الأربعاء، كانون الثاني ٣٠، ٢٠٠٨

اقتحام "حدود" غزة ومصر، وجدلية الوحدة والتحرير

د. إبراهيم علوش

إن المبادرة التي قامت بها قوى المقاومة الفلسطينية في غزة بنسف الحدود بين مصر وغزة، وقيام عشرات الآلاف من أهلنا في غزة بالدخول إلى مصر، وضعت الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والأنظمة العربية المتحالفة معهما في مأزق سياسي حقيقي.

وهذه الخطوة بتدمير الحدود الوهمية بين العرب تتجاوز في أهميتها ما يجري في غزة، بل تشكل سابقة لكل الحدود بين الأقطار العربية، ولذلك تستحق غزة أكبر تحية على سبق الريادة في خطوتها الوحدوية في خضم القيام بخطوة تحررية من الحصار الصهيوني، مظهرةً بذلك أن الوحدة والتحرير صنوان، وأن العلاقة بينهما لا تنفصم.

هذه المبادرة الرائعة التي تتعرض الآن لتآمر غير محدود، ودعوات من السلطة الفلسطينية وأمريكا "لكي تستعيد مصر سيطرتها على حدودها"، تظهر أن الحدود بين الدول العربية هي أهم ظهير لوجود العدو الصهيوني، وأن التجزئة والاحتلال صنوان، وأن العلاقة بينهما لا تنفصم، تماماً وبنفس النسبة كما الوحدة والتحرير صنوان.

لقد كانت خطوة تدمير المعبر واجتياحه شعبياً خطوة وحدوية جذرية من الطراز الرفيع، وكانت خطوة عملية واحدة أفضل بالفعل من دزينة من البرامج، خطوة رائعة أثبتت مدى تهافت الحدود القطرية، ولا شك بأن مشاعر الشارع المصري الوحدوية التحررية كانت العامل الأساسي والأهم الذي فرض على النظام المصري أن لا يتعامل بشكل دموي أحمق مع اقتحام معبر رفح، وكل "الحدود" بين مصر وغزة، من قبل تحالف المقاومة والجماهير.

ولا بد من التنويه هنا أن عدم قيام النظام المصري بخطوة دموية حمقاء يجري توظيفه سياسياً الآن بقوة باتجاه: 1) تعزيز دور النظام المصري في غزة، 2) فرض شروط رسمية عربية في العلاقة بين العدو الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، و3) فرض شروط رسمية عربية في العلاقة بين حماس وجماعة التنسيق الأمني والسياسي مع العدو الصهيوني.

وهو ما يحتاج إلى قدر كبير من التيقظ والتماسك، كما يتطلب الحفاظ على ما تم تحقيقه وتعزيزه من خلال تصعيد التحركات الجماهيرية الداعية لرفع الحصار عن غزة بلا قيد أو شرط، كي لا يتحول ما جرى إلى مجرد "عملية تنفيس" كما طالب نبيل شعث على الجزيرة مثلاً.

وما جرى لا يعفي الشارع العربي من ضرورة التحرك على الأرض، بل يقدم قدوةً ونموذجاً للتحرك الشعبي العربي المطلوب على الأرض، وهو بالضرورة تحرك جذري جماهيري مقاوم لا يراعي الخطوط الحمراء، وبالأخص، لا يراعي "الحدود" بين الدول العربية.

وأود في هذا السياق أن أؤكد أن الأحداث أثبتت صحة الموقف الذي تبنته لائحة القومي العربي في 23/7/2007 في بيانها المتعلق بمعبر رفح، وبالأخص أود التذكير بالفقرة التالية في ذلك البيان:

وبمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة، نؤكد على حق هؤلاء جميعا بحرية العبور والتنقل بين جناحي الأمة, غير آبهين بالحدود المصطنعة التي صنعتها القوى الاستعمارية, كما أننا ندين الصمت الدولي والعربي المعيب إزاء هذه المأساة, ونطالب فصائل المقاومة بأخذ زمام المبادرة بجدية أكبر في مساعدة وفك أسر هؤلاء جميعا حتى بالقوة لو اقتضى الأمر، وهي مسؤولية فصائل المقاومة في النهاية أن تتصدى لهذه المأساة دون تقديم تنازلات سياسية مبدئية.

وتجدون البيان على الرابط التالي:

http://www.freearabvoice.org/arabi/anba_u/7awlM2satAlafAl3alkeenfeeRafa7.htm

من جهة أخرى، أود أن ألفت النظر أيضاً لمقالة بعنوان" حق المقاومة المشروع باقتحام معبر رفح بالقوة"، كتبت في نفس الفترة، وقد جاء فيها في سياق الدعوة لفتح المعبر بالقوة:

والمدنيون لن يتعرضوا لأذى انشاءلله، إذا أغرقت المقاومة المعبر بقوى كبيرة في هجمة تكتيكية مباغتة، قد تكون خسائر المدنيين فيها أقل بكثير من موتهم البطيء على المعابر من الجوع والمرض

وتجدون تلك المقالة على الرابط التالي:

http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/7akALMoakwmehAlMashroo3.htm

لقد كان تاريخ 22/1/2008 يوماً رائعاً بالفعل في تاريخ الأمة العربية، لا فلسطين فحسب، وهو يومٌ يشهد بأن اقتحام "الحدود" بالقوة هو الطريق الوحيد أمام الأمة العربية للخروج من الحصار المرئي وغير المرئي الذي تعانيه.

الآن تعالوا نتخيل كيف يمكن أن ينقلب الوضع العربي لو تحركت الجماهير بنفس هذه القوة في عدة ساحات عربية رئيسية في آنٍ معاً!!! بنفس الاحتقار للخطوط الحمراء، وبذات النفس الجذري والوحدوي!!

وهذا ليس مجرد خيال، فإن ذلك اليوم ليس ببعيد...

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مدونة غزة عربية تساعدك لفعل شىء لاهل غزة أولا كيفية التبرع بالمال و أماكن التبرع بها و كيفية التبرع بالدم وأماكنها أيضا, ثانيا مقاطعة المنتجات الامريكية والاسرائيلية , ثالثا الدعاء لهم بأن يثبتهم , رابعا توجد أرقام تليفونات للاتصال بأهل غزة للوقوف بجانبهم , خامسا بعض الفديوهات و المقالات المؤثرة , سادسا تعريف الفوسفور الابيض وآثاره الصحية.
www.Gazaarab.blogspot.com