الأربعاء، تموز ٢٥، ٢٠٠٧

حق المقاومة المشروع في اقتحام معبر رفح بالقوة

د. إبراهيم علوش

تحية للمبادرة الشعبية المصرية التي انطلقت من القاهرة باتجاه العريش يوم السبت الموافق في 22/7/2007 للتضامن مع أهلنا المحاصرين في معبر رفح، وإذا تمكن ضغط شعبي مصري من فتح المعبر، فإن ذلك سيكون هو الحل السياسي الأمثل بالتأكيد للعالقين فيه. ولهذا لا بد من دعم وتشجيع كل مبادرة شعبية أو حزبية في مصر العربية، مصر الشعب، وليس مصر النظام طبعاً، للتضامن مع أهلنا المحاصرين في معبر رفح، وصولاً لفتح الحدود المختلقة استعمارياً مع غزة بالقوة الشعبية من جهتي المعبر، وكل حدود عربية يوماً ما.

ولكن هل نترك الناس عالقين في المعبر حتى يتحقق مثل هذا الحل الأمثل؟ إذ لا يبدو أنه سيتحقق قريباً... خاصة في ظل غياب عمل شعبي عربي منظم، يتحمل مسؤولية غيابه كل أخوتنا ورفاقنا الإسلاميين والقوميين واليساريين في مصر وبقية أقطار الوطن العربي، لأن المطلوب منهم هو التحرك الفوري لفك أسر أخوتهم وأهلهم العالقين بالآلاف في معبر رفح.

بموازاة ذلك، لا بد لفصائل المقاومة أن تستخدم لغة أشد وأكثر حزماً في التعامل مع المشكلة خاصة أن تلك الفصائل تمثل الآن الأمل الواقعي الوحيد للعالقين على المعبر، ولا ننسى أن النظام المصري أغلق المعبر وحول آلاف العالقين فيه وفي مطار العريش إلى رهائن بهدف سياسي محدد هو إعادة الأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل سيطرة كتائب القسام على غزة.

فلنكن واضحين إذن، الرهائن المدنيون يستخدمون هنا ضد فصائل المقاومة كأداة ضغط سياسي رغماً عنهم، وهذا بالتعريف نوعٌ من أنواع الإرهاب.

والنظام المصري والسلطة الفلسطينية مسؤولان عن هذا الإرهاب، تماماً مثل الطرف الأمريكي-الصهيوني، وبالتالي لا بد من تحديد موقف قوي من استخدام المدنيين كرهائن في لعبة إعادة الأجهزة الأمنية العميلة إلى الحكم في قطاع غزة.

ونحن كمواطنين عرب لا يجوز أن نكترث هنا لحساسيات الأنظمة تجاه أي اتفاقات سياسية أو قانونية مع الطرف الأمريكي-الصهيوني بصدد المعابر أو غير المعابر، بل لا بد أن نكون أداة ضغط .

وتأييدنا لعمل قوي ضد المعابر لا يعني أننا نملك مثل هذا القرار أو أن قوى المقاومة سوف تنفذ حالاً ما نطلبه منها، بل يعني أننا نرفض سلوكيات النظام المصري (والسلطة الفلسطينية طبعاً) مما يقوي يد المقاومة، ويشجع القوى الشعبية في مصر على التحرك، أكثر من موقف ضعيف ينطلق من حساسيات النظام المصري والسلطة الفلسطينية والتزاماتهما القانونية أو السياسية المزعومة..

والجيش الصهيوني المكون من مئات الآلاف والمدجج بأحدث الأسلحة لم يقو على المقاومة، فما بالك ببضع مئات من الجنود العرب الذين يرجح أن تكون قلوب معظمهم مع المقاومة أصلاً.

والمدنيون لن يتعرضوا لأذى انشاءلله، إذا أغرقت المقاومة المعبر بقوى كبيرة في هجمة تكتيكية مباغتة، قد تكون خسائر المدنيين فيها أقل بكثير من موتهم البطيء على المعابر من الجوع والمرض.

على كل حال، نرتكب خطأً كبيراً إن صادرنا حق المقاومة بفتح المعبر بالقوة، حتى لو لم تلجأ المقاومة إلى استخدام هذا الحق، والتأكيد عليه هو ورقة سياسية في النهاية مثل غيره، وطريقة استخدامها يعود للمقاومة وليس لنا، ولكن لا يجوز أن نستبعدها مسبقاً مما يقوي يد النظام المصري والسلطة الفلسطينية ضد المقاومة.

إن "العقلانية" التي تجعلنا نعطي الاعتبارات "الواقعية" أهمية أكبر من حجمها قد يكون السبب الأهم في الهزائم العربية.

والأمر الذي يقف خلف كل انتصاراتنا في الزمن المعاصر ليس الأيديولوجيا أو عدمها، بل وجود عقلية هجومية غير مساومة، ولو فكر العراقيون لحظة بمعنى محاربة أمريكا، أكبر قوة عظمى، لما أقدموا على ذلك اعتماداً على اعتبارات عقلانية.

قلب ميزان القوى يقوم على تجشم المخاطر، وهذا يعني احتمالية الفشل ودفع الثمن طبعاً، ولكن من يتهيب صعود الجبال، يعش أبد الدهر بين الحفر.


ليست هناك تعليقات: