الثلاثاء، آب ٢٨، ٢٠٠٧

لماذا تقترب الجبهة الشعبية من التيار الليكودي في الساحة الفلسطينية؟


بذكرى استشهاد أبو علي مصطفى:
لماذا تقترب الجبهة الشعبية من التيار الليكودي في الساحة الفلسطينية؟

د. إبراهيم علوش

اليوم، عشية الذكرى السادسة لاستشهاد القائد أبو علي مصطفى في 27/8/2007، نجد أن الجبهة الشعبية باتت تنجر تدريجياً في الصراع الدائر بين الشريحة الأمنية والسياسية الفلسطينية المرتبطة بالطرف الأمريكي-الصهيوني من جهة، وقوى المقاومة من جهة أخرى، إلى صف محمود عباس والسلطة، خاصة منذ إطلاق سراح نائب الأمين العام عبد الرحيم ملوح... وهو التوجه الذي لا ينسجم مع روح الجبهة الشعبية وتاريخها، ولو كان يعبر عن تيار أقلوي في صفوف قياداتها، لأن جبهة محمود عباس في الساحة الفلسطينية اليوم هي جبهة متحالفة علناً مع الطرف الأمريكي-الصهيوني، وبالتالي فهي ليست أبداً مكاناً مناسباً لمن يحبون فلسطين، سواء أحبوا حماس أو كرهوها.

وحتى لا تبدأ الاتهامات المألوفة بممارسة التخوين والمزايدة وإلى ما هنالك، لا بد من دراسة التحولات التدريجية التي طرأت على موقف "الشعبية" باتجاه الاصطفاف العلني مع سلطة عباس، منذ سيطرة حماس على غزة، من خلال البيانات الرسمية للجبهة الشعبية، ومن خلال تصريحات قياداتها، كما جاءت على موقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على النت، وليس من خلال ما يقوله أي طرف خارجي عن الجبهة، سواء كان حزباً أو كاتب مقالة.

ويلاحظ من خلال تمحيص تلك البيانات والتصريحات أن المواقف المتضمنة فيها كانت تنحدر باتجاه الشريحة الفلسطينية المتحالفة علناً مع الطرف الأمريكي-الصهيوني أولاً مع مضي الزمن، وثانياً، حسب هوية المتحدث.

فعبد الرحيم ملوح هو الأوضح ضمن "الشعبية" في التعبير عن نهج التسوية في الساحة الفلسطينية، وفي تبني موقف عباس، وفي الاشتراط على حماس أن تتخلى عن مقرات السلطة والأجهزة الأمنية في غزة كشرط للحوار، وهو شرط سلطة عباس أصلاً الذي يصر أن لا حوار بدون ذلك الشرط (لا شروط عند عباس على الحوار مع العدو الصهيوني طبعاً!). ويلي عبد الرحيم ملوح في هذا التشدد جميل مجدلاوي، ولكن التصريحات الصادرة عن ماهر الطاهر في دمشق كانت أكثر توازناً، ولكن ليس أكثر توازناً من تصريحات الأمين العام الأسير أحمد السعدات الذي لم يفرج عنه مثل ملوح، أو يسمح له بالتحرك بحرية في الضفة مثل أبو النوف...

كما أن البيانات الرسمية للجبهة انتقلت مع الزمن، خاصة منذ الإفراج عن ملوح، من التأكيد على الحوار بين فتح وحماس وحل الخلاف ودياً إلى تبني فكرة فرض الشروط على حماس كشرط للحوار، وهو عملياً تسليم غير مشروط من حماس للسلطة مقابل... حوار، على طريقة تعامل العدو الصهيوني مع السلطة الفلسطينية يعني!!. وفيما يلي تلخيص سريع لتغير مواقف الجبهة الشعبية من معوم و"حيادي"، إلى مناصر لعباس، بين شهري أيار/ مايو وآب / أغسطس 2007، حرفياً كما جاءت على موقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على الإنترنت:

- غازي الصوراني في المؤتمر الشعبي في غزة في 24/5/2007: التأكيد على الحوار الديموقراطي والوحدة الوطنية و"التطبيق الحازم للقانون العادل الذي يضمن بصورة لا تقبل المساومة محاسبة كل مظاهر الفساد والمحسوبيات وأدوات الفلتان ورموز الاقتتال في كلا الطرفين سواء في بعض الأجهزة الأمنية أو في بعض التشكيلات العسكرية الأخرى" (لاحظ كيف تحول هذا الموقف الحريص على التوازن فيما بعد).

- بيان لناطق باسم "الشعبية" في 13/6/2007: الدعوة للاعتصام لوقف الاقتتال، والمطالبة بحوار عاجل بين هنية وعباس، وبناء إستراتيجية سياسية وقيادة وطنية موحدة.

- أحمد السعدات من سحن هدرين يوم 17/6/2007: دعوة لقيادة موحدة وحوار وطني بعيداً عن الأجندات الخارجية و"الرؤيا الإسرائيلية الأمريكية لتصفية الموضوع الفلسطيني وتقزيم مضمون ثوابته الوطنية"، وإدانة للحسم العسكري في غزة ولإعلان حالة الطوارئ في الضفة.

- ماهر الطاهر من دمشق في 23/6/2007: رفض استبعاد حماس من الحوار الفلسطيني، ودعوة لقيادة وطنية مؤقتة من الأمناء العامين للفصائل، وإلى "إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بحيث لا يتم بناؤها على أسس حزبية وفئوية، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحسم العسكري الذي شهدته قطاع عزة".

- الإفراج عن عبد الرحيم ملوح و255 أسيراً من فتح واليسار في 21/7/2007.

- أبو أحمد فؤاد في لبنان في 3/8/2007: "نؤكد مجدداً أن نقطة البداية والانطلاق لأية معالجات وطنية ناجعة وناجحة يجب أن تنطلق في الأساس من تراجع حركة حماس عن سيطرتها على قطاع غزة، وكذلك تراجع حركة فتح والرئاسة عن إجراءاتها". (لاحظ التحول هنا بإعطاء أولوية لتراجع حماس).

- عبد الرحيم ملوح 12/8/2007: " ما أقدمت عليه قيادة حماس من حسم عسكري مدان ومرفوض ومطلوب التراجع عنه سياسياً وعملياً... قيادة حماس وجهت ضربة مؤلمة للكيان الفلسطيني الواحد" (بالانسجام مع المشروع الصهيوني حسب رأيه، وكأن فلسطين هي الضفة وغزة فحسب).

- جميل مزهر 14/8/2007 يهاجم "اعتداء القوة التنفيذية على الحريات في غزة". الشعبية تشارك في اعتصام الفصائل ضد حماس.

- جميل مجدلاوي 15/8/2007: "على حركة حماس التراجع عن نتائج الحسم العسكري الذي نفذته في غزة لتوفير المناخ الإيجابي للحوار".

- ناطق باسم الجبهة في حفل تأبين منصور ثابت في مخيم النصيرات، كما جاء على موقع الجبهة في 18/8/2007: "دعا حركة حماس إلى التوقف عن الممارسات الخاطئة التي تقوم بها في قطاع غزة وإلى التراجع عن نتائج الحسم العسكري كمقدمة لإجراء عملية حوار وطني شامل بهدف الخروج من المأزق الراهن، استناداً إلى وثيقة الوفاق الوطني واتفاق القاهرة". (لاحظ تعبير "كمقدمة").

ليست هناك تعليقات: