الأربعاء، آب ٠٨، ٢٠٠٧

البرتقالة: حول سيطرة شركة أورانج على الاتصالات الأردنية

د. إبراهيم علوش

منذ 10/6/2007، وعلى مدى أسابيع، ظهرت في الصحف الأردنية إعلانات بحجم صفحات كاملة تُعلم المشتركين في مجموعة شركة الاتصالات الأردنية، من هاتف أرضي وغيره، بأن أسم الاتصالات الأردنية قد تحول إلى "أورانج" (البرتقالة) نسبةً إلى شركة الاتصالات متعدية الحدود بنفس الاسم التي تملك معظم أسهمها شركة الاتصالات الفرنسية فرانس تليكوم منذ عام 2000.

وكانت شركة الاتصالات الفرنسية قد سيطرت على 51% بالمئة من أسهم شركة الاتصالات الأردنية مع مجيء العام 2006، مما أعطاها حقوقاً مهيمنة في الملكية والإدارة، ومنها تغيير الاسم على ما يبدو.

ويأتي نزع الصفة الوطنية عن شركة الاتصالات الأردنية، في الاسم بعد المضمون، استكمالاً وتأكيداً للسيطرة الأجنبية على أحد أهم مكونات البنية التحتية للاقتصاد الحديث وهو قطاع الاتصالات، خاصة وأن شركة أورانج الأوروبية الأصل هي شركة هاتف خليوي بالأساس، وخدمات إنترنت، انتقلت للسيطرة على الخطوط الأرضية الثابتة في أوروبا وخارجها.

وقد تحققت هذه السيطرة تحت عنوان "الخصخصة"، ومن ثم "البحث عن شريك استراتيجي"، الأمر الذي كان يعني فعلياً فتح الباب لسيطرة قوى هيمنة خارجية على قطاعات رئيسية في الاقتصاد الوطني، ويلاحظ في هذا الصدد دخول الفرنسيين بقوة على أكثر من قطاع في الاقتصاد الأردني قد يكون قطاع الاتصالات أهمها، وأضمنها ربحية.

ويشار هنا إلى أن شركة الاتصالات الفرنسية فرانس تليكوم كانت شركة حكومية فرنسية بنسبة تزيد عن النصف عندما بدأت تشتري أسهم شركة الاتصالات الأردنية عام 2000، أي أن مفهوم "الخصخصة" هنا تحول إلى شراكة مع حكومة أجنبية!

ولكن الحكومة الفرنسية طفقت ببيع أسهمها في فرانس تليكوم تدريجياً، كان أخرها صفقة بيع 3،7 مليار يورو أو حوالي 8 بالمئة من حصة الحكومة الفرنسية في فرانس تليكوم في ظل ساركوزي، لتنخفض بذلك حصة الحكومة الفرنسية من الشركة من ثلث إلى ربع قيمتها تقريباً، ولكن المصادر الرسمية الفرنسية تقول بأن الحكومة الفرنسية "تخطط لأن تبقى مالكاً رئيسياً في فرانس تليكوم في المدى المتوسط".

وكانت فرانس تليكوم قد اشترت شركة أورانج (من شركة فودافون) في نهاية ربيع عام 2000 مقابل أكثر من أربعين مليار يورو، وتعهدت، بالإضافة إلى ذلك، بتحمل مسؤولية ديون شركة أورانج البالغة آنذاك حوالي 3 مليار يورو.

وبالمناسبة، بلغت ديون شركة فرانس تليكوم في حزيران / يونيو 2007 أكثر من 42 مليار يورو! فشركة الاتصالات الأردنية لم تكن "مكسورة" عندما بيعت، وشركة فرانس تليكوم كانت ديونها في عام 2000 أكبر مما كانت عليه في حزيران 2007 بكثير، وتخفيض ديونها جاء بسبب أرباحها الدولية أساساً. ويذكر بأن مبيعات الشركة بلغت أكثر من 51 مليار يورو، وبلغت أرباحها الصافية أكثر من 4 مليار يورو، عام 2006.

وشركة فرانس تليكوم هي ثاني أكبر شركة اتصالات في أوروبا، بعد دويتش تليكوم (الألمانية)، وليس أكبر شركة في أوروبا كما تزعم بعض المواقع المروجة للشركة باللغة العربية على النت.

وتسيطر فرانس تليكوم بشكل مباشر، أو من خلال شركة أورانج، على عدد كبير من شركات الاتصالات الخليوية أو الأرضية أو شركات تزويد خدمة النت أساساً في أوروبا الغربية والشرقية وفي أفريقيا.

وتذكر موسوعة ويكيبديا على الإنترنت بأن شركة الهاتف الخليوي وخدمات النت التابعة لأورانج (وانادو) في بريطانيا صنفت كأسوأ شركة في مجالها في البلاد في ربيع عام 2007، واضطرت لهذا الغرض أن تقيم هناك مواقع إنترنت فقط لتلقي شكاوى المشتركين!! فيا لروعة البرتقالة!

وتعمل شركة أورانج في الكيان الصهيوني كمزود رئيسي لخدمات الهاتف الخليوي. وفي مصر، تملك شركة أورانج أكثر بقليل من 71 % من شركة الهاتف الخليوي "موبيل نيل" Mobilnil المصرية، وتملك شركة أوراسكوم - التي يملك أكثر من نصفها السيد نجيب ساويروس - بقية أسهم موبيل نيل. ومع أن شعار شركة "موبيل نيل" يستخدم اللون البرتقالي، فإنه لا يحمل لفظة "أورانج" أيضاً مثل شركة الخليوي "الإسرائيلية"، أو شركة الاتصالات الأردنية اليوم.

وبالمقابل، فإن "أورانج إسرائيل" تعمل برخصة من شركة أورانج الأم ولكنها غير مملوكة منها (أكثر بقليل من نصف "أورانج إسرائيل" تملكها شركة هاتشنسون التي أطلقت ماركة أورانج أصلاً في بريطانيا عام 1994). ولكن الرخصة تعني أيضاً الالتزام بمواصفات ومقاييس محددة بالضرورة...

وفي عام 2006، قررت فرانس تليكوم أن تجمع معظم عملياتها الخارجية تحت ماركة أورانج، ومن هنا جاء تغيير اسم شركة الاتصالات الأردنية. ولكن السؤال يبقى إن كان تمدد أورانج القوي في قطاع الاتصالات في الدول المحيطة بالكيان الصهيوني باتجاه مصر والأردن، خارج مجالها التقليدي في أوروبا وأفريقيا السوداء والجزر الفرنسية الصغيرة في القارة الأمريكية، هو خطوة باتجاه ربط هذه الشبكات مع بعضها البعض؟ وإن كانت تلك الشبكات ستوضع في النهاية، كما تفعل الشركات متعدية الحدود في مثل هذه الحالات، تحت إدارة إقليمية واحدة بحكم تقاربها الجغرافي؟ وهل عولمة قطاع الاتصالات هنا، كاختراق اقتصادي أوروبي منظم حكومي وخاص، عبارة عن أحد البنى التحتية لمشروع "الشرق الأوسط الكبير"؟!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مرحبا انا من ضفه من طوكرم انا عندي مح اجهزاء بتمنا من شركة اورنج تحسين اتقاط في طفه خاصه في مدينة طولكرم