السبت، أيلول ٢٢، ٢٠٠٧

ادعموا المقاومة وقاوموا التطبيع مع العدو الصهيوني

بقلم: طلعت "أبو عثمان" ابو حاشية
كاتب وباحث/الأردن

يتعرض الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة وبعض مدن الضفة لعدوان عسكري مسعور جوا وبرا وبحرا من جانب قوات الاحتلال الصهيوني. وعلى مدار الساعة, حتى الآن يسقط عشرات الشهداء أطفالا ونساء وشيوخا وشبابا علاوة على شهداء المقاومة المسلحة التي تدافع عن شرف وكرامة أهلها وأمتها العربية وأضعافهم من المصابين ، وتُدمر مرافق الحياة المدنية كهرباء ومياها وجسورا وطرقا ومدارسا وغيرها.
قام هذا العدوان الهمجي واستمر بتأييد ومباركة أمريكية أوربية سافرة وبحجة "حق" الكيان الصهيوني المحتل في الدفاع عن نفسه , والتي لا تعني إلا موافقة بل وتحريض المحتل الغاصب على العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني جراء مطالبه العادلة ودفاعه المشروع عن حقوقه المسلوبة.
ويأتي هذا العقاب كرد فعل عصبي وكمحاولة ستلحق بسوابقها الفاشلة لإثناء الشعب الفلسطيني عن انتهاجه طريق المقاومة والتحرير. ورفضه طريق أوسلو الانهزامي ، وصموده البطولي أمام سياسة التجويع والحصار الاقتصادي والمالي، وبالتطور النوعي في مقاومته المسلحة للاحتلال .
ولا يخفي أن ما شجع على ارتكاب هذه الموجة الجديدة من حرب الإبادة الدائمة للفلسطينيين ، وما يعفي أمريكا وغيرها من المستعمرين من أي حرج جراء تشجيعهم المفضوح للاحتلال الصهيوني ، هو نفس السبب الذي أطلق يد هذا الاحتلال لارتكاب دورات الإبادة السابقة، ألا وهو انسحاب بعض الحكومات العربية تباعا منذ عقد السادات اتفاقية كامب ديفيد من ميدان مواجهة العدو بل وحسمها ، لموقفها المعادي لتطور المقاومة الفلسطينية والمذعور من احتمال تغير معطيات واقع الصراع داخل فلسطين المحتلة وتخطيه نهائيا لخيارها خيار الاستسلام والخضوع للسيطرة الأمريكية الصهيونية على المنطقة .

وخلافا لأبسط الحقائق تدور الطاحونة الإعلامية الاستعمارية لإخفاء واقع جرائم الحرب ولتصويرها على أنها عمل مشروع . ومما يعزر هذا الدجل ويروجه مواصلة بعض الأنظمة العربية لموقفها المتواطئ مع محاولة تركيع الشعب العربي الفلسطيني .
لقد انصاعت بعض السلطات السياسية العربية الرسمية من قبل لسياسة الحصار الاقتصادي والمالي للشعب العربي الفلسطيني ، بل ويعتبرون أنفسهم طرفا محايدا، يقومون بدور الوساطة على قاعدة التهدئة وحث الفلسطينيين على التخلي عن طريق المقاومة والركون للراعي الأمريكي للكيان الصهيوني ومخططاتهما.
إن لدى الدول العربية الكثير، إذا أرادت أنظمتها الحاكمة ، من وسائل الضغط السياسية والاقتصادية على الكيان الصهيوني وأمريكا ، لكنها ترفض استخدامها خضوعاً واستسلاماً . كما إنها تملك إذا تحرر قرارها الوطني تقديم المساعدات بالمال والسلاح للشعب الفلسطيني الأعزل إلا من كرامته وبطولته .
ويخطئ من يحسب أن العدوان الصهيوني الحالي مهما اتسع نطاقه وطالت مدته سيكسر إرادة المقاومة والتحرير . فليس للفلسطينيين مما يخسرونه من مقاومتهم غير الأغلال ، وهو ما ينطبق أيضاً في الحقيقة على الدول العربية الأخرى خاصة في دول الجوار الفلسطيني التي لم يزيدها التراجع والتخاذل أمام الصهيونية وحاميها الأمريكي إلا تدهوراً وتخلفاً ، وبعد كل ما جرى منذ قبلت الدول العربية سياسة الاعتراف بإسرائيل وقرار مجلس الأمن 242 ، مروراً باتفاقية كامب ديفيد واتفاقية أوسلو ووادي عربة واحتلال العراق ، وصولاً للوضع الراهن حيث تغيب تماماً أي إمكانية لموافقة صهيونية أو أمريكية طوعية على استقلال وتحرير أي شبر من أرض فلسطين ، وحيث يتأكد ويتعمق دور الكيان الصهيوني كأداة أساسية للإمبريالية الأمريكية والأوروبية .
فعلى الرغم من التضحيات الغالية للشعب الفلسطيني فإن من التداعيات الإيجابية للعدوان الصهيوني البربري نزع ورقة التوت الواهية عن عورة كل مشاريع الاتفاقيات والسياسات والتسويات والانسحابات أو إعادة الانتشارات للقوات الصهيونية المحتلة ، والتي لا تكفل أي أمن أو أمان لأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني ما بقي الاحتلال الصهيوني ، وكذلك تعرية كل مزاعم أمريكا وغيرها من الدول الاستعمارية عن حقوق الإنسان وحماية المدنيين وجرائم الحرب وعن حق الشعوب في اختيار حكامها وتقرير مصيرها ونشر الديمقراطية . وهذا وذاك مما يدفع الشعب الفلسطيني والأمة العربية لمقاومة الصهيونية والاستعمار الأمريكي والعالمي ومشاريعها في المنطقة التي يقف في مقدمتها مشروع الشرق الأوسط الكبير بمرتكزاته الأساسية الثلاثة ؛ الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، والاحتلال الأمريكي للعراق ، وتبعية الدول العربية السياسية والعسكرية والاقتصادية للدول الاستعمارية.
إن المقاومة الفلسطينية تدافع في آن واحد عن أرض وحقوق شعبها المغتصبة وعن وجودنا وأمننا العربي ، وهي والمقاومة العراقية واللبنانية طلائع النضال المتقدمة في معركة الحرية ولاستقلال ، لذلك فإننا جميعا مطالبون بالتأييد التام لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل وفي مقدمتها المقاومة المسلحة. وإحياء وتطوير أنشطة مناصرة الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته المسلحة، وتقديم كل أشكال المساعدات الممكنة لحياته ومقاومته للاحتلال، ونقد وفضح أي محاولات لاستمرار بعض الحكومات العربية في الانصياع للحصار الاقتصادي والمالي للشعب الفلسطيني وممارسة كل أشكال الضغط على الحكومات العربية لحملها على الاستجابة لمطلب الغالبية العظمى من جماهير الشعب وقواه الوطنية بوقف كل أشكال ومجالات التطبيع والتعامل مع الكيان الصهيوني. لقد أثبتت الأيام أن التطبيع السياسي والاقتصادي مع الكيان الصهيوني الذي أقدمت عليه بعض الدول العربية قد ألحق ضررا فادحا بالشعب العربي الفلسطيني ومطالبه العادلة كما أن الكيان الصهيوني استغل هذا التطبيع كي يستفرد بالفلسطينيين ويملي عليهم شروطه المجحفة مطمئنا إلى أنه لن يتلقى أي ضغط أو معارضة من دول عربية أوغلت في التطبيع معه. كما أن التطبيع مع العدو من اعتراف بشرعية اغتصابه لفلسطين ومن إسقاط لطبيعة الصراع معه بوصفه صراعا قوميا , ومن إهانة لكرامة الأمة العربية التي مرغها المشروع الصهيوني , ومن تمكين مادي له من اختراق النسيج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي العربي الذي استعصى عليه طويل.
إن ما يقال عن التطبيع يقال عن سياسة إنهاء المقاطعة التي انتهجتها بعض الدول العربية في السياق نفسه وبالمبررات نفسها , إذ قدم قرار إنهاء المقاطعة العربية أفضل هدية سياسية للكيان الصهيوني , وحرم العرب والفلسطينيين من واحد من أكثر الأسلحة فاعلية في مواجهة هذا الكيان ومحاصرته

ليست هناك تعليقات: