الجمعة، تشرين الثاني ٠٢، ٢٠٠٧

رثاء في د. بشير الداعوق

بقلم رفيقه ناجي علوش

عندما نذكر الدكتور بشير الداعوق، فنحن نذكر مثقفاً كبيراً، واقتصادياً متنوراً، وقومياً أصيلاً. وقد عايشته فترة سنوات 1965 حتى 1985...

كانت العلاقة علاقة عمل. فهو صاحب دار الطليعة أو مالك معظم أسهمها. وقد عينني مديراً للتحرير في الدار (تحرير الكتب والمجلة "دراسات عربية").

كان الرجل قارئاً دءوباً، يقرأ المخطوطات، ويرد على الرسائل، ويقرأ بعض المقالات الواردة للمجلة، وكان يمول دار الطليعة ويديرها بلا مقابل، وكان يدخل أحياناً في مآزق مالية بسبب الدار والمجلة، كما كان يتحمل مسؤوليات سياسية بسببهما.

ومع ذلك، وبرغم ذلك، كان يتحمل، يعمل ويسهر ويقامر براحته، وراحة عائلته لتستمر الدار وتستمر المجلة.

وكان في الخلاف الذي حصل بين الرفاق في سورية والعراق، مع العراقيين والقيادة القومية في العراق، مع أنه كان تحت يد سورية، يعيش في بيروت، حياةً عادية.

كان قومياً أصيلاً تهمه قضايا الأمة، وثقافة الأمة، ولا يدَّخر جهداً من أجل قضايا القومية.

وكان رجلاً أميناً ومثقفاً واعياً متنوراً حريصاً على دوره، وعلى وجود دار الطليعة، حتى لو خسرت، ولم يكن يخشى المخاطر، أو يساوم على حريته وعروبته.

وها نحن نخسر بشيراً، نفقده كما نفقد الشهداء في فلسطين أو العراق.


فتحية للمثقف المناضل بشير الداعوق، صاحب القامة الثقافية الباسقة الذي يحترم العقل والمنطق، ويلتزم بالنضال القومي.

وتحية لبشير الذي أنتج ثقافياً أكثر مما أنتجت دولٌ، وضحى مالياً كما لم تضحِ أحزاب وحركات، وعمل للثقافة القومية كما يعمل القوميون والمؤمنون.

تحية لبشير الذي غادرنا، ولكنه ترك في أيدينا خزينة من كتب دار الطليعة، ومجلة دراسات عربية، وكم كنا بحاجة له أن يظل بيننا لأن القضية القومية في مأزق، ليواصل دوره الريادي، في ميدان الثقافة القومية.


ونحن إذ نحييه اليوم، فإنما نفعل مع أهله ورفاقه ومع كل المناضلين القوميين.

ونقدم العزاء لعائلته الصغيرة، زوجته الكاتبة المعروفة السيدة غادة السمان، وابنه حازم وأهله وأصدقائه، وزملائه في مركز دراسات الوحدة العربية الذي كان عضواً في مجلس أمنائه منذ إنشائه، وعضو في لجنته التنفيذية لدورات متعاقبة.

سلاماً ووداعاً أيها الصديق الصدوق، وأيها الأخ العزيز، وأيها المناضل الشجاع، ويا ابن العائلة الموسرة العامل من أجل الفقراء... ومن أجل الأمة كلها.

لقد فقدت بفقده أخاً عزيزاً وزميلاً موثوقاً وصديقاً صدوقاً...

لقد فقدت بشير الداعوق الذي زاملت سنين، وعملت معه سنين، وعشت معه ساعات الفجيعة خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وساعات الأمل، ولم أبخل عليه يوماً بجهدي أو وقتي أو معرفتي، لأن العلاقة بيننا كانت متينة الحلقات، وثيقة الوصلات.

ناجي علوش

عمان، 28/10/2007

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

أخى الكبير الراءع / د. ابراهيم
كل التحية
و التقدير
و الاحترام
لمدونة متميزة
و دائما أنت على عهدنا بك
مناضل قومى عربى صادم فى مواجهة عملاء أذلاء
دمت
ودام صوتك
و جهدك
وجهادك