الجمعة، شباط ٠١، ٢٠٠٨

جـورج حـبش .. المُناضـل والإنـسان


- عبد الستار الكفــيري

لم تكن الشعارات التي أَطلقها مُشيعو " الحكيم " محضَ كلماتٍ عابرةٍ , تُقالُ في مناسبةٍ عابرةٍ , لم تكن كذلك , لا الشعارات التي أحاطت روح الراحل , ولا الحدث الذي إجتمع الناس بسببه . و لعلَ أبلغ دلالة لهذا , هو أن الشعارات التي تردد صداها عالياً لم تكن لترفع , لو لم يكن " الحكيم " وفياً لها , وما كان لتلك الجموع أن ترفعها , لو أنها لم تكن معنية بأن توصل صوتها للحكيم , لحظةَ التشييع , وكأن ما رددته يوحي بأنها تقول بأَعلى صوتها : أننا مثلك , وعلى نهجك , ووصيتك " فلسطين " باقية بين ضلوعنا..

عَرفته الجموع , مناضلاً جَسوراً , لا تقبل فلسطين لديه القسمة على إثنين , عَرفته الجموع طبيباً إنساناً , ولم تعرفه " تاجراً " , عرفته مفكراً وقائداً سياسياً , بكل ما ينطوي عليه الوصفان من معنى , ولم تعرفه " طارئاً " , عَرفته قومياً لا يهادن وأُممياً لا يساوم , عَرفته رفيقاً لوديع حداد , وكليهما يُعرَف بدلالة الآخر , ولم تعرفه " حليفاً لليسار الإسرائيلي " , عَرَفته كما كان ينبغي له أن يُعرَف , فشتان بين من يقضي وهو في عز تمسكه بثوابته ومبادئه وبين من يهوي وهو في ذروة هلاكه وتساقطه , كليهما راحلٌ لا محالة , فمن لم يمت بالسيف مات بغيره ..

رَحل وتركنا خلفه , ومعنا فلسطين , التي رفض زيارتها ذات نهار , مُعلناً بملء فيه : « أنا لا أَستطيع المرور عبر معبر يرفع العلم الإسرائيلي » , أَعلنها واضحةَ , مُجلجلة , لا لُبسَ فيها , بعدما إستطاب غيره الرجوع إليها , قالها ليتَردد صَداها ثانيةً , لحظةَ الاحتضار : « سيأتي يوم تزال فيها كل المعابر إلى فلسطـين »..

هكذا , تركنا في حضرة جسده المُسجى نُراود حُلمنا , ونُفتش عمن بقي على قيده ,,
فأن نفقد أحبابا لنا , ومُلهمين , فذاك امتحان عسـير ,,
أم أنه القضاء , وقد باغتنا , بعدما توسلنا , وصلينا بملء جوارحنا : " اللُـطف فيه "..

هنيئاً لروحك الطاهرةُ مثواها ,,
وهنيئاً لنا رُوحـكَ الباقـــية ...

ليست هناك تعليقات: