الاثنين، تشرين الأول ١٥، ٢٠٠٧

مبادرة خير الدين حسيب في سياق خطة تقسيم العراق


أعضاء لائحة القومي العربي الكرام

تجدون أدناه مقالة الاستاذ عوني قلمجي عن خطة تقسيم العراق والفرص التي تتيحها للمقاومة العراقية لكي تكنس جانباً كل المشاريع السياسية والخطاب السياسي الذي ازدهر كالطفيليات على هامش الاحتلالين في العراق. فالمقاومة الآن باتت في موقعٍ أفضل لفضح كل سخافات ما يسمى "العملية السياسية" والمشروع الساذج لإخراج الاحتلال سلمياً من العراق بعدما انكشفت نواياه بالنسبة للتقسيم والنفط ورفض الانسحاب قريباً حتى من الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة. وهو الأمر الذي يطرح أهمية تشكيل مرجعية موحدة للمقاومة كما يشرح الاستاذ عوني قلمجي أدناه. ولكن، كأحد المشاريع الهادفة لقطع الطريق على المقاومة، والساعية لمصادرة دورها السياسي، تبرز من جديد "المبادرة السياسية" التي قدمها د. خير الدين حسب لتشكيل حكومة عراقية من قبل مجلس الأمن واستبدال قوات الاحتلال بقوات عربية. ود. خير الدين حسيب، كما هو معروف، من القوميين الرسميين، وهم المعادل القومي العربي لفقهاء السلاطين في الإسلام، أي القوميين الذي يدعون الخط القومي في الوقت الذي يندمجون فيه بالأنظمة العربية وسياساتها، ويتجاوزون الثوابت القومية ومنها الدخول في الكنيست الصهيوني والدعوة لدولة غير عربية في فلسطين يسمونها "ثنائية القومية". والقوميون الرسميون في هذه الحالة يدعون لمشروع رسمي عربي، بإشراف دولي، لإنقاذ الاحتلال من مأزقه في العراق ولقطع الطريق على المقاومة العراقية وعلى التحرير، وربما يظنون أن هكذا مشروع قد يخلق لهم فرصة لنيل حصة من العراق، وربما لا يقولون مثل هذا الكلام من عندياتهم بل بالتنسيق مع أطراف عربية ودولية معينة. وعلى كل حال، من المفيد الاطلاع في هذا السياق على مقالة الاستاذ عوني قلمجي أدناه.

مدراء لائحة القومي العربي

==============================


قرار تقسيم العراق سهل على المقاومة مهمة تحرير العراق

هؤلاء اما اغبياء او ان الله ختم على سمعهم وابصارهم غشاوة. انهم خمسة وسبعون شيخا امريكيا من اصل مئة هم مجموع اعضاء مجلس الشيوخ في الكونغرس الامريكي ، اجتمعوا في وضح النهار واتخذوا قرارا بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات هزيلة ، كردية وشيعية وسنية ،وكأن العراق ولاية ورثوها عن اجدادهم. وقد ظنوا ان مثل هذه الوصفة البالية تنقذ امريكا المريضة من طعنة المقاومة العراقية المميتة . بينما هم زادوا الطين اكثر من بلة. حيث كشفوا علنا عن اهداف الاحتلال الغادرة دون اي ضغط او اكراه ، وفضحوا بانفسهم جميع الاكاذيب حول التحرير والديمقراطية وبناء العراق الجديد ، ليصبح نموذجا تمتد اشعاعاته الى دول المنطقة. واذا بقى في العراق غير العملاء والتابعين ممن يؤيد امريكا فانه سيصمت او يولي هاربا.

لقد جرب بول بريمر الحاكم المدني السابق في بغداد مشروع تقسيم العراق وشرعنه بقرارات وقوانين ابتكرها ودساتير سنها ولم يفلح ، ونجد نموذجا عنها في المادة 118 من الدستور الدائم التي منحت حق الاستقلال لكل محافظة او اكثر ، اي تقسيم العراق ليس الى ثلاث دول فحسب وانما تمزيقه وتفتيته الى اشلاء متناثرة. العراق غير قابل للقسمة وما حدث في شمال الوطن وجنوبه هي واحدة من تداعيات الاحتلال وستقبر بعد دحره ورحيله عاجلا ام اجلا.

لقد قدم قرار مجلس الشيوخ الامريكي خدمات جليلة للمقاومة العراقية ، من شانها تسهيل مهمة تحرير العراق. فقرار التقسيم عزز وحدة الشعب العراقي ضد الاحتلال وزاد من تلاحمه مع مقاومته الباسلة ، واثبت تمسكه بوحدة العراق وحرصه الشديد على ترسيخ التآلف والعيش المشترك بين جميع مكوناته ، باعتباره السمة الاكثر تميزا في تاريخ هذا الشعب العظيم . في حين وضع القرارعملاء الاحتلال واتباعه ومريديه في موقف حرج ، لم يعد بامكانهم من الان فصاعدا ترويج كذبة ان الامريكيين جاءوا الى العراق محررين وليسوا مستعمرين. وحتى الحكومة التي نصبها الاحتلال اضطرت الى استنكار هذا القرار ، تحسبا من تحول غضب العراقيين الى انتفاضة شعبية شاملة. اما شركاء الاحتلال في العملية السياسية والذين تذرعوا بالدخول في مستنقعها ، لدرء مخاطر تقسيم العراق والحفاظ على عروبته ، فقد اصبح وضعهم شبيها بالمريب الذي يكاد يقول خذوني.

على الجانب الاخر ، فان حكام الردة العرب وجامعتهم الممسوخة ، فقد خرجوا بسواد الوجه. فهم تنافخوا شرفا وحرصا على وحدة العراق وسلامة اراضيه، وتحت هذه الدعاوى الفارغة ، قدموا لامريكا ما يلزم لانجاح مشروع الاحتلال وساندوا ودعموا حكومته العميلة ، وبالتالي فقد رفعوا عن كاهل المقاومة العراقية اي لوم او مسؤولية اذا جرى استهدافهم بتهمة الخيانة القومية بحق العراق. كما ان معظم بلدان العالم ابدت استيائها من هذا القرار واعتبرته خرقا لكل القوانين والشرائع الدولية التي اقرتها الامم المتحدة. وحتى نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا والذي كان من المفترض ان يعوض خسارة جورج بوش لـ توني بلير قد رفض القرار. وهذا اكد شرعية المقاومة ضد الاحتلال ومخططاته الغادرة. وسكوت الامم المتحدة المشين امام هذه الجريمة ، هو دليل قاطع على شراكتها للامريكيين في احتلال العراق وتدميره. وبالتالي فان التعامل معها كطرف محايد من قبل بعض القوى والاحزاب المناهضة للاحتلال يعد سذاجة سياسية في احسن الاحوال..ترى هل هناك خدمات يمكن انتظارها من قبل العدو اكثر من هذه الخدمات؟

ولكن ليس هذا كل شيء ، فبعد ان تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود من مشروع الاحتلال ، سقطت جميع المراهنات حول امكانية انسحاب القوات الامريكية المحتلة من العراق ، عن طريق ما سمي زورا بالمقاومة السياسية او اجراء مفاوضات مع المحتل واقناعه بالانسحاب المشرف. مثلما تبخرت الامال المعقودة على الحزب الديمقراطي ونيته على سحب القوات الامريكية بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية ، فهذا الحزب العتيد هو من تبنى هذا القرار بالاجماع واعلن مرشحوه الثلاثة للرئاسة رفضهم لاي انسحاب قبل 2013. وهذا سيوفر على المقاومة الجهود التي كانت تبذلها لاقناع هذه القوى بخطا توجهاتها السياسية والعودة الى جادة الصواب.

لكن التاريخ ليس كريما مثل حاتم الطائي ، ليقدم لنا مثل هذه الفرصة في كل مرة. والوقوف عند هذه المكاسب التي تحققت وعدم توظيفها في مجرى الصراع الشامل بين المقاومة وقوات الاحتلال يعد خطا فادحا. فنحن امام مرحلة متقدمة من الصراع الدائر على ارض العراق. ولقد اصبح انجاز المهام التي تاخر انجازها فعلا ، ضرورة ملحة . والمقصود توحيد فصائل المقاومة وقيام الجبهة الوطنية الشاملة واعلان برنامجها السياسي ، وليس قيام جبهات مفتعلة خارج ارض الوطن وفقا لاجندة هذه الدولة او تلك، او لتحقيق مكاسب فئوية ضيقة. لقد سهل قرار تقسيم العراق الوصول للهدف المنشود . حيث المفترض ان ينتهي الخلاف حول وحدانية المقاومة وشرعيتها ، وحول وحدة اشكال المقاومة وان ارقى هذه الاشكال هو الكفاح المسلح.

حسبنا ان نذكر في هذا المضمار ولو من باب الاشارة ، الدور الذي يقع على عاتق المقاومة المسلحة في هذا الصدد. فهي المؤهلة اكثر من غيرها لتوجيه دعوة مفتوحة الى جميع القوى المناهضة للاحتلال ، لعقد مؤتمر على ارض العراق لانهاء جميع التعارضات والخلافات التي بينها والاتفاق على قاسم مشترك اعظم لدحر الاحتلال ، ينتهي باعلان وحدتها عسكريا وسياسيا ، لتفضي الى انبثاق المرجعية الوطنية العليا المعبرة عن ارادة شعبنا ووحدة قواه المناهضة للاحتلال ومشاريعه العدوانية. ويمكن اعتيار ما انجزته فصائل المقاومة المسلحة بعد قرار تقسيم العراق المدخل المناسب لتحقيق الهدف المنشود.

فقبل ايام معدودات اعلنت من داخل العراق جبهة الجهاد والتحرير ، والتي ضمت 22 فصيلا جهاديا واصدرت الجبهة المباركة بيانا سياسيا هاما واعتبرت ابوابها مشرعة امام بقية فصائل المقاومة المسلحة ، وكان قبلها قد جرى توحيد 8 فصائل جهادية وبنفس التوجه . ان انجاز عمل كهذا وتطويره ليشمل كل القوى والاحزاب المناهضة للاحتلال ، هو الطريق الوحيد لتحرير العراق وباقل التضحيات. وهو بالمقابل ، سيقطع الطريق على المتربصين من المنافقين والسماسرة ، الذين يسعون للألتفاف على المقاومة والنيل من مشروعيتها في تمثيل شعبنا والتعبير عن ارادته ، خاصة وان السيد خيري الدين حسيب عراب المبادرات التي تصب في خدمة المحتل بصرف النظر عن النوايا ، عاد ليسوق من جديد من خلال فضائية المستقلة مبادرته القديمة والتي رفضتها كل فصائل المقاومة واعتبرتها مبادرة لخدمة الاحتلال.

ان مطالبة السيد حسيب للادارة الامريكية الحالية أو القادمة ، لتسليم ملف العراق الى مجلس الأمن ، ليقوم بتشكيل حكومة انتقالية لمدة سنتين واستقدام قوات عربية لحين أن تستكمل الحكومة الانتقالية اعادة تشكيل جيش عراقي ، ودعوته لعقد مؤتمر بعد عيد الفطر للمصادقة على هذه المبادرة ، يستدعي فضح وتعرية هذه المبادرات وتوضيح مخاطرها على قضية شعبنا ومقاومته الوطنية. ان التصدي لهؤلاء يعد مهمة لا تقل شانا عن مهمة توحيد المقاومة خاصة وان هؤلاء المتربصين يعدون العدة لالغاء دور المقاومة وليس الالتفاف عليها فحسب ، وهنا اتوجه بالدعوة الى قيادة هيئة علماء المسلمين وبقية القوى والاحزاب الوطنية من اجل مقاطعة مؤتمر خيري الدين حسيب وان ينأوا بانفسهم عن الوقوع في شراك العدو.

ان وحدة فصائل المقاومة جميعها وتشكيل الجبهة الوطنية الواسعة الشاملة لتتحقق المرجعية الوطنية العليا لشعبنا ، وتصعيد وتوسيع العمليات الجهادية ضد المحتلين والحاق الهزيمة بهم ، هو الرد المناسب على قرار التقسيم الجائر ، وليس الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار.

لقد جاوز الظالمون المدى ، فاحتلوا بلدنا ودمروا دولتنا وحلوا الجيش العراقي وارسوا نظام المحاصصة الطائفية وشجعوا الانتماء اليها بدل الانتماء للوطن الواحد وسمحوا لنظام الملالي في طهران وللموساد الاسرائيلي ان يعبثوا بجنوب العراق وشماله وشكلوا المليشيات المسلحة وفرق الموت لتقتل خيرة ابنائنا وعلمائنا ومفكرينا ومن مختلف الطوائف والاديان والقوميات ، واليوم يسعون الى تقسيم العراق على مراى ومسمع من العالم . وبالتالي فان لا خيار امام كل من يدعي مناهضة الاحتلال ، سوى خيار الجهاد وبكل الوسائل.

التاريخ لن يرحم المقصرين والمتهاونين عن اداء مهامهم الوطنية وخاصة في ظل الظروف الصعبة والتحديات الخطيرة التي تواجه عراقنا الجريح ، مثلما لا يتهاون التاريخ في معاقبة العملاء والخونة.

ترى هل ستضيع هذه الفرصة من ايدينا؟ ام ان الواجب الوطني يقضي بان نتمسك بها باسناننا واظافرنا ونوظفها لخدمة مهمة تحرير العراق ونطهر ارضه من رجس المحتلين ايا كانت جنسياتهم ؟

عوني القلمجي
5/10/2007

ليست هناك تعليقات: