الثلاثاء، تموز ١٠، ٢٠٠٧

طريقة الإفراج عن الأسرى الأردنيين الأربعة وطريقة إخراجها

د. إبراهيم علوش

بعد سبعة عشر عاماً من الأسر، أُطلق يوم الخميس الموافق في 5/7/2007 سراح أربعة أسرى أردنيين كان قد اعتقلهم العدو الصهيوني قبل توقع معاهدة وادي عربة في 26/10/1994، وبقوا مسجونين حوالي ثلاثة عشر عاماً بعد توقيعها بالرغم من انتهاء حالة العداء رسمياً حسب المعاهدة. ومن المعروف أن انتهاء حالة العداء، لو كان ذلك صحيحاً، تقتضي فيما تقتضيه، غير إيقاف التآمر الصهيوني على الأردن، إطلاق سراح الأسرى الأردنيين في سجون العدو الصهيوني قبيل أو عند توقيع المعاهدة المشؤومة...

وخلال ذلك، كان النظام الأردني يرفض قيام أي طرف ببذل مساعٍ للإفراج عن الأسرى الأردنيين في الكيان الصهيوني تحت عناوين سيادية ترفض التدخل الخارجي في الشؤون الأردنية. فلم يرحم ولم يسمح للرحمة أن تنزل كما يقال... وفي النهاية جاء الإفراج عن الأسرى الأردنيين الأربعة (سلطان العجلوني وخالد وسالم أبو غليون وأمين الصانع) مشروطاً بإبقائهم رهن الاعتقال في السجون الأردنية ، وهم الآن في سجن قفقفا عند كتابة هذه السطور، أفلا يشكل فرض الاعتراف بأحكام المحاكم الصهيونية وتهمها الصادرة ب"الإرهاب" قبل توقيع المعاهدة تعدياً وقحاً يفوق التجاوز على السيادة الأردنية إلى الإذلال؟ وكيف نفهم القبول بمثل هذا الشرط إلا كاعتراف بمشروعية هذه الأحكام؟

لا بد إذن من وقفة صغيرة مع عملية الإفراج عن الأسرى الأردنيين الأربعة من سجون العدو التي تم إخراجها باعتبارها إنجازاً إعلامياً وسياسياً للسياسة الخارجية الأردنية.

فيجب التأكيد في البداية أن عشرات الأسرى الأردنيين الباقين في سجون العدو الصهيوني، وآلاف الأسرى غير الأردنيين، كلهم أبناء الأمة وكلهم في أعناقنا ولا يجوز التخلي عنهم بأي حالٍ من الأحوال، وأن الذين سجنوا من الأسرى الأردنيين قبل توقيع معاهدة وادي عربة لا يختلفون عن الذين سجنوا بعدها لأنهم كانوا جميعاً يقومون بواجبهم الوطني والقومي والشرعي في مقارعة العدو الصهيوني. ومن حق وواجب أبناء الأمة أن يستخدموا كل الطرق للإفراج عنهم.

وليكن واضحاً أن الأسرى الأربعة لم يكونوا طرفاً في الصفقة التي أدت للإفراج عنهم، وأنهم لم يوقعوا استنكاراً لما قاموا به، وأن بعضهم كان رافضاً لتلك الصفقة ورفض الإفراج بشروطها لولا ضغوط عائلية قوية مورست عليه. ولم ترَ دمعة على خدودهم عند التقائهم بأسرهم بعد سبعة عشر عاماً من الأسر، ولا علامات الفرح!

وليكن واضحاً من الناحية السياسية والقانونية أن اعتقال الأسرى الأربعة في السجون الأردنية ليس له أي سند قانوني أو سياسي سوى الخضوع لإملاءات الطرف الأمريكي-الصهيوني، وإلا فهل يمكن أن يدلنا المعنيون تحت أي باب بالضبط في القانون الأردني تم اعتقالهم؟!

وليكن واضحاً أيضا أن الأمانة تقتضي توخي الدقة في استخدام المصطلحات. فهؤلاء ليسوا "سجناء"، بل أسرى، فتعبير "سجناء" الذين تستخدمه وسائل الإعلام يوحي بأنهم مجرمون مثلاً أو جناة، ولكنهم لم يرتكبوا أي جناية أو حتى جنحة تبرر سجنهم، ولذلك فإنهم الآن معتقلون سياسيون في السجون الأردنية.

إعلامياً، بناءً على الوعد بالإفراج عن الأسرى، جاءت وسائل الإعلام والأهالي يوم الأربعاء الموافق في 4/7/2007، وبقي أهالي الأسرى ينتظرون في حر الأغوار وشمسها عند جسر الشيخ حسين من الساعة 10,30 حتى الساعة 5،15 مساءً دون طعام، وفي النهاية لم يفرج عن الأسرى الأربعة حسب الوعد، وساد الإحباط وعدم اليقين.

وفي اليوم التالي، عندما تم الإفراج عن الأسرى الأربعة فعلاً، لم يسمح إلا لقناة "العربية"، من بين وسائل الإعلام العربية، بتغطية الحدث، واستبعدت "الجزيرة" مثلاً وغيرها. أما الصور المنشورة في وسائل الإعلام الأردنية، فجاءت كلها من مصدر واحد... فقد كان هناك سعي حثيث على ما يبدو لمصادرة الحدث رسمياً ولمنع تحول لقاء الأسرى إلى احتفال يليق بالأبطال المحررين.

ولولا ذلك لما تنازلت بتغطية الحدث بعض وسائل الإعلام المحلية التي تجاهلت الأسرى الأردنيين على مدى سنوات، وكان الهدف السياسي بالأساس هو تخفيف الإحراج الرسمي من جراء وجود أسرى أردنيين في سجون دولة "غير عدوة" بعد وادي عربة، وليس الإفراج عن الأسرى أو أي شيء أخر، مع التأكيد على الالتزام الرسمي العربي بمعاقبة "الإرهاب" ضد العدو الصهيوني، ولو جاء قبل معاهدات السلام المزعومة!

ليست هناك تعليقات: