الجمعة، أيلول ١٤، ٢٠٠٧

رمضان كريم يا أيها القوميون العرب / تعقيب على الاضافة السابقة في المدوّنة

أعضاء اللائحة الكرام،

بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله عليكم وكل من تحبون باليمن والبركات، أتمنى معكم أن نجعل منه كما يفترض أن يكون، شهراً لدعم المقاومة والمزيد من التمسك بالثوابت. وبما أن الفكرة من رمضان يفترض أن تكون تحدي الذات وترويضها، أقدم اقتراحاً بسيطاً يمكن لكل واحد منا أن ينفذه لو أراد، وهو اقتراح يحمل مضموناً جهادياً نوعاً ما، ولو أنه لا يقارن بجهاد المجاهدين في العراق مثلاً، ولكنه من نف الفصيلة، وهذا الاقتراح هو أن يتعهد الواحد منا أمام نفسه هذا الشهر أن يقوم على الأقل مرة واحدة بالدفاع عن الحق وعن حقوق الأمة، بكلمة حق على الأقل، في موقفٍ يحمل قدراً من المجازفة بالنسبة لها أو له. ويمكن أن يكون ذلك عن طريق مقالة أو جملة معترضة يقولها في وجه مسؤول حكومي أو ضابط أمن، أو غير ذلك. والشرط الوحيد هنا كي يتحقق شرط تحدي الذات ومجاهدتها أن لا يكون ما يقوله أو يفعله من صنف ما يفعله أو يقوله عادة بل أكثر بقليل... وأن لا يكون الموضوع متعلقاً به شخصياً، مثل مخالفة سير مثلاً، بل بحق عام للأمة، أو حق خاص لأبناء الأمة من غير معارفه وأقاربه، ولكلٍ منا أن يقدر ما يجب أن يفعله حسب ظروفه ووضعه.

أما بعد أخي محمد، وأخواني وأخواتي في اللائحة، بالنسبة للموقف من حماس، فإني أعتقد أنه قد أسيء فهمي. وربما الخطأ خطأي هنا لأني لم أوضح جيداً. ففي البداية، يستطيع أن يرى كل من قرأ ما كتبته أو سمع ما قلته أني أيدت بدون تحفظ ما قامت به القوة التنفيذية في غزة، واعتبرته خطوة متأخرة كان يجب أن تحدث منذ مدة طويلة، وأن يشارك فيها أبناء فتح الشرفاء، كما أني انتقدت الفصائل الفلسطينية التي اصطفت مع محمود عباس، وأخر ذلك المادة المتعلقة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وموقف عبد الرحيم ملوح وجميل مجدلاوي بالتحديد. وهذه المواد موجودة على موقع الصوت العربي الحر ومدونة القومي العربي لمن يرغب.

والمقصود بأن حماس عليها أن تكسب غير الإسلاميين لا يعني أن حماس عليها أن تكسب الفصائل غير الإسلامية بالضرورة، ولا يعني على الإطلاق أن حماس عليها أن تخفض سقفها السياسي من أجل التحالف مع فصائل سقفها السياسي أدنى من سقف حماس في الواقع.

وليس المقصود أيضاً أن حماس عليها أن تتخلى عن أيديولوجيتها أو أن تقبل في صفوف تنظيمها من لا يوافق على أيديولوجيتها، فليس هذا المطلوب من حماس أو أي تنظيم أخر. ونحن لا نطلب من حماس ما لا نقبله لأنفسنا، فنحن هنا في لائحة القومي العربي مثلاً نلتزم بالثوابت، ومن لا يلتزم بها غير مقبول عندنا، وليس مطروحاً أن نقبل الجميع بدون استثناء، حتى لو كان مثلاً من عناصر الأجهزة الأمنية المحسوبة على الدحلان!!!

ومن حق كل تنظيم أن يقصر عضويته على من يؤمنون ببرنامجه وخطه السياسي طبعاً وبفكره، تماماً كما ينضم المرء لنادي كرة قدم، فلا يحق له بعدها أن يطالب أعضاء النادي أن يلعبوا كرة السلة مثلاً...

المقصود إذن هو مشكلة محددة تعاني منها التنظيمات الأيديولوجية عامة، وليس الإسلامية منها فقط، وهي أنها تعتقد أنها ستكسب الجماهير من خلال نمو خلاياها وشعبها فقط، تماماً كما ينمو الجسم البشري من الطفولة إلى الشباب، فلا تأخذ بعين الاعتبار إمكانية وجود قوى وقواعد وشخصيات نظيفة ملتزمة بالثوابت وبمصالح الأمة، خارج تنظيمها أو أطرها.

الحديث هنا إذن ليس عن التنظيمات الأخرى غير حماس، بل عن قواعد جماهيرية من الوطنيين ولكن غير الإسلاميين، حتى وهم مسلمون، ممن يفترض أن تقنعهم أية قوة تمثل خط المقاومة والتحرير أنها تمثلهم.

يعني برأيي المتواضع لقد استنفذت فصائل منظمة التحرير فائدتها منذ أمدٍ طويل، فلا أراهن عليها أبداً، مع أني تربيت في صفوفها، ولكن شعبنا العربي الفلسطيني لا يمكن أن يكون ضد نفسه، كما لا تجمع الأمة على ضلالة، وبالتالي، فإن أي تنظيم يريد أن يقود الساحة عليه أن يثبت للناس العاديين أن حساباته غير فصائلية، وأنه يضع فصيله في خدمة الوطن وليس العكس، وأنه يستطيع أن يستوعب الخلاف ضمن حدود الثوابت، وأنه للوطن وليس الوطن له.

وحتى الآن أرى نقطة ضعف حماس في عدم قدرتها على استقطاب غير الإسلاميين من الوطنيين، حتى خارج التنظيمات، وليس فقط ضمن التنظيمات.

وبالمقدار الذي تمكنت فيه حماس من استقطاب الوطنيين غير الإسلاميين فإن ذلك كان بسبب سجل حماس الوطني، مثلاً في مجال العمل المقاوم، أو في نظافة اليد، الخ...

ولكي يكون كلامي واضحاً، لا أتحدث هنا عن الحملة الإعلامية على حماس لتشويهها، فمثل هذا يتعرض له كل من يقف ضد المشاريع المعادية، وقد تعرض لحملات التشوية الرئيس الشهيد صدام حسين، وغيره، ومن يملكون السيطرة على وسائل الإعلام يقلبون الأسود أبيض والأبيض أسود، والناس لا تعلم أن أنصار حماس يتعرضون للأهوال في الضفة، وأنهم لا يستطيعون عقد اللقاءات والقيام بنشاطات كما يفعل أنصار الفصائل في غزة!

وحتى يكون كلامي أوضح، أقول سوف تكون هناك أخطاء ما دام من يقوم على الأمور من بني البشر، ولكن الاتجاه العام لحماس في التعامل مع عملاء الأجهزة الأمنية في غزة يبقى لطيفاً أكثر من اللزوم، ويفترض أن يعامل هؤلاء كما يعامل أي شخص تعاون مع العدو الصهيوني.

وحماس لا تعاملهم كذلك حتى الآن، بل هم يسرحون ويمرحون في القطاع، وعندما تتعرض لهم حماس بشيء، تثير وسائل الإعلام ضجيجاً لن ترى مثله ولو تم تفجير المسجد الأقصى من اليهود.

إذن، الموقف السياسي الآني واضح، ولكن إن أرادت حماس، أو أية قوة أخرى، أن تمثل الوطن، لا أن تمثل من يتمسكون بخطها الأيديولوجي الضيق، فإن عليها أن تتبنى مفهوم الحرية ضمن حدود الثوابت الوطنية، وأن تفكر بجبهة واسعة لأبناء الوطن، دون أن يعني ذلك أنها يجب أن تحل تنظيمها، أو أن تتوقف عن الدعوة لنهجها الخاص.

المشكلة أن النهج الديني ربما لا يتيح مثل هذه المرونة، وهو ما سيضر بحماس أولاً، بينما يقوم الطرف الأخر باستقطاب إسلاميين من خلال التعبئة ضد ممارسات حماس الدنيوية، سواء كانت أخطاء بسيطة أو أكاذيب افتعلتها وسائل الإعلام المعادي.

أخيراً، ما ينطبق على حماس ينطبق على غيرها، فعلينا أن نميز جيداً ما بين الحق المشروع بنشر خط أيديولوجي محدد، وما بين المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق من يمثل خط مقاومة وتحرير.

ولا أخفي بالطبع أني انتمي للتيار القومي، المنبثق من صميم الثقافة العربية-الإسلامية، ولذلك أرى أن عجز حماس، وحزب الله بالمناسبة، عن طرح مشروع سياسي يستقطب غير الإسلاميين سوف يزكي المشروع القومي، وأقول ذلك دون التواني لحظة واحدة عن دعم حماس في صراعها مع سلطة كرزاي محمود عباس لأن مصلحة الأمة العربية تتمثل بذلك في هذه اللحظة من تاريخنا.

ورمضان مبارك مرة أخرى،

أخوكم إبراهيم علوش

ليست هناك تعليقات: