الأربعاء، شباط ١٣، ٢٠٠٨

الموصل بإنتظار المذبحة الحاسمة

سر تعديل قواعد الاشتباك الامريكية..الفوضى الخلاقة "لكردستان" تفتت العراق وسوريا


محمد لافي "الجبريني"

على تناقضها الصارخ مع الاديان السماوية، فإن نظرية داروين حول التطور وإعادة اصل الانسان الى سعدان لم تأت عبثا او من فراغ، فإجتهاد الرجل كان بناء على مشاهدات غذت افتراضاته عن فكرة التطور، الا أن مالم يجب عنه داروين هو إن كان بوصفه "بشريا" يفترض أن الانسان كان "تطورا" للسعدان، فلماذا لا يفترض السعدان أنه كان الحالة المتطورة للإنسان! والعلم قوانيه الجدل، خاصة اذا كانت له إنعكاسات عملية في الحياة كل من فيها يستند على تجاربه الخاصة، ضمن شروط مختلفة تفرضها البيئة والتركيبة السيكيولوجية.

وفق تلك النظرية مع الاخذ بعين الاعتبار نسبيتها، قامت حكومة المالكي العميلة في العراق المحتل بدخول مرحلة جديدة من مراحل التطور من السعدنة الى الى الغوريلا -بمعنى أخر من النطنطة فرحا على جثث الاسود وأسطح الدبابات الى العمل وفق سياسات الحالة الارقى بين القرود المعروفة علميا بإنضباطها أكثر- على طريق إعادة انتاج العراق "الجديد" بدءا من وصول العلم العراقي الى تطوره الثالث، وبشكله الذي بات نسخة مموهة للعلم الايراني، وفق تصوراتها المقتبسة من استراتيجيات الاحتلال الاجنبي بكل تسميتها وارضياته، ممتدة على اكثر من صعيد لتصل به الى النتيجة المرتجاة ضمن منظومة "الشرق الاوسط الجديد"، والشق الميداني الشامل للعمل العسكري، والسيطرة الاقتصادية ماهو الى تكتيك مرحلي يدعم الهدف الاستراتيجي القائم على شرذمة الشعور القومي الوطني للمواطن العراقي، والتحطيم النفسي، بما يتوائم مع تلك النظرية لإنتاج "العراق المعدل او المطور.

تدمير الحضارات
يخوض العراق منذ عقود حربا شرسة في الدفاع عن كيانه ووجوده الحضاري التاريخي كبلد عربي، وصل الى ذروتها بعد دخول قوات الاحتلال الامريكي الى ساحة الفردوس قبل خمس سنوات، لتأخذ أشرس أشكالها منذ ذلك اليوم بعمليات الابادة الجماعية والتدمير الشامل لبناه التحتية ثقافيا، حضاريا وإنسانيا، تساهم به أساسا أهم قوتين مسيطرتين على مجاري الاوضاع فيه "ايران وأمريكا" ضمن حالة من التنافس حينا، والتقاطع أحيانا أخرى وإن كان الهدف المشترك لكلا الحالتين إعادة تخليق العراق وفرض الامر الواقع فيه بما يناسب فكرة التوسع والاحتلال.

الشهر الحالي أو الذي يليه -وفق تصريحات المنطقة الخضراء- يحمل في طياته وعودا بأن يكون تاريخا مفصليا في أجندة العراق بعد تهديدات المالكي الصريحة والواثقة تجاه محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، التي طالما اشتهرت بكونها أهم قلاع المقاومة العراقية، وحجته القضاء على "تنظيم القاعدة" في معركة حاسمة تخضع الموصل ومقاومتها لخطط الاحتلال.

قد تصح حجة المالكي اذا اخذناها متجردة من كل الاعتبارات الاخرى، الا انها تتحول الى مجرد قشرة جليدية سرعان ماستذوب قبل ان تكشف عما تخفيه اذا ما قرأنا الصورة بعمومها، خاصة انها تاتي بعدما تفاخر الاحتلال مرارا بتفوقه على المقاومة في بغداد ومحيطها، ثم عن عودة "الارهاب" الى الضرب بعد العملية التي ادت الى مصرع العشرات بتفجير تبين لاحقا أنه كان يمكن تفاديه، خاصة ان الشاحنة المفخخة تم تفجيرها بواسطة قوى الاحتلال الذي كان يعي حجمها التدميري على البيوت المجاورة التي لازال حطامها يخبئ العديد من الجثث التي لم تنتشل حتى الان.

ماخلف الاكمة
يراد الاعتقاد من تصريحات المالكي وأعوانه التركيز، بعد وضع عملية الموصل في خلفية التصريحات، ان الهدف هو حرب شرسة لا تنتهي الا بالقضاء على عناصر المقاومة الوطنية العراقية بكافة تشكيلاتها، الا أن تلك التصريحات بعد الاخذ بعين الاعتبار الشروط الميدانية والنتائج المحتملة والواقع يثير الريبة حول هدف آخر، خاصة وان هذه التصريحات تأتي قبل ايام من العملية المفترضة، بعد تصريحات أخرى تتحدث عن ابقاء الحدود مفتوحة مع سوريا، وهو الامر الذي يتناقض مع أبجديات العمل العسكري خاصة ونحن نتحدث عن حرب عصابات محتملة، السرية والحصار أهم شروطها المرجحة لكفة طرف على الاخر، ما يوحي أن القصد هو ان تأخذ الفصائل حذرها، فتغير مواقعها، وإما أن تحصن وتستعد اكثر، أو تنسحب الى مواقع خلفية، بل دفعها الى ذلك، حتى اجبارها على التوغل في الاراض السورية.

سوريا بإنتظار الدور
انسحاب المقاومة الى الاراض السورية، لن يكون جديدا وفق الاتهامات التي لا تنفك الادارة الامريكية عن توجيهها الى سوريا بوصفها متراخية في ملاحقة المقاومة العراقية المنسحبة، الا اذا ربطنا الامر بقرار الجيش الامريكي تعديل قواعد الاشتباك، والتي ازالت حاجزا جديدا امام جنوده، الا وهو منع الملاحقة داخل حدود الدول المجاورة، وبالتالي فإن الخطة تظهر ذريعة وإن لا يشترط وقوعها عمليا في المستقبل القريب لملاحقة القوات في الاراض السورية، والتحرش بجنودها وإنتظار الفرص المناسبة لإعتبار الاراض السورية هدفا بوصفها هانوي المقاومة العراقية.

الفتنة القومية
وإن كان هذا غير وارد على الاقل في هذه المرحلة، التي لن يتدخل فيها الجيش الامريكي رسميا تاركا الغرق في هذا المستنقع للقوات العراقية الموالية له، فإن الهدف الاكثر الحاحا هو كسر شوكة الموصل، وإعادة انتاج صراع اهلي عراقي، لكنه هذه المرة ليس طائفيا فقط، بل وقومي أيضا، يكون بشمركة الاكراد هم فتيل اشعاله، وهم الذين لا يخفون أطماعهم بالموصل لضمها الى دولتهم التي ستكون اول الدويلات الناتجة عن تقسيم العراق، قبل المرحلة الثانية التي ستقضم من سوريا.

ووفق المحلل صلاح المختار فإنه يخطأ من يظن بان العملية العسكرية هدفها ضرب المقاومة فقط، لان المشروع الاصلي للإحتلال في العراق، سواء كانو من الاتباع الايرانيين او الاكراد، يقوم على تقسيم وتقاسم العراق. ان ازاحة الموصل، كثقل سكاني عربي متماسك شكل احد اهم عوامل افشال تقسيم العراق، كان ومازال هدفا مركزيا لا يمكن اهماله في المخطط العام الامريكي لتقسيم العراق، لذلك فان من السذاجة الطوفان في مجرى مياه الهجوم العسكري واهمال الامر الاكثر خطورة الذي يستبطنه هذا الهجوم وهو القضاء على عروبة الموصل. وتحقيقا لهذا الهدف فان طبيعة تشكيل القوات المهاجمة يوضح خطوط المؤامرة، فهي تضم قوة كبيرة من اكثر عناصر البيش مركة الكردية سفكا للدماء وحقدا على العرب وهو ما اكدته تجارب كثيرة منها مجازر تلعفر، كما تضم القوات العناصر المتمرسة على القتل الجماعي على اسس طائفية خلال السنوات الخمسة الماضية، خصوصا في بغداد عقب تفجير مرقد الامام علي الهادي . واخيرا فان هذه القوات تضم مجموعات مما يسمى (الصحوة) والتي عبأت ضد القاعدة لكنها توجه لقتل كوادر المقاومة كلها وليس القاعدة وحدها!

ويريد بوش عبر عدم التدخل الرسمي ان يكون بعيدا عن العمليات الميدانية وان تكتفي قواته بدعم القوات المهاجمة للموصل، لعدة اسباب منها انه لا يريد ان يغامر بخوض معركة يدرك العسكريون انها لن تؤدي الى اضعاف المقاومة او الحاق الهزيمة بها، لان الحرب ليست حربا نظامية بل هي حرب عصابات. وهذه الحقيقة ادركها بوش جيدا من خلال نتائج معارك الانبار وديالى والتي استخدمت فيها امريكا اعظم مالديها من قوات وامكانات، ولكنها فشلت في تحقيق الهدف وهو القضاء على المقاومة. ان ابتعاد القوات الامريكية عن ميادين المعركة الارضية سيوفر لها الافراد والخسائر الضخمة ويجعل ما يسمى (القوات العراقية) تتحملها. وهكذا يمنع بوش الديمقراطيون ومعارضو الحرب داخل امريكا من تصعيد الحملة ضده ويمكن مرشح الجمهوريين للرئاسة من الدفاع عن موقف الادارة بسهولة.

الاشباح مكان الربيعين
أما اهل الموصل –وكما جاء في تقرير رصد مزاج الاهالي فيها- فانهم سيهجرون بالقتل العشوائي والجماعي نحو سوريا وغرب ووسط العراق لاكمال ترتيبات اقامة ثلاثة دويلات في العراق، دولة كردية في الشمال واخرى عربية سنية في الوسط والغرب وثالثة شيعية في الجنوب، كما توضح في المخطط الامريكي – الاسرائيلي المسمى "شبح العنقاء". لذلك فان المعركة تستهدف تحويل الموصل من مدينة عربية الى مدينة مختلطة لا اغلبية فيها لاي قومية او طائفة. أو بناء على الخطة الاحتياطية التي تتحدث عن تفجير سد الموصل لإغراق المدينة واجبار سكانها على الرحيل
ان النجاح في تحويل الموصل (أم الربيعين) على هذا النحو سيمهد لجعل الموصل منطقة اضطراب مستمر نتيجة القتال بين سكانها الموزعين بصورة طائفية وعرقية مقصودة، الامر الذي سيحجم المقاومة من جهة، ويسمح بتحويل الصراع من صراع ضد الاحتلال الى صراعات عبثية حول السيطرة الفئوية لا تخدم الا الاحتلال. وفي هذا الاطار فان عرب الموصل سيصبحون معزولين في جزر متناثرة محاطة باكراد مجلوبين من ايران وتركيا وشمال العراق، وباتباع ايرانيين مجلوبين من ايران وجنوب العراق.

www.ezza3tar.spaces.live.com


هناك ٣ تعليقات:

Wohnungsräumung يقول...

موضوع ممتاز جدا شكرا لكم

Firmenumzug Wien يقول...

Thank you for your topic and great effort

Entsorgung Wien يقول...

Thank you for your wonderful topics :)