السبت، تموز ٠٧، ٢٠٠٧

من المستفيد من اغتيال القيادات الشرعية للعراق؟


بمناسبة الحكم بالإعدام على سلطان هاشم وعلي حسن المجيد:
من المستفيد من اغتيال القيادات الشرعية للعراق؟

د. إبراهيم علوش

كان الرئيس صدام حسين وحزب البعث يدعوان دوماً إلى علاقة حسن جوار مع إيران تقوم على أساس عدم التدخل والاحترام المتبادل للسيادة. فالمشكلة مع إيران ليست أننا نرفض حق الفرس بالوجود، بل أن الفرس يرفضون حق العروبة بالوجود وحق العراق بالاستقلال، وها هم اليوم يسعون جاهدين لشطب عروبة العراق وتفكيكه بالتعاون مع حكومة الولايات المتحدة.

وثمة تقاسم وظيفي بين الطرفين على الأرض في العراق. وجريمة اغتيال الرئيس الشهيد صدام حسين ورفاقه القياديين شكلت مفصلاً خطيراً في العلاقة العربية-الفارسية ليس فقط لأنها تعبر عن حالة حقد حقيقية، أي عن حالة انفعالية، بل لأنها تعبر ببرود عن قرار رسمي أمريكي-إيراني بالتخلص من قيادة شرعية تملك حق المطالبة بحكم كل العراق بعد الانسحاب الأمريكي الوشيك.

فمن جريمة اغتيال الرئيس صدام حسين إلى جرائم اغتيال طه ياسين رمضان وبرزان التكريتي وعواد البندر، إلى الحكم بالإعدام مؤخراً على وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم وعلي حسن المجيد، يعني قرار تصفية القيادة العراقية الشرعية فيما يعنيه من الناحية السياسية إطلاق العنان للشبق الفارسي للسيطرة على العراق، أو على جزء منه على الأقل، وتأخير وحدته السياسية بعد الهزيمة الأمريكية.

وهذا الأمر بالتحديد يرتبط بقرار استراتيجي لتنفيذ مشروع تفكيك وهيمنة في الإقليم برمته، وليس ببعض تجاوزات طائفية للامتدادات الفارسية في العراق يظن البعض أننا ننفعل أكثر من اللزوم بشأنها. ومثل هذا المشروع له انعكاساته المباشرة على الخليج العربي وبلاد الشام، فجنوب العراق وما يمثله لا يقع في فراغ، بل يطل على الخليج العربي وبلاد الشام، ناهيك عن ما يحتويه من نفط. ولذلك، يمثل التغاضي عن الخطر الإيراني المباشر على الإقليم، لا العراق فحسب، نوعاً من الانتحار الذاتي لا يقل خطورة عن التغاضي عن مشروع الهيمنة الأمريكي-الصهيوني بذريعة الخطر الإيراني...

وأهمية المقاومة العراقية اليوم أنها تحمي الأمة من التمدد الأمريكي ومن الاستطالة الإيرانية. وقد نجحت هذه المقاومة، تحت الحصار وفي زمن القطب الواحد، من اجتراح الوسائل والموارد اللازمة لمقاومة الخطرين معاً، وفي أن تكسر الإمبراطورية الأمريكية ومشروع "الشرق أوسطية" على صخرة صمودها، فهل هناك مقاومة في التاريخ كهذه المقاومة؟ في الوطن العربي أو خارجه؟

الحقيقة أن المقاومة العراقية اليوم تمثل الأمل الواقعي لكل شرفاء أمتنا، ودعمها يمثل الأولوية الأولى، قبل فلسطين ولبنان والصومال وأي قطر عربي أخر، لأنها مقاومة 1) عربية مستقلة غير مرتبطة بأي طرف خارجي، 2) تقع في قطر عربي رئيسي لا في قطر عربي ثانوي، وبالتالي، فإن انتصارها أو انكسارها أبعد تأثيراً بما لا يقاس من انتصار أية مقاومة عربية أخرى في الظرف الراهن، 3) وهي لا تقدم تنازلات مبدئية بذريعة ضرورة الحصول على دعم من هذا الطرف أو ذاك، أو من "الرأي العام العالمي"، 4) وتبلي بلاءً ممتازاً من الناحية العسكرية والتقنية بإمكانيات محلية أساساً. ولذلك من حق المقاومة العراقية علينا أن ندعمها بلا حدود، وإذا كانت تلك المقاومة تقول لنا نريد منكم دعماً إعلامياً ودعماً في الموقف السياسي، فهذا أقل الواجب بالنسبة لنا، ولا يجوز أن نترجم المطلب إلى دعم لفظي للمقاومة العراقية يتستر على دعم سياسي فعلي لعدوها اللدود النظام الإيراني...

الأنظمة العربية التابعة لأمريكا ليس لها دور مستقل في العراق، بل دورها يكمل الدور الأمريكي، ولا تستطيع الاستمرار بدورها إلا بغطاء أمريكي سياسي أو عسكري، ومن هنا عدم الدقة في مقارنة الأنظمة العربية ودورها بالدور الإيراني الذي يسعى لمشروع هيمنة مستقل عن الدور الأمريكي، ومن هنا مصدر التناقض بين الدور الأمريكي والدور الإيراني على غنائم الهيمنة... فدعونا لا نطيل كثيراً في الحديث عن الدور الرسمي العربي، دون التقليل من شأن عمالته وخساسته، لكي لا يصبح ذلك تقليلاً من مشروع الهيمنة الإيراني، أو حتى دفاعاً مبطناً عنه.

ولسنا مضطرين للاختيار ما بين الانحناء لإيران أو الانحناء للطرف الأمريكي-الصهيوني وأذنابه، وكلاهما يعبر عن خيار واحد في نهاية المطاف هو الانحناء لمشروع هيمنة. والبديل الحقيقي لكلا المشروعين هو قيام مشروع عربي مستقل يعبر عن مصلحة الأمة، وليس عن أي طرف أخر خارج الأمة، مثلاً مشروع المقاومة العراقية...


ليست هناك تعليقات: