ لأني لم أفهم ما تعني
يفسد العلاقات الإستراتيجية بين حركة حماس وبعض الفصائل ..................دعنا نتوقف هنا ,
اية فصائل يا أخ احمد...وعلاقات إستراتيجية كمان...
ديمقراطية - حواتمة التقدمي جداًَ ألى درجة تبني حل شطب 70% من أرض فلسطين مقابل بضع دريهمات شهريه من كيس أمير المؤمنين العباسي أدام الله ظله.
فدا-عبد ربه الناطق الرسمي بإسم جوقة الخيانة و المتطفل على فتات مائدة امير المؤمنين العباسي قدس الله سرة
شعبية – مجدلاوي رائد الكفاح المشلح على شاشات الغساسنة و الذي أعلن نفير شعبيته العام مؤخراًَ من اجل الكفاح المقدس نحو تحرير غزة من قوى المقاومة و إعادتها عزيزة حرة ابيية إلى حظيرة عملاء الموساد لعله يكسب بعضاًَ من رضى مولانا العباسي فينال إقطاعاًَ ما خلف أسوار الجدار الفاصل و من يدري فلربما أهداه جارية روسية أيضاًَ ورفاقنا التقدميون يعشقون النضال في الروسيات كما تعلم.
ثم كم يمثل كل هؤلاء و الذين إستطاعوا بجدارة و مع الدفش و الدعم العباسي ان يحصدوا على 2% من اصوات الفلسطينين مقابل حماس و التي تمثل ثلثي الشعب.
أم ربما تعني فتح و ما ادراك ما فتح...فتح المصائب و الخراب....فتح الإنحدار المتواصل و السريع نحو الهاوية ...فتح أوسلوا و الأجهزة الإمنية المرتبطة بالموساد إدارياًَ و تمويلياًَ فتح الإقرار لبني قريظة بحقهم التوراتي على ثلثي فلسطين...فتح السجون و التعذيب و إعتيال المقاوميين او تسليمهم.
أقول لك شيئأ....إن إستطاع هذا المقال أن يخرب علاقة حماس بهؤلاء كما تقول فهو عندي مقدس

أحوكم

محمد رياض

---------------


يا أخ محمد هناك خطأ فظيع نقوم به نحن الذين يفترض بنا أننا طليعة الأمة ... نحن نشارك في تقسيمها لا إرادياً، أما بالنسبة للاتهامات التي وجهتها لكل التنظيمات السابق ذكرها.. فأنا أستطيع أن أزيدك منها، وحتى على حماس شخصياً هناك ملفات تقض قلب العروبة.. في مسالة تأسيسها وخطها ونهجها، ولذا فالاتهام سهل والبربرة والحكي أسهل.. هناك واقع تمارسه فصائل المقاومة.. وحماس لم تعد منها، ولا كل ماذكرت.بعدها منها أوعى منك ومني ومن اسماعيل هنية ومن محمود عباس..
هناك ثقافة السلاح التي جعلت بوصلتها العدو .. وليس التخويث والسياسة، والهرطقة

أما فيما يخص انتقادات حماس، فأستطيع أن أضيفك من كل أشكال الحب جانب.. لأنو الوعي الديوكي يفرض على هالقضية الفلسطينية عضلات كل من ايدو إلو.. اسمح لي

نحن دور في لعبة كبيرة، هي لعبة الثنائيات ذاتها..
إما القاعدة وإما أمريكا
إما الأكثرية أو الأقلية في لبنان
إما الحكومة الشمالية أو الجنوبية في السودان
إما فتح أو حماس
إما إيران أو أمريكا

يكفي

علينا أن ننتبه إلى الخط الثالث المخفي خلف ظهر كل المحافظين الجدد في هذا العالم الثالث المسكين، وفي العالم الأول الشرس
وبس

مع التحية لكل الاختلافات معك

نصف الأخ ونصف الرفيق

أحمد يهوى

---------------


عزيزي أحمد
أن تعريفك لنفسك بنصف الأخ ونصف الرفيق فقد أعجبني لأ هذا يعني أنك تنتمي لتياري الفكري فأنا أخفيق مثلك.
أما بخصوص تقسيم الأمة فالتقسيم في هذه المرحلة واجب, فنحن مع من يعادي عدونا و ضد من يحابيه و يموت في دباديبه, ففي هذه المرحلة التي تعيشها من تاريخ أمتنا لم يعد للإيديولوجيا من أهمية تذكر و الناس في زماننا هذا نوعان مع و ضد و الشرفاء يقفون ضد من هم مع و مع من هم ضد.
و لهذا فليس من اولوياتي القدح في حماس (مع أنها تطفح بالعيوب) و بالمقابل اشعر ان من واجبي ذم من هم مع و لو كانوا من ملائكة الديوان الإلاهي.
نعود لموضوعنا و مقال رشيد ثابت عن أهل الشمال. فالرجل إستهزء بمجدلاوي و مؤتمر الشعبية و الديموقراطية و الذي خصص لإنتقاد إستحواذ حماس على غزة و أنت قد ثارت ثائرتك ووصفت المقال بالوقح و بالإساءة لعلاقة حماس ببقية الفصائل! و حضرتي ببساطة رد عليك معتبراًَ ان المؤتمرين تنقسهم المصداقية و لهم من وراء كلامهم مقاصد أخرى.
و لهذا فلم يمكن ما كتبت بداعي تقييم الأداء العام للفصائل و الرقي بحماس إلى أعلى عليين و النزول بالاّخرين إلى اسفل سافلين فكل ما يهمني بصراحة أن يتم الحفاظ عل المكاسب الثورية المكتسبة في غزة و ان لا تعود إليها سلطة أوسلو و أجهزتها العميلة للموساد و ليحكم غزة العفاريت المهم ليس العملاء.

أخفيقك

محمد رياض

--------------


نصّ المقال موضوع النقاش:



اللهم إني صائمٌ يا أصحاب الشمال!

رشيد ثابت

rasheed.thabet(a)yahoo.com
في رمضان يحلو للمرء في ساعة من نهار أن "يسلّي صيامه" كما يقولون؛ وأنا سلَّيت صيامي اليوم بمتابعة جزء من حفل الجبهة الديمقراطية بمناسبة انتهاء أعمال مؤتمرها العام الخامس أو السادس (لا أذكر تحديدا وأيضا لا يُهم!). ولأن قول الزور في رمضان لا يصح فالصراحة تقتضي التوضيح أن مؤشر التلفزيون استقر عند الجزيرة مباشر في تلك الساعة صفحا ودون قصدي مني؛ بيد أن هذا لا ينتقص من سعادتي بطريف ما شاهدت. بذل الناطق باسم الجبهة - الديمقراطية "مش" الشعبية - جهدا كبيرا في شرح أهمية الحدث؛ وبذل المصورون جهدا أكبر في إخفاء ضآلة حجم الجمهور. ورغم أن الخلفية السوداء للمشهد مع تقنية التصوير المتبعة تسمح بخلق شبهة خداع فراغي يعطي الانطباع باتساع المدى المسكون بالجمهور أمام المتكلمين على المنصة؛ فإن الحجم الصغير للمسرح كان واضحا وكذلك قلة عدد الحضور. لكن بوسع الجبهة أن تنفي من الآن فصاعدا وبكل أريحية ما يقوله بعض "الخبثاء" عن أنها لا تمثل إلا "قردين وحارس". أنا عددت الحضور وقد كانوا دون أدنى شك أكثر من ثلاثة...

سخونة الكوميديا ابتدأت مع صعود ممثل جبهة أخرى – الشعبية هذه المرة - لتهنئة الجبهة الأولى بعيدها. أخطأ المتحدث في تقديم جميل المجدلاوي؛ وأبدل اسم شعبيته بديمقراطية استدعت انطلاق الضحكات من الاثنين؛ لكن الرفيق سرعان ما استعاد تجهمه الشمولي المادي التحليلي الانعكاسي الماركسي وراح ينظِّر. وتكلم الرفيق العتيد بلغة يمينية ثيوقراطية رجعية حين اعتبر أن تذرع حماس بأن فتح كانت تعد العدة لقتلها والانقلاب عليها وفق خطة دايتون – اعتبر هذا التذرع بدعة "في النار...في النار...في النار".

أنا لا أعرف سر التكرار الثلاثي للمفردات والمصطلحات والشعارات عند بني المنظمة ابتداءً من عرفات – تذكرون "شهيدا شهيدا شهيدا" - إلى كل من عملوا معه وتأثروا به وقلدوه؛ لكن هذا لا يهم. ولا يهم أيضا التنويه بأن الرفيق اللاديني يستخدم خطابا دينيا لا ينبغي له؛ فقد فعلها من قبله عجزة اللجنة التنفيذية ووليد العوض ودعوا "لصلاة شاملة"؛ وأثبت اليسار أنه في أمور السياسة براغماتي لحد أنه مستعد للتجارة في "أفيون الشعوب" وهروين الشعوب وحشيشة الشعوب وفي أي شيء في أي وقت في سبيل التأكد من وصول "شيكات" الإغاثة الفتحوية شهرا بشهر؛ وكما أوضح محمد دحلان في شريط له سخر فيه من "أبو محمد المجدلاوي" بالإسم ؛ وسخر فيه من تربح الجبهة من أموال تتحكم فتح رئيسة العصابة في صرفها.

لكن الطرافة انقلبت شيئا فشيئا إلى إحساس بالغثيان: فالرجل يجعل القرآن عضين ويؤمن ببعض الكتاب وينبذ بعضا آخر. هو مثلا "سلفي من أهل النقل" حين يريد أن يرد على حماس بنص ملوي العنق؛ لكنه يسترد ماديته وتقدميته – أو قل استعلاءه بنقص إيمانه ونقصه – حين يريد أن يسخر بحماس وبقدرتها على الصمود والإبداع. يقول مجدلاوي أن حماس ليس بوسعها أن تكون جماعة غرباء آخر الزمان – في استهتار بحماس وبمعاني "ولد الاسلام غريبا ويعود غريبا فطوبى للغرباء" – وأن عليها أن لا تفكر في إقامة دولة إسلامية في غزة. طبعا الرجل لا يرى معايب نفسه؛ ولا يرى أنه يقول لحماس "صحيح لا تكسر؛ ومكسور لا توكل؛ وكل تا تشبع". فهو يرى أنه كان على حماس أن تلجأ للجماهير وللفصائل – يعني للجبهة دون شك – لمنع ثورة كلاب دايتون؛ ولم يكن من حق حماس مقاومة المشروع الخياني بالقوة؛ فتلك بدعة كما تقدم! طبعا كان يجب على حماس أن يستحرَّ القتل في رقاب أتباعها – بل في رقاب كل مشبوه بالتدين من الملتحين – فيما الجبهة مشغولة بالعجز والفشل والاكتفاء بتوزيع التهم على حماس وفتح بالتساوي؛ أي إعطاء فتح أفضل غطاء تحلم فيه من طرف كالجبهة في ظرف كذلك الظرف!

ولم يجد مجدلاوي من تحدٍّ ثقافي حاضر في وجه الفلسطينيين الآن إلا في القوة التنفيذية. أما قتل طالب في حرم جامعة وغلق أكثر من مائة مؤسسة ثقافية وعودة الاعتقال السياسي فلا خطر على الفلسطينيين منه أبدا. هذا تصنعه فتح صاحبة الكيس ولذلك لا مشكلة فيه بالمرة. وبالذات إهانة المصاحف وغلق دور القرآن الكريم فهذا أمر يسرُّ كل مثقف "أشْوَل" مثل الرفيق المحترم. ولا يهم الرفيق أنه قادر على انتقاد حماس في عقر دارها في حين لا يجرؤ أحد في الضفة على أن ينبس ضد فتح ببنت شفة: لا أحد في الإعلام ولا في الحقوقيين ولا في الجبهتين...ربما خشية منها وخوفا؛ وربما أيضا تواطؤا مع فتح وموافقة لها على صنيعها!

ولم يَفُت الرفيق أن ينبهنا إلى أن خلاف حماس مع فتح هو خلاف سياسي على الحكم وحسب؛ وأن ما يقال عن مشروع وطني لحماس مقابل مشروع مفرِّط وخياني لفتح هو أمر غير صحيح. لا قيمة إذا لما قيل ويقال عن خطة دايتون؛ ولا قيمة لكل قبلات عباس على خدي كوندي؛ ويا ضيعة ثناء أولمرت على طبيخك يا "مدام عريقات"؛ ولا قيمة لكل أسلحة دايتون لكلابه في الضفة – وكلابه في غزة الذين ضيعوها وخسروها لصالح حماس – ولا قيمة ولا أهمية لكل مشاريع الخيانة والتسوية التفريطية التي يرعاها ولي نعمة مجدلاوي وكل الجبهات. كل هذا غير موجود. ولا وجود لأجهزة أمنية مارست وتمارس الإسقاط والتنسيق الأمني الخياني؛ ففيما يخص الكلام القادم من الغرب هناك في الضفة عن مخازي فتح فإن سمع الرفيق ثقيل. هو لم يسمع بعد أن فتح جرّمت المقاومة وأسقطتها وباعت السلاح وسخرت بالمقاومة و"بللي بقاوموها". لذلك هو الآخر مثل فتح لا يرى سبيلا للحل والوفاق بدون عودة حماس عن منع كل الكبائر التي حاربتها. على حماس أن يسمك جلدها مثل سلام فياض ومثل اليسار أيضا كما هو واضح؛ وعليها أن تأخذ رذائل الوقائي "بروح رياضية".

وقبل أن أريح ناظريَّ من التلوث البصري لتنظير "الشلفاويين" انتبهت لقضية هامة: مجدولاي لا يلقي الكلمة باسم جبهته؛ بل باسم ملتقى القوى الوطنية والإسلامية. القوى الوطنية و"عارفينها" – مجازا يعني وحسب الاصطلاح الدارج وليس تسليما بصحة المعنى لا سمح الله – لكن من هي هذه القوى الإسلامية التي توافق على كلام مجدلاوي الرقيع والبائس؟

من المستحيل عقلا أن تكون حماس فوضت الرجل أن يقرِّعها. ومن المعروف أن حزب التحرير ليس عضوا في هذا الملتقى – وليس مشغولا بأي نشاط من هذا النمط أو من غيره – فلم يبق إذا إلا حركة الجهاد الإسلامي. فهل يوافق الجهاد الإسلامي على كلمة مجدولاي ويعتبر الرفيق ممثلا له فعلا في الكلمة التي ألقاها في السادس عشر من أيلول ألفين وسبعة في قاعة رشاد الشوا في غزة؟!أرجو وأتمنى أن لا يكون ذلك صحيحا؛ وأرجو أن نسمع من الجهاد الإسلامي توضيحا في القريب العاجل!

ومع انعقاد هذه الأمنية في صدري انقلبت سعادتي إحساسا متجددا بالقرف والزراية تجاه "فسائد" منظمة التحرير؛ وغيرت المحطة وأنا أقول: "اللهم إني صائم يا أصحاب الشمال"!

ادعموا المقاومة وقاوموا التطبيع مع العدو الصهيوني

بقلم: طلعت "أبو عثمان" ابو حاشية
كاتب وباحث/الأردن

يتعرض الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة وبعض مدن الضفة لعدوان عسكري مسعور جوا وبرا وبحرا من جانب قوات الاحتلال الصهيوني. وعلى مدار الساعة, حتى الآن يسقط عشرات الشهداء أطفالا ونساء وشيوخا وشبابا علاوة على شهداء المقاومة المسلحة التي تدافع عن شرف وكرامة أهلها وأمتها العربية وأضعافهم من المصابين ، وتُدمر مرافق الحياة المدنية كهرباء ومياها وجسورا وطرقا ومدارسا وغيرها.
قام هذا العدوان الهمجي واستمر بتأييد ومباركة أمريكية أوربية سافرة وبحجة "حق" الكيان الصهيوني المحتل في الدفاع عن نفسه , والتي لا تعني إلا موافقة بل وتحريض المحتل الغاصب على العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني جراء مطالبه العادلة ودفاعه المشروع عن حقوقه المسلوبة.
ويأتي هذا العقاب كرد فعل عصبي وكمحاولة ستلحق بسوابقها الفاشلة لإثناء الشعب الفلسطيني عن انتهاجه طريق المقاومة والتحرير. ورفضه طريق أوسلو الانهزامي ، وصموده البطولي أمام سياسة التجويع والحصار الاقتصادي والمالي، وبالتطور النوعي في مقاومته المسلحة للاحتلال .
ولا يخفي أن ما شجع على ارتكاب هذه الموجة الجديدة من حرب الإبادة الدائمة للفلسطينيين ، وما يعفي أمريكا وغيرها من المستعمرين من أي حرج جراء تشجيعهم المفضوح للاحتلال الصهيوني ، هو نفس السبب الذي أطلق يد هذا الاحتلال لارتكاب دورات الإبادة السابقة، ألا وهو انسحاب بعض الحكومات العربية تباعا منذ عقد السادات اتفاقية كامب ديفيد من ميدان مواجهة العدو بل وحسمها ، لموقفها المعادي لتطور المقاومة الفلسطينية والمذعور من احتمال تغير معطيات واقع الصراع داخل فلسطين المحتلة وتخطيه نهائيا لخيارها خيار الاستسلام والخضوع للسيطرة الأمريكية الصهيونية على المنطقة .

وخلافا لأبسط الحقائق تدور الطاحونة الإعلامية الاستعمارية لإخفاء واقع جرائم الحرب ولتصويرها على أنها عمل مشروع . ومما يعزر هذا الدجل ويروجه مواصلة بعض الأنظمة العربية لموقفها المتواطئ مع محاولة تركيع الشعب العربي الفلسطيني .
لقد انصاعت بعض السلطات السياسية العربية الرسمية من قبل لسياسة الحصار الاقتصادي والمالي للشعب العربي الفلسطيني ، بل ويعتبرون أنفسهم طرفا محايدا، يقومون بدور الوساطة على قاعدة التهدئة وحث الفلسطينيين على التخلي عن طريق المقاومة والركون للراعي الأمريكي للكيان الصهيوني ومخططاتهما.
إن لدى الدول العربية الكثير، إذا أرادت أنظمتها الحاكمة ، من وسائل الضغط السياسية والاقتصادية على الكيان الصهيوني وأمريكا ، لكنها ترفض استخدامها خضوعاً واستسلاماً . كما إنها تملك إذا تحرر قرارها الوطني تقديم المساعدات بالمال والسلاح للشعب الفلسطيني الأعزل إلا من كرامته وبطولته .
ويخطئ من يحسب أن العدوان الصهيوني الحالي مهما اتسع نطاقه وطالت مدته سيكسر إرادة المقاومة والتحرير . فليس للفلسطينيين مما يخسرونه من مقاومتهم غير الأغلال ، وهو ما ينطبق أيضاً في الحقيقة على الدول العربية الأخرى خاصة في دول الجوار الفلسطيني التي لم يزيدها التراجع والتخاذل أمام الصهيونية وحاميها الأمريكي إلا تدهوراً وتخلفاً ، وبعد كل ما جرى منذ قبلت الدول العربية سياسة الاعتراف بإسرائيل وقرار مجلس الأمن 242 ، مروراً باتفاقية كامب ديفيد واتفاقية أوسلو ووادي عربة واحتلال العراق ، وصولاً للوضع الراهن حيث تغيب تماماً أي إمكانية لموافقة صهيونية أو أمريكية طوعية على استقلال وتحرير أي شبر من أرض فلسطين ، وحيث يتأكد ويتعمق دور الكيان الصهيوني كأداة أساسية للإمبريالية الأمريكية والأوروبية .
فعلى الرغم من التضحيات الغالية للشعب الفلسطيني فإن من التداعيات الإيجابية للعدوان الصهيوني البربري نزع ورقة التوت الواهية عن عورة كل مشاريع الاتفاقيات والسياسات والتسويات والانسحابات أو إعادة الانتشارات للقوات الصهيونية المحتلة ، والتي لا تكفل أي أمن أو أمان لأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني ما بقي الاحتلال الصهيوني ، وكذلك تعرية كل مزاعم أمريكا وغيرها من الدول الاستعمارية عن حقوق الإنسان وحماية المدنيين وجرائم الحرب وعن حق الشعوب في اختيار حكامها وتقرير مصيرها ونشر الديمقراطية . وهذا وذاك مما يدفع الشعب الفلسطيني والأمة العربية لمقاومة الصهيونية والاستعمار الأمريكي والعالمي ومشاريعها في المنطقة التي يقف في مقدمتها مشروع الشرق الأوسط الكبير بمرتكزاته الأساسية الثلاثة ؛ الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، والاحتلال الأمريكي للعراق ، وتبعية الدول العربية السياسية والعسكرية والاقتصادية للدول الاستعمارية.
إن المقاومة الفلسطينية تدافع في آن واحد عن أرض وحقوق شعبها المغتصبة وعن وجودنا وأمننا العربي ، وهي والمقاومة العراقية واللبنانية طلائع النضال المتقدمة في معركة الحرية ولاستقلال ، لذلك فإننا جميعا مطالبون بالتأييد التام لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل وفي مقدمتها المقاومة المسلحة. وإحياء وتطوير أنشطة مناصرة الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته المسلحة، وتقديم كل أشكال المساعدات الممكنة لحياته ومقاومته للاحتلال، ونقد وفضح أي محاولات لاستمرار بعض الحكومات العربية في الانصياع للحصار الاقتصادي والمالي للشعب الفلسطيني وممارسة كل أشكال الضغط على الحكومات العربية لحملها على الاستجابة لمطلب الغالبية العظمى من جماهير الشعب وقواه الوطنية بوقف كل أشكال ومجالات التطبيع والتعامل مع الكيان الصهيوني. لقد أثبتت الأيام أن التطبيع السياسي والاقتصادي مع الكيان الصهيوني الذي أقدمت عليه بعض الدول العربية قد ألحق ضررا فادحا بالشعب العربي الفلسطيني ومطالبه العادلة كما أن الكيان الصهيوني استغل هذا التطبيع كي يستفرد بالفلسطينيين ويملي عليهم شروطه المجحفة مطمئنا إلى أنه لن يتلقى أي ضغط أو معارضة من دول عربية أوغلت في التطبيع معه. كما أن التطبيع مع العدو من اعتراف بشرعية اغتصابه لفلسطين ومن إسقاط لطبيعة الصراع معه بوصفه صراعا قوميا , ومن إهانة لكرامة الأمة العربية التي مرغها المشروع الصهيوني , ومن تمكين مادي له من اختراق النسيج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي العربي الذي استعصى عليه طويل.
إن ما يقال عن التطبيع يقال عن سياسة إنهاء المقاطعة التي انتهجتها بعض الدول العربية في السياق نفسه وبالمبررات نفسها , إذ قدم قرار إنهاء المقاطعة العربية أفضل هدية سياسية للكيان الصهيوني , وحرم العرب والفلسطينيين من واحد من أكثر الأسلحة فاعلية في مواجهة هذا الكيان ومحاصرته

تعقيب على : "الإسلاميون و القوميون.. بين الأمس و اليوم

عبد الستار الكفـيري

في مقاربته " الإسلاميون و القوميون.. بين الأمس و اليوم" , يناقش الأخ محمد رياض تلك العلاقة الملتبسة , بين أكبر تيارين شعبيين على مستوى الوطن العربي تاريخيا , وهما التيار القومي من جهة والإسلامي من جهة أخرى.و أود أن أعرض لمجموعة نقاط أتمنى أن تفتح حوارا حول ما طرح في المقال المذكور:

فعلى مستوى ضبط المصطلحات, استهل الكاتب مقالته بمحاولة تحديد لمصطلحين رئيسيين وهما : الإسلاميون , والقوميون. وفي محاولته تلك, لم يكن دقيقا وحاسما بما يكفي لتحديد دلالة كلا المصطلحين . فالإسلاميين – كما يقول – هم" الساعين لإقامة دولة إسلامية موحدة تحتكم إلى الشريعة الإسلامية.." مستثنيا من تعريفه هذا الجماعات التي تقتصر ممارساتها على الشعائر والفروض الدينية. ومدخلا في إطار تعريفه هذا جماعة الإخوان المسلمين !!.وهنا يكمن وجه الاعتراض. فبالرجوع إلى مبادرته " للاصلاح" التي أعلن عنها المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف , وتحت بند " في مجال الإصلاح السياسي" جاء ما نصه :

إننا نؤكد تمسكنا بنظام الدولة نظاما جمهوريا برلمانيا دستوريا ديمقراطيا في نطاق مبادئ الإسلام . كما نؤمن بحق الفرد في المشاركة السياسية الفاعلة، كما نؤمن بأن هذه المشاركة أساس لاستقلال القرار السياسي، داخليًّا وخارجيًّا، كما نؤمن بحقنا في علاقات دولية تقوم على الندِّية، وعلى الاحترام المتبادل للحقوق والسيادة الوطنية، واحترام القوانين والمواثيق الدولية، وتأكيد حق الشعوب في تقرير مصائرها، وأن هذا وغيره من جوانب الإصلاح الشامل لا يتحقق إلا من خلال تطبيق الديمقراطية التي نؤمن بها، ونلتزم بأصولها، وندعو الأحزاب والقوى السياسية الأخرى إلى تأييدها كميثاق وطني ."

وبالتالي , يمكن القول بدءا وتأسيسا على ما سبق , أن ثمة تحول , لا يمكن تجاهله , قد طرأ على فكر الجماعة. فعندما تكون " الدولة الإسلامية" هي الغاية التي تسعى الجماعة للوصول إليها , نكون إزاء طرح جذري بالضرورة , يتقاطع مع الطرح السلفي الجهادي في أهم مفاصله, لكن عندما يتعلق الأمر بمحاولة ترميم الواقع الراهن ومن ثم قبوله والانخراط فيه , نكون حتما إزاء طرح إصلاحي خالص , وشتان بين كلا الطرحين. بالنتيجة حدث تحول في فكر الجماعة يتعلق بقبولها بالواقع مشروطا بإصلاحه لا بتغييره , مما يعني قبولها بالمحصلة بفكرة الدولة المدنية , وتخليها مؤقتا – على الأقل- عن فكرة الدولة الدينية . وبالرجوع إلى اللائحة الداخلية لجماعة الإخوان , فان المادة (2) منها و الذي أقرته الجماعة في تاريخ 29/7/1982 ينص على أن:" الإخوان المسلمون هيئة إسلامية جامعة , تعمل لإقامة دين الله في الأرض , وتحقيق الإغراض التي جاء من أجلها الإسلام الحنيف." مما يبرهن على ما سبق طرحه.

ومع ملاحظة أن ذات النظام الأساسي المشار إليه يؤكد في مقدمته أن: " الإخوان المسلمين في كل مكان جماعة واحدة, تؤلف بينها الدعوة ويجمعها النظام الأساسي." يمكن الاشارة الى مقدمة "المشروع السياسي لسوريا المستقبل" الذي أقرته جماعة الأخوان السورية ومرشدها علي البيانوني عام 2004 م, تحت عنوان ( رؤية جماعة الأخوان المسلمين في سورية) والتي جاء فيها:
تقوم الدولة الحديثة، التي نتبناها وندعو إليها ، على جملة من المرتكزات ، نعتبرها الأساس الركين لبناء دولة قادرة على القيام بأعباء أي مشروع حضاري، أهمها أنها دولة ذات مرجعية تنبثق من هوية الأمة العربية الإسلامية وثوابتها، ثم هي ترتكز بعد ذلك على تعاقدية ومواطنية وتمثيلية وتعددية وتداولية ومؤسساتية وقانونية، وهذا يقتضينا أن نوضح رؤيتنا عن مكونات الدولة الحديثة وهي: الوطن، والإنسان، والمجتمع، والسلطة، والنظم، والمناهج، في دراسة مجملة تجمع بين التأصيل والتجديد."( مع التنويه أننا نناقش أفكار, مع التحفظ على ممارسات جماعة الإخوان السورية)

لذا , وبناءا على ما سبق , لا أظن أن من الدقة ولا يجوز إقحام جماعة الإخوان مع الجماعات السلفية الجهادية والتحرير الإسلامي في إطار واحد يسعى للعمل " لإقامة الدولة الإسلامية ". بل يمكن تلمس , وعلى ضوء الخطاب الحديث للجماعة, نقاط افتراق كثيرة مع الجماعات المذكورة , لا داعي لاستحضارها هاهنا (مع الإشارة فقط للنقد اللاذع الذي وجهه أيمن الظواهري لحماس لمشاركتها في الانتخابات في احدى طلاته المتلفزة). لنؤكد من ثم على استنتاج مفاده أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى لأن تكون جزءا من بنية "الدولة" بصيغتها الراهنة وجزءا من نسيجها السياسي , بدليل المشاركة الواسعة لها في الانتخابات البرلمانية : حماس, حركة مجتمع السلم الجزائرية, الإخوان في الأردن , مصر, أخيرا وليس آخرا الحزب الإسلامي (...) في العراق..

أما فيما يتعلق بالتعريف الآخر الذي تناول القوميين : فعلى الرغم أنني أتفق مع أغلب مما جاء فيه باستثناء الملاحظة التي أبداها مدراء اللائحة بقولك أن :" مفكرين ماركسيين سيطروا على دفة قيادة التيار القومي .." بعدما دب الخلاف بين كلا التيارين , فهو قول غير دقيق. بل لمزيد من الدقة يمكن القول أن بعض من مفكري القومية العربية قد استفادوا من المنهجية الماركسية في كثير من تحليلاتهم لراهن الأمة , ولا يعني أنهم تمثلوها فكرا , ولا غرابة في ذلك أو انتقاص من قيمة الفكر.لا بل أضيف أن إحدى أكبر الإشكاليات التي حكمت العلاقة القومية-الإسلامية أيديولوجيا, تمثلت في تبنى القوميين نموذج الدولة العلمانية , مما جعل التيار الإسلامي في بداياته يناصب الطرح القومي المناهضة والعداء , ويتهمه بتبني "برنامج وافد ".

**
وفي سياق عرض الكاتب لجوانب الافتراق بين التيارين , يشير أنه وبعدما نجح الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر وآخرون منهم أعضاء في الإخوان المسلمين في الإطاحة بالحكم الملكي, يستطرد بالقول:" لكن سرعان ما دب الخلاف بين الإخوان و الناصريين, غير أن الناصريين و الذين كانوا يسيطرون على الجيش تمكنوا أخيراًَ من حسم الأمر دموياًَ لصالحهم بعد قيامهم بتوجيه ضربتين قاصمتين للإخوان عامي 1956م و 1964م مما أدى إلى تصفية وجود جماعة الإخوان كلياًَ من الشارع المصري"

لقد تجاهل الكاتب أن السبب الذي أجج العلاقة هو حادثة المنشية الشهيرة , التي لا أظنه لم يسمع عنها من قبل, والتي كان الأخوان هم المتهمون فيها بشكل مباشر. و بالتالي فقد أسقط من طرحه الظروف التي أحاطت بـ" الضربتين القاصمتين" ودفعت باتجاه تصعيد الخلاف. ومع ذلك لم يصفى الوجود الاخواني في مصر وان انحسر وتراجع تحت وقع صعود المد القومي الناصري في ذلك الوقت.

**
وددت من خلال ما عرضت آنفا, أن يعاد طرح قضايا لم تحسم بعد , بين كلا التيارين , أيديولوجيا وسياسيا, في مراجعة أمينة , لوقائع التاريخ , وخلفيات الممارسة السياسية.

------------



الأخ العزيز عبد الستار الكفيري

شكراًَ على تعقيبك و إسمحلي في هذا المقام أن اعبر عن إعجابي بكتاباتك و التي أحرص على متابعتها.
أما بخصوص إعتراضك على إدراجي للأخوان المسلمين في تعريف الإسلاميين و إستشهادك بتصريحات عاكف و البياتوني فإسمحلي أن اوضح التالي:
مع أني لا احب أن ألعب دور محامي الإخوان في هذا المقام حيث أني لست منهم و حيث أني احمل في جعبتي الكثير و الكثير من النقد لطريقة عملهم إلا أن الموضوعية تقتضي أن ارد على بعض ما أثرت من نقاط حول منهجهم.
حسن البنا أسس الإخوان المسلمين عام 1928م كرد على إعلان كمال أتاتورك إلغاء نظام الخلافة الإسلامية أي أن البنا أراد في حينها تكوين نظام خلافة جديد و هذا واضح و جلي في أدبيات حسن البنا (كتاب الرسائل مثلاًَ)
كذلك تجاهل الإخوان حدود سايكس بيكو منذ نشأتهم ففي حياة البنا تم تاسيس فرعي الإخوان في العراق و اليمن بل لقد أشرف البنا شخصياًَ على محاولة إنقلاب فاشلة قام بها إخوان اليمن في الثلاثينات ضد نظام الإمامية كذلك شارك الإخوان و بفاعلية في القتال في فلسطين بإرسالهم ألاف المتطوعيين إلى هناك عام 1948م و من هؤلاء المتطوعيين من عاد ليجد سجون فاروق مفتوحة له على مصراعيها و منهم من بقى في غزة و هؤلاء أسسوا اول شعبة للإخوان في غزة عام 1948م. ثم تتابع إفتتاح الفروع الإخوانية بعيد إغتيال البنا في الأردن و سوريا و الجزائر و تونس.
كذلك اليوم لجميع فروع الإخوان في الأقطار العربية و المهجر قيادة مركزية موحدة تسمى هيئة التنظيم العالمي و يرأسها حسب النظام الداخلي للإخوان (المرشد العام) في مصر و أعضائها هم (المراقبون العامون) في الأقطار المختلفة .
بإختصار وحدوية الإخوان يمثلها فكرهم و أدبياتهم و كذلك تنعكسًَ في بنيتهم التنظيمية و التي تشابه بل تطابق البنية التنظيمية العالمية للقاعدة و الجهاد و حزب التحرير الخ.
أما بشأن التصريحات التي أستشهدت بها لإثبات ان تحولاًَ طرأ على الإخوان ليكرس قطربتهم و تخليهم عن الإيدولوجية الإسلامية و وأنهم أصبحوا مجرد حركة إصلاحية فهي إستشهادات غير قاطعة و لا حاسمة لإثبات ذلك فإهتمام الإخوان بالإندماج في النسيج السياسي العام لدول تواجدهم لا يعني تخليهم عن الهدف الوحدوي النهائي و إنما (وهذه تؤخذ على الإخوان) هم يؤمنون بالمرحلية و التدرج (السيطرة على مجالس الطلبة ثم النقابات ثم البلديات ثم البرلمان ثم الحكومة ثم في النهاية إحداث التغيير الجذري) و كما قلت لست هنا لإدافع عن فكرهم و لكني و رغم عدم قناعتي بجدوى إستراتيجيتهم إلا أني لا استطيع إهمال أنهم تنظيم عربي موحد عابر و غير معتبر لحدود سايكس بيكو اللعينة.
ثم أني قد لمست في مداخلتك و (ربما اكون مخطئاًَ) أنك تعتبر أن الإيمان بالديمقراطية و إحترام التعددية يعني التخلي عن الأيديولوجية الدينية للتنظيم, و إسمحلي أن أخالفك هنا ايضاًَ فهذا يحسب للإخوان و ليس عليهم فهم عندما يتحدثون عن الديمقراطية إنما يعنون مشروعية التعددية الفكرية و التناوب على السلطة و ليس الديمقراطية الرأسمالية كنظام إجتماعي غربي و بهذا فهم لا يخرجون عن مبادئ الإسلام
اما بالنسبة للصراع الإخواني الناصري فقد تعمدت ان لا ادخل في تفاصيله حتى لا احيد عن جوهر المقال و انت تعلم أن الأخوان ينكرون إلى اليوم أي دور لهم في حادثة المنشية و يعتبرونها مسرحية فبركت لإخراجهم من اللعبة السياسية و ذريعة للبطش بهم. على أني لست حكماًَ بين الفريقين هنا و ليس من إهتماماتي ان أقف مع فريق دون اّخر و لهذا أشرت فقط إلى انه كان هناك صراع و قد حسمه الناصريون لصالحهم.
أما بشأن الماركسية فسواء كانت القيادات القومية من المؤمنين بها أو المتأثرين أو المتحوليين إليها لاحقاًَ إلا ان هذا لم يكن موضوع مقالي و كل ما قلت ان الإسلاميين نظروا للقوميين بإعتبارهم مرتبطين بالماركسية بشكل أو باّخر و لهذا عادوهم كذلك نظر القوميون للإسلاميين بإعتبارهم دينيين يمينيين و لهذا ناصبوهم العداء و هذا ما اردت التنويه أليه.

ودمتم

أخوكم

محمد رياض

الاثنين، أيلول ١٧، ٢٠٠٧

مقالة و تعليق: الإسلاميون و القوميون...... بين الأمس و اليوم

بقلم محمد رياض

(التعليق يتبع آخر المقالة)


في البداية لا بد من تحديد بعض المصطلحات المستعملة في هذا المقال.

الإسلاميون هم الساعون لإقامة دولة إسلامية موحدة تحتكم إلى الشريعة الإسلامية. و بناءاًَ على ذلك لا يعد المتدينون العاديون و لا حتى أولئك المفرطين بتدينهم إسلاميين لمجرد إلتزامهم بإداء الفروض و النوافل الدينية. و هكذا تخرج قطاعات عريضة من التعريف كالسلفيين (غير الجهاديين) و الصوفيين و الحركات المذهبية و جماعات دعوية مثل الدعوة و التبليغ و أنصار السنة و أتباع المرجعيات الخ.

من يبقى إذنًَ؟
تبقى الجماعات التي تسعى لتأسيس دولة إسلامية موحدة تحتكم إلى الشريعة مثل: الإخوان المسلمون و الجهاد الإسلامي و حماس و حزب التحرير الإسلامي و حزب النهضة التونسي و القاعدة و المحاكم الإسلامية الخ.

هل تحمل هذه الجماعات فكراًَ متماثلاًَ؟
بالتاكيد لا. فهذه الحركات تؤمن بنفس الفكرة و لكنها لا تحمل نفس الفكر, بمعنى أن جميع هؤلاء متفقون على ضرورة قيام دولة إسلامية موحدة تحتكم إلى الشريعة و لكنهم مختلفون فيما بينهم و بشكل حاد أيضاًَ حول فهم الشريعة و طريقة تطبيقها على أرض الواقع, كذلك يتباين موقف هذه الجماعات من قضايا رئيسية مثل دور المرأة في المجتمع و وضع الأقليات غير المسلمة و مسائل أخرى لا تقل أهمية مثل التعددية و شكل نظام الحكم.

و يمكن تقسيم هذه الحركات إلى حركات يمين إسلامي ووسط إسلامي و يسار إسلامي. فتشكيلات مثل القاعدة و الجهاد و المحاكم تقف بلا شك على يمين التيار الإسلامي العالمي بيما تتخذ جماعات أخرى كالإخوان المسلمين و حماس مواقف وسطية و تتمركز مجموعات أخرى كحزب النهضة التونسي على يسار التيار الإسلامي. و هكذا كلما اتجهنا من اليمين صوب اليسار يزداد خطاب الإعتدال في منهج فهم الشريعة و طريقة إنزالها على الواقع المعاش و يتسع نطاق قبول الاّخر و إحترام التعددية.

القوميون هم الساعون لإقامة دولة عربية موحدة و يؤمنون بالعروبة كقاسم مشترك ناتج عن تراث مشترك من اللغة والثقافة والتاريخ. و ترجع أول إرهاصات ظهور أول مجموعة منظمة للقوميين العرب إلى العام 1909م حيث قام مجموعة من الطلاب العرب بتأسيس جمعبة المنتدى العربي في الأستانة والتي إنبثقت عنه جمعية العربية الفتاة التي تأسست في باريس عام 1911م. وكما نزعنا صفة الإسلامية عن قطاعات كبيرة من المتدينين, فإننا سنفعل نفس الشيء مع عدد كبير من الحركات العربية. فالأحزاب و الحركات الوطنية و الجبهات التحررية و الشعبية و الديمقراطية العربية العديدة لا يمكن ان نطلق عليها كلها صفة قومية إن لم تؤمن بتحقيق وحدة سياسية بين البلدان العربية كهدف أساسي و مركزي.

من يبقى هنا ايضاًَ؟
تبقى تنظيمات عربية تسعى لقيام دولة عربية موحدة لكل العرب مثل: القوميون العرب و البعث و الناصري و بعض التجمعات النقابية و الطلابية العروبية هنا و هناك.

و تماماًَ كما هو الحال عند الإسلاميين, يتفق القوميون العرب حول الفكرة و يختلفون إزاء الفكر, و لكن بطريقة أكثر حدة من مما هو عليه الحال عند الإسلاميين. فمن القوميين من تمسك بالفكر الإشتراكي و بنى رؤيته على أساس إقامة دولة عربية إشتراكية موحدة مع إختلافهم حول أسلوب تطبيق و نوع النظام الإشتراكي المرتقب, واّخرين إعتنقوا الفكر الماركسي و هناك القوميون الإسلاميون و هنالك من يسعى فقط لإقامة دولة قومية علمانية.

و الحقيقة أن العلاقة بين الإسلامين و القوميين في أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن الماضي كانت على أتم ما يرام, بل لقد كانت القيادات الفكرية واحدة للفريقين مثل أمير البيان شكيب أرسلان مؤلف عروة الإتحاد و عبد الرحمن الكواكبي صاحب مؤلفات طبائع الإستبداد و أم القرى و محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار الوحدوية و التي أصدرت اول أعدادها عام 1898م.

لكن التناغم هذا لم يدم طويلاًَ فقد بدأ كل من الفريقين بتفضيل الغناء منفرداًَ من منذ ثلاثينات القرن المنصرم, حيث بدأ مفكرون ماركسيون يسيطرون على دفة قيادة التيار القومي العربي ففي العام 1932م كون ميشيل عفلق و صلاح البيطار مع مجموعة من المثقفين و غالبيتهم من الماركسيين جمعية الإحياء العربي و قاموا بإصدار مجلة الطليعة الناطقة بإسمهم و في الجهة المقابلة أسس حسن البنا مع بعض خريجي المعاهد الأزهرية الدينية جماعة الأخوان المسلمين عام 1928م. و هكذا بدات المعاني الإصطلاحية لمفردات مثل القومية و الإسلامية بالتمايز بعدما كانت تتسم بالترادف في فكر الرعيل الأول سالف الذكر.

وهكذا أخذت العلاقة بين الإسلامين و القومين بالتوتر التدريجي حتى أواسط أربعينات القرن الماضي حيث دخل التياران مرحلة التصارع الحزبي, ففي العام 1947م تم الإعلان رسمياًَ عن ميلاد حزب البعث و الذي إندمج لاحقاًَ مع الحزب العربي الإشتراكي برئاسة أكرم الحوراني ليصبح حزب البعث العربي الإشتراكي عام 1953م. و في مطلع الخمسينات تاسست حركة القوميين العرب بفضل جهود مجموعة أخرى من المثقفيين و غالبيتهم من الماركسيين أيضاًَ مثل جورج حبش ووديع حداد و مصطفى الزبري و اّخريين. و في الجهة المقابلة تمكنت حركة الاخوان المسلمين من الإمتداد خارج مصر و بخاصة نحو سوريا و العراق حيث تم إفتتاح العديد من الشعب الإخوانية هناك ثم قام الشيخ تقي الدين النبهاني بتاسيس حزب التحرير الإسلامي في القدس عام 1953م و تمكن من تاسيس فروع له في الأردن و لبنان خلال فترة قصيرة نسبياًَ. و هكذا إستعر الصراع الحزبي بين الإسلاميين و القوميين طوال فترة الخمسينات.

و في العام 1952م كذلك قام تنظيم الضباط الاحرار بقيادة جمال عبد الناصر و اللذين ينتمي معظمهم للفكر القومي السائد بالتعاون مع حركة الأخوان المسلميين بثورة ناجحة لقلب نظام الحكم الملكي في مصر.

لكن سرعان ما دب الخلاف بين الإخوان و الناصريين, غير أن الناصريين و الذين كانوا يسيطرون على الجيش تمكنوا أخيراًَ من حسم الامر دموياًَ لصالحهم بعد قيامهم بتوجيه ضربتين قاصمتين للإخوان عامي 1956م و 1964م مما ادى إلى تصفية وجود جماعة الإخوان كلياًَ من الشارع المصري, حيث تم الزج بعشرات الالوف من الاخوان في المعتقلات و إرسل اّخرين( إلى ما وراء الشمس) و تم إعدام عدد كبير من قياداتهم و كوادرهم مثل المستشار عبد القادر عودة و الاديب سيد قطب. وهكذا تم تغيب التيار الإسلامي في مصر طوال الستينات.

كذلك تسبب صراع إخوان مصر مع جمال عبد الناصر في تحجيم شعبية الإسلاميين في الإقاليم العربية الاخرى حيث أن عبد الناصر كان يتمتع بشعبية كاسحة في الشارع العربي عموماًَ و ذلك لتمكنه من دحر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م و تحديه الغرب ببناء السد العالي و تهديده ووعيده الغير منقطع لإسرائيل, و لذلك كله فقد حكم كل من عادى عبد الناصر في حينها على نفسه و فكره بالإنتحار جماهيرياًَ. كذلك تمكن حزب البعث بجناحية السوري و العراقي من الوصول إلى سدة الحكم في كلا البلدين في العام 1963 م و لم يكن الحزب في سياسته تجاه الإسلاميين هناك بأقل رأفة من عبد الناصر بهم. و لهذا فقد إتسمت فترة الستينات بإنها حقبة المد القومي في العالم العربي و إنحسار التيار الإسلامي.

غير ان مكانة التيار القومي السائد في الشارع العربي عموماًَ و الحاكم في مصر ثم في سوريا و العراق تعرضت للكثير من الهزات الإرتجاجية , فقد تم فسخ الوحدة بين مصر و سوريا عام 1961 عقب إنقلاب عسكري في سوريا ثم تلت ذلك نكسة العام 1967م حيث تمكن الكيان الصهيوني من التوسع بضم أراض عربية جديدة, تبع ذلك إشتباكات دموية بين الجيش الإردني و المنظمات الفلسطينية ما بين عامي 1968 -1971م, ثم جائت وفاة الزعيم عبد الناصر عام 1970م و هو في ريعان شبابه لتضيف لحالة الإحباط العربي السائد حينها. كذلك إستعرت العداوة بين جناحي حزب البعث الحاكمين في العراق و سوريا و مع ان حزب البعث يعتمد في ايديولوجيته على شعار توحيد العرب في دولة واحدة إلا ان جناحيه الحاكمين في العراق و سوريا نجحوا بتقديم نموذج معاكس تماماًَ لفكر البعث الوحدوي.

و في أواسط السبعينات و تدريجياًَ بدأ الاخوان المسلمون بالخروج من سجونهم و قد وجدوا في حالة الإحباط السائد في الشارع العربي بيئة ملائمة للدعاية لمشروعهم. و هكذا بدأ نجم الإسلاميين بالصعود من جديد, حيث رجع الرواج الشعبي لبضاعتهم, كذلك إستفاد الإسلاميون في حقبتي السبعينات و الثمانينات من بعض حملات الدعم الحكومية الهادفة لمواجهة التيارات اليسارية و الشيوعية أنذاك. و هكذا إستمر رصيد الإسلاميين الشعبي في التصاعد على حساب شعبية التيار القومي و الذي فقد حليفاًَ مهماًَ و تعرض لنكسة أخرى بإنهيار الكتلة الشرقية و الإتحاد السوفيتي في أواخر الثمانينات و ما سبق ذلك و ما تلاه من عزوف الجماهير عن الماركسية و خبوت بريق الفكر الإشتراكي و بالتالي إنهيار شعبية القيادات الماركسية التاريخية و التي كانت تتربع على العروش القيادية لمعظم التيارات القومية.

و لكن رغم ذلك لم تتخل الجماهير العربية عن الفكرة القومية و إن ما حدث حقيقةًَ هو عزوف الناس عن معظم قيادات و كوادر التيار القومي من الماركسيين كنتيجة طبيعية لتهاوي الفكر الماركسي عالميا,ًَ أي أن الماركسية هي من هزم و ليس القومية العربية. كذلك فقد إستفاد التيار الإسلامي من حقيقة أن الشعوب قد رأت فيه البديل غير المجرب بعد, حيث ان هذه الشعوب كانت محبطة من حكوماتها العميلة للغرب بقدر إحباطها من الانظمة القومية الحاكمة و التي إستشرى فيها الفساد و المحسوبية و الرشاوى ناهيك عن تاسيس أنظمة بوليسية مخابراتية و قمع التعددية الخ.

و مع بدايات التسعينات و خاصة أثناء و بعد حرب الخليج الاولى ثم دخول أمريكا للمنطقة و محاولاتها فرض الإعتراف بإسرائيل عبر عقد تسوية مهينة للصراع العربي الصهيوني, بدأ القوميون و الإسلاميون بإدراك أن معركتهم واحده و ان عدوهم مشترك و لهذا فقد شهدت نهاية القرن العشرين عودة التقارب مجدداًَ بينهم. و قد نتج عن هذا التقارب ظهور مجاميع مؤسساتية مشتركة عديدة, فقد تأسس المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي عام 1991م و المؤتمر القومي الإسلامي عام 1994م و المؤتمر العام للأحزاب العربية 1996م, و تضم هذه المجاميع في عضويتها ممثلين عن معظم الاحزاب و الحركات القومية و الإسلامية العربية و شخصيات قومية و إسلامية مستقلة كما و تعقد هذه المؤتمرات دوراتها مرة كل عاميين.

كذلك تولد عن هذا التقارب العديد من الفعاليات المشتركة خاصة في مجال التصدي لعملية التسوية مع الكيان الصهيوني و دعم مقاومة الشعب العربي الفلسطيني و الوقوف ضد العدوان الامريكي على العراق و دعم المقاومة العراقية و الصومالية , و تمثلت هذه الفعاليات بمسيرات و مهرجانات مشتركة وتنظيم حملات دعم للمقاومة و حملات أخرى لمقاطعة البضائع الإسرائيلية و الامريكية و غير ذلك.

و الخلاصة ان العلاقة بدأت تعود لطبيعتها و بداياتها بين أبناء التيارين و الذين يحملون نفس الفكرة و يسعون لتحقيق نفس الغاية بعد أن تجاوز كلاهما مرحلة المراهقة الحزبية حيث أن الإسلاميين وحدويين بالطبيعة و القوميين يعتبرون العروبة جسد و روحه الاسلام و لذلك فلا يمكن لدعوات العلمانية بشكلها الغربي ان تجد لها محلاًَ بينهم.

وهكذا وعلى ضوء ما تقدم نستطيع تعريف تيار القوميين والإسلاميين المشترك حديث النشأة بأنه يمثل بوتقة الساعيين لإقامة دولة عربية موحدة ذات روح إسلامية يحتفظ مواطنوها بقاسم مشترك بينهم ناتج عن تراث مشترك من الدين اللغة والثقافة والتاريخ.

----------

تعليق:

ملاحظة سريعة فقط، يمكن أن تضاف إليها ملاحظات أخرى، وهي أن الفكرة القائلة أن مؤسسي حزب البعث وحركة القوميين العرب كانوا من الماركسيين غير دقيقة تاريخياً، فالقوميون العرب تحولوا إلى الماركسية في نهاية الستينات، وعندها حلوا حركة القوميين العرب، وأسسوا أحزاباً قطرية، وهو خطأ تاريخي مميت قضى على الحركة، وما زال الدكتور جورج حبش يوقع بياناته اليوم كمؤسس لحركة القوميين العرب. أما ميشيل عفلق، فقد تحول إلى القومية بعدما درس الماركسية ووجد أنه لا تلبي طموحه وحاجات الأمة، والحقيقة أن هذا الموضوع عن العلاقة بين القومية من جهة، والماركسية والإسلام من جه أخرى، يحتاج إلى معالجة أوسع وأعمق، ونحن نشكر الأخ محمد رياض على طرحه، ولكنه تجاوز تحالف التيار الإسلامي الإخواني بالتحديد مع الأنظمة الموالية للغرب، مثل النظامين السعودي والأردني، في الخمسينات والستينات، أما القومية نفسها، فهو محق في استنتاجه الأساسي أنها تحتمل الارتباط بالإسلام أو بالماركسية، وما زالت هذه المشكلة غير محلولة، وربما لن تحل أبداً، لأن الإسلام لديه ما يقدمه لأمتنا، وكذلك الماركسية، ويبدو أن تعقيد الواقع يفرض علينا أن نطور من أساليب تفكيرنا لترتفع إلى مستواه، وهناك مثلاً على هذا الصعيد طروحات اليسار الإسلامي الذي يدمج الطرح الاقتصادي والاجتماعي للماركسية مع الإسلام، وهذا التوجه هو الذي تتبناه منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، ويبقى هذا الموضوع مفتوحاً على مصراعيه.

مع التحية،
مدراء اللائحة

--------------


الأخوات و الأخوة الأعزاء

فقط كتعقيب سريع على مداخلة الأخوة مدراء اللائحة.

هناك الكثير من المراجع التاريخية و التي تحتوي على معلومات متضاربة حول الجذور الفكرية لمؤسسي البعث و القوميين العرب, و قد يكون مدراء اللائحة على حق في أن القوميين العرب تحولوا إلى الماركسية في الستينات و ان مؤسسي البعث لم يكونوا ماركسيين كذلك, غير أن مراجعي تقول غير ذلك و لهذا فلا استطيع تكوين قناعة جازمة بهذا الخصوص فأنا ولدت سنة 1976م و لم اعاصر تلك الحقبة. غير أن هذا الموضوع برمته ليس هو الفكرة الرئيسية في مقالتي, فبغض النظر إن كان القوميون العرب قد بدأوا ماركسين أو انهم تحولوا إلى الماركسية بعد حين إلا أن الإنطباع العام السائد في تلك الفترة عن القوميين أن للفكر الماركسي رواج كبير بين قياداتهم و كوادرهم, وهذا ما اردت التركيز عليه حيث أعتقد أن الماركسية كانت السبب المباشر وراء عداوة الإسلاميين للقوميين و بالعكس طوال فترة الخمسينات و الستينات و حتى السبعينات و ليست الفكرة القومية بحد ذاتها فمن غير المبرر أن يعادي إسلامي قومي فقط لأنه قومي فقط او أن يعادي قومي إسلامي فقط لأنه إسلامي.
كذلك أردت من مقالي تبيان الفرق الشاسع و البين بين وصف إسلامي ووصف متدين فليس كل متدين إسلامي و ليس كل إسلامي بالضرورة متدين, فالإسلامي كما ذكرت هو من يسعى لإقامة دولة وحدوية تحتكم إلى الشريعة (طبعاًَ هاك تباين في فهم الشريعة بين الإسلاميين أنفسهم) بينما تنحصر إهتمامات الشخص المتدين في اداء الفروض و النوافل.
من ناحية أخرى , ربما كان الأخوة المدراء على حق بخصوص عدم إشارتي للتحالف بين الأخوان المسلميين و بعض الانظمة العربية الرجعية في تلك الحقبة, إلا اني قد ذكرت بشكل مختصر أن الإسلاميين إستفادوا من بعض الدعم الحكومي الهادف لمواجهة التيارات اليسارية و الشيوعية في تلك الفترة و هذا امر لا أنكره.
و الاّن بشأن تيار اليسار الإسلامي (و الذي أنتمي إلبه فكرياًَ)
أولاًَ: يجب عدم الخلط بين تيار اليسار الإسلامي العربي و تيارات فكرية اخرى كاليسار الماركسي المتأسلم و اليسار الإسلامي الإيراني (كما هو واضح في تعقيب الاخوة المدراء), فالأول عربي النشأة و يعتبر الفيلسوف العربي المصري حسن حنفي مؤسس هذا التيار و الأب الروحي والفكري له, وهو تيار إسلامي أصيل متأثر بشكل كبير بفكر المعتزلة و لا علاقة له بالماركسية من قريب او بعيد. بينما هناك مجموعة من قدامى الماركسين و حديثي الإسلام ممن يحاولون الخروج ببعض الأطروحات الفكرية عن طريق المزج بين بعض ما جاء الإسلام و بعض الافكار الماركسية (ربما يكون مجاهدي خلق منهم) و لكن هؤلاء لا علاقة لهم بتيار اليسار الإسلامي الحداثي التراثي الأصيل. كذلك نسمع في نشرات الاخبار احياناًَ عن مصطلح اليسار الإسلامي في إيران و الذي يعتبر محمد خاتمي من ابرز رموزه, غير انهم ( أي الإيرانيين) يقصدون بهذا المصطلح الإشارة إلى رجال الدين الليبراليين فقط و هؤلاء ايضاًَ ليس لهم علاقة بتيار حسن حنفي اليساري الإسلامي و الذي أشرت إليه---فقط للتوضيح

أخوكم

محمد رياض

القومية العربية كمنقذ من تفكك الأمة

د. إبراهيم علوش

بات هناك شبه إجماع بين أصحاب الرأي الموضوعيين، ضمن معسكر الأمة وأعدائها، بأن المشروع الأمريكي-الصهيوني في بلادنا دخل مآزق مستعصية لا تخفى علاماتها على أي مراقب، وأن المقاومة العربية، أساساً في العراق، يعود لها الفضل في وقف تمدد نفوذ المشروع المعادي وإفشاله.

غير أن فشل المشروع المعادي لا يعني بالضرورة أن كل عناصره قد فشلت، فالفشل مفهوم نسبي كما النجاح، وإذا كانت عوامل الفشل قد فاقت عوامل النجاح في مشروع "الشرق أوسطية"، فإن علينا أن نقر بأن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بالرغم من عدم قدرتهما على السيطرة على الإقليم وفرض إعادة تشكيله استراتيجياً، وبالرغم من تقليم أظافر أدواتهما في العراق ولبنان وقطاع غزة، فقد نجحتا بجدارة بمقدار ما انتشر الوعي التفكيكي، الطائفي والقبلي والإثني، والقطري والمادون قطري عامة...

إذن يعيش المشروع الأمريكي-الصهيوني أزمةً مستعصية في بعده الأهم، أي البعد السياسي والعسكري، غير أنه حقق قدراً لا بأس به من النجاح في بعده الثقافي والاجتماعي. ونلاحظ شعبياً في أكثر من قطر عربي انتشار الوعي التفكيكي والتقوقع البائس باتجاه التمسك بوحدات اجتماعية أصغر فأصغر، وهو ما يصب مباشرة في خدمة مشروع "الشرق أوسطية".

وما شهده جنوب العراق من صراع دموي بين قوات جيش المهدي من جهة، وقوات بدر من جهة أخرى، على زعامة الطائفة الشيعية في العراق، هو التتمة المنطقية للوعي الطائفي الذي يبدأ بالتخلي عن الوطنية العراقية أولاً لمصلحة الطائفة. وتتكرر نفس الحالة في الصراع بين القبائل السنية في الوسط، وبين تنظيم القاعدة على زعامة الطائفة السنية. وهي حالة غير مقتصرة على العراق أبداً، فمع أن لبنان يعيش حالة استقطاب سني-شيعي اليوم، فقد سبق أن شهد بعض أشرس المعارك بين "الكتائب" من جهة، و"الأحرار" وغيرهم من جهة أخرى، على زعامة الطائفة المارونية، وذلك أن التخلي عن الرؤية الوطنية الواسعة لمصلحة المنطق الطائفي الضيق يطرح فوراً السؤال المنطقي التالي: من سيقود الطائفة، أو العشيرة، أو الجزء؟ وإن لم تتبنَ حماس مشروعاً وطنياً لتحرير كل فلسطين، وإن لم تعمل على حشد كل القوى على هذا الأساس، سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية، فإن سيطرتها على القطاع لن تخرج موضوعياً عن سياق الاقتتال على الجزء بغض النظر عن النوايا.

وفي المسألة الطائفية وشؤونها وشجونها فلنراجع التاريخ العربي المعاصر قليلاً: فحتى الثورة الإيرانية في نهاية السبعينات، لم يكن الغول الطائفي قد انطلق من عقاله بعد. ومن يراجع أدبيات الجماعات السلفية الجهادية في مصر يرى بوضوح مدى تأثرها بالثورة الإيرانية ومحاولتها إنتاج نسخة سنية لها. وقس على ذلك بالنسبة لغير مصر. فليس صحيحاً أننا أمة قبلية عشائرية منذ داحس والغبراء، وأمة منقسمة طائفياً منذ يوم صفين. لأن تاريخ كل الحركات الوطنية واليسارية والقومية في الوطن العربي الحديث قبل الثورة الإيرانية كان تاريخ النهوض من إرث القبلية والطائفية والهمجية الجاهلية بشكل عام. والحركة الناصرية والبعث واليسار بدورها لم تبنِ قواها على أساس طائفي أو عشائري إلا حيث وبمقدار ما تخلت عن مشروعها. وحتى الإسلام كان يمثل ثورة على الجاهلية، والجاهلية تعني فيما تعنيه العصبية القبلية، ولهذا رفع الإسلام شعار "إنما المؤمنون أخوة". وهذا الشعار يعني أن الأخوة في العقيدة أهم من الأخوة في الدم.

إذن النزعات الطائفية والقبلية تمثل بالضرورة عودة للوراء، إلى الجاهلية. فتاريخ التقدم في بلادنا هو تاريخ النضال ضد نزعات التفكيك القبلية والعشائرية والطائفية، أي تاريخ استقرار الدولة المركزية، فتاريخ التقدم في بلادنا هو التاريخ القومي الموحد، أما تاريخ التفكك فهو تاريخ القطر والطائفة والعشيرة، أي تاريخ التخلف.

وعندما تقدم محمد علي باشا من مصر باتجاه بلاد الشام والخليج العربي كان يرفع شعار دولة المواطنة، الدولة العربية المركزية، فحاربته العشائر والطوائف بالتعاون مع بريطانيا وتركيا العثمانية وقوى الهيمنة الخارجية لأنه كان يرفع شعار دولة المواطنة بديلاً لإقطاعيات الملل والنحل.

بيد أن النزعة الطائفية تنتج نزعة طائفية مقابلة، النزعة الطائفية الشيعية مقابل السنية وبالعكس، والمسيحية مقابل الإسلامية، والمارونية مقابل الدرزية، الخ... ثم نزعات تشظي داخل الطائفة ذاتها، ولذلك، فإن كل حزب يقوم على أساس طائفي أو عشائري أو عرقي، خاصة إذا كان ذلك جزءاً من منهجه الفكري، لا خروجاً عنه، لا يمكن أن يمثل مشروع نهضة للأمة. وحتى لو قامت قيادة ذلك الحزب بتوظيف مشروعها الطائفي في خدمة قضية وطنية مرحلياً، فإن ذلك يمثل شيئاً إيجابياً بدون أدنى شك ضمن الظروف الراهنة التي تراجع فيها المشروع الوطني والقومي، أما المشروع النهضوي العربي فلا يمكن أن يقوم على أساس طائفي أو عشائري بالرغم مما يقوله ابن خلدون.

ولا شك أن واجبنا كمواطنين عرب يتلخص بدعم وتأييد كل نقطة مقاومة وممانعة ليس فقط في الوطن العربي، بل في العالم بأسره، بالحدود الذي تمثل فيه نقطة مقاومة وممانعة، وأن ندعم حماس وحزب الله بقوة عندما يجاهدان العدو الصهيوني والقوى المرتبطة به، وأن ندعم طالبان عندما تقاوم حلف الناتو في أفغانستان، الخ... ولكن تلك القوى المقاومة بجدارة أثبتت أيضاً عدم قدرتها عن أن تكون أكثر من خط دفاعي في أحسن الأحوال (وأقل من مشروع نهضوي بالضرورة). وفي أسوأ الأحوال، باتت اعتباراتها الطائفية اليوم عائقاً أمام مقاومة الجزء الاجتماعي-الثقافي من مشروع التفكيك الأمريكي-الصهيوني نفسه، والدليل على ذلك طبعاً موقف حزب الله اللبناني في العراق، وإقصائية القاعدة بتكفيرها لقوى إسلامية مقاومة للاحتلال بدون أدني ريب، وبدرجة أقل بكثير طبعاً، عجز حماس حتى الآن عن استقطاب قوى حقيقية من غير الإسلاميين.

يبقى المشروع القومي بالتالي المشروع المرشح اليوم لإنقاذ الأمة من التفكك والضياع، والمشروع الرافض لكل أشكال الهيمنة الخارجية من الغرب أو الشرق، من أمريكا أو إيران، وهو بالضرورة مشروعٌ يكمن تناقضه الرئيسي مع الطرف الأمريكي-الصهيوني وأذنابه، ويتمسك بالإسلام كجزء لا يتجزأ من ثقافته ووعيه، ولكن يدرك جيداً بأن الواقع المعقد لا يمكن فهمه والتعاطي معه إلا بأدوات العلم.

فيلم "بورات": كوميديا لاذعة محابية لليهود

د. إبراهيم علوش

من خلف استرخاء الضحك، تنسل إليك الرسالة اليهودية لفيلم "بورات" كالأفعى السامة. وإذ تضحك ملء فيك، تدخل عبر لا وعيك رسالة جوهرية بأن كل من لا يحب اليهود، من الشعوب أو الأفراد، أقل من بشر، أو كتلة من الحقارة والغباء والجهل وضيق الأفق. فهو بالأساس فيلم يتهكم على الشعب الأمريكي العادي في الأرياف والمدن الصغرى، وعلى المسلمين، وعلى شعوب أسيا الوسطى (السوفياتية سابقاً)، ولذلك منع عرض الفيلم في كل الدول العربية ما عدا لبنان، ومارست الحكومة الروسية والكازاخستانية ضغوطاً ناجحة على شركات توزيع الأفلام لعدم عرضه دون منعه رسمياً.

فيلم "بورات" من إنتاج شركة تونيث سنتشري فوكس Twentieth Century Fox لصاحبها الصهيوني النزعة، اليهودي الأم، روبرت ميردوخ. وهو من إخراج الممثل لاري تشارلز (ساينفلد). وقد كلف فيلم "بورات" 18 (ثمانية عشر) مليون دولار، وعاد على منتجيه بحوالي 260 (مئتين وستين) مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى لإطلاقه رسمياً، أي منذ أوائل تشرين ثاني / نوفمبر 2006 حتى آذار / مارس 2007، نصفها في الولايات المتحدة، ونصفها خارجها. وعندما أطلق في سوق استئجار أفلام الفيديو في بدايات شهر آذار / مارس 2007، حصد في الولايات المتحدة وحدها حوالي 48 (ثماني وأربعين) مليون دولار أخرى.

وبالرغم من أن الفيلم معادي لشعوب الأرض وموالي لليهود، فإن سر نجاحه يقوم على عنصرين: حبكته الوثائقية وصياغته غير التقليدية من جهة، ومهارة وفطنة الممثل الرئيسي فيه ساشا بارون كوهين من جهة أخرى. وساشا بارون كوهين يهودي "إسرائيلي" مولود في فلسطين المحتلة يحمل الجنسية البريطانية أيضاً. ويشار إلى أنه كان يتحدث العبرية في عدة مقاطع في الفيلم حيث يعتقد الجمهور أنه يتحدث اللغة الكازاخستانية.

وتدور قصة الفيلم حول إعلامي كازاخستاني ناجح هو "بورات" (ساشا بارون كوهين) ترسله حكومته مع مخرج من بلده إلى "أعظم بلد في العالم" (كما يلقب الأمريكيون بلدهم) ليصور فيلماً وثائقياً هناك ليتعرف ويتعلم الكازاخستانيون من خلاله على أمريكا.

ويبدأ الفيلم في بلدة "بورات" المتخلفة في كازاخستان، وقد تم تصوير مشاهدها في بلدة غجرية في رومانيا، حيث يغطي كصحفي تلفزيوني حفل هام يقام سنوياً هناك لمطاردة اليهود. وبعدما يصل "بورات" والمخرج من كازاخستان إلى نيويورك وهو يحمل في حقيبته دجاجة حية، يشاهد في الفندق حلقة من مسلسل "باي واتش" Bay Watch التلفزيوني فيقع فوراً في حب الممثلة الرئيسية فيه باميلا أندرسون ويقرر الذهاب إلى كاليفورنيا، بعدما يكتشف أنها تقيم هناك، ليتزوجها ويعود بها إلى كازاخستان. ولكنه يقرر أن لا يستخدم الطائرة للسفر من أقصى شمال شرق الولايات المتحدة في نيويورك إلى أقصى جنوب الغرب في كاليفورنيا خوفاً من أن "يكرر اليهود ما فعلوه في 11 سبتمبر"!!!

وينتهي الأمر ببورات للسفر بعربة بيع مثلجات عبر الولايات المتحدة، أي عبر ثلاث مناطق زمنية، وصولاً إلى كاليفورنيا، ليتعرف على أمريكا خارج المدن الكبرى، وخلال ذلك تقع أحداث الفيلم المضحكة إلى حد سوريالي، التي يظهر فيها المواطن الأمريكي البسيط، خاصة من الكتل المعروف أنها أكثر عداء لليهود في المجتمع الأمريكي، كمهزلة حقيقية.

وقد ذكرت صحيفة "العرب اليوم" في 29/8/2007 تحت بند "كواليس" بأن "إسرائيليين" قدموا إلى الأردن وعاينوا أماكن مختلفة لتصوير الأفلام، ثم عقدوا لقاءً مع "الهيئة الملكية للأفلام" ليطلبوا إذناً بتصوير الأفلام في ربوع الأردن. ومن هنا قد يستفيد صناع القرار الرسمي العربي على هذا الصعيد بما جرى في حالة فيلم "بورات".

وذلك أن فيلم "بورات" لا يضم إلا أربعة من الممثلين (أحدهم، وهي الممثلة باميلا أندرسون، ظهرت بصفتها الحقيقية) مع أن مئات الأشخاص يظهرون فيه، من تلك البلدة الصغيرة في رومانيا التي يفترض أنها بلدة كازاخستانية، إلى الأرياف والبلدات الأمريكية التي يسافر عبرها "بورات". والسبب هو أن الفيلم شبه وثائقي، باستثناء أن ساشا بارون كوهين، أي "بورات"، في استعراض لمهارات اليهود التاريخية في التلاعب بالآخرين، كان يخدع الناس العاديين لكي يتم تصوير مقاطع الفيلم دون علمهم، عندما يدعونه إلى العشاء مثلاً، أو إلى كنيسة، أو عندما يقلونه من الشارع معتقدين أنه سائح أجنبي "مقطوع"، أو عندما يذهب ليشتري سيارة من معرض.

وكان الناس، خلال كل ذلك، يسايرون "بورات" فيما يذهب إليه من آراء معتقدين أنه لا يفهم اللغة والثقافة الأمريكية جيداً، بينما يحاول هو أن يستدرجهم ليستفزهم ليتحامقوا أو ليوافقوا على آرائه المعادية للأقليات والمتهكمة على المرأة والسود والغجر والمسلمين وغيرهم، وبالأساس على اليهود طبعاً، متظاهراً كل الوقت بأنه "يسوق الهبل"!

ومهارة ساشا بارون كوهين تتمثل بالطبع بأن فيلماً كهذا لا يكون له نص مكتوب، ولا تمكن إعادة تصوير اللقطات فيه، ويمكن أن تذهب فيه الأحداث بأي اتجاه، وبالتالي يعتمد الفيلم كلياً عملياً على قدرة كوهين على التلاعب بالناس ليوصلهم إلى النقطة التي يريد، وهذه ليست مهارة تمثيل، بل مهارة تلاعب بالآخرين، وهي مهارة يهودية بامتياز... أنتجتها ثقافة الغيتو على مدى قرون.

ولا نتحدث هنا عن شيء بريء هدفه الضحك للضحك كبرنامج الكاميرا الخفية مثلاً، بل عن خبث حقيقي في اصطياد الناس العاديين من فئات اجتماعية محددة، ووضعهم في ظروف محددة، ليقولوا ويفعلوا أشياء تظهرهم كأغبياء أو كعدوانيين أو كمتخلفين، ضمن أجندة سياسية محددة هي أجندة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.

واليهود لا يستفيدون كثيراً عندما يهاجمون جماعة ما بأنها تكره اليهود فحسب، ولذلك يلعبون ورقة الأقليات بجدارة، ويتبنون برنامج مكافحة العنصرية والتمييز الجنسوي بالكامل، ليجعلوا من مكافحة "مناهضة السامية" النقطة الرئيسية على جدول أعماله. ولهذا ترى اليهودي "الإسرائيلي" ساشا بارون كوهين يلعب دور شخص مناهض لليهود ليظهر، من خلال شخصيته الهزلية، كم هو تافه ومتخلف وبلا شرف، وليدفع شخصيات حقيقية، مئات منها، لمسايرته بنفس الاتجاه لإبراز العنصرية، وبالتالي "مناهضة السامية"، كمشكلة حقيقية في قلب أمريكا (أي الأرياف والمدن الأمريكية الصغيرة)، وعلى صعيد عالمي.

وقد تم إرضاء عدد من تلك الشخصيات الحقيقية التي ظهرت بالفيلم بطريقة أو بأخرى. ولكن عدداً كبيراً منها رفع قضايا في المحاكم وطالب بتعويضات عطل وضرر، كما أن بعضها فرض بالقانون على مخرجي الفيلم أن لا يعرضوا الجزء المتعلق بهم في الفيلم. وظهر عدد من المقالات الصحفية والتقارير الممتعضة من اقتناص الناس بهذه الطريقة الخبيثة، بينهم مسئولون أمريكيون محليون، بهذه الطريقة الخبيثة، وعرض ما ظن أشخاص حقيقيون بأنهم قالوه لسائحٍ تائه لا يفهم اللغة الإنكليزية جيداً – بينما يكسر اللغة الإنكليزية بشكل مدروس - في فيلم يشاهده عشرات الملايين حول العالم!

ويقول أحد التقارير أن القرية الرومانية الغجرية حيث يسرح الدجاج والمجاري في الشوارع، التي تم عرضها في الفيلم كبلدة "كوسك" موطن "بورات" الأصلي في كازاخستان، لم يتلقَ فيها أي من السكان الذين ظهروا في الفيلم أكثر من دولار واحد لكل منهم، ولكن مخرجي "بورات" أصروا بأنهم دفعوا ما بين سبعين ومئة دولار مقابل كل فرد ظهر في الفيلم... مئة دولار للفرد، لتشويه بلدٍ بأكمله!

وقد أنفقت حكومة كازاخستان ملايين الدولارات على حملة إعلامية في الغرب هدفها إزالة التشويه الذي لحق بها من جراء فيلم "بورات"، منها إعلان مدفوع على أربع صفحات في جريدة النيويورك تايمز، مع العلم أن الفيلم تم إطلاقه رسمياً يوم وصول رئيس كازاخستان نور سلطان نزرباييف لزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة.

أما عن سر اختيار كازاخستان كمحور للتهكم، فربما يكمن السبب بأنها دولة نفطية، أكثر من نصف سكانها بقليل من المسلمين، وأكثر من أربعين بالمئة منهم من الروس... والأهم، بعد تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون، وهو حلف يضم روسيا والصين وعدد من الدول الواقعة بينهما مثل كازاخستان، إن كازاخستان أصبحت نقطة الوسط الجغرافي للمحور العالمي الجديد المناهض للولايات المتحدة. ولهذا ضغطت حكومة روسيا لمحاصرة الفيلم... فالرسالة لم تضع عليها.

أخيراً، خلال مشاركة ممثلة الإغراء باميلا أندرسون في فيلم "بورات"، دبت خلافات بينها وبين زوجها وصلت للطلاق، مع أن الممثلة تقول أن ملاحظات زوجها السلبية والعلنية على مشاركتها بالفيلم لم تكن سبب الطلاق!

"بورات" فيلم مضحك إلى حد الهرطقة، ولكن النكتة فيه على من يعادي اليهود، وقد استدعى الناس العاديون الأجهزة الأمنية الأمريكية 91 مرة خلال تصوير الفيلم، وأفلت ساشا بارون كوهين مرتين من اعتقال مؤكد، كما يتباهى، ومثل هذا لا يتعلمه الناس بالتأكيد في مدرسة الفنون الجميلة أو كلية التمثيل