الاثنين، تشرين الأول ١٥، ٢٠٠٧

مناضلات يروين بطولاتهن في "احكي يا عصفورة

للمخرجة الملتزمة عرب لطفي / عضو لائحة القومي العربي

نقلا عن صحيفة الراية القطريّة

عمان - أسعد العزوني:

عرضت المخرجة المصرية الملتزمة عرب لطفي مؤخراً فيلمها التسجيلي الاخير احكي يا عصفورة وجمعت فيه سبع نساء عربيات يحكين عن النضال من أجل فلسطين وهن المناضلات ليلي خالد وتيريز هلسا ووداد قمري ورشيدة عبيدة وعائشة عودة وأمينة دحبور، وهو سردية لحكايات النكبة والمقاومة من خلال شخصيات نسائية عشن الحكايات وشاركن في صنعها ومدته تسعون دقيقة وشاهده مع الجمهور ثلاث نساء ممن حكين فيه وهن ليلي خالد وتيريز هلسا ووداد قمري.

وهو فيلم تسجيلي يدمج الفكر بالقضية واشخاص انخرطوا في المسيرة النضالية وبحسب من شاهده فانه مثل سلة فكرية جامعة اظهر فكر وممارسات وحياة المناضلات السبع.

ابتدأ الفيلم بحديث المناضلة ليلي خالد (سراقة الطائرات) حسب احد اطفالها الذي سمع من مدرساته في الروضة انه ابن خاطفة الطائرات لكن لم يفهم العبارة ودخل البيت غاضبا وسألها: هل صحيح إنك حرامية؟


ليلي خالد

تحدثت ليلي خالد عن سجن النساء وما عانته فيه كما تطرقت الي النضال الذي ساد الشارع العربي في ستينيات القرن الماضي حيث التبرعات من اجل دعم الثورة الجزائرية والمسيرات الداعمة لها و المحتجة علي قتل المناضل الآممي باتريس لومومبا واغتيال امين عام الامم المتحدة داغ همرشولد كما تطرقت عن النكبة وكيفية خروجها مع اسرتها واهالي بلدها حيفا الي لبنان وما تتذكره من اوضاع خلفها الغزاة علي ارض الواقع.

واكدت علي ان احدا لم يقتل من قبل خاطفي الطائرات الذين تم تزويدهم بتعليمات مشددة حول عدم القتل او ادخال الرعب في نفوس الركاب ذلك ان الهدف بعيد عن الارهاب وان المطلوب في تلك المرحلة كان ايصال رسالة اعلامية وسياسية للمجتمع الدولي وقد حققت العمليات اهدافها بيد انها اشارت الي ان الاخر هو الذي اطلق النار في بعض العمليات موضحة انها وابان دراستها وعملها في مدرسة الكويت كانت تحضر نفسها ومطرزاتها للعودة الي حيفا ولم تصدق هزيمة 67 الا بعد سماعها خطاب الرئيس الراحل عبد الناصر.

واوضحت ان بين الاهداف الاخري وراء خطف الطائرات هو اجبار العدو علي اطلاق سراح الاسري والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية. منوهة الي الاحكام الفلكية التي كان يصدرها القضاة العسكريون الاسرائيليون ضد المناضلين الفلسطينيين حيث صدر حكم بحق احدهم 3 مؤبدات و 50 عاما واختتمت ليلي خالد سرديتها في الفيلم بالقول انها بكت كثيرا لدي سماعها نبأ وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وهي في السجن البريطاني الأمرالذي أثار الاستغراب لدي سجانيها لأنهم لم يروها تبكي قبل ذلك.

وتحدثت كذلك عن اطلاق سراحها ومن كن معتقلات في السجون الاوروبية حيث تم اخذهن الي مصر ثم سورية وكيف منعن من حضور جنازة الزعيم الراحل عبد الناصر.


تيريز هلسا

اما تيريز هلسا فاستهلت حديثها بسرد تجربتها في المحكمة الاسرائيلية وما دار من حوار ملتهب بينها وبين المدعي العام الاسرائيلي الذي اراد اجبارها علي الاعتراف بأنها مذنبة منوهة الي ذكرياتها عن مكان ولادتها بفلسطين وما احدثه اليهود الغزاة.

وشددت هلسا علي ضراوة التعذيب الاسرائيلي في السجون والذي لا يقل ضراوة عن الاحتلال نفسه كما ان المحققات اليهوديات كن يضاهين المحققين قسوة.

وتطرقت الي عملية خطف الطائرة التي شاركت فيها مؤكدة فشلها لان القيادة تدخلت وطلبت من الخاطفين الموافقة علي تمديد المهلة الممنوحة للاحتلال ومدتها ست ساعات موضحة ان الاسرائيليين دخلوا الطائرة بلباس الصليب الاحمر وان مسؤول الصليب الاحمر كان يتقدمهم مما يدل علي تواطؤ الصليب الاحمر مع الاحتلال وقالت انهم اوحوا بانهم يريدون تزويد الطائرة بالوقود مضيفة انهم اطلقوا النار علي الخاطفين واصابوها بعدة رصاصات في يدها وكتفها وان جنديا اسرائيليا طعنها بسكين.

واوضحت متهكمة انهم حكموا عليها بالسجن 210 سنوات علما ان عمرها كان انذاك 17 عاما الا انها وفي غضون ذلك اكدت ان الامل كان يحدوها داخل السجن بانها ستتحرر لاحقا لكن دون ان تعلم متي وكيف مشيرة الي ان وجود الامل ضروري داخل المعتقل منوهة الي انها خرجت في اول عملية تبادل عام 1979 .

وقالت ان المحقق الاسرائيلي كان يحقق معها 16 ساعة دفعة واحدة وانه كان يخرج من غرفة التحقيق ثم يعود بعد خمس دقائق موهما اياها بانها نامت وانه الامر الذي ادخل الخوف الي نفسها انها ربما اصبحت مجنونة واضافت انها تركت قطعة خبز طازجة ووضعتها علي حافة الشباك عند خروج المحقق من الغرفة لتتأكد من كلامه مشيرة الي ان قطعة الخبز ان جفت يكون فعلا قد غاب كثيرا وان بقيت طرية فانه يكذب ويريد العبث بعقلها.

أوضحت انه عاد فتناولت قطعة الخبز لتجدها طرية الامر الذي اعاد ثقتها بنفسها ولم ينطل عليها ما يقوله المحقق وانهم اكتشفوا انها اكتشفت الحقيقة منوهة الي انهم كانوا يسلطون عليها الاضواء الشديدة وارادوا من خلال ذلك اصابتها بالهستريا.

وبينت المناضلة تيريز هلسا ان السجينات المتعلمات كن يقمن بتعليم وتثقيف السجينات الاقل تعليما الي درجة ان السجانات الاسرائيليات كن يقلن (تدخل الواحدة منكن قطة مغمضة لكنها تخرج مفتحة) كما انهن كن يعقدن حلقات الحوار السياسي والثقافي وتحليل القصص لاغناء التجربة وتصليب السجينات مشيرة الي ان ادارة السجن كانت تصادر الكتب وتحرم السجينات من الخروج الي الساحات في حال قيامهن باضراب.

واكدت ان السجانين كانوا يرشون عليهن غازات محرمة دوليا من الابواب والشبابيك وان المحامية المعروفة فيلينسيا لانغر زارتهن بعد شهر من رش الغاز وصافحتها لكنها شعرت بشيء غريب يسري في جسدها فاخبرتها عن الغاز الامر الذي ادي الي انسحابها بسرعة وعرضها الامر علي ادارة السجن وطلب فحصها لتكتشف الضرر الذي اصابها بسبب ذلك الغاز مختتمة بالقول ان ادارة السجن كانت تمنعهن من الغناء الوطني بيد ان السجانين ولدي سماعهم نبأ وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اقاموا الحفلات وانشدوا الاهازيج فرحا.


عائشة عودة

اما عائشة عودة فتحدثت عن مشاعرها ازاء الاحتلال وانخراطها في النضال وقيامها بالمشاركة في العملية التي استهدفت سوبر مول في القدس المحتلة عام 1968 .

كما تحدثت عن تجربتها ومعاناتها في السجن وكيف كان السجانون يتعاملون مع السجناء بشكل عام والسجينات بشكل خاص مشددة علي ان الشعب الفلسطيني سيعود الي ارضه وان طال الزمن.


رشيدة عبيدة

من جهتها تحدثت رشيدة عبيدة التي شاركت في الهجوم علي سوبر مول القدس عام 1968 عن تجربة الاعتقال والسجن وكيف قام الاحتلال باعتقال اختها كبديلة لها لانها كانت متخفية عن الانظار ولاجبارها علي تسليم نفسها.


رسمية عودة

اما رسمية عودة فتحدثت هي الاخري عن تجربة الاعتقال والسجن في سجن المسكوبية وان اختها سألتها وهي تصافحها عند اول زيارة لها: هل صحيح ان اليهود اخذوا شرفك؟ فاجابتها: شرفي هو وطني ولن اسلم به.

وداد قمري

وتحدثت كذلك وداد قمري عن تجربة الاعتقال والسجن وكيف اعتقل الاحتلال اخاها لاجبارها علي العودة لكنه قال انه علي استعداد ليقضي عمره كله في السجن علي ان تسجن اخته.

وقالت ان الشهيد غسان كنفاني كتب رواية لم تكتمل بعنوان برقوق نيسان عن قصة حياتها.


امينة دحبور

اما امينة دحبور التي شاركت بخطف طائرة العال الاسرائيلية فتحدثت عن الاهداف الكامنة وراء خطف الطائرات وهي طرح القضية الفلسطينية علي الرأي العام العالمي.

وقالت ان استهداف طائرات "العال"الاسرائيلية كان بهدف اثبات انها طائرات مدنية تقوم بنقل الاسلحة من المانيا الغربية واوروبا الي اسرائيل وان طواقمها ليسوا الا ضباطا في الجيش الاسرائيلي.

مؤكدة ان التعليمات الصادرة للخاطفين كانت تقضي بعدم الاعتداء علي الركاب.

واضافت ان الطائرة التي تم خطفها كانت محملة بالاسلحة وانها لم تكن تحمل سوي اربعة ركاب مدنيين وانهم قالوا ذلك امام محكمة احدي المقاطعات السويسرية التي حاكمتهم لكنها لم تأخذ بذلك بيد ان المحامي ثبت الامر في المحضر.

وتخلل اوقات السرد مشاهد من فلسطين المحتلة ومخيمات اللاجئين وهدير البحر المتوسط ومعسكرات التدريب ولقطات من خطف الطائرات.

وعقب انتهاء الفيلم دار حوار جمع المخرجة عرب لطفي والمناضلات ليلي خالد ووداد قمري وتيريز هلسا.

وقالت المخرجة عرب ان هدفها من وراء سردية المناضلات السبع هو تجمع الذاكرة واستعادة جماعية لها وان التجربة كانت مهمة جدا لان الحكاية واحدة روتها مجموعة واشتملت علي تصوير النكبة وتداعياتها وما تلاها من هزيمة وثورة.

اما ليلي خالد فمزجت بين النظرية والتطبيق والمقاتل والمنظر حيث قالت انها ورفيقاتها ميدانيات ولم يتعودن علي رؤية انفسهن علي الشاشة مشيرة انها تساءلت وهي تشاهد الفيلم: معقول انا هكذا؟

واضافت انهن رأين انفسهن من خلال المخرجة عرب لطفي التي وثقت الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني موضحة ان صورة الانسان فيهن نقية بفضل ثقافة المقاومة التي يتم العبث فيها هذه الايام.

واكدت استمراريتهن في النضال رغم كبر سنهن موضحة في ذات السياق ان الجيل الجديد سيستمر بالثورة والنضال من اجل تحرير فلسطين وبالتالي لا بد من ابقاء ثقافة المقاومة وحق العودة مستمرة بيد انها شددت علي ان العودة لن تتم بالمفاوضات بل بالمقاومة واختتمت بالقول : لنا شرف التجربة وعلي الاجيال ان تستمر وسنعود يوما وقالت ان جورج حبش اجبرها علي الحديث للصحفيين عن التجربة وقال لها :خطفت طائرة وتخافين من الصحافة؟.

اما وداد قمري فقالت انها بطبيعتها لا تحب الكلام لكن المخرجة عرب لطفي استنطقتها مشيرة الي انها لم تقابل وسائل الاعلام يوما للحديث عن التجربة.

وفي نهاية الحوار اجمع الحضور علي ان عمليات خطف الطائرات التي جرت اوائل سبعينيات القرن المنصرم اشاعت وعيا دوليا بالقضية الفلسطينية وان المدنيين لم يتم استهدافهم لان الهدف كان سياسيا واعلاميا كما انه كان هناك تكامل بين عمل المناضلات اللواتي قمن بتنفيذ العمليات وان المراة الفلسطينية اذهلت المحققين والسجانين الاسرائيليين وبالتالي فان دور المرأة في الانتفاضة كان امتدادا لدورهن مثلما كن هن امتدادا لجيل المناضلات الاوائل امثال فاطمة غزال

ليست هناك تعليقات: