الاثنين، تموز ٠٢، ٢٠٠٧

حذار من بيان يطلب التوقيع عليه

الاخوة اعضاء اللائحة،

تحية عربية وبعد،

بادر احد الاخوة العرب المقيمين في الجزيرة العربية واجتهد في صياغة بيان متناولا ما جرى من احداث في قطاع غزة يهدف منه الى "تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية." ولخطورة ما يتضمنه البيان من شطط فكري وسياسي نرفق طيه اصل الدعوة والبيان والرد عليه، مع التشديد والمناشدة بعدم التوقيع او التعرض لصاحبه بهدف شخصي، بل بالحجة والبيان.


الرد:

ان التشخيص المبنى عليه البيان ينطلق من فرضيات تسهم في اثارة مزيد من الجدل بدل التوصل الى مساهمة عربية جمعية في الانخراط بالعمل المقاوم والجهد الكفاحي - كما وعد صاحب البيان في رسالته المرفقة.

اولى تلك الفرضيات هي الدعوة الى التمسك بشعار يكثر ترداده وهو التمسك بالوحدة الوطنية. ورغم نبل الدعوة الا ان الوحدة لا تتم الا بين عناصر تتشاطر الالتزام بالقضية الوطنية وليس مع من يتخندقون في صفوف الاعداء، وبالذات قوى اوسلو المنخرطة في المشروع المعادي. هذا وهم ينبغي العمل على تعريته وفضحه.

ثانيا، وهو الاهم في اعتقادي المتواضع، ان تشخيص الحالة التي نحن بصددها (احداث غزة) ينبغي ان يشرح بالتفصيل اصطفافات القوى المختلفة وان ما جرى ، في غزة، هو عبارة عن صراع بين نهجين متضادين: نهج اوسلو ونهج التمسك بخيار المقاومة. هذا القول ليس تزكية لفريق على حساب آخر، بل ينبغي ان نحدد ولاءات القوى المختلفة خاصة في ظل انكشاف حجم المؤامرة التي كانت تعدها الولايات المتحدة عبر ادواتها المحلية والاقليمية للقضاء على القوى المعترضة على برامجها.

ثالثا، ان مناشدة ما يسمى بالمؤسسات الوطنية الفلسطينية، كما ورد في البيان، للاصطفاف الى جانب الشعب الفلسطيني أمر يجافي الواقع المعاش، اذ ان معظم تلك "المؤسسات" بعد حضور اوسلو واخواتها في الوعي اليومي اضحت واجهة لأجندة خارجية تدار عبر سيل من المنظمات غير الحكومية (الانجزة)، والتي ينبغي الا نعوّّل كثيرا عليها. فالمؤسسات المشار اليها ، السياسية والنقابية وما تم تفريخه ليلبي استحقاقات اوسلو، هي اولى ضحايا نهج التفرد والهيمنة وتغييب الارادة الشعبية. ولعلنا لا نجد غضاضة في تعاظم الدعوات لاعادة انتاج او تفعيل اطر (م ت ف)، التي لو كانت حقا قائمة وتسهم في واجباتها لما تردى الوضع الذي نحن عليه الى مستويات متدنية. وبكل صدق وموضوعية، فان المقولة تلك اصبحت مستهلكة لدرجة لم تعد تشي بصدق المطالبين بها. أن (م ت ف) بأطرها المعهودة قد تم تجاوزها واستبدالها بخطاب اوسلو واستحقاقته، ولا يعقل ان نعيد الاعتبار لمن اضروا بالقضية القومية والعمل سوية وفق الصيغ القديمة البالية. ان (م ت ف) قد انتهت بانتهاء مرحلتها في البرنامج المرحلي – التسووي للدقة - وهناك حاجة ملحة لاستنباط اطار مماثل - شبيه او متقدم - ليلبي تطلعات شعوبنا العربية في مرحلة العولمة المتوحشة، وليس الشعب الفلسطيني وحده.

رابعا، ان ما يسمى استخدام السلاح "ضد الفلسطينيين" انفسهم ما هو الا تبسيط شديد لواقع معقد به تداخلات اقليمية رجعية ودولية معادية. والبعض منا يتذكر ان من اوجز استخدام السلاح ضد ابناء الشعب الواحد هي تلك القيادة التي تدعي زورا انها تاريخية، خاصة وان ابا جهاد الوزير هو اول من اصدر امرا بقصف احد مخيمات الجنوب اللبناني عام 1978 للقضاء على "تمرد" المقاتلين على نهجه التسووي.

فالسلاح استخدم دوما لحسم الصراع الداخلي لخدمة مخطط البرنامج التسووي، ولا يغيبن عن بالنا كوكبة الشهداء الذين تم تصفيتهم بقرار من "القائد العام" لتعارضهم مع توجهاته، وعلى رأسهم الشهيدين ناجي العلي وسعد صايل- ابا الوليد.

خامسا، يخلط البيان بين ما يسميه "الثوابت الفلسطينية" وبين الاهداف المرحلية التي "هزمت"
وتجاوزتها اوسلو ومرحلة اعادة الاعتبار الى خيار المقاومة. فهدف العودة النبيل لا يمكن ان يتم بمعزل عن: التمسك بعروبة فلسطين التاريخية والسعي لتحريرها بكافة السبل وعلى رأسها الكفاح المسلح والمتضمن للعمليات الاستشهادية. اما المطالبة باقامة الدولة وعاصمتها القدس فهو عصب البرنامج المرحلي التسووي والذي يتعارض مع الثوابت المراد تجذير الوعي بشأنها. فنحن لا نسعى لاضافة القطر الثالث او الرابع والعشرون للمنظومة القطرية الفاسدة، بل تحرير الوطن اولا ومن ثم الالتفات الى البناء الداخلي - اذ ليس انشاء الدولة هو مطلب يستحق كل هذه التضحيات عبر قرن من الزمان.

سادسا، وهو الاخطر، ان البيان يطرح بشكل ملتو القبول بحدود عام 1967 ، اذ ورد فيه دعم "حق الفلسطينيين في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة فوق التراب الوطني الفلسطيني." وهو نداء "مشفر" للتخلي عن مبدأ التحرير الذي لا يتم الا بحشد القوى الشعبية وادخال ثقافة المقاومة من اجله. التراب الوطني كل لا يتجزأ – من النهر الى البحر. ان ما ورد اعلاه يشكل اعادة الاعتبار الى البرنامج المرحلي الذي هزم في وعي الجماهير. فالحرص على "حق الفلسطينيين" يستوجب دعم كفاحهم بكل السبل.

اخيرا، نثمن عاليا الدعوات المخلصة لدرء الاخطار ومنع تفاقم الاوضاع الراهنة، ونتمنى ان تتم المطالبة بالانخراط الفعلي للشعوب العربية في الصراع الدائر ضد القوى الاستعمارية وكيانها المصطنع. هذا ما تتمناه السواعد المقاتلة من اجل التحرير وليس من اجل تجليس الرقم الثالث والعشرين على عرش هش.

- جعفر الجعفري
...


رسالة الدعوة موقعة من السيد يوسف مكي بتاريخ 28 حزيران - يونيو:

اخي العزيز ......
تحية شذية واشواق
أرسل لك مسودة بيان، هو عبارة عن مبادرة من مثقفين من أبناء الجزيرة، نرغب في تشجيعهم ودفعهم للإنخراط في الشأن العام
أتمنى عليك الموافقة على وضع توقيعك به
وإذا كان بالإمكان تشجيع الإخوة الذين تمون عليهم بالتوقيع
أكون شاكرا وممتنا لك
أرجو أن يكون ذلك بأقصى سرعة ممكنة
لك دائما تقديري ومودتي
يوسف مكي
...

نصّ البيان موضع النقد:

نحو وحدة فلسطينية... نحو تمسك بالثوابت الوطنية

يتابع الموقعون على هذا النداء، والذين يعبرون عن موقف شرائح عريضة من المثقفين العرب والمهتمين بقضايا أمتهم، بقلق وحزن بالغين ما يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة، من أحداث دامية، ومن اقتتال بين حركتي فتح وحماس، وبشكل خاص ما تمخض عن هذه المحنة من تقسيم للوطن الفلسطيني المحتل، بحكم الواقع إلى أكثر من كيان.

إن توجيه السلاح الفلسطيني إلى صدور الفلسطينيين، بعيدا عن أهدافه وغاياته، هو خروج على الثوابت الوطنية والقومية، وتخط للخطوط الحمر التي حكمت العلاقة بين الفلسطينيين منذ انطلاقة مقاومتهم الباسلة. وهو أيضا إضعاف للمقاومة الوطنية للاحتلال، وإطالة لأمده. وقد جاء في مرحلة تتأكد فيها هزيمة المشروع الصهيوني الأمريكي تحت ضربات المقاومين في العراق ولبنان وفلسطين والصومال، ليثير في الوجدان العربي حالة من اليأس والخذلان.

وإننا إذ نطالب بالإيقاف الفوري لهذا العبث، وللتلاعب بالمصير الوطني الفلسطيني، فإننا نؤكد على النقاط التالية:

1. إن أي حل خارج الاحتكام إلى لغة الحوار بين الفلسطينيين، هو عمل غير مقبول، ويصبح مدانا، بكل المعايير الأخلاقية والوطنية، حين يتحول إلى احتكام للسلاح، نتيجة لما يلحقه من أذى على قدسية النضال الفلسطيني، وإساءة إلى شعبنا في الأراضي المحتلة، الذي يعاني من الاحتلال، ومن وطأة الحصار القاسي الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، والقوى الدولية بتحريض مباشر من الإدارة الأمريكية. ولذلك فإننا نطالب بمراجعة كافة القرارات التي أدت إلى تصعيد حالة الاحتقان، ونبارك الدعوات الخيرة التي تطالب بإجراء تحقيق فلسطيني وعربي نزيه لتحديد الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأوضاع، ومحاسبة المسؤولين عنها.

2. ندعو المؤسسات الوطنية الفلسطينية ومنظمات المقاومة والاتحادات إلى أن يكون خيارها هو الوقوف مع الشعب الفلسطيني، واحترام إرادته الوطنية، وعدم الانتصار لفريق على حساب الآخر. مؤكدين أن الإصرار على التمسك بالقرارات الفئوية، سواء تلك الصادرة عن رئاسة السلطة، أو عن الحكومة التي ألغيت بمرسوم رئاسي، لن يؤدي إلى حل للمشكلة، بل سيسهم في استمرار حالة التمزق والفوضى وتفتيت النضال الفلسطيني، وحرفه عن بوصلته.

3. نناشد كل الأطراف المتصارعة بأن لا تنساق وراء الاستهدافات الخارجية، وأن ترفض بشكل قطعي التمترس خلف الدعوات المشبوهة، التي بدأت تبرز في العلن، ولهادفة إلى تهيئة المناخ لتدخلات خارجية: صهيونية وأمريكية. إن الدعم الوحيد والمقبول هو الذي لا ينحاز إلى طرف على حساب آخر، وهو الذي يضغط باتجاه إنهاء الاحتلال الصهيوني، وليس التشجيع على الصراع والاقتتال بين الإخوة، وبالتالي تفتيت الأرض الفلسطينية.

4. ليس هناك من سبيل لتجاوز تداعيات هذه المحنة غير العودة إلى طاولة الحوار، على قاعدة برنامج سياسي ونضالي واضح، يوقف مسلسل التنازلات والتفريط بالحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها حق اللاجئين بالشتات في العودة إلى ديارهم، والتمسك بعروبة القدس. إن ذلك هو الطريق الصحيح للخروج من هذه الأزمة، وإفشال المشاريع المشبوهة الهادفة إلى تمييع النضال الفلسطيني، والحد من الضغوط التي تعاني منها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بسبب هزيمتها في لبنان أمام ضربات المقاومة الوطنية. وفي هذا السياق، فإننا ندعو كل القوى الفلسطينية، وفي المقدمة منها حركتي فتح وحماس إلى الالتقاء معا من أجل بناء أسس الوحدة الوطنية الفلسطينية، على طريق طرد الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة. ونؤكد على أن منظمة التحرير الفلسطينية، ينبغي أن تكون حاضنة لكل الفلسطينيين وأن تكون المظلة التي تعبر عن خيارات جميع المقاومين الفلسطينيين، في إطار يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات البنيوية النضالية والسياسية، مع الحرص على عدم إلغاء حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف: حق المقاومة والعودة والتحرير، وإقامة الدولة المستقلة.

5. نطالب الحكومات العربية بالكف عن الاصطفاف مع أي من الأطراف المتصارعة على الساحة الفلسطينية، وعدم الانجرار وراء مشاريع التفتيت والتمسك بالثوابت الفلسطينية بما في ذلك حق التمسك بعروبة القدس وحق الفلسطينيين في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة فوق التراب الوطني الفلسطيني.

إننا من خلال هذا النداء، نناشد الضمير الفلسطيني الحي، ونزوع الخير لدى كل الأطراف بالتوقف عن إراقة الدماء الفلسطينية، والعودة إلى خيار الوحدة، وعودة اللحمة بين القطاع والضفة، ونضم أصواتنا إلى المبادرات العربية المخلصة التي تحاول تجسير ما انقطع من أخوة سلاح، والكفاح بين مناضلي فتح وحماس، وكافة القوى الفلسطينية، والعودة إلى الحوار، احتراما لدماء الشهداء، وصيانة لقدسية النضال الوطني الفلسطيني، وتمسكا بالحلم العربي في وطن حر خال من الاحتلال، وهيمنة غطرسة القوة... وصولا إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية، والالتزام بالثوابت الوطنية..

ليست هناك تعليقات: