السبت، أيلول ٢٢، ٢٠٠٧

السلاح الشرعي الفلسطيني

عبد الستار قاسم

تبرز بين الحين والآخر فكرة السلاح الشرعي الفلسطيني بخاصة عندما تحتدم المناكفات الفصائلية. كلما تأججت الخلافات الداخلية، وظهر سلاح له علاقة بقوة هذا الفصيل أو ذاك يظهر على شاشات التلفاز من بين الفلسطينيين من يتبنى مقولة السلاح الشرعي الفلسطيني ويدعو إلى ضرورة نزع السلاح غير الشرعي. ومن الملاحظ أن هذه الفكرة لا تتأجج جنباتها في مواجهة السلاح الإسرائيلي أو سلاح الزعران.

أسأل بداية: هل سلاح إسرائيل الذي يدخل مناطق السلطة الفلسطينية مطاردا الفلسطينيين شرعي أم غير شرعي؟ هل السيارات العسكرية الإسرائيلية والدبابات والطائرات العمودية شرعية أم لا؟ إذا كانت غير شرعية فإن علينا أن نسأل أنفسنا عن كيفية مواجهتها. هل نواجهها بسلاح السلطة الفلسطينية الذي لا يرتقي إلى مستوى المواجهة مع جيش نظامي، أم نعمل على تطوير وسائل مقاومة تمكننا من وقف العدوان؟ ربما يقول أحد بأننا نستطيع أن نمنع هذا الوجود العسكري غير الشرعي من خلال الاتفاق مع إسرائيل. هذا ليس منعا وإنما قبول بشروط إسرائيل ونحن بالتالي الخاسرين.

أرى أن السلاح العلني في ظل الاحتلال وبكل أشكاله وبغض النظر عن حامله غير شرعي. السلاح الشرعي الوحيد في ظل الاحتلال هو سلاح المقاومة السري الذي يواجه الاحتلال. بناء عليه، السلاح الذي تحمله السلطة الفلسطينية، والذي تحمله الفصائل الفلسطينية مثل فتح وحماس علنا في الشوارع هو سلاح غير شرعي. وسلاح المقاومة الذي يظهر علنا في الشوارع هو سلاح غير شرعي أيضا لأنه سلاح غيّة يتستر تحت رداء المقاومة. سلاح السلطة غير شرعي لأنه سلاح مرخص إسرائيليا، وسلاح الأجهزة الأمنية والقوة التنفيذية التابعة لحماس سلاح غير شرعي. وسلاح الزعران ليس سلاحا شرعيا.

ولنا أن نسأل: من أين أتت كل هذه الأسلحة الموجودة في الساحة الفلسطينية؟ بعضها تم تهريبه عبر أنفاق غزة، لكن أغلبه أتى من المخابرات الإسرائيلية عبر التسليم المباشر أو عبر تجار السلاح، وبعضه اليسير أتى من مخابرات عربية. إسرائيل تزودنا بأغلب الأسلحة التي تفسد علينا حياتنا، والتي يدعي حاملوها أنهم مدافعون عن الحمى.

نحن لسنا بحاجة إلى سلاح للحفاظ على أمننا الداخلي وإنما بحاجة إلى بعض الأخلاق، وكنا قبل قدوم السلطة نحافظ على أمننا الداخلي لأننا كنا نحترم أنفسنا. كنا نفهم كيف نعالج مشاكلنا الداخلية، وكيف نوظف أخلاقنا في الحفاظ على مجتمع أخلاقي. وإذا قررنا الآن أن نحترم أنفسنا، وأن نحترم دماء شهدائنا وقدسية قضيتنا فإننا سنتوقف عن مهاتراتنا، وسنجعل من السلاح عونا لنا بدل أن يكون مصيبة فوق رؤوسنا.

يبدو أننا نحترف الهروب من الحقيقة، ونفضل التسلي والتلهي بعضنا ببعض انتظارا للمجهول المقيت المؤلم الذي يصنعه الأعداء لنا.

ليست هناك تعليقات: