الأحد، تموز ٢٢، ٢٠٠٧

دفاع عن التاريخ والوطنية


تعليق لجنة الاشراف على المدوّنة:

يجب أن نرى الهجوم الشامل على تراث و ثقافة و كوادر و انجازات و عروبة العراق العظيمة من نفس المنظور الذي يصفه الكاتب، مشكورا. و كان بعضنا في لائحة القوميّ العربي قد حذّر من ذلك قبل الغزو، و تعرّض للانتقاد بسبب ما وصفه البعض بخلط الاولويّات و تقديم الثقافة و التأريخ و الحضارة و الآثار و "المادّة"، كما زعموا، على الاعتبارات الانسانيّة، و كأن السابقة ليست باعتبارات انسانيّة! غافلين المغزى و الهدف الحقيقي من الغزو، و المترتبّات السياسيّة و المستقبليّة الواسعة و التي هي أكبر بكثير من قضيّة انسانيّة، بل و تشمل ما هو أكبر منها انسانيّا.

---------------------

السيد زهرة

نائب رئيس تحرير صحيفة الخليج البحرينية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث مؤخراً إلى مؤتمر لأساتذة التاريخ والعلوم في روسيا. قال كلاما مهما عن التاريخ وكيفية تقديمه إلى الأجيال الجديدة. بوتين اتهم الغرب بتعمد تشويه التاريخ الروسي، وأن الهدف الرئيسي من وراء ذلك هو محاولة سحق الروح الوطنية في المدارس الروسية ولدى الأجيال الجديدة.

وقال إن كثيرا من كتب التاريخ يتم نشرها وتدريسها في المدارس بتمويل من دول غربية تقدم منحا مالية إلى أفراد كي يقوموا بتشويه التاريخ الروسي. وضرب مثالاً لهذا التشويه للتاريخ عندما قال: إن المؤرخين الغربيين يحاولون عن عمد تحقير الدور الذي قام به الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، ويتعمدون المبالغة كثيرا في تقديم الجوانب السلبية لحقبة الزعيم السوفيتي ستالين.

وانتقد بشدة هذا التشويه وقال إن ماضي روسيا أقل دموية ووحشية من ماضي بعض الدول. وضرب مثالا على ذلك فقال: نحن مثلا لم نستخدم الأسلحة النووية لقتل المدنيين ولا الأسلحة الكيماوية لإبادة مساحات شاسعة من الأراضي كما حدث في فيتنام.

وفي مواجهة هذا التشويه لتاريخ روسيا وهذه المحاولة عن عمد لقتل الروح الوطنية لدى الأجيال الروسية الجديدة، دعا بوتين المؤرخين والكتاب لأن يكونوا أكثر إحساسا بالمسئولية. وقال إن الدولة يجب أن تلعب دورا أكبر في هذا الخصوص، وحذر من أن الدولة سوف تتدخل وتفرض رقابة أكبر على دور النشر، كي تضمن أن الكتب التي يتم نشرها تغذي الروح الوطنية.

القضية التي أثارها الرئيس الروسي هي كما نرى قضية في غاية الخطورة. وهي لا تعني روسيا فقط، وانما تعنينا نحن أيضا في العالم العربي والإسلامي. فنحن أيضا نواجه بنفس ما تحدث عنه بوتين. نواجه بمحاولات دؤوبة لتشويه تاريخنا، ولقتل الروح الوطنية لدى أجيالنا العربية الجديدة. وهذا بالضبط هو أحد الغايات الكبرى المقصودة من وراء الحديث الذي لا يتوقف عن ضرورة تغيير المناهج الدراسية وإعادة كتابة مقررات التاريخ والدين بالذات. والرئيس بوتين بما قاله، أثار الجوانب الرئيسية الكبرى المتعلقة بهذه القضية، والتي يجدر بنا نحن أيضا أن نتأملها. أكبر هذه الجوانب هو ضرورة الوعي بوجود محاولات عن عمد لتشويه التاريخ الوطني بهدف أن تنشأ أجيال جديدة لا تعتز بتاريخ وطنها، وتتربى على قيم الخضوع والاحساس بالدونية تجاه الغرب.

الجانب الآخر يتعلق بحقيقة أن كتابا محليين يقومون عادة بهذه المهمة لحساب الغرب.

الجانب الثالث أن مواجهة هذه المحاولات لتشويه التاريخ ولقتل الروح الوطنية هي مهمة الدولة، وهي في الوقت نفسه مهمة المؤرخين والكتاب الذين يجب أن يتحلوا بروح المسئولية.

الذي قاله الرئيس بوتين هو دفاع عن التاريخ الوطني الروسي، وعن الروح الوطنية للأجيال الجديدة. وهذا ما يجب أن نفعله نحن أيضا. يجب أن ندافع عن تاريخنا الوطني، وأن نقاوم محاولات تشويهه ومحاولات تحطيم قيمنا الوطنيّة.


ليست هناك تعليقات: