السبت، تشرين الأول ٢٠، ٢٠٠٧

جامعات فلسطينية للإيجار

عبد الستار قاسم

هناك ظاهرة تتمدد وتنتشر في الجامعات الفلسطينية تثير الرعب والفزع ألا وهي إقامة برامج تعليمية داخل الحرم الجامعي غير تابعة للجامعة وإنما لدولة أو مؤسسة أجنبية. هناك جهات أجنبية غربية تتقدم لهذه الجامعة أو تلك بطلب لافتتاح برنامج تعليمي يعطي في العادة شهادة الماجستير دون أن تكون إدارة الجامعة هي المشرفة على البرنامج. غالبا ما تكون هذه البرامج في العلاقات الدولية أو حقوق الإنسان أو دراسات المرأة أو الديمقراطية أو ما يتعلق مباشر بمصلحة أهل الغرب في نشر الثقافة والفكر الغربيين.

ترشح الدولة الأجنبية أو المؤسسة مدرسا أو مدرسين غالبا من الجامعة نفسها، وتقوم الجامعة بتعيينه أو تعيينهما مسؤولا/ين عن البرنامج. تتعهد الجهة الأجنبية بتوفير كافة المتطلبات المادية من رواتب وأثاث وكتب ودوريات علمية ومنح ودورات ومؤتمرات، وتقدم الجامعة المكان وتكتفي بالإشراف الشكلي على البرنامج. أي يبقى المسؤول مسؤولا شكلا أمام إدارة الجامعة، لكن مسؤوليته الحقيقية تبقى أمام الذي يقدم المال، وتنفيذه للبرنامج يبقى ضمن دائرة رغبات الأجنبي بما في ذلك المساقات المطروحة ومحتواها.

ما الذي تستفيده الجامعة؟ لا أعلم بالضبط لأن إدارات الجامعات والقائمين على البرامج يتكتمون على الأمر. إنما من المعروف أن الطلبة يدفعون أقساطا جامعية، ولا بد أن الجامعة تحصل منها على نسبة معينة لتغطية النفقات الجارية مثل الكهرباء والماء والصيانة، ولتحقيق بعض الأرباح التي ترفع من ميزانية الجامعة. كم هي النسبة التي تحصل عليها الجامعة، أو ما هو أدنى حد من الأرباح المقبول؟ لا أعلم.

يقوم المكلفون بالمسؤولية بإعداد مشروع إقامة البرنامج وإيداعه لدى إدارة الجامعة، أو إرساله إلى لجنة التقييم المسؤولة في وزارة التعليم العالي إذا كان يتعلق بالدراسات العليا أو منح درجة دبلوم. تأخذ وزارة التعليم العالي الأمر وفق التعليمات المعمول بها وقد تجيز البرنامج وذلك وفقا لآراء المقيمين.

شكلا، هذه برامج تابعة للجامعة، وتصدر عنها إعلانات باسم الجامعة لكنها من الناحية الفعلية تتبع جهات أجنبية لها مصالح في بلادنا وتعمل على تنفيذها من خلال أكاديميينا حملة الشهادات العليا. هذا البرنامج لفرنسا، وذاك لأمريكا، والثالث لإيطاليا وهكذا. الجامعة تلعب دور المؤجر فقط، لكنها تتباهى أمام العامة والجامعات الأخرى ببرامجها الجديدة كجزء من عقلية المفاخرة المتخلفة.

المصيبة العظيمة هي أن الأجانب يطوعون الأكاديميين الفلسطينيين بالمال، ويستعملونهم لأغراض تطويع الأمة وانتهاك حرماتها. هناك أكاديميون كثر يتميزون بنفوس دنيئة ولديهم الاستعداد لأن يخونوا الأمانة ويبيعوا الأمة لقاء المال. إنهم يحصلون على أموال وامتيازات ومنح كثيرة، ومعها يزداد عبثهم بالمجتمع الفلسطيني. وبهذا تكون الجامعة التي تتجرأ على القيام بمثل هذه الأعمال قد فتحت أبوابها أمام الأجانب للتخريب، ورفعت ذوي العلم درجات من الخيانة والتواطؤ ونحر الوطن والمواطنين.

ليست هناك تعليقات: