الخميس، تموز ٠٥، ٢٠٠٧

هاني الحسن وصراع العباءات

هاني الحسن وصراع العباءات
"فتح " صنعها الحالمون، خاضها المقاومون وقطف ثمارها المنتفعون

محمد لافي "الجبريني"

كانت تصريحات الحسن أحد أوائل المؤسسين لحركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح قد أدت الى حالة غضب عارمة بين صفوف القيادات التنظيمية للفصيل في الضفة الغربية على وجه الخصوص ، التي وجهت إتهامات للحسن على اعتباره متواطئا مع ما أسموه الانقلاب على الشرعية في غزة، مطالبين رئيس الحركة محمود عباس بإتخاذ الاجراءات الكفيلة بمحاكمة الرجل على مواقفه التي اعتبرت أنها مدفوعة من قبل قوى إقليمية، كان الايحاء لها من القيادات والتصريح من القواعد التي سمت بشكل مباشر دولة قطر ، التي تأتي في ذات سياق الهجوم الذي يشنه تيار محمود عباس على الجزيرة القطرية.

ليبراليوا أمريكا في مواجهة محافظيها

أما ما مصلحة قطر من دعم تيار كهذا، فإن الامر لن يكون بطبيعة الحال من باب دعم النضال الفلسطيني إنطلاقا من روح قومية، بقدر ما سيكون نتيجة تحالف قطري غربي لإنتاج تيار غربي ليبرالي جديد يكون أقل جدلية ورفضا مما يسمى تيار دايتون في فتح، وهو يأتي –كما نفترض- في سياق المرحلة القادمة التي تشير التوقعات الى ان القيادي الاسير مروان البرغوثي سيكون عنوانها، والذي يحظى بدعم وتوافق وطني كبير، إضافة لقبوله أمريكيا، وبالتالي سيكون الحسن وتياره من سيعزف عليهم مروان البرغوثي الذي نأى بنفسه عن الخصامات الاخيرة.

وكان هاني الحسن قد قال لبرنامج "بلا حدود" إن هناك تيارا من فتح يعمل تحت خطة دايتون الجنرال الامريكي في القدس المتهم بتأجيج الاوضاع ودعم التيار الذي اتهمه الحسن، وإن فتح لا ترضى عما قام به، مشيرا إلى أن الحركة لم تشارك في الاقتتال في غزة، ولو فعلت لكانت النتيجة غير ما حصل. وهو صادق بذلك على الارجح بعد رؤية الاسلحة الخفيفة والثقيلة قد هرت من مقاتليه وهي بكامل عتادها، ما يدل بوضوح على عدم قناعة المقاتل الفتحاوي بفكرة قتل أخوه في الطرف القابل تحت أي طائل، وهو يعيدنا الى الخلف سنوات حين كانت تجري مواجهات فلسطينينة فلسطينية حين كان القاتل يتحين الفرصة لإلقاء سلاحه والاستسلام لرفيق سلاحه عوضا عن تبادل اطلاق النار. ودعا الحسن حركة حماس لعدم الشعور بالغرور بما حدث، لأن "هناك الآلاف من أبناء فتح في غزة الذين نأوا بأنفسهم عن هذه الأحداث لأنهم كانوا ضد خطة دايتون، وضد من يعملون في إطارها".

وعلق مراقبون أن ما قاله الحسن لا يشير بالضرورة بأن الرجل قد ضاق ذرعا بالفساد في فتح أو انه يقود تيارا رافضا فيها، خاصة وان ما قاله بات معروفا للقاصي والداني ولم يأت بجديد ليضيفه، بقدر ما يؤكد المعلومات التي تشير أنه بصدد إعادة انتاج نفسه مستغلا الفوضى التنظيية والارتباك الذي تعاني تنظيمات فتح في الداخل والشتات عبر تشكيل تيار جديد يتبعه بعد تسريبات تذكر وصول أموال طائلة الى أرصدة الحسن، المعروف تاريخيا بنهجه الاكثر قربا الى نهج محمود عباس بتفضيل العمل السياسي على مشروع الكفاح المسلح الذي تبناه الراحل ياسر عرفات ورفاقه الخمسة المؤسسين الذين استشهد جلهم في الصراع مع الكيان.

فمن الواضح ان تصريحات الحسن ومواقفه الاخيرة، التي جاءت أيضا لمحاولة التغطية على مشروع الكونفدرالية الذي روج له قبل فترة ليست بالطويلة وهو المتهم من قبل الكثيرين على مدى المسيرة الفلسطينية طوال اكثر من أربعين عاما برجل امريكا في فتح، ولكن الاكثر مواربة والاقل ضجيجا، قد راهن على مواقف إتجاهات فتحاوية أخرى يمثلها ابو اللطف فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية، الذي رغم رفضه لإنقلاب حماس الا انه لم ينس اعادة التذكير برفضه لمحاولة اختطاف الحركة من قبل تيار فيها، وعبر عن رفضه لمرسوم عباس بخصوص حل المليشيات المسلحة؛ لأنه محاولة للقضاء على المقاومة التي تمثل حقا للشعب الفلسطيني يجب الحفاظ عليه حتى يتمكن من دحر الاحتلال.

عباءات فتح

وفي حين أعلن عباس فصل الحسن من منصبه ككبير مستشاريه فإن ما يبدو جليا ان الازمة قد وصلت الى مركزيتها الاولى، وهي فتح التي يعلم القاصي والداني ان مشاكلها الداخلية ليست محصورة بالتنظيم بل تنعكس على عموم القضية الفلسطينية والشعب، فهي علاوة على كونها اكبر فصيل وموقدة شعلة الثورة المعاصرة فهي ليست حركة عقائدية، وإنما حركة واسعة أقرب إلى التجمع الذي يضم أشخاصًا من خلفيات وعقائد مختلفة ولها آراء متعددة، جمعها البرنامج الوطني الذي طرحته فتح، ويقوم على إحياء الدور الخاص للشعب الفلسطيني وتجسيد قضيته الوطنية من خلال الكفاح المسلح أولا ثم من خلال الجمع مابين أشكال العمل والنضال السياسي والعسكري والجماهيري ثانيا، ثم اعتماد المفاوضات كأسلوب وحيد لتحقيق دور الاحتلال والحرية والعودة والاستقلال ثالثا.

تعدد الولاءات داخل فتح يزيد من ألوان العباءات أيضا التي باتت تعتمد على صانعين وخيوط مختلفة المصادر أضعفها شكليا هو التيار الوطني الحقيقي فيها، الذي لا يدري على أي جنب يميل هو الاخر، بعد أن أعلن الرئيس حل كتائب الاقصى التي كانت الرهان المقاوم الوحيد الذي أبقى فتح على قيد الوجود جماهيريا.

ومع إنفتاح التوقعات على اكثر ن إحتمال، فإن التيار الذي سيقوده الحسن ربما لن يتجاوز ما وصل اليه إنشقاق "أبو الزعيم عطا" الي أفرز ما سمي حينها "فتح التصحيحية" أواخر الثمانينات ليظهر ويختفي بلا بصمات، ولسخرية القدر فإن ذلك الرجل كان أيضا من المروجين الى الكونفدرالية ومستخدما ذات الصيغ التي تتحدث عن الاصلاح وازالة الفساد. فهل يلقي الحسن بنفسه الى نفس الهاوية؟

ليست هناك تعليقات: