السبت، تشرين الأول ٢٠، ٢٠٠٧

القوي والضعيف ومفارقات التأريخ

من مفارقات الأيام أن يقوم المجرم باتهام الضحية بأنها السبب في قتلها, وبأن المجرم ينوي أن يشكل فرقة أو شرطة أدآب للمحافظة على البشرية.

السياسة الأمريكية لطالما تصرفت على هذا النحو منذ الحروب الأمريكية الاسبانية والحروب الأمريكية البربرية الى حرب فييتنام والعراق وما بين هذه الحروب جميعا من حروب أخرى صغرى وكبرى وعظمى. فحين كان الساسة الأمريكيون يتشدقون ب"المنيفست دستني" كانوا هم نفسهم يقتلون مواطنيهم وييستعبدوهم فقط لأنهم من السود وكانوا يتحدثون أنهم يريدون نشر الحرية التي فوض الله الأمريكيين بها على العالم. وهم نفسهم الساسة الأمريكيون الذين قادوا حروب الابادة والتهميش ضد الهنود الحمر وقتلوا منهم ما بين الخمسين مليون كحد أدنى والثلاثماية مليون كما يقول رسل مينز وهو زعيم حركة الهنود الحمر الأمريكيين. وفي نهاية الأمر طبعا قام المستوطنون بوضع اللائمة على الحروب الأهلية التي قامت بين القبائل المختلفة من الهنود الحمروبتحميلهم المسؤؤلية عن قتل أنفسهم! هل يذكر هذا الكلام أحدا بما يحصل الآن في العراق وفلسطين ولبنان غيرها؟؟ هذه هي دائما سياستهم وهذه هي أساس خططهم العسكرية والسياسية. خلق الظروف المناسبة عبر فوضى خلاقة أو مشاكل أخرى أو استغلال عدم رضى فريق معين عن فريق آخر وخلق الظروف وتهيئتها للصدام العنيف والباقي تفاصيل والشيطان دائما يعيش في التفاصيل.

العبيد السود استقدمهم الأمريكيون لبناء هذه المستعمرة مقابل الدم والأرواح بدل دفع النقود والذهب. حركة الفهود السود وحركة أووهوروو السوداء تقول بأن عدد السود الذين رماهم البحارة عن المراكب ليأكلهم سمك القرش أو ليغرقوا كان عشرات الملايين, وبأن عدد السود الذين قضوا أو قتلوا على أيدي أسيادهم البيض أو بالمرض وخلافه يقدر أيضا بعشرات الملايين على أقل تقدير والأرقام أيضا تتراوح حول المئتي مليون أسود, وكل هذه الممارسات كانت تتم برضى أهل السياسة والعسكر في هذه المستعمرة الجديدة التي بنيت على أنقاض شعب هندي أحمر انتهى به المطاف للعيش في معسكرات تهميش, فيها أعلى نسبة انتحار في أمريكا. وكانت تكلفة اعمار هذه المستعمرة الجديدة مئات ملايين العبيد السود الذين لم يملكوا أي نوع من الحرية سواء العبادة أو أي نوع آخر من الحرية الشخصية الإجبر الجميع على اعناق دين أسيادهم البيض وقام السيد الأبيض باغتصاب من شاء من نساء العبيد كي يزيد من عبيده ويكسب يدا عاملة وأحيانا ربحا ماديا اذا باع بعض هؤلأ من الأقوياء منهم أو من الجميلات منهنّ في أسواق النخاسة واللذة اذا شئت تسميتها.

الكونغرس الأمريكي صوت مؤخرا على قانون ابادة الأرمن على أيدي العثمانيين كما يقولون ولست أناقش هذه الواقعة هنا الآن ولكنني أتسآءل ألم يبقى هناك أحد في هذا العالم يذكر التاريخ ويملك الجرأة ليقول لهؤلاء المنافقين ويذكرهم بمن قتل مئات الملايين من العبيد السود والهنود الحمر؟ ألم يعد للعالم ضميرا يتجرأ على الكلام مطلقا أم أن منطق القوي قد ساد العالم أخيرا وأصبح السيد يقتل الناس في وضح النهار ثم يتبجح بمحاسن الأخلاق ليلا؟ ألم يعد هناك من يردد بأن من يتحدث عن المجازر أولى به أن يختبئ أولا؟ أليس من الأجدى بهذا الوحش أن ينكفئ الى الكهف ليخلص العالم من شره وكيده؟

الذين يتشدقون بالديمقراطية وبمحاربة الدكتاتورية والارهاب نجحوا في قتل وتشريد الملايين من العراقيين الأحرار والعراقيات الماجدات كما كات يسميهم شهيد الأمة. لقد نجح المجرمون بقتل وتشريد الملايين من الشعب الفلسطيني وسرقة وطنهم واقامة مستعمرة على أرضهم في وضح النهار وأرسلوا سوداء من سلالات العبيد السود التي ارتضت مشروع أسيادها لكي تقول للضحية أن عليه القبول باملاآت السيد الأبيض والا فلن يحصل ولا على فتات قليل ويكون عقابه شديد ووبال عليه وعلى شعبه؟ هؤلأ المجرمون يقولون الآن بأن أهل العراق يكرهون بعضهم البعض وهم السبب في كل هذه المآسي وهم السبب في هذا العدد من القتلى ليعفوا أنفسهم من مسؤؤلية الجريمة التي ارتكبوها وتسببوا فيها تماما كما قالوا في حينها أن الهنود الحمر هم من قتلوا بعضهم البعض وان كان بسلاح المستعمر الأبيض وبتحريضه.

العالم لم يعد فيه رجال سوى المقاومين والمجاهدين الذين ارتضوا لأنفسهم الشهامة وأبوا عليها الهوان والعار. هؤلاء هم من تتفاخر بهم الأمم في حاضرها وتاريخها وما من أمة ذكرت في تاريخها البطولي سوى شهدائها الأبرار الذين قاوموا وقاتلوا الشر وردوه الى حجره وأهله بعد أن أهلكوه وأذاقوا المحتل طعم الذل. هذه هي القلة التي سوف نذكرهم بأنهم ان شاء الله خلصوا الأمة من الطغيان والتشرذم ومن الضياع وأعطوا الزخم لباقي الأمة لتتخلص من حكامها المستسلمين الذين سيذكرهم التاريخ أنهم عاشوا على مزابل الأمة وعلى آلام شعبها. هؤلاء الحكام تحديدا هم الذين يباركون خطى المحتل ويسهلون له ويساعدوه ضد المقاومة ويفتحوا له المجال الجوي والأرضي والمائي ليحتل أرض الأمة ويقتل شعبها ويعيث في الأرض فسادا فيدمر الحجر ويقتل البشر. أي شر هذا وأي فساد في نفوسهم وأي حياء عندهم ليتحدثوا عن مجازر ألآخرين؟؟

محمد شهاب

ليست هناك تعليقات: