الخميس، كانون الثاني ٣١، ٢٠٠٨

لا تطفئوا الشموع

سوسن البرغوتي

ارتقى الحكيم نجمةً تحملّه صلابة التمسّك بالقيم النضالية الشريفة المخلصة، وتصعد بروحه الطيبة إلى العلياء متألقاً بعطائه النضالي، مدرسة ومنارة.

كان حتى الرمق الأخير متمسكاً بصمود شعبه وحقه بوطنه، لم يتخاذل، ولم ينحرف، كانت فلسطين بوصلته في كل وقت، وعشقه لأرضها أقدس صحائف إيمانه.

كثيراً ما تباينت الآراء بين المعلم وتلاميذه، ودائماً كان الحوار خيره الأول لأجل فلسطين، حريصاً على مسيرة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من أن تشوبها شائبة، أو يعكر صفو نبعها إسقاطات ليست من صلب مبادئها الوطنية.

أملنا كبير بمن سيخلف المعلم جورج حبش، أن يعيد الأمور إلى موازينها الصحيحة، وإلى الخط النضالي الصلب للجبهة الشعبية، مهما حاولت بعض وجوه شاهت فاحتمت بعراها، وخرجت عن سربها غير مأسوف عليها. ويبقى عشمنا بالحسم في المواقف، وكما تعلمنا في مدرسته، أن لا نقبل بأنصاف الحلول.

عزاؤنا أن الحكيم لم يحنِ قامته، ولم تضعف همته حتى في أشد المحن التي أصابت مسيرة القضية الفلسطينية. ولأنه رحل كما بدأ ثابتاً في خطاه، رافعاً رأسه بمواكب شهداء رحلوا قبله، خافضاً جناح الرحمة لمن اختلف معه، ستبقى بصمته خفاقة وعلامة ناصعة أبد الدهر.

لن نقول رحل آخر الرجال وآخر القوميين العرب، لأن هناك الكثيرين من أبناء مدرسة القومية العربية، ما زالوا يحملون نبراس مبادئ لن تتبدل أو تتغير ولم تتلون مهما حاول المنحرفون أن يشوهوا طريقها المعبد بالدماء الزكية، ولن يركع أو يستسلم من كان على الدرب نفسه.

رجال العزة سيكملون مسيرة الإباء والنقاء، ومهما كان الاختلاف بينهم، يبقى الوطن هو الأكبر والمرجع والحضن الأمين، وكما علمتنا فالوطن لا يتحرر بنفوس ٍ مستعبدة.

سلاماً لك أيها المعلم..سلامٌ عليك حين وُلدت وحين رحلت وحين تُبعث حياً، وعهدنا أن نتشبث أكثر بتعاليم تعلمناها من صمودك وصدقك ولن نحيد عنها مهما طال ظلام الليل.

فلتبقى الشموع مضاءة، ولتبقى الهمم عالية شامخة، فلا تطفئوا نور الحق.. فهو الباقي لنا يضيء طريق الخلاص والنصر رغم عتمة الليالي.

ليست هناك تعليقات: